لن ننتصر، لنعترف بالشعب الفلسطيني وحقوقه

لن ننتصر، لنعترف بالشعب الفلسطيني وحقوقه

لن ننتصر، لنعترف بالشعب الفلسطيني وحقوقه


29/11/2023

توم مهجار

إسرائيل لن تنتصر في هذه الحرب. فـ"حماس" بثلاثة معايير حاسمة استطاعت، وبعد ذلك "حزب الله"، أن تقرر قواعد اللعب، وكلما استمرت الحرب فإن تداعيات هذه المعايير ستزداد وتتفاقم في غير صالحنا.

الأول هو الوضع غير المسبوق الذي نجحت "حماس" وبعدها "حزب الله"، في خلقه على حدود القطاع وعلى الحدود الشمالية. بعد مذبحة 7 تشرين الأول، وبعد فقدان الأمن الشخصي في إسرائيل في أعقاب ذلك، فإن نحو 120 ألف مواطن إسرائيلي تركوا أماكن سكنهم في النقب الغربي وفي منطقة الشمال. وهم "مهجرون في بلادهم" منذ أسابيع. مشكوك فيه إذا كان هدف القضاء على "حماس" قابلاً للتحقق. في المقابل، "حزب الله" يمكنه أن يستمر في ترسيخ معادلة إطلاق النار المتبادل في الشمال ومحاولة الاختراق إلى داخل الدولة. معنى ذلك هو أنه كلما طالت الحرب فإن الكثير من المواطنين لن يعودوا إلى بيوتهم.

الثاني هو الإضرار الكبير بسياسة إسرائيل للتوصل إلى التطبيع مع العالم العربي المعتدل وعلى رأسه السعودية. ونحن على شفا التوقيع على اتفاق تاريخي بين أميركا والسعودية وإسرائيل، فإن "حماس" أعادت القضية الفلسطينية إلى مركز جدول الأعمال الإقليمي والدولي. وكلما استمرت إسرائيل في الحرب الوحشية في قطاع غزة، سيزداد الضغط على العالم العربي المعتدل من أجل اتخاذ موقف قاطع ضدها، موقف لن يمكن من إعادة الدولاب إلى الوراء. الحديث يدور عن الإضرار الكبير بالآفاق التجارية – الاقتصادية التي سعت إسرائيل إليها، والتطلع إلى شرعية إقليمية أمام السعودية وحلفائها في المنطقة والعالم.

الثالث هو قضية المخطوفين. صفقة التبادل التي تم تنفيذها تبرهن على أن إسرائيل اضطرت إلى التنازل لـ"حماس" والاستجابة بدرجة لا بأس بها لمصالحها. يمكن الافتراض أنه بعد تنفيذ الصفقة الحالية سيزداد الضغط في داخل إسرائيل من أجل تنفيذ جولات أخرى من التبادل مقابل هدنة طويلة المدى وإطلاق سراح سجناء "لهم وزن". وإذا رفضت إسرائيل فهي ستضطر إلى مواصلة التضحية بالجنود في مهمات يوجد شك كبير في أن تؤدي إلى إطلاق سراح مخطوفين على قيد الحياة، الأمر الذي بدوره سيثير التوتر الشديد في المجتمع الإسرائيلي.

ربما أنه في سيناريو متفائل ظاهرياً، فإن إسرائيل ستهزم "حماس" خلال بضعة أشهر وسلطتها ستنهار. لكن في هذا الواقع الجديد، فإن المسؤولية عن استمرار السيطرة على القطاع وسكانه ستلقى على إسرائيل. وهناك شك إذا كانت هذه الهزة القوية ستجلب الأمن، وربما حتى أنها ستخلد وضعاً دائماً من القتال والخسائر، المعروف لنا من قطاع غزة قبل عملية الانفصال ومن جنوب لبنان.

لذلك فقد حان الوقت للاعتراف بأنه لن يكون لنا انتصار، ولا يهم عدد الضربات الوحشية التي سنوجهها للقطاع وسكانه المساكين. الحقيقة المؤلمة هي أن "حماس"، وفي أعقابها "حزب الله"، قد جرّا إسرائيل إلى حرب بدأت بمبادرة هجومية منهما وبفشلنا الفظيع. العمليات العسكرية لن تنجح في تغيير الوضع السياسي الذي وجدنا أنفسنا فيه.

ما العمل إذا؟ أولاً، يجب العمل على وقف إطلاق النار، وإجراء صفقة شاملة لإطلاق سراح جميع المخطوفين، ومحاسبة "في أسرع وقت" المسؤولين عن الفشل. بعد ذلك يجب علينا الالتزام بإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل وقف بعيد المدى لإطلاق النار، 15 سنة تقريباً، والعمل على تنفيذ هذا الالتزام. هذا العرض سيحصل على الدعم من قبل العرب والعالم العربي المعتدل والسلطة الفلسطينية. ولن يبقى أمام "حماس" أي خيار سوى الانضمام إلى هذه المبادرة، كما اقترح قادة "حماس" في السابق خطة مشابهة. لقد حان الوقت لمبادرة إسرائيلية سياسية تنبع من الإدراك أن الشعب الفلسطيني لن يختفي، والطريقة للعيش هنا بأمان هي من خلال الاعتراف بحقوقه وطلباته المشروعة في الاستقلال.

عن "هآرتس"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية