لماذا صنفت كندا "الأولاد الفخورون" جماعة إرهابيّة؟

لماذا صنفت كندا "الأولاد الفخورون" جماعة إرهابيّة؟


10/02/2021

ترجمة: محمد الدخاخني

صنّفت كندا رسميّاً، الأربعاء، "الأولاد الفخورون" على أنّها جماعة إرهابيّة، بموجب قانونها الجنائيّ، وهي خطوة قد تؤدّي إلى مصادراتٍ ماليّةٍ وتُتيح للشّرطة معاملة أيّة جرائم يرتكبها أعضاء الجماعة على أنّها نشاط إرهابيّ.

وقال مسؤولون حكوميّون؛ إنّهم يعتقدون أنّ كندا هي الدّولة الأولى التي تصنّف "الأولاد الفخورون" ككيانٍ إرهابيّ، وأضافوا أنّ أحداث الشّهر الماضي في واشنطن أسهمت في هذه الخطوة، التي كانت بالفعل قيد الدّراسة.

تأسّست "الأولاد الفخورون" عام 2016، على يد جافين ماكينز، الّذي وُلد في إنجلترا، لكنّه نشأ في أوتاوا. وفي الاحتجاجات، يحمل الأعضاء رايةً حمراء

وقال وزير السّلامة العامّة، بيل بلير، في مؤتمر صحفيّ: "منذ عام 2018، شهدنا تصعيداً نحو العنف داخل هذه الجماعة"، مضيفاً: "تمّت إضافة فتيان "الأولاد الفخورون"، و12 جماعة أخرى إلى القائمة، الأربعاء، وكلّها (جماعات) بغيضة وغير متسامحة، و كما رأينا، يمكن أن تكون خطيرة للغاية".

وقال مسؤول، تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويّته؛ إنّه "في حين أنّ المعلومات التي تمّ الحصول عليها بعد هجوم 6 كانون الثّاني (يناير) على مبنى الكابيتول في واشنطن كانت عاملاً مساهماً، فهي بالتّأكيد لم تكن القوّة الدّافعة".

ولعب أعضاء منظّمة "الأولاد الفخورون"، وهي منظّمة يمينيّة متطرّفة تتكوّن من ذكورٍ فقط، وتُشيد بمشاجرات الشّوارع كجزءٍ من فكرتها التّأسيسية، دوراً بارزاً في اقتحام مبنى الكابيتول في الولايات المتّحدة.

وأعلن المدّعون الفيدراليّون الأمريكيّون الذين يحقّقون في أعمال العنف أوّل التهم ضدّ فتيان "الأولاد الفخورون"، الأسبوع الماضي، وهي التآمر، متّهمين عضوَين بها بتنسيق الجهود للتّصادم مع ضبّاط إنفاذ القانون الذين يحمون الكونغرس خلال التّصديق النّهائي على الانتخابات الرئاسيّة.

اقرأ أيضاً: اليمين المتطرف في أوروبا يزيد وتيرة جرائم الكراهية ضد المسلمين

ومنذ الهجوم، دفع جاجميت سينغ، زعيم الحزب الديمقراطيّ الجديد المعارض في كندا، رئيس الوزراء، جاستن ترودو، لإعلان "الأولاد الفخورون" جماعةً إرهابيّة، وقال مسؤولون إنّ "الإدراج تمّ بشكلٍ مستقلٍّ عن السّياسيين".

وكانت "الأولاد الفخورون" من بين 13 جماعة أضيفت إلى قائمة الحكومة للإرهاب، بما في ذلك ثلاث منظّمات يمينيّة متطرّفة أو نازيّة جديدة، والجماعات الأخرى المضافة إلى القائمة مرتبطة بتنظيمَي داعش والقاعدة.

إدراج على قوائم الإرهاب

وشدّد مسؤولون على أنّه "من غير المرجّح أن تؤدّي هذه التّصنيفات إلى اعتقالاتٍ على المدى القريب"، وقال أحدهم: "مجرّد الإدراج على قوائم (الإرهاب) لا يعني أنّه فجأةً سيتمّ اتّهامك الآن بارتكاب جريمة".

اقرأ أيضاً: أحداث فيينا حين تغذي النزعات المتطرفة: إلى اليمين دُر

لكنّ المسؤول أضاف أنّ "أيّة جرائم يرتكبها أفراد الجماعة يمكن أن تكون الآن موضوع تُهمٍ تتعلّق بالإرهاب بموجب القانون الجنائيّ"، وتشمل هذه الجرائم المحتملة تزويد جماعة إرهابيّة بالأموال أو غيرها من المساعدات، مثل شراء أدوات "الأولاد الفخورون"، أو ملابسها، من الجماعة، بالرّغم من أنّ عرضها أو ارتداءها علناً لا يُخالف القوانين.

ويمكن أن يؤدّي التّجنيد والسّفر والتّدريب المرتبط بالجماعة أيضاً إلى توجيه تهمٍ جنائيّة، إضافة إلى ذلك؛ تتمتّع السّلطات بسلطةٍ أكبر لإزالة منشورات الجماعة عبر الإنترنت، وإضافة أعضائها إلى قوائم الحظر من الطّيران ورفض دخول أعضائها، غير الكنديّين، من الحدود.

كانت "الأولاد الفخورون" من بين 13 جماعة أضيفت إلى قائمة الحكومة للإرهاب

وقال بلير؛ إنّ التّصنيف "سيقيّد بشدّةٍ" قدرة الجماعة على استخدام التّمويل الجماعيّ عبر الإنترنت في كندا، أو أيّة طريقةٍ أخرى لجمع الأموال.

وقال مسؤولون؛ إنّه من الممكن مصادرة، أو تجميد، الحسابات المصرفيّة التّابعة للجماعة، رغم أنّ "بلير"، متذرّعاً بسرّية المعلومات الاستخباريّة، رفض الإفصاح عن الأصول، إنْ وجدت، التي يمتلكها فتيان "الأولاد الفخورون" في كندا، ولن تتأثّر حسابات الأعضاء الفرديّة، ما لم يتمّ استخدامها في عمليّات الجماعة.

في حين أنّ كندا بلد متعدّد الثّقافات ومتسامح مع وجود رئيس وزراءٍ يروّج لزيادة الهجرة، فقد اكتسبت بعض الجماعات اليمينيّة المتطرّفة قوّة جذبٍ

وقالت الحكومة الكنديّة في تصنيفها؛ إنّ أعضاء "الأولاد الفخورون" "يتبنّون أيديولوجيّات معادية للنّساء، ومعادية للإسلام، ومعادية للسّاميّة، ومعادية للمهاجرين، و/أو أيديولوجيّات التّفوق العرقيّ الأبيض، وينتمون إلى جماعات التّفوق العرقيّ الأبيض".

ولم تُشر الحكومة إلى عدد فروع "الأولاد الفخورون" النّشطة في كندا، وعام 2017؛ خمسة أعضاء من القوّات المسلّحة الكنديّة كانوا جزءاً من جماعة "الأولاد الفخورون"، الّتي عطّلت حفلاً للسّكان الأصليين في هاليفاكس، نوفا سكوشا، في يوم كندا، وتمّ تعريضهم للجزاء، لكن لم يوجّه لهم الجيش أيّة اتّهامات.

راية حمراء

وتأسّست "الأولاد الفخورون" عام 2016، على يد جافين ماكينز، الّذي وُلد في إنجلترا، لكنّه نشأ في أوتاوا وساعد في تأسيس إمبراطوريّة "فايس" الإعلاميّة، ومنذ ذلك الحين، نأى ماكينز بنفسه عن كلٍّ من "فايس" و"الأولاد الفخورون".

وفي الاحتجاجات، غالباً ما يحمل الأعضاء الكنديّون في "الأولاد الفخورون" رايةً حمراء، وهي عبارة عن علم يتضمّن شعار الاتّحاد في إحدى زواياه، والذي كان يمثّل الشّعار الرّسميّ لكندا حتّى تبنّت ورقة القيقب، عام 1965.

شعار الجماعة الإرهابية

وأفادت بعض وسائل الإعلام الكنديّة باختفاء المواقع الإلكترونيّة لفروع "الأولاد الفخورون" في عدّة مدنٍ كنديّةٍ، الشّهر الماضي، عقب أحداث واشنطن، إذ يبدو أنّ الجماعات نفسها قد أزالت مواقعها، لا الجهات المقدّمة للخدمات.

وفي حين أنّ كندا بلد متعدّد الثّقافات ومتسامح بشكلٍ عامّ مع وجود رئيس وزراءٍ يروّج لزيادة الهجرة، فقد اكتسبت بعض الجماعات اليمينيّة المتطرّفة قوّة جذبٍ محدودةٍ في الأعوام الأخيرة، لا سيما في الكيبيك؛ حيث لعبوا على المظالم التّاريخيّة بشأن الّلغة والهويّة للتّعبير عن معارضتهم للهجرة.

وقد أثّرت أيضاً بعض الحالات البارزة للسّياسات الأمريكيّة المعادية للمهاجرين أو الأيديولوجيا اليمينيّة المتطرّفة على الشّباب.

اقرأ أيضاً: أردوغان يقود اليمين المتطرف المتمثل في الإسلام السياسي والقوميين

عام 2017؛ قتل ألكسندر بيسونيت، وهو طالب في الكيبيك، ستّة أشخاص وجرح 19 آخرين في مسجدٍ في الكيبيك، واتّضح لاحقاً أنّه، في الشّهر الذي سبق المجزرة، بحث على الإنترنت 819 مرّةً عن منشورات تتعلّق بترامب، وأنّه كان يقرأ تغريداته على تويتر يوميّاً، ويتوجّه إلى حظر السّفر الذي فرضه الرّئيس السّابق على العديد من البلدان ذات الأغلبيّة المسلمة.

كما تصفّح بيسونيت مواقع الويب المرتبطة بالقوميّ الأبيض، ريتشارد سبنسر، والزّعيم السّابق لجماعة "كو كلوكس كلان"، ديفيد ديوك، وديلان روف، العنصريّ الأبيض الذي قتل تسعة أمريكيّين سود في كنيسةٍ بولاية ساوث كارولينا.

وفي الكيبيك؛ كانت هناك أيضاً جيوب من التّعصّب تجلّت في جماعاتٍ يمينيّةٍ متطرفةٍ، مثل "قطيع الذّئاب"، وهي جماعة انتقد أعضاؤها الإسلام والهجرة، ومع ذلك، ظلّوا مهمّشين.

"عازبون لا إراديّون"

وشَهِدت أونتاريو هجومين شنّهما رجال وصفوا أنفسهم بأنّهم "عازبون" أو "عازبون لا إراديّون"، وهو مصطلح يستخدمه رجال محبطون جنسيّاً، ولديهم آراء كارهة للنّساء، تتّجه أحياناً إلى العنف، نفّذ أحدهم، عام 2018، عمليّة قتلٍ جماعيٍّ مستخدماً شاحنةً مستأجرة، ممّا أسفر عن مقتل 10 أشخاص.

وفي الوقت نفسه؛ فشلت أيديولوجيا اليمين المتطرّف في اكتساب قوّة جذبٍ وطنيّةٍ داخل النّظام السّياسيّ، وفي الانتخابات الفيدراليّة لعام 2019، فشل حزب شعبويّ يمينيّ متطرّف، خاض الانتخابات رافعاً شعار التّحذير من مخاطر الهجرة، في الفوز بمقعدٍ واحدٍ في البرلمان.

إضافة إلى "الأولاد الفخورون"، تضمّنت المنظّمات الأقلّ شهرة التي تدعو لتفوّق العرق الأبيض، والتي صنّفتها كندا، الأربعاء، على أنّها منظّمات إرهابّية: "الكتيبة النّوويّة"، و"الأساس"، و"الحركة الإمبراطوريّة الرّوسيّة".

اقرأ أيضاً: السويد تطرد اليميني المتطرّف راسموس بالودان.. ماذا فعل؟

و"الأساس": منظّمة نازيّة جديدة سعى مؤسّسوها إلى استخدام العنف للمساعدة في تأسيس وطنٍ للبيض في غرب الولايات المتّحدة، ومن خلال سلسلةٍ من العمليّات السرّية، عطّل العملاء الفيدراليون ما قال مكتب التّحقيقات الفيدراليّ إنّها هجمات خُطّط لها من قِبل الجماعة، في أوائل عام 2020، وكان هناك بعض التّداخل في العضويّة مع "الكتيبة النّوويّة"، وهي جماعة أمريكيّة أخرى من النّازيّين الجدد تعمل إلى حدٍّ كبير في الولايات المتّحدة.

وكانت "الحركة الإمبراطوريّة الرّوسيّة"، وهي جماعة شبه عسكريّة من العنصريّين البيض، ومقرّها سانت بطرسبرغ، روسيا، أوّل جماعة بيضاء يتمّ تصنيفها رسميّاً كمنظّمةٍ إرهابيّةٍ من قِبل وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، العام الماضي.

وخلال العام الماضي؛ وضعت كندا "دم وشرف"، وهي جماعة نازيّة جديدة تأسّست في بريطانيا، والجماعة التّابعة لها، "المعركة 18"، على قائمة الجماعات الإرهابيّة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

https://www.nytimes.com/2021/02/03/world/canada/canada-proud-boys-terror-group.html



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية