ماذا تعني الأزمة الأفغانية بالنسبة لتركيا؟

ماذا تعني الأزمة الأفغانية بالنسبة لتركيا؟


21/08/2021

تقدمت طالبان نحو كابول بسرعة أكبر مما كان متوقعا. بحلول يوم الأحد  الماضي، سيطرت الجماعة على القصر الرئاسي في كابول.

قال الرئيس الأفغاني أشرف غني وهو يهم بالفرار، إن طالبان انتصرت مع دخول المسلحين إلى كابول.

 غادر غني مع اقتراب مسلحي طالبان من العاصمة، قبل أن يدخلوا المدينة في نهاية المطاف ويسيطرون على القصر الرئاسي، ليتحقق انتصارًا عسكريًا كبيرا وغير متوقع على مستوى البلاد في 10 أيام فقط.

مهدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الطريق أمام تقدم طالبان، الذي أدى بالفعل إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص. ومع ذلك، كان الرئيس السابق باراك أوباما، في عام 2011، هو الذي أشار في الأصل إلى نية واشنطن التراجع، بالقول إن طالبان لم تكن العدو.

في النهاية، نفذ بايدن خطة للانسحاب من أفغانستان كان سلفه، دونالد ترامب، قد وضعها.

كان اكبر خطأ لواشنطن هو التراجع عن تنفيذ عملية انتقال سياسي في محادثات الدوحة بين الحكومة الأفغانية وطالبان.

هذا الخطأ موضوع العديد من الأراء والمواقف في الولايات المتحدة. ويستطيع السياسيون الأمريكيون الآن سرد قصة بلدهم، الذي لم يهتم بتطبيق ما وعد به لإعادة بناء ودمقرطة العراق وأفغانستان. يمكن لإدارة بايدن، بدورها، التركيز على "قمة الديمقراطية" الافتراضية، التي ستُعقد في ديسمبر.

ومع ذلك، فإن الوضع أكثر كآبة بالنسبة للبلدان التي ستتأثر بالأزمة الأفغانية: تركمانستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان، وروسيا، والصين، والهند، وباكستان، وإيران، وأخيراً تركيا.

 هذا هو السبب في أن الفراغ الجيوسياسي الناشئ والصراع على السلطة الناتج عن الانسحاب الأمريكي، سيكونان قضية حاسمة في المستقبل.

وتشمل القضايا التي تتطلب الاهتمام المنافسة بين روسيا والصين وكذلك الهند وباكستان، وسلامة طريق الحزام والطريق، ووضع الأويغور، وموجات اللاجئين المستقبلية، والوضع الجديد لتهريب المخدرات، والمشاكل الأمنية المباشرة وغير المباشرة. التي ستنشئها طالبان في آسيا الوسطى.

لملء هذا الفراغ، عززت روسيا التعاون العسكري مع طاجيكستان وأوزبكستان. الهند قلقة بشأن القوة المتنامية لباكستان. الصين قلقة من أي تأثير على الأويغور. إيران بدورها تسعى للاستفادة من الفوضى.

مع تفاقم الأزمة الجديدة في أفغانستان، تواجه تركيا انتقادات للسيطرة على مطار كابول حامد كرزاي الدولي. تتلقى أنقرة، التي حددت شروطًا معينة ، دعوات للانسحاب من البلاد من بعض أصحاب المصلحة الذين يتساءلون عما إذا كان دور تركيا غير المقاتل متوافقًا مع مصالحها الوطنية.

الرئيس رجب طيب أردوغان، بدوره، يصر على المشاركة في المعادلة الأفغانية، وعرض التحدث مع ممثلي طالبان إذا لزم الأمر.

أولاً وقبل كل شيء، سيكون السؤال هو هل لدى تركيا الالتزام العسكري الكافي للتورط في حرب أهلية محتملة في أفغانستان.

 الأتراك، الذين تربطهم علاقات ودية مع جميع الأطراف، بما في ذلك طالبان، لا ينوون الدخول في قتال بل يريدون تحقيق مصلحة لهم.

على هذا النحو، فهم يبحثون عن طرق لتنفيذ مهمتهم في كابول ضمن هذا الإطار. على وجه التحديد، تدعي تركيا وهي في طريقها للتغلغل في افغانستان انها تريد تقديم مساهمة دبلوماسية لمنع الحرب الأهلية بعد انسحاب الولايات المتحدة.

 من وجهة نظر أنقرة، هذا الموقف هو انعكاس للعلاقات التاريخية بين الأتراك والأفغان وذلك ما تروج له انقرة حتى الان لتليين موقف طالبان وكسب ودها.

منذ استيلاء طالبان على البلاد، في انتهاك لمحادثات الدوحة، بدت أفغانستان معزولة عن بقية العالم. وقد تعهد الاتحاد الأوروبي بقطع المساعدة المالية في ظل هذه الظروف.

من جانبها تعتزم أنقرة تهيئة الظروف اللازمة للسيطرة على مطار كابول في كلتا الحالتين. وتؤكد أن الدعم المالي واللوجستي أساسيان لإنجاز هذه المهمة. في الوقت نفسه، هناك محاولة مستمرة لإقناع طالبان. في هذا الصدد، تريد تركيا أن تصبح وسيطًا موثوقًا به وقوة دائمية في تلك البلاد.

صحيح أن الولايات المتحدة أعادت التموضع في الشرق الأوسط من خلال الانسحاب من أفغانستان بما ترتب على ذلك من اختلال في ميزان القوى في آسيا الوسطى أيضًا تغيرات معينة.

في الواقع، إذا كانت تركيا تسعى إلى لعب دور نشط في سياسات آسيا الوسطى، فيجب أن تكون جزءًا من التوازن في أفغانستان وذلك ما تسعى اليه انقرة، علاوة على ذلك، يعرف الأتراك بالفعل فوائد لعب دور نشط في أوقات كهذه.

وهكذا تجد تركيا تنشر الفوضى في العراق وسوريا وليبيا وناغورنو كاراباخ وتريد ان تقوم بالدور ذاته في أفغانستان. تدعي تركيا أنها لا تستطيع ان تتحمل مسؤولية الوضع في أفغانستان، لكنها ايضا لا تستطيع الهروب من الأزمة هي الأخرى. إنها لعبة السياسة والمصالجح تفرض نفسها بالنسبة لأنقرة على كل اعتبار.

عن "أحوال" التركية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية