لماذا عطّل "تويتر" آلاف الحسابات الوهمية المرتبطة بأردوغان؟

لماذا عطّل "تويتر" آلاف الحسابات الوهمية المرتبطة بأردوغان؟


15/06/2020

استعادت الأخبار التي أعلن عنها موقع "تويتر" بتعطيل آلاف الحسابات المزيفة التركية، والتي تعمل على الترويج لسياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وتستهدف معارضيه، مقاربات عديدة حول الاستعانة بالمنصة الافتراضية، باعتبارها أداة في الصراعات السياسية المحلية التركية، والتي تأتي في ظل ظروف تعكس تراجعاً في شعبية الرئيس التركي، وزيادة الهجوم على حزبه وسياساته من دوائر عديدة، وذلك على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد، وتداعياته السلبية، وكذا، تراجع الاقتصاد التركي، والتدخل العسكري في سوريا وليبيا.

اقرأ أيضاً: لحساب أردوغان... موقع تويتر يكشف أكبر عمليّات التلاعب على مواقع التواصل
وبعثت قضية الحسابات المزيفة، التناقض في مواقف أردوغان تجاه مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة، وأنّ ممانعته السابقة لها متداولة ومعروفة لدى كثيرين؛ إذ وصفها بـ"السكين القاتل"، قبل أن يسجل أولى تغريداته، في العام 2015.
أردوغان في دائرة الاتهام
اتهمت تويتر الحسابات الموقوفة بـ"انتهاك سياساتها"، حسبما جاء في البيان الصادر عنها، قبل أيام، وأوضحت أنّ "32 ألفاً و 242 حساباً تم حذفها بسبب انتهاكات لسياسات التلاعب بالمنصة، من بينها 7.340 حساباً لتركيا وحدها".

 

 

وعبر تحليل المؤشرات الفنية وسلوكيات الحسابات التركية المزيفة، وهو الإجراء التقني الذي تقوم به "تويتر"، بين الحين والآخر، لمراجعة الحسابات عبر موقعها وفحص نشاطاتها، اكتشفت أنّ الحسابات التي تم تعطيلها، مرتبطة بشكل مباشر بـ"جناح الشباب" في حزب العدالة والتنمية، كما أوضحت أنّ الحكومة التركية  "استخدمت نشاطاً افتراضاً منسقاً في إطار حملة الدعاية المركزة، يستهدف الرأي العام المحلي داخل تركيا، واستغلال تلك الحسابات للدعاية لمصلحة أردوغان، وتحسين صورته لدى الجماهير والشعب التركي، بالإضافة إلى الدعاية لسياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يترأسه".
ولفت البيان إلى "وجود شبكة مركزية تدير عدداً كبيراً من الحسابات المخترقة"؛ حيث رصدت تويتر شبكة من الحسابات المخترقة المرتبطة بمنظمات تنتقد أردوغان وأداء الحكومة، والتي كانت أهدافاً متكررة لعمليات قرصنة من جانب الجهات الحكومية التركية، لجهة وقف نشاطها المعارض لسياسات أردوغان، وفضح ممارساته السياسية.
حيل النظام التركي
ومن جانبه، كشف مرصد "ستانفورد" للإنترنت، أنّ شبكة الحسابات التركية أنتجت نحو 37 مليون تغريدة معظمها باللغة التركية، ووجد المرصد شخصيات مفبركة، تم إنشاء حساباتها في يوم واحد بأسماء مستخدمين مماثلة، موضحاً وجود "حلقة لإعادة التغريد"؛ إذ تقوم فيها هذه الشخصيات الوهمية بإعادة التغريد، بغرض نشر رسالة بعينها.

مدير الاتصالات الرئاسية في تركيا هاجم موقع تويتر ووصفه بأنه "آلة دعائية"، وذلك بعد إعلانه تجميد 7340 حساباً تركياً

وبحسب مراقبين للشأن التركي، فإنّ الحسابات الوهمية التي تم تعقبها، منذ مطلع العام الحالي، كما يشير البيان الصادر عن تويتر، تعكس إفلاس النظام في تركيا، والذي يسعى لمحاولة "تلميع" صورة أردوغان، خاصة، بعد الهزيمة السياسية الفادحة التي شهدتها خسارته لأهم بلدتين في أنقرة واسطنبول، في الانتخابات المحلية، العام الماضي، بالرغم من محاولته إعادة الانتخابات، لكنه فشل في إحداث أي تغيير، بل وصمته بإدانات حقوقية متكررة، وشبهات ترقى إلى الضغط من أجل التزوير في النتائج الانتخابية، وهو ما يبرز تراجعاً ملحوظاً في شعبيته، بينما يسعى نحو ترميمها، بهدف الاستعداد إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي تحيطها ظروف صعبة، سياسية وإقتصادية وإقليمية.

 

جرائم لا تخفيها الحسابات الوهمية
ومن جانبه، يرى الصحافي المتخصص في الشأن التركي، علي عبد الرحمن، أنّ استخدام حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، يتم بغرض الترويج لأنشطته السياسية، المحلية والإقليمية، بالإضافة إلى جذب المؤيدين له، والتغطية عن جرائم أردوغان المتزايدة، خاصة، في الملف الحقوقي ضد الأقليات الدينية والقومية، التي تسجل انتهاكات مرتفعة في الآونة الأخيرة، ناهيك عن القمع الذي يتعرض له معارضوه في الداخل دون استثناء لأي قاعدة، وعليه، تقوم تلك الحسابات الوهمية بملاحقة النشطاء والمعارضين داخل تركيا، حتى لو افتراضياً.

مراقبون للشأن التركي: الحسابات الوهمية التي تم تعقبها، تعكس إفلاس النظام في تركيا، والذي يسعى إلى تلميع" صورة أردوغان

ويضيف لـ"حفريات" إنّ قرار تويتر إيقاف هذا العدد الكبير من الحسابات الوهمية، "خطوة جيدة، لكن لا أظنها ستكبح جماح مناصري أردوغان وحزبه في عمليات ملاحقة النشطاء والسياسيين عبر حسابات مزيفة أخرى، تابعة لغرف الاستخبارات التركية؛ حيث تنشط الاستخبارات التركية عبر تلك المنصات من خلال حسابات مزيفة، لبث وترويج الأخبار، وملاحقة كل من يعادي حزب العدالة، وأردوغان، سواء كان في داخل تركيا أو في مناطق نفوذها، كما هو الحال في شمال سوريا".
كما أنّ الوظيفة الأساسية لمتتبع نشاط الحسابات التركية المزيفة، بحسب عبد الرحمن، هي خلق تأييد في بعض القضايا المهمة لدى الحكومة والنظام التركي، ومن بينها، قضايا اللاجئين التي يستغلها أردوغان للضغط على أوروبا أو تهديدها أحياناً، والتأثير على الرأي العام المحلي فيما يخص تحركاته الإقليمية الخارجية، كما حدث في أعقاب عمليته الأخيرة بشمال سوريا، المعروفة بـ"نبع السلام"، العام الماضي، وكذا، الهجوم المتواصل على بعض الأحزاب المعارضة، مثل حزب الشعب الجمهوري، والحزب الديمقراطي الشعبي، للتأثير على الأصوات في الانتخابات.
وفي نهاية شهر أيار (مايو) العام الحالي، سبقت تويتر شركة برمجيات عالمية، في الكشف عن وجود حسابات مزيفة، ضمن قائمة متابعي الحساب الرسمي للرئيس التركي، في النسخة التركية، والبالغ عددها نحو 15 مليوناً، إذ تبلغ نسبة الحسابات الوهمية 52%، كما يشير المصدر ذاته، بينما تصل نسبة الحسابات الوهمية في النسخة العربية نحو 38% من إجمالي المتابعين والبالغ عددهم نحو مليونين.

 

 

وإلى ذلك، هاجم مدير الإتصالات الرئاسية في تركيا، فخر الدين ألتون، موقع تويتر، ووصفه بأنه "آلة دعائية"، وذلك بعد إعلانه تجميد 7340 حساباً تركياً، بينما اعتبر الباحثين الذين وضعوا التقرير ونتائجه العلمية مجرد "أفراد يروجون لآرائهم الأيديولوجية كبيانات علمية".
وعلاوة على ذلك، اتهم مدير الاتصالات الرئاسية في تركيا، منصة التواصل الاجتماعي العالمية بأنها تدعم "كيانات معادية لتركيا". وقال: "نود أن نذكر هذه الشركة (تويتر) بالمصير النهائي لعدد من المنظمات التي حاولت اتخاذ خطوات مماثلة في الماضي.. فإنّ الحسابات التي تم الاستشهاد بها في دراسة تويتر كانت غير ذات صلة، والوثائق التي كشفت عنها من الشركة غير علمية بشكل واضح ومنحازة تماماً وذات دوافع سياسية".
وألمح ألتون إلى الجدل الذي يدور حول تويتر، مؤخراً، في الولايات المتحدة، على إثر الخلافات بسبب بعض تغريدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب والمنصة العالمية، حيث اتهم الموقع بأنّ لديه "نية واضحة في إعادة رسم السياسة التركية".

 

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية