ما الذي تخبرنا عنه مشاريع حظر "مسلم إنتراكتيف" في ألمانيا؟

ما الذي تخبرنا عنه مشاريع حظر "مسلم إنتراكتيف" في ألمانيا؟

ما الذي تخبرنا عنه مشاريع حظر "مسلم إنتراكتيف" في ألمانيا؟


05/06/2024

تتخذ ألمانيا عدة خطوات لتقويض جماعة الإخوان والعديد من الجماعات الإسلاموية، وتحديداً منظمة "مسلم إنتراكتيف"، التي نفذت مظاهرة مؤخراً رفعت فيها شعارات "الخلافة". وفي نهاية شهر نيسان (أبريل) الماضي تجمع حوالي (1000) شخص في شارع شتايندام في مدينة هامبورغ، حسب (دويتشه فيله) الألمانية، وتم تنظيم المظاهرة من قبل جماعة تُسمّى "مسلم إنتراكتيف"، وانضم إليها مئات الأشخاص الآخرين، ورددوا هتافات مثل "الله أكبر" في المدينة الألمانية، وحملوا لافتات كُتبت عليها شعارات مثل "الخلافة هي الحل"، و"ألمانيا = ديكتاتورية القيم". 

أزمة شعار "الخلافة" في ألمانيا

وقالت عالمة الاجتماع نيكلا كيليك، رئيسة جمعية الإسلام العلماني، التي يقع مقرها في هامبورغ أيضاً: "لقد فوجئنا بالاحتجاج المنظم من قبل جماعة مسلم إنتراكتيف". تعتمد هذه المنظمة بشكل أساسي على وسائل التواصل الاجتماعي مثل (تيك توك) من أجل تنظيم أنشطتها، وهذا ما يجعلها أكثر خطورة. ففي المسجد مثلاً يمكن للمرء على الأقل الذهاب إلى هناك والاستعلام". فيما تعتبر هذه الجماعة "مسلم إنتراكتيف" (MI) ضمن قائمة مراقبة السلطات الأمنية، وهي مذكورة في تقرير مكتب حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية الألمانية". ويعتبر التقرير الأمني الجماعة التي تأسست عام 2020 أنّها مقربة من "حزب التحرير"، الذي تم حظره عام 2003، لأنّه يؤيد استخدام العنف، ودعا إلى قتل اليهود.

في ما يتعلق بالجهود الألمانية لمكافحة حركة "مسلم انتراكتف"، فهي حقيقة جهود تدعو للتساؤل، فالتوجه العلماني تجاه هذه الحركة غامض وغير واضح المعالم بصفة عامة، فمن جانب هذه الحركة تعتبرها هيئة حماية الدستور، وهي جهة الاستخبارات الداخلية بألمانيا، متطرفة ويعني هذا ضرورة أخذ خطوات ضدها، ولكنّ الحكومة لا تأخذ هذه الخطوات، وربما هناك أسباب وراء ذلك، حسبما يوضح أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة ماربورغ الدكتور عاصم حفني.

حفني: المعني بإلغاء مثل هذه الحركات هي وزارة الداخلية وليست الحكومة ككل ولا البرلمان، والداخلية لا ترى حتى الآن "سبباً قوياً لإلغاء هذه الحركة، رغم المظاهرات التي تحدث ضد الحكومة الألمانية

والأسباب المعلنة من الجانب الألماني، وفق حفني في حديثه لـ (حفريات)، أنّ الحكومة الألمانية تقول إنّ هذه الحركة لم تقم حتى الآن بأفعال يجرمها القانون، حتى اللافتات التي رفعتها في مظاهراتها والتي قالت "الخلافة هي الحل" فإنّها في الإطار النظري وهو ما لا يعاقب عليه القانون الألماني، رغم أنّ ألمانيا تعترف أنّ الحركة تطور لـ "حزب التحرير" الذي حظرته ألمانيا في عام 2003، ونشأت هذه الحركة كبديل عن "حزب التحرير"، وبالتالي احتمالية حظر الحركة غير مستبعد.

ويقول حفني: المعني بإلغاء مثل هذه الحركات هي وزارة الداخلية وليست الحكومة ككل ولا البرلمان، والداخلية لا ترى حتى الآن "سبباً قوياً لإلغاء هذه الحركة، رغم المظاهرات التي تحدث ضد الحكومة الألمانية، حيث تعتبر تحركاتها داخل الحيز القانوني، وأهدافها معروفة وخطيرة، ولكنّ الحكومة لا تتحرك إزاء ذلك".  

ويردف: "الآن ربما هناك تحرك جديد داخل برلمان ولاية هامبورغ، خاصة بعدما ظهرت الحركة بشعارات أغضبت الكثيرين وأحدثت حالة استياء داخل ألمانيا ككل، ونجح حزب اليسار في تمرير طلب حظر الحركة داخل وزارة الداخلية في ولاية هامبورغ فقط، وليس وزارة الدولة، وهذه الخطوة تتجه نحو الحظر، ولكن ينقصها أن يرسل الطلب إلى وزارة الداخلية الألمانية، بانتظار الموافقة عليها".

تحذيرات الاستخبارات الداخلية الألمانية

منذ عام 2019 رأت أجهزة الأمن والاستخبارات في ألمانيا أنّ الإسلام السياسي بشكل عام يحاول خلق مجتمعات موازية للمجتمع الألماني، خصوصاً أنّ المجتمع الألماني لم يستطع الإسلامويون اختراقه بالشكل الذي يصل إلى الحالة الفرنسية  والبلجيكية والبريطانية، حسبما يوضح المحلل السياسي المقيم في برلين ميار شحادة.

ويوضح شحادة لـ (حفريات) أنّه لذلك أثرت الدولة على المجلس الأعلى للمسلمين في البلاد وهي المؤسسة المسؤولة عن جميع المسلمين في البلاد، وقد أثرت عليهم "لطرد كل الأعضاء التابعين للجمعيات والأندية التابعة للإخوان المسلمين في البلاد، ومنهم القيادي إبراهيم الزيات الذي يعتقد أنّه بمثابة الحقيبة المالية أو وزير مالية الإخوان".

ويردف: "الدولة تتابع عن كثب التحركات المالية لكل الجمعيات المالية، خصوصاً أنّ جهاز الضريبة عالي الكفاءة والمستوى لا يمكن الهروب منه إلا في حالات قليلة جداً لا تكاد تُذكر. طبعاً تم إغلاق أكثر من مركز ديني، وهذه المراكز هي المسؤولة عن إدارة الجوامع، حيث تتم مراقبة صلوات الجمعة ومدارس تعليم اللغة العربية"، بالإضافة إلى أنّ الدولة قامت ببناء معهد ديني قبل عامين، ومهمة هذا المعهد تأهيل وتدريب الأئمة باللغة الألمانية وفق مناهج كانت الدولة قد صاغتها لتتماشى مع القانون والدستور الألمانيين".

ويقول شحادة لـ (حفريات): هذا عدا عن إضافة عدة قوانين من قبل وزارة الداخلية بمنع استخدام "شعارات معادية للسامية"، أو أعلام لحركات جهادية مثل "حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي، وتغليظ العقوبات وتشديد تنفيذها في حالات التكرار المتعمد. 

ويردف: في السابق، وقبل بناء المعهد، كان يتم ابتعاث أئمة من تركيا بدرجة رئيسية ودول أخرى عربية وإسلامية، وكانت الخطب باللغة العربية غالباً، ثم أصبح مفروضاً على الجميع توحيد استخدام اللغة الألمانية والمناهج المعدة من قبل الدولة".

ووفقاً لمكتب حماية الدستور، فقد تأسست بعد الحظر "شبكات غير رسمية لحزب التحرير" في ألمانيا، منها "مسلم إنتراكتيف". كذلك يعتبر مكتب حماية الدستور جماعة "جيل الإسلام" و"الإسلام الحقيقي" فرعين قريبين من "حزب التحرير" المحظور. 

ويصنف مكتب حماية الدستور جماعة "مسلم إنتراكتيف" بأنّها متطرفة، ويرجع ذلك من بين أمور أخرى إلى أنّ الجماعة تدعو إلى "خلافة عالمية"؛ وبالتالي ترفض الديمقراطية ونظامها الأساسي الدستوري في ألمانيا. و"هذا برنامج سياسي حقيقي يتم طرحه هنا على أساس الإسلام والشريعة الإسلامية. وبتعبير حيادي؛ هذه حركة سياسية ثورية تسعى إلى إعادة تشكيل جذري لعلاقات القوة، ليس فقط في العالم الإسلامي، ولكن أيضاً في جميع أنحاء العالم". ويقول الباحث أندرياس ياكوبس، من مؤسسة كونراد أديناور لـ (دويتشه فيله): "وعلى النقيض من الحركات الإسلامية الأخرى مثل السلفيين، فإنّ القواعد السلوكية المحددة للتعامل بين المسلمين لا تحظى بالأولوية ضمن أجندة الحركة، بحسب ياكوبس. ويشير ياكوبس إلى أنّ مسائل قليلة تتعلق بنمط الحياة تحظى هنا بالنقاش، مثل "هل يمكنني لمس امرأة وما شابه ذلك". وبدلاً من ذلك، يشبه ياكوبس جماعة "مسلم إنتراكتيف" بـ "حركة الشباب الهوياتية"، والحركات الهوياتية اليمينية المتطرفة، مثل ما يُسمّى بـ"مواطني الرايخ". 

منظمة متطرفة

كما دعا حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني في البرلمان الألماني الحكومة الألمانية إلى ضرورة فرض حظر على مجموعة "مسلم إنتراكتيف". وذكر المدير التنفيذي الأول للشؤون البرلمانية للحزب بيرند باومان أنّ "مسلم إنتراكتيف" منظمة متطرفة تتوجه أنشطتها ضد النظام الأساسي الديمقراطي الحر. وأوضح باومان: "نجد من الواضح تماماً أنّه لا يمكن أن يكون هناك ما هو أكثر عداء للنظام الديمقراطي الأساسي من ذلك". 

دعا حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني في البرلمان الألماني الحكومة الألمانية إلى ضرورة فرض حظر على مجموعة "مسلم إنتراكتيف"

وكشف موقع (العين) أنّ البرلمان الألماني خلال الفترة المقبلة سينظر في عدد من مشاريع القرارات ضد جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا. وقد حول البرلمان الألماني (3) مشاريع قرارات تتعلق بالإخوان والإسلام السياسي إلى لجنة الشؤون الداخلية لمناقشتها وتقديم تقرير بشأنها، قبل عقد مناقشة عامة وإجراء تصويت. وتابع: "قدّم المشروع الأول حزب (البديل لأجل ألمانيا) "شعبوي" في 14 أيار (مايو) الماضي، بعد أسابيع من الجدل في ألمانيا حول أنشطة المنظمات الإسلاموية، خاصة مجموعة "مسلم إنتراكتيف"، المرتبطة بحزب التحرير المنبثق عن الإخوان، إثر تنظيم المجموعة مظاهرة في هامبورغ هتفت فيها "الخلافة هي الحل"". ومشروع القرار يطالب الحكومة الألمانية بـ "مواصلة مكافحة المنظمات الإسلاموية في ألمانيا باستمرار من خلال اتخاذ المزيد من الإجراءات والحظر".

وفي البند الثاني يقول المشروع إنّه "لا بدّ من التنفيذ الفوري لمزيد من الحظر على المنظمات الإسلاموية والمنظمات المعادية للسامية، وكذلك فيما يتعلق بممثلي الإسلام السياسي، مع مراعاة نطاق الإجراءات الممكنة بموجب سيادة القانون، التي تشمل -إضافة إلى حل الجمعية المعنية- مصادرة أصولها، بما في ذلك المرافق الأخرى مثل المؤسسات التعليمية"، وفق (العين) الإخبارية.

أمّا مشروع القرار الثاني، فقد قدّمه أيضاً حزب (البديل لأجل ألمانيا)، وحمل عنوان "حظر مجموعة مسلم إنتراكتيف"، وتناقشه أيضاً لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني بالوقت الحالي". وفي نص المشروع تدعو المجموعة البرلمانية لحزب (البديل لأجل ألمانيا) الحكومة الألمانية إلى حظر "مسلم إنتراكتيف"، لانتهاكها النظام الدستوري. ويقول المشروع: إنّ مجموعة "مسلم إنتراكتيف" "منظمة إسلامية متطرفة ومتشددة، وأنشطتها موجهة ضد النظام الأساسي الحر والديمقراطي". أمّا المشروع الثالث، فقد قدّمه حزب (الاتحاد المسيحي) "يمين وسط"، وهو الأكبر شعبية في البلاد حالياً. وقال: "لقد تم تهميش الأصوات الناقدة التي تُحذر منذ أعوام من انتشار التطرف في ألمانيا بشكل منهجي. وبدلاً من استمرار عمل فريق الخبراء المعني بالإسلام السياسي في وزارة الداخلية الاتحادية، سمحت وزيرة الداخلية نانسي فيسر بسياسة المصالح أحادية الجانب التي تنتهجها، والتي بلغت ذروتها فيما يُسمّى تقرير عن العداء للإسلام، والذي تم فيه رفض جميع الانتقادات الموجهة للتطورات الحالية في المشهد الإسلاموي".

ويضيف مشروع القرار: "ألمانيا تقصّر كثيراً في مجال مكافحة الدعم المالي للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة. وعلى الرغم من إعلان وزيرة الداخلية في شباط (فبراير) 2024 أنّها ستقدم مشروع قانون لملاحقة ومنع التدفقات المالية للمتطرفين، الأمر الذي سيسهل كثيراً مكافحة الإسلام السياسي على وجه الخصوص، بالإضافة إلى التطرف اليميني، إلا أنّه لم يتم تقديم مشروع قانون حتى الآن".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية