لماذا وُصف شربل وهبة بـ"وزير خارجية حزب الله"؟

لماذا وُصف شربل وهبة بـ"وزير خارجية حزب الله"؟


20/05/2021

لا يعتقد أنّ الزوبعة التي أثارتها تصريحات وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، شربل وهبة، ستنتهي بإعفائه من مهام منصبه، كما أعلنت الرئاسة اللبنانية أمس؛ حيث طلب من الرئيس اللبناني ميشال عون الإعفاء من مهام منصبه، بعد تصريحات أدلى بها خلال مقابلة تلفزيونية أدت إلى توتر العلاقات مع حلفاء بلاده التقليديين من دول الخليج والدول المانحة.

تصريحات شربل وهبة وصفت بـ"المسيئة" و"العنصرية"، حيث أطلقت آلاف التغريدات تحت شعار "شربل وهبة لا يمثلنا".. و"اللبنانيون يتبرؤون من وزير خارجيتهم"

وأعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية، أنّ الرئيس ميشال عون وقَع مرسوم تعيين وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر، في منصب وزيرة الخارجية بالوكالة.

وعكست تصريحات وهبة موقفاً أبعد من تصريح وزير؛ ففي قرارة كلام الوزير المستقيل تعبير عن موقف حزب الله اللبناني الذي يمثل مصالح إيران ويجسد مواقفها السياسية، مما حدا بزعماء سياسيين لبنانيين إلى تسمية شربل وهبة بأنه "وزير خارجية حزب الله"، بحسب تعبير السياسي اللبناني سمير جعجع، الذي وجّه، أول من أمس الثلاثاء، انتقادات حادة لوهبة.

وقال جعجع في سلسلة تغريدات: "إنّ أسوأ أنواع البشر هم الذين يشربون من بئر ويرمون فيه حجراً، فكيف بالحري إذا رموا فيه حجارة؟ وهذا ما ينطبق على وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال المستقيلة شربل وهبة الذي رمى في مواقفه أمس حجارة في البئر الذي شرب منها اللبنانيون طويلاً وما زالوا يشربون منه كثيراً".

وأضاف "كان يفترض بالوزير وهبة أن يكون وزير خارجية لبنان واللبنانيين فانتهى به الأمر بوزير خارجية (حزب الله)".

تصريحات عنصرية

وأثارت تصريحات وهبة توترات واسعة بعد أنّ أشار خلالها إلى أنّ دول الخليج دعمت صعود تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى تصريحات اعتبرت مسيئة وعنصرية.

وذكرت وزارة الإعلام اللبنانية أنّ وهبة أكد بعد لقائه عون أنه "في ضوء التطورات الأخيرة والملابسات التي رافقت الحديث الذي أدليت به إلى إحدى المحطات التلفزيونية، وحرصاً مني على عدم استغلال ما صدر للإساءة إلى لبنان واللبنانيين، تشرفت بمقابلة فخامة الرئيس وقدمت إليه طلب إعفائي من مهامي ومسؤولياتي كوزير للخارجية".

وكان وهبة قال في مقابلة تلفزيونية الاثنين: "دول المحبة والصداقة والأخوة، أوصلوا لنا تنظيم الدولة الإسلامية وزرعوه في سهول نينوى والأنبار وتدمر".

ولدى سؤاله عما إذا كان يقصد "بتلك الدول" دول الخليج، قال وهبة إنه لا يريد ذكر أسماء، وأضاف، رداً على سؤال حول ما إذا كانت دول الخليج قد مولت التنظيم: "من الذي مولهم إذاً، أنا؟".

اقرأ أيضاً: نموذج حزب الله يكشف السبب وراء عدم ازدهار الدول العربية.. ربما للأبد

وقبل انتهاء المقابلة ترك وهبة الأستوديو معترضاً على ذكر الضيف السعودي، المحلل السياسي سلمان الأنصاري، للرئيس اللبناني، ميشال عون، قائلاً: "أنا بلبنان ويهينني واحد من أهل البدو".

وكانت السعودية والإمارات والكويت والبحرين قد استدعت سفراء لبنان وأصدرت شكاوى رسمية.

كما طلبت وزارة الخارجية المصرية مساء يوم الثلاثاء من السفير اللبناني في القاهرة، علي الحلبي، تقديم تفسير لما أدلى به الوزير شربل وهبة من تصريحات مسيئة بحق الدول والشعوب العربية الشقيقة في الخليج.

"شربل وهبة لا يمثلنا"

وفي سياق ردود الفعل على تصريحات شربل التي وصفت بـ"المسيئة" و"العنصرية"، انطلقت أمس، الأربعاء، في لبنان حملات استنكار شعبية وسياسية ضد تصريحات وهبة، وذكر موقع "سكاي نيوز عربية" أنّ آلاف التغريدات أطلقت تحت شعار "شربل وهبة لا يمثلنا".. و"اللبنانيون يتبرؤون من وزير خارجيتهم".

وكان الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري قد غرد الثلاثاء بأنّ تصريحات وهبة جاءت: "كما لو أنّ الأزمات التي تغرق فيها البلاد، والمقاطعة التي تعانيها، لا تكفي للدلالة على السياسات العشوائية المعتمدة تجاه الأشقاء العرب".

وأوضح الحريري أنّ "الكلام الذي أطلقه وزير الخارجية على قناة الحرة، لا يمت للعمل الدبلوماسي بأية صلة، وهو يشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد، وتسببت بأوخم العواقب على لبنان ومصالح أبنائه في البلدان العربية".

وتابع: "إذا كان هذا الكلام يمثل محوراً معيناً في السلطة اعتاد على تقديم شهادات حسن سلوك لجهات داخلية وخارجية، فإنه بالتأكيد لا يعني معظم اللبنانيين الذين يتطلعون لتصحيح العلاقات مع الأشقاء في الخليج العربي، ويرفضون الإفراط المشين في الإساءة إلى قواعد الأخوة والمصالح المشتركة".

الكاتب سمير عطا الله: الدينار الكويتي يساوي 5.077.35 ليرة لبنانية متحضرة. مثلاً: نسبة البطالة في لبنان المتمدن 60 في المائة، عند بدو السعودية "صفر"

وعلق الوزير السابق والنائب في البرلمان اللبناني مروان حمادة: "لم أفاجأ بالكلام الصادر عما يسمى وزير خارجية حكومة تصريف الأعمال في جمهورية لبنان التي يرأسها ميشال عون، هذه العقلية التي أسست للقطيعة بين لبنان والدول العربية الأشقاء الأقربين منذ بدء هذا العهد".

واعتبر حمادة كلام وهبة "سخيفاً ومردوداً كيلا أقول عدائياً لأن العداء الصادر عن هؤلاء لا يمثل إلا تهديداً للبنان ولعلاقاته لأبنائه المقيمين في الدول العربية الشقيقة".

وتابع قائلاً: "هذا العهر المستمر في قيادة البلد وتحديد سياسته الخارجية، إضافة إلى تسليم قراره الداخلي إلى إيران وحزب الله أدى بنا إلى حالة من الإفلاس الأخلاقي والاقتصادي وبما نحن عليه اليوم".

"وزير خارجية حزب الإرهاب"

وقال الوزير اللبناني السابق معين المرعبي، لموقع "سكاي نيوز عربية": "يردد وهبة ادعاءات مشغّليه من نظام الإرهاب الإيراني وملحقاته خاصة ما يسمى زوراً بحزب الله".

وأضاف "ولا عجب فهو ارتضى أن يكون وزيراً لخارجية حزب الإرهاب ونائباً لوزير الخارجية الإيراني، فما تفوه به يعتبر قلباً للحقيقة، فالإيرانيون، من خلال حزب إرهابهم في لبنان، هم من يملكون (أسطول نقليات الإرهاب العالمي)، واللبنانيون والعالم أجمع رأوا بأم العين كيف نقل الحزب مسلحي داعش من جرود عرسال إلى تدمر، وبالباصات المكيفة، لمنع الجيش اللبناني من القضاء عليهم، خاصة أنهم كانوا قد قاموا بخطف وقتل أبنائنا من الجيش بعد أن نفذت ذخيرتهم".

اقرأ أيضاً: كاتب إيراني يكشف علاقة قائد الحرس الثوري الإيراني بحزب الله

وردت الصحفية اللبنانية نايلة تويني بقسوة على تصريحات وهبة، وقالت في مقال بصحيفة "النهار" إنه "لا يستحق القصور والمقار الكبيرة، بل لا يستحق أكثر من منفى، أو سجن، أو في الحد الأدنى أن يرذل في منزله، بعدما تأكد لكل العالم أنه غير مستحق اللقب، ولا الموقع، الذي شغله قبله بزمن بعيد، وزراء هامات، وأسماء لامعة في الدبلوماسية، وشخصيات لها وزنها في السياسة والأدب والفكر، قبل التراجع المخيف والمستمر إلى حين بلوغ هذا الدرك، مع شخص يفتقر اللباقة والكياسة والحنكة والدبلوماسية".

وقالت إنّ شربل وهبة "يفتقر إلى الحد الأدنى من فهم الواقع وتداعيات كلامه السيء والعنصري والاتهامي، والذي لا ينم عن فهم بتاريخ لبنان وموقعه ومحيطه".

واستأثرت عبارة "البدو" التي استخدمها الوزير المقال وهبة، في سياق الإساءة والاستعلاء، باهتمام كتاب أعربوا عن استهجانهم من هذا التوظيف العنصري.

حياتنا وحياة "البدو"

وعلق الكاتب سمير عطا الله في مقال في "الشرق الأوسط": يميز وهبة بين حياتنا وحياة "البدو". مثلاً: الدينار الكويتي يساوي 5.077.35 ليرة لبنانية متحضرة. مثلاً: نسبة البطالة في لبنان المتمدن 60 في المائة، عند بدو السعودية "صفر". مثلاً: 25.6 مليون مسافر في مطار دبي هذا العام بعد انخفاض الرحلات بنسبة 70 في المائة بسبب الوباء. معدل الرحلات الآن 2000 في اليوم. بدو.

وأردف عطا الله: الخارجية اللبنانية كانت مدرسة من مدارس الدبلوماسية في الشرق. وكانت حقيبتها الأولى في الحكومة من حيث الأهمية؛ لأنها تمثل سياسة الرئيس وصورته شخصياً. لذلك احتلها رجال مثل فيليب تقلا وشارل مالك وفؤاد بطرس ورشيد كرامي وسليم الحص وصائب سلام... إلخ. هؤلاء كانوا يمثلون لبنان برمّته، وليس أنفسهم. وهؤلاء بنوا علاقات لبنان الراقية، القائمة؛ قبل كل شيء، على مصلحة لبنان ومصلحة اللبنانيين. ومن المصادفة أنّ أهم علاقات لبنان؛ دولة واغتراباً، هي مع الدول التي انتقدها. هناك يعيش ويعمل مئات آلاف اللبنانيين، الذين حموا أهاليهم من المجاعة والبطالة والفقر والعجرفة التافهة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية