ماذا بعد تهديدات قائد فيلق القدس بمواصلة قصف العراق؟

ماذا بعد تهديدات قائد فيلق القدس بمواصلة قصف العراق؟

ماذا بعد تهديدات قائد فيلق القدس بمواصلة قصف العراق؟


08/12/2022

توترات قصوى بين العراق وإيران، مجدداً، على خلفية قيام الحرس الثوري الإيراني باستهداف إقليم كردستان (العراق) بدعوى محاربة مواقع المعارضة الكردية، الأمر الذي تعتبره حكومة بغداد وأربيل تعدياً على سيادة العراق. وما تزال إيران تصر على مواصلة ضرباتها العسكرية التي تسببت في وقوع إصابات وقتلى بين مدنيين، منهم أطفال، كما حدث في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي. وقد ضجت وسائط التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو توثق وضع الأطفال في إحدى المدارس وهم في حالة هلع بينما يختبئون من القصف بالطائرات المسيّرة.

زيارة السوداني لإيران

وبالتزامن مع الدعوة الرسمية من قبل الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى رئيس الحكومة في بغداد، محمد شياع السوداني، لزيارة طهران، هدد قائد فيلق القدس، إسماعيل قاآني، خلال لقاء في بغداد، مع مسؤولين عراقيين، منهم السوداني، باجتياح بري لإقليم كردستان (العراق) في حال فشلت بغداد في نزع سلاح الجماعات المعارضة الكردية، وتأمين حدودها، حسبما نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن مسؤول عراقي، لم تفصح عن هويته. وقد أكد على أنّ هذه التهديدات ينبغي أن "تؤخذ على محمل الجد". وتابع المسؤول العراقي: "لقد حشدوا القوات على الحدود والعراق لا يملك القوة لمنعهم من القدوم".

الأكاديمي العراقي كرار نوري حميد: قآاني له أدوار متداخلة عسكرية ودبلوماسية

غير أنّ السوداني شدد على أنّ حكومة أربيل رفضت طلباً بشأن نزع السلاح من الفصائل والأحزاب الكردية. وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إنّ بلاده ستواصل قصف مواقف الجماعات الكردية المسلحة والمعارضة. وأردف: "ما دام هناك تهديد من دولة الجوار ضدنا في إطار القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، فإنّ قواتنا المسلحة ستواصل أعمالها لضمان أقصى قدر من الأمن القومي للبلاد. بالتأكيد عندما تتمركز القوات المسلحة العراقية على الحدود المشتركة بين إيران ومنطقة كردستان العراق، وتعمل على ضمان أمن هذه الحدود، لن نكون بحاجة الى مواجهة ما يهدد وحدة أراضينا".

مؤخراً كشف المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي في اجتماع، عن خطة تم وضعها لإعادة نشر قوات الحدود العراقية على طول الحدود مع إيران وتركيا؛ إذ أوضح المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان، أنّ الاجتماع الذي عقد برئاسة السوداني، قد ناقش "الخروقات" التركية والإيرانية على حدود العراق، وكذا الاعتداءات المسلحة على مناطق في إقليم كردستان (العراق).

ما تزال إيران تصر على مواصلة ضرباتها العسكرية التي تسببت في وقوع إصابات وقتلى بين مدنيين، منهم أطفال، كما حدث في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي

وبحسب بيان صادر عن الحكومة العراقية إثر اجتماع للمجلس الوزاري للأمن الوطني، فقد تم تدشين "خطة لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا".

وإلى ذلك، شدد رئيس الحكومة العراقية، خلال لقاء مع السفير الإيراني لدى بغداد، محمد كاظم آل صادق، على ضرورة استمرار الاجتماعات بين البلدين في الملف الأمني بما يحفظ سيادتهما ويرسخ أمن المنطقة واستقرارها.

قاآني يتجاوز صلاحيات السفير

ووفق المكتب الإعلامي لرئيس وزراء العراق، فإنّ السوداني استقبل سفير طهران لدى العراق، موضحاً أنّ "اللقاء شهد التباحث في مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين".

ونقلت شبكة رووداو الإعلامية الكردية عن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي قوله إنّ القيادة العراقية تستنكر أيّ محاولة "لانتهاك لسيادة البلاد من قبل إيران وتركيا". وأضاف الأعرجي: "رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سيبحث في طهران بشكل جدي خرق طهران للسيادة العراقية".

وتابع: "ستكون هناك لجنة عليا بين بغداد وإقليم كردستان للتفاهم مع إيران وتركيا لإيجاد حلول مناسبة لهذه الاعتداءات".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يوضح الأكاديمي العراقي، المتخصص في الشؤون الإستراتيجية بجامعة تكريت، كرار نوري حميد، أنّه دائماً ما كانت التهديدات الإيرانية تمثل "حالة قلق" لدى الحكومة العراقية وكذا إقليم كردستان، وعليه، فإنّ احتمالية تنفيذ التهديد الذي بعث به قائد فيلق القدس "ليس ببعيد لعدة معطيات".

ومن بين هذه المعطيات التي يوضحها نوري حميد "التغلغل الإيراني في العراق، والذي له مجال كبير حتى في شمال العراق. وفي حال لم تدخل طهران بقوات عسكرية برية، فإنّها، ربما، ستقوم بتحريض وكلائها في الأراضي العراقية. فضلاً عن التقارب الجغرافي واللغوي والديمغرافي بين مناطق شمال العراق والأراضي الإيرانية، والذي قد يساعد في سهولة اجتياح عسكري لشمال العراق"

ويضاف إلى ذلك "ضعف المواقف الحكومية تجاه التجاوزات الإيرانية أو التركية بسبب القصف على الأراضي العراقية، أو قطع المياه عن العراق، الأمر الذي نجم عنه التمادي في كثرة التجاوزات (الإيرانية أو التركية) على العراق، وعدم وجود رد فعل عراقي مماثل لصد هذه التجاوزات".

وبسؤال الأكاديمي العراقي في جامعة تكريت المتخصص في الشؤون الإستراتيجية، عن الأفق السياسي الذي يستهدف قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، تحقيقه، من خلال التهديدات، فيجيب: "هناك عدة أدوار فاعلة مؤثرة يمكن تحقيقها من خلال أطراف الظل، كما هو الحال مع قاآني الذي يعد وكيل المرشد في منطقة الشرق الاوسط. كما أنّ الأخير له مجموعات أدوار متداخلة، عسكرية ودبلوماسية، لتحقيق التوازن بمنطقة الشرق الأوسط، والعراق خصوصاً، ناهيك عن مسؤوليته ومساهمته المباشرة في إدارة التصعيد بقضايا الإقليم؛ فقد تجاوز بأدواره وصلاحياته دور السفير الإيراني، فالأخير ليس بمقدوره حل الخلافات السياسية في العراق، وبالتالي، فإنّ قائد فيلق القدس يمثل النتيجة النهائية التي تصل إلى تحقيق جملة التوازنات بالمنطقة".

بغداد وأربيل.. ضرورة التنسيق

وفي ما يتصل بأفق التعاون بين بغداد واربيل، يقول المصدر ذاته، إنّ "التوافقية السياسية" قد ساهمت في تشكيل الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني بعد انسداد حكومي ودستوري لمدة عام كامل، ومن ثم، فإنّ التعاون في تأمين سيادة العراق يكون من خلال خضوع كل القوات العسكرية للدولة العراقية، ومنها قوات البيشمركة (الكردية)، ثم طرد كل الجماعات المسلحة المهددة لسيادة العراق، مثل حزب العمال الكردستاني والفصال التابعة له، وإنشاء قيادة مشتركة بين إقليم كردستان والجيش العراقي تخضع في النهاية لتعليمات القائد العام للقوات المسلحة، وتأسيس منظومات دفاع جوية للحد من الهجمات الصاروخية على مناطق حدود شمال العراق، بما يؤدي إلى الحفاظ على سيادة البلاد.

وإثر الاضطرابات العنيفة التي تسببت فيها الهجمات الصاروخية الإيرانية على الحدود المشتركة بين إيران والعراق، قام الأخير بجملة تغييرات طاولت قادة المناصب الرفيعة بوزارة الداخلية، مثل قائد حرس الحدود، حسبما يوضح الباحث المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور مصطفى صلاح.

الأكاديمي العراقي المتخصص في الشؤون الإستراتيجية بجامعة تكريت كرار نوري حميد لـ"حفريات": دائماً ما كانت التهديدات الإيرانية تمثل حالة قلق لدى الحكومة العراقية وكذا إقليم كردستان

التغيير "عمل إجرائي"، ويحتاج إلى سياسات واستراتيجيات يتحرك من خلالهما القادة التنفيذيون، إلا أنّ هناك ضرورة للبحث عن "كفاءات ترفع مستوى الجاهزية لدى المؤسسة الأمنية وذلك لمواجهة التداعيات والمستجدات الميدانية"، يقول صلاح لـ"حفريات".

وعزا الباحث المتخصص في العلوم السياسية أزمة الوضع، السياسي والميداني، في العراق، والذي يبدو "مهتزاً" على وقع الاعتداء على سيادته، مرة من قبل تركيا، ومرة أخرى من قبل إيران، إلى الفجوات العميقة التي تسببت فيها ظهور الجماعات الولائية وحصولها على شرعية بعد إلحاقها في مؤسسات وأجهزة الدولة الأمنية والدفاعية (يقصد مأسسة الحشد الشعبي)، بما أدى إلى حدوث خرق كبير في طبيعة الجهاز الأمني الذي ينبغي أن يكون انتماؤه صلباً وبدون تبعية أيديولوجية (بأبعادها الإقليمية أو الأممية) تباعد بينه وبين مفهوم الوطن. ومن ثم، تتنقل من صورة الجيوش الوطنية إلى الميلشيات التي تقف عند مربعات مذهبية وطائفية.

وعقّب الناطق بلسان وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، على قرار الحكومة العراقية بنشر قواتها الأمنية على الحدود بأنّ ذلك يأتي ضمن وعود بغداد لـ" ضمان أمن الحدود المشتركة بين البلدين". وقال كنعاني: "سمعنا أنباء عن قرار الحكومة العراقية لنشر قواتها على حدود إقليم كردستان العراق ونأمل أن يتم ذلك ونرحب به"، مضيفاً: "إذا كانت الحكومة العراقية بحاجة إلى مساعدة فنية في هذا الصدد، فنحن على استعداد لتقديم المساعدة لها".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية