ليبيا.. وعقبة المرتزقة

ليبيا.. وعقبة المرتزقة


16/05/2021

عبدالجليل معالي

الواضح أن مسألة القوات الأجنبيَّة في ليبيا تمثل عقبة كأْداء أمام استكمال العملية السياسية في البلاد المثخنة بجراح الاقتتال والميليشيات.

بدا ذلك جليّاً بمجرد تشديد وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش على ضرورة خروج كل القوات الأجنبية من ليبيا، حيث تنادت مختلف تيارات الإسلام السياسي لإطلاق حملة شعواء ضد الوزيرة كذلك ضد دعوتها.

تصريحات المنقوش أثارت حفيظة الجماعات الإسلامية، فأطلقت ضدها حملة منظمة للمطالبة بإقالتها، ثم رفعت منسوب الرفض بأن حاصرت عناصر مسلحة فندقاً يستخدم مقرّاً عامّاً للمجلس الرئاسي الليبي في طرابلس احتجاجاً على تصريحات المنقوش، وعلى تعيين حسين العايب رئيساً لجهاز المخابرات العامة الليبية، ثم غرد مفتي الإخوان صادق الغرياني داعياً إلى عدم التنكر لجميل الصديق، وأن على أهل ليبيا جميعاً أن يقفوا في وجه من يتنكر وأن يصدوه. هذا إضافة إلى الحملات الإلكترونية التي طالت الحياة الشخصية والعائلية للوزيرة التي خالفت الهوى الإسلامي.

ما يمكن التقاطه من الأحداث المتصلة بمطالبة المنقوش بخروج القوات الأجنبية، هو أن وزيرة الخارجية تتكلم لغة مختلفة عن لغة الجماعات الإسلامية المسلحة، ومواقف تمثل نقطة التقاء بين انتظارات الشعب الليبي وبين تصورات المجتمع الدولي للحل في ليبيا.

هذا، ويسود إجماع ليبي وإقليمي ودولي على ضرورة توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية الليبية، وعلى أهمية نزع السلاح المنفلت وحتمية استعادة الدولة لنفوذها على كامل المجال الليبي.

تلك المحاور -مجتمعة- هي ضمانة أساسية للانتخابات المزمع تنظيمها في ديسمبر المقبل، لكن تحققها يستحيل في ظل وجود قوات أجنبية مرتزقة، وفي ظل استمرار عربدة الميليشيات المستحوزة على سلاح منفلت خارج شرعية الدولة.

الدافع الرئيسي الذي جعل المجموعات الإسلامية تمتعضُ من الدعوة إلى خروج القوات الأجنبية هو أنها تريد أن تحقق بالسلم ما عجزت عن تحقيقه بلغة السلاح، والأهم من كل ذلك أن الدولة هي فكرة تقع خارج اهتمامات الجماعات الإسلامية، التي تفضل الاحتماء بقوة أجنبية تربطها بها روابط أيديولوجية متخيلة عن إسهامها في بناء دولة مواطنة، يستوي الجميع أمام سلطان قانونها.

دعوة المنقوش إلى إخراج القوات الأجنبية من ليبيا هي حرج جديد للجماعات الإسلامية وقرينة على خواء انتمائها الوطني، والثابت من كل ذلك أن العملية السياسية الجديدة في ليبيا تقف دونها عقبات كثيرة، تنبع جميعها من ممارسات الجماعات الإسلامية، التي تستفيد من مناخات التعفن والانفلات وغياب الدولة.

عن "الرؤية" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية