لماذ أصبحت جماعة الإخوان المسلمين محظورة في جزر القمر؟

لماذ أصبحت جماعة الإخوان المسلمين محظورة في جزر القمر؟

لماذ أصبحت جماعة الإخوان المسلمين محظورة في جزر القمر؟


02/03/2023

في 25 شباط (فبراير) الماضي أصدرت وزارة الداخلية في جمهورية جزر القمر مرسوماً تحت رقم (23-004) حمل توقيع وزير الداخلية القمري، فقري الدين محمود، وبحسب صحفية (لا بريفيرانس) الفرنسية، أعلنت جزر القمر، وفقاً للمرسوم، حظر (69) كياناً ناشطاً حول العالم، على اعتبار أنّها "جماعات وتنظيمات إرهابية، وذلك بالتماهي مع أحكام المادتين (1 و27) من القانون (21-004) بتاريخ 29 حزيران (يونيو) 2021، المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله، ومكافحة غسل الأموال، والمنظمات الإرهابية وكافة الجماعات التي تغطي هذه الحركات، سواء كانت بناء على أوامرها، أو بالمشاركة معها، وتحظر أهدافها ووسائلها في الهياكل المستهدفة".

الإخوان المسلمون على رأس القائمة

بحسب الصحيفة الفرنسية، تأتي جماعة الإخوان المسلمين على رأس هذه التنظيمات المحظورة، بالإضافة إلى كيانات أخرى مثل: تنظيم داعش، وتنظيم القاعدة، وبوكو حرام، والحركات المعتمدة على الشبكات الشيعية مثل: الحوثيين في اليمن، وجميع الهياكل المرتبطة بحزب الله اللبناني.

المرسوم أكد أنّ "جزر القمر يجب أن ترسل إشارة قوية، تشير إلى استعدادها لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله وتمويله، وكذا جميع الهياكل المتخصصة في تمويل الأنشطة الإجرامية". مضيفاً: "من خلال الإعلان عن قائمة المنظمات الإرهابية، يود اتحاد جزر القمر  احترام المبادئ التوجيهية للمنظمات الإقليمية والدولية، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، وكذلك الشركاء الناشطين ضد الأنشطة غير المشروعة"، وبحسب مصدر في وزارة الداخلية القمرية، أضاف للصحيفة الفرنسية أنّ "هذه الرسالة موجهة إلى هذه الهياكل ومن يشجعها".

سامح مهدي: المرسوم يأتي محصلة للجهود التي تبذلها جزر القمر من أجل مكافحة الإرهاب

جدير بالذكر أنّ منطقة المحيط الهندي تواجه زيادة في عمليات القرصنة، وتهريب الأسلحة، والأعمال غير المشروعة المرتبطة بالجماعات الإرهابية، كما أشارت تقارير صادرة عن المركز الإقليمي لتكامل المعلومات البحرية.

المرسوم أشار إلى إمكانية مصادرة الممتلكات الخاصّة بتلك الكيانات الإرهابية، وحظر أنشطتها وأذرعها، ومكافحة تجنيد المؤيدين لهذه الجماعات، أو "توفير الموارد البشرية والمادية والمالية، أو تنظيم الدعاية لها".

ضرب الشبكات الإرهابية

الدكتور سامح مهدي، الباحث في الفكر العربي، خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها: إنّ المرسوم يأتي محصّلة للجهود التي تبذلها جزر القمر من أجل مكافحة الإرهاب، حيث تجري منذ فترة مداولات بشأن التطبيق السريع لقانون مكافحة الإرهاب، ومكافحة غسيل الأموال، تحت إشراف وزير الداخلية القمري.

جاءت جماعة الإخوان المسلمين على رأس هذه التنظيمات المحظورة، بالإضافة إلى كيانات أخرى

مهدي لفت إلى أهمية القائمة التي شملها المرسوم، مؤكداً أنّها جميعها شملت منظمات تمارس العنف، أو تحرض عليه، ممّا يقطع الطريق على جماعة الإخوان وغيرها، ويقوض كل خطط التمكين، لكن اللافت بحسب مهدي، هو وجود المنظمات والكيانات الشيعية الموالية لإيران، ويرى في ذلك دلالة على قطع ذراع نظام الملالي الطولى، التي عاثت فساداً قبل أعوام في الجمهورية القمرية.

 أحمد فؤاد أنور: القرار وضع جملة من العقبات أمام مسارات الأوعية المالية الإخوانية

ويرى مهدي أنّ جزر القمر باتت تشهد حالة من تطور الخطاب السياسي، بعد أن عانت فترة طويلة من تدخلات الإسلام السياسي، والحركات المتشددة، وبعد أن شهدت نوعاً من التمدد الأصولي، ويكفي أنّ فاضل عبد الله محمد، أحد قيادات تنظيم القاعدة، من مواليد العاصمة موروني. وبالتالي فإنّ هذه الخطوة قد تكون فاعلة إلى حدٍّ كبير في مواجهة التطرف والإرهاب في البلاد، خاصّة بعد تواتر أنباء تشير إلى وجود عدد كبير من أبناء جزر القمر ضمن صفوف تنظيمي داعش والقاعدة.

مكافحة غسيل الأموال

بدوره، يقول الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية: إنّ جماعة الإخوان فقدت بهذا القرار ملاذاً آمناً كانت تسعى للاستيطان فيه، وسط تقارير تشير إلى وجود عناصر هاربة من أبناء الفرع المصري في جزر القمر، وأنّ تلك العناصر حصلت على جوازات سفر غير مستحقة، عن طريق استغلال ثغرات في الجهاز الإداري للدولة، وفساد بعض الموظفين.

سامح مهدي: جزر القمر باتت تشهد حالة من تطور الخطاب السياسي، بعد أن عانت فترة طويلة من تدخلات الإسلام السياسي، والحركات المتشددة

أنور أكد كذلك، في تصريحاته التي خصّ بها "حفريات"، أنّ القرار وضع جملة من العقبات أمام مسارات الأوعية المالية الإخوانية، والتي كانت تتخذ من جزر القمر باباً خلفياً لإعادة تدوير أموالها، وتحويل اتجاهاتها، خاصّة أنّ التنظيم تمكن في عهد النظام السابق من شراء الجنسية، وتحويل الأموال وغسلها، وإغلاق هذه القاعدة الخلفية يمثل ضربة قوية لاقتصاديات الإخوان، التي تعتمد على التحرك ضمن دوائر ومسارات تمر عبر الدول التي تتميز بالسيولة الأمنية، وضعف قوانين مكافحة غسيل الأموال؛ عبر شراء بعض المؤسسات الاقتصادية، وممارسة الاستثمار الريعي، والمضاربة ضمن أنشطة اقتصاد الظل، بالإضافة إلى التهريب.

ولفت أنور إلى وجود إشارات لانخراط الإخوان، وعناصر موالية لإيران، ضمن أنشطة تجارة العاج المحظورة، وعدد من الأنشطة الأخرى، ممّا يعني أنّ التنظيم بات الآن يواجه محنة حقيقية، في ظل إجراءات أخرى اتخذتها باراغواي ومن قبلها دول أوروبية عديدة، ممّا يؤكد أنّ التنظيم، الذي يعاني من الانقسام الداخلي، بات يواجه مصيراً غامضاً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية