لماذا تصر قيادات الإخوان على تمديد أزمة الجماعة؟

لماذا تصر قيادات الإخوان على تمديد أزمة الجماعة؟


23/02/2022

فشلت كافة المبادرات التي طرحتها أطراف فاعلة داخل جماعة الإخوان، لتهدئة أزمة الصراع المحتدمة داخل التنظيم في تحقيق أية نتائج إيجابية، في حين يتمسك كل طرف بمكتسباته الراهنة والمراكز التي يسيطر عليها، بالتزامن مع حالة انهيار غير مسبوقة في الهيكل التنظيمي للإخوان، وتشظٍّ على مستوى القواعد، وانشقاقات تجاوزت المئات خلال أسابيع.

اقرأ أيضاً: هل تُغير قطر نهجها مع تنظيم الإخوان؟

ولا يتوقع المراقبون أن تشهد الأزمة المتفاقمة في التنظيم انفراجة قريبة، بينما تقود كافة السيناريوهات المطروحة إلى مستقبل أكثر قتامة، للتنظيم وكافة أفرعه في العالم، خاصة أنّ الجماعة تعاني من متوالية سقوط وملاحقات قضائية وأمنية في معظم دول العالم.

هل تكتب قيادات التنظيم ورقته الأخيرة؟

مؤخراً بدأت قيادات من الصفين الأول والثاني في الإخوان توجيه الاتهامات لطرفي الأزمة، محمود حسين الذي يتزعم جبهة اسطنبول، وإبراهيم منير الذي يترأس جبهة لندن، باعتبارهما المسؤولين عن تعميق الصراع وتمديد عمره داخل التنظيم، لعدة أسباب تتعلق برغبتهما في الاحتفاظ بمكتسباتهما الراهنة، وسوء إدارتهما للصراع، وتفضيل المصالح الشخصية على حساب بقاء التنظيم.

وفي عدة مقالات، نُشرت على مدار الأسبوعين الماضيين، وتناولت نقداً ذاتياً لأزمة الإخوان، وجه القيادي أحمد عبد العزيز، وهو أحد القيادات البارزة في تنظيم مصر، وكان عضواً ضمن الفريق الرئاسي للرئيس الإخواني الراحل محمد مرسي، هجوماً حاداً لطرفي الأزمة، وحمّلهما المسؤولية عمّا آل إليه التنظيم في الوقت الراهن، قائلاً: "هذا الانقسام الذي قاده بعناد وإصرار محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة، ولا أعفي إبراهيم منير (نائب المرشد العام) من المسؤولية؛ فقد أغرى افتقاره لمقومات القيادة، وضعف شخصيته حسين بالاستحواذ على مفاصل الجماعة وقرارها ومقدراتها، على مدى ثماني سنوات كاملة!".

 فشلت المبادرات التي طرحتها أطراف فاعلة بجماعة الإخوان لتهدئة أزمة الصراع المحتدمة داخل التنظيم

وقال عبد العزيز إنّ "الفريقين المتصارعين على قيادة الإخوان كانا فريقاً واحداً قبل ثماني سنوات، وكلاهما شريك فيما آلت إليه الأمور، فلا يحق لأيٍّ منهما توجيه الاتهامات للآخر.. كلاهما مطلوب للمساءلة أمام قواعد الإخوان".

فقدان المركزية وانعدام الثقة

وبالتزامن مع حملة الهجوم واصل قيادات إخوانية بارزة، مثل عصام تليمة وأشرف عبد الغفار هجومهما على طرفي الأزمة الإخوانية، فيما تشهد القواعد حالة من الغليان على وقع الصراعات الراهنة التي أفقدت عناصر التنظيم الثقة بالقيادة المركزية وهدمت مبدأ السمع والطاعة لديهم، بينما تعاني الجماعة في المجمل من فقدان شبه كلي للإدارة المركزية والتوجيه "الرأسي" الذي يعد أحد أهم مقومات استمرارها على مدار نحو تسعة عقود.

وفي تعليقه على استمرار الأزمة وفشل مبادارات الصلح في تحقيق أي تطور إيجابي قال القيادي الإخواني أشرف عبد الغفار، موجهاً حديثه لطرفي الصراع: "أنتم عناصر أساسية في تدمير الجماعة، بل تتقاتلون (الآن) على بقاياها"، بحسب منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

مقاربات الجماعة.. أسلوب للاغتيال

وفي هذا السياق، يرى الباحث المصري المختص في الإسلام السياسي والإرهاب، أحمد سلطان، أنّه "في خضم التصارع غير المحموم بين مجموعات الإخوان، عمد أنصار إبراهيم منير، ومحمود حسين لاستخدام أسلحة ومقاربات الجماعة، كأسلوب الاغتيال المعنوي للمخالفين، وقطع الدعم المالي عنهم، ضد بعضهم البعض، علاوة على استدعاء مفاهيم وجوب الانقياد والطاعة للقيادة الربانية، وتزيينها بسرديات الطهرانية وعدم الرغبة في المكاسب الذاتية لتبرير البقاء في المناصب القيادية العليا".

اقرأ أيضاً: الكراهية والانتقام أحد أسرار التوريث الإخواني

 وفي دراسته المنشورة تحت عنوان: "انشطار الإخوان: كواليس الصراعات القيادية داخل الجماعة"، بموقع "إضاءات"، يضرب سلطان أمثلة على حالة الشقاق والصراع لتصفية الكتل بين الخصمين المتناحرين، قائلاً: "على سبيل المثال، ألغى فريق الأمين العام السابق مميزات مالية استثنائية كانت تُقدم لعدد من قادة وشباب الإخوان المصريين بالخارج، بسبب موقفهم الداعم لإبراهيم منير، ومطالبتهم بتنحي حسين عن قيادة الجماعة، بينما سعى القائم بعمل المرشد لاستقطاب تلك المجموعة والتقى بممثلين عنهم وأمر بإعادة المميزات الممنوحة لهم، حتى إشعار آخر".

ويتابع الباحث المصري: "وبدورهم، روّج أنصار منير أنّ مجموعة محمود حسين، احتكرت السيطرة على الملفات الإدارية والمالية الخاصة بالجماعة، واستفادت منها لتحقيق منافع شخصية، وتقديم رواتب شخصية للمتحالفين معهم تتجاوز 3500 دولار، شهرياً للفرد الواحد، ساعين بذلك لاختراق هالة التقديس ونفي سردية الطهرانية التي رسمها أفراد تلك المجموعة لأنفسهم عبر سنوات طويلة".

أعداء الجماعة

ولفتت الدراسة إلى أنّ "كل مجموعة تصور خصومها على أنهم "أعداء الجماعة" الذين يرفضون الالتزام بلوائحها الداخلية، ويحولون دون إتمام المصالحة الداخلية مع المجموعات الشبابية المعروفة بـ"جبهة المكتب العام"، الذين أبدوا استعداداً للانضمام لمنير، مقابل إبعاد محمود حسين ورفاقه عن القيادة العليا للجماعة".

نشر القيادي أحمد عبد العزيز عدة مقالات ضد طرفي الأزمة وحملهما المسؤولية عما آل إليه التنظيم

وفي هذه الأثناء، بحسب الدراسة ذاتها، ألمح قادة بارزون بالإخوان منهم أحمد رامي الحوفي، البرلماني السابق عن الجماعة، إلى أنّ محمود حسين أعاق إنهاء "الانشقاق الهيكلي" بين جبهتي الإخوان، وحجب رسالة تنظيمية أرسلها المرشد العام محمد بديع من داخل محبسه تنص على إنشاء لجنة مصالحة داخلية برئاسة القيادي حلمي الجزار، في غضون العام 2017، وبعد عدة أشهر من وصول الرسالة للأمين العام السابق، اضطر ناقلها إلى التواصل مع إبراهيم منير وإبلاغه بمضمونها، وهو ما أشعل جمر الخلاف بين الأخيرين.

وبحسب سلطان دافع محمود حسين، الأمين العام السابق لجماعة الإخوان، في مقاله على موقع "إخوان أون لاين"، عن نهجه في إدارة شؤون الجماعة، واصفاً خصومه بأنّهم يسعون إلى "احتكار الحقيقة باستخدام بعض الكلمات العاطفية لإقناع الآخرين بما يعتقدونه صواباً"، على حد تعبيره.

آخر تطورات الأزمة

وخلال الشهر الماضي شهدت أزمة الصراع الداخلي في الإخوان تطورات متلاحقة، كان أبرزها، قرار القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير فصل القيادي مصطفى طلبة ولجنته المنوط بها (القيام بأعمال المرشد العام)، المعيّنة من جانب جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، في بيان على لسان المتحدث باسم جبهة لندن، واصفاً قيادات الجبهة بأنّهم "ليسوا من الإخوان"، بحسب بيان صادر عن منير في الأول من شباط (فبراير) الجاري.

 القيادي الإخواني أشرف عبد الغفار لطرفي الصراع: أنتم عناصر أساسية في تدمير الجماعة

وردّ محمود حسين على القرار خلال فيديو نشره الموقع الرسمي للجماعة، ظهر خلاله منتقداً القرار ومخاطباً قواعد الإخوان بالالتفاف حول القيادة (يقصد قيادة الجماعة في اسطنبول).



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية