ماذا يريد ماكرون من وراء وساطته لحل أزمة أوكرانيا؟.. محلل إيطالي يجيب

ماذا يريد ماكرون من وراء وساطته لحل أزمة أوكرانيا؟.. محلل إيطالي يجيب


08/02/2022

لم تبدأ الحرب في الشرق الأوكراني، إلّا أنّ أعراض الخوف منها بدت جليّة في تحركات رؤساء الدول الأوروبية ودبلوماسيي الغرب مؤخراً، من واشنطن إلى موسكو وكييف، وخاصة ورقة الوساطة التي حملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته للعاصمة الروسية موسكو ولقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وقال عنها إنّها "حلٌّ تاريخي".

بعد لقاء استمرّ أكثر من (5) ساعات مع بوتين في موسكو، خرج ماكرون من الكرملين خالي الوفاض، لا يملك ردّاً روسيّاً مؤكداً على اقتراحاته التي تشمل التزام عدم اتخاذ مبادرات عسكرية جديدة من الجانبين الروسي والأوكراني، وبدء حوار يتناول خصوصاً الانتشار العسكري الروسي، ومفاوضات سلام حول النزاع في أوكرانيا، وبداية حوار استراتيجي.

 

اقرأ أيضاً: الغرب يُسلم أوكرانيا "أسلحة فتاكة" قبل اجتياح روسي متوقع

 ويعود أصل النزاع إلى أنّ روسيا تعارض خطط توسّع حلف شمال الأطلسي "الناتو" شرقاً، والتي قد تشمل ضمّ أوكرانيا إلى الحلف، فضلاً عن رفضها تواجد الناتو من خلال جنود ومنشآت في أوروبا الشرقية.

وعن لقائه مع بوتين في موسكو، قال ماكرون قبيل توجهه إلى أوكرانيا حاملاً الرسالة نفسها: "إنّ نظيره الروسي أكّد له رغبته في حفظ الاستقرار ووحدة أراضي أوكرانيا".

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

وتأتي الوساطة الفرنسية في الوقت الذي يجتمع فيه مسؤولون أمريكيون وأوروبيون في واشنطن للتوافق على قائمة طويلة من العقوبات في حال تحوّل النزاع الروسي الأوكراني إلى صراع مسلّح.

  ما وراء الوساطة الفرنسية... إلى ماذا يسعى ماكرون؟

قال ماركو دي ليدو، كبير المحللين بمركز الدراسات الدولية في إيطاليا، في تصريحات لـ"حفريات": إنّ "ماكرون يرغب في تولّي زمام الأمور في مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع روسيا سعياً ليحلّ محلّ ألمانيا، وهو أمر صعب جداً، ومن غير المرجح حدوثه، حيث إنّ ألمانيا دولة قوية اقتصادياً، ولديها علاقات جيدة مع روسيا ومؤثرة للغاية"، وأكد دي ليدو أنّه "لا غنى عن برلين في المفاوضات مع موسكو".

 

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غادر موسكو متوجهاً إلى كييف خالي الوفاض، لا يملك ردّاً روسيّاً مؤكداً على اقتراحاته للتهدئة مع أوكرانيا

 

وأشار إلى أنّ "حلم ماكرون هو كسر تحالف روسيا والصين المتنامي"، مضيفاً أنّه "من الصعب القيام بذلك، لكن يجب أن نعرف أنّ العلاقات بين بكين وموسكو، تاريخياً، لم تكن سهلة. روسيا والصين دولتان متنافستان قرّرتا إقامة زواج من أجل محاربة النفوذ العالمي للولايات المتحدة بشكل أفضل."

الدول الأوروبية قد تنجرّ إلى حرب مع روسيا

رغم أنّ كلام الرئيس الروسي عن إمكانية حلّ النزاع مع أوكرانيا "بطريقة سلمية" كان مطمئناً إلى حدٍّ ما، إلّا أنّ حديث بوتين مع ماكرون حمل تهديداً جديداً، فقد نقلت عنه صحيفة التليغراف البريطانية قوله لنظيره الفرنسي: "إذا انضمّت أوكرانيا إلى الناتو، فسوف تنجرّ دول أوروبية لنزاع مع روسيا، هل تريد أن تخوض فرنسا حرباً مع روسيا؟."

 

اقرأ أيضاً: روسيا لا تقدم "قائمة طعام" في أزمة أوكرانيا... هل هذه إشارة للحرب؟

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن بوتين قوله: "فيما يتعلق بنا، سنبذل أقصى جهودنا للتوصل إلى تسويات تلائم الجميع"، مضيفاً أنّه ونظيره الفرنسي لا يرغبان في حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي لن يخرج منها أيّ طرف منتصراً. 

بوتين في جولة عسكرية

إلّا أنّ الرئيس الروسي لم يتطرّق إلى خططه بشأن عشرات آلاف الجنود الروس المنتشرين عند حدود أوكرانيا، خاصّة بعد تقرير للاستخبارات الأمريكية عن غزو روسي محتمل لأوكرانيا في الأيام القليلة المقلبة.

وفي هذا الشأن، قال دي ليدو في تصريحات لـ"حفريات": "أعتقد أنّ روسيا يمكن أن تغزوها، ولكن بعملية صغيرة تقتصر على مناطق شرق أوكرانيا"، مستبعداً استخدام روسيا للدبابات في نزاع مسلح محتمل في كييف.

 

اقرأ أيضاً: هل تغزو روسيا أوكرانيا؟ توقعات أمريكية ورصد استخباراتي

ورأى دي ليدو أنّ روسيا سوف تتجنّب الدخول في مثل هذه العملية العسكرية، قائلاً: إنّها "مكلفة ومحفوفة بالمخاطر السياسية، ويمكن أن تأتي بنتائج عكسية"، مشيراً إلى أنّ "الـ(100) ألف جندي على الحدود هم شكل من أشكال الضغط، وهو ليس كافياً على الإطلاق لعملية واسعة النطاق."

وكشف المحلل الإيطالي أنّ "الخيار العسكري سيكون أكثر صعوبة في غضون أسبوعين، حيث ستكون حالة التضاريس قاسية"، مرجحاً "إذا كانت روسيا ستشنّ هجوماً، فسوف تفعل ذلك في غضون (10) أيام".

 

محلل إيطالي لـ"حفريات": ماكرون يسعى لإزاحة ألمانيا عن المشهد، ويرغب في تولي بلاده زمام الأمور في مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع روسيا محلّ ألمانيا

 

وعن تقرير الاستخبارات الأمريكية، أعرب دي ليدو عن اعتقاده أنّه "عملية إعلامية ضخمة في محاولة لمواجهة البروباغندا الروسية باستراتيجية الردّ المضاد".

 إلى ذلك، ندّد بوتين مجدّداً برفض الدول الغربية الموافقة على شرطه وقف توسّع حلف شمال الأطلسي شرقاً، وسحب جنوده ومنشآته العسكرية من أوروبا الشرقية، نافياً أن يكون هدّد أوكرانيا.

 وقد حمّل مجدّداً أوكرانيا مسؤولية الطريق المسدودة التي توصلت إليها محادثات السلام في النزاع بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد.

 ومازح بوتين الرئيس الأوكراني، حتى بعدما انتقد هذا الأخير بعض بنود خطة سلام تمّ التفاوض بشأنها العام 2015 بين كييف وموسكو، عبر وساطة فرنسية-ألمانية، وقال له: "إن أعجبك الأمر، أو لم يعجبك، فعليك أن تتحمّل، يا جميل".

هدّد بايدن بإيقاف التقدّم في خط نورد ستريم 2 الذي قامت روسيا بإنشائه لمضاعفة صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا

وكانت روسيا قد ضمّت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا العام 2014، ومنذ ذلك العام يتواجه انفصاليون مدعومون من موسكو مع الجيش الأوكراني في شرق البلاد.

واشنطن... يد على قلب أوروبا وعين على نورد ستريم 2 

ومن موسكو وكييف إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث التقى المستشار الألماني أولاف شولتز نظيره الأمريكي جو بايدن في محاولة للتوصل إلى صيغة ملائمة للضغط على روسيا.

ووفقاً لموقع قناة "سي إن بي سي" الأمريكية، عكس اللقاء بين شولتز وبايدن صعوبة الاتفاق بين دول حلف الناتو على شدة العقوبات التي تنوي القوى الغربية فرضها على موسكو في حالة غزوها لأوكرانيا، مشيرة إلى أنّ الخلاف بين شولتز وبايدن بدا "قصيراً ومتحضراً" في المؤتمر الصحفي الذي عُقد أمس في البيت الأبيض، إلّا أنّه عكس حجم الخلاف الحقيقي في العلاقة التي تمثل حجر الزاوية للأمن الأوروبي.

 

ردُّ الرئيس الروسي على ورقة الوساطة الفرنسية حمل تهديداً جديداً بجرّ أوروبا كلها لحرب "لا منتصر" فيها، إذا انضمّت أوكرانيا إلى الناتو

 

 ففي الوقت الذي هدّد فيه بايدن بإيقاف التقدّم في خط نورد ستريم 2 الذي قامت روسيا بإنشائه لمضاعفة صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، إلّا أنّ شولتز عارض الأمر، ورفض الالتزام بسحب قابس نورد ستريم 2.

 ومن المقرر أن يلتقي المستشار الألماني شولتز، العائد لتوّه من واشنطن، بوتين في موسكو منتصف الشهر الجاري، بعد زيارة  له إلى كييف أيضاً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية