جهود حثيثة يبذلها الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران، التي برزت كواحدة من البدائل المتاحة في غمرة تعطش القارة العجوز لمصادر بديلة لغاز ونفط روسيا، ممّا جعل أوروبا تتصدر قائمة الأطراف المستفيدة من إحياء الاتفاق النووي مع طهران، وفقاً لتحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
يأتي التحليل وسط تقارير حول بلوغ المباحثات مع القوى الكبرى مرحلة من التسويات والتنازلات يعتقد أنّها ستجعل التفاهم وشيكاً.
قنبلة نووية إيرانية
في حين يعوّل العديد من دول المنطقة والعالم على إحياء الاتفاق النووي لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، رأت "فورين بوليسي" أنّ التوصل إلى اتفاق نووي "قد يؤخر فقط القنبلة النووية"، لكنّه حتماً سيساعد الغرب في التعامل مع أزمة الطاقة الخانقة التي تلوح في الأفق، ولا سيّما مع دخول فصل الشتاء.
وخلص التحليل، الذي أورد موقع "الحرة" مقتطفات منه، إلى أنّ العودة إلى الاتفاق النووي ستعمل على تحسين أزمة الطاقة الحالية من خلال إغراق السوق بالكثير من النفط الإيراني، مشيراً إلى أنّ أسعار النفط ليست سيئة للغاية في الوقت الحالي، بخلاف أسعار الغاز في أوروبا، لكنّها ستكون أسوأ بكثير هذا الشتاء.
ويعتقد محللون أنّ إيران يمكن أن تضخ ما يقرب من مليون برميل من النفط يومياً إلى الأسواق العالمية بعد توقيع الصفقة، ومن المحتمل أنّ تنتج ضعف أو (3) أضعاف هذه الكمية يومياً مع زيادة الإنتاج خلال العام المقبل، الكمية التي من شأنها أن تساعد، دون شك، في الحدّ من بعض الاضطرابات وصدمات الأسعار المرتبطة بالحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا، وفقاً لـ"فورين بوليسي".
صفقة ضعيفة
يحتمل أن تكون الصفقة الجديدة أضعف من سابقتها، لأنّها تعرض على إيران الكثير من الفوائد المالية، بما في ذلك صفقات اقتصادية طويلة الأجل، والسماح لإيران بالاحتفاظ بكمية أكبر من المواد النووية داخل إيران لإعادة تشغيل مفاعلها بشكل أفضل، على حدّ قول "فورين بوليسي".
"فورين بوليسي": التوصل إلى اتفاق نووي "قد يؤخر فقط القنبلة النووية"، لكنّه سيساعد الغرب في التعامل مع أزمة الطاقة الخانقة
وقد أتاح اتفاق العام 2015 بين إيران والقوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، ألمانيا، رفع عقوبات دولية كانت مفروضة على طهران، مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها وعدم تطويرها سلاحاً ذرياً، وهو ما نفت مراراً السعي لتحقيقه، غير أنّ انسحاب ترامب من الاتفاق أحادياً في 2018 جعله في حكم "الملغي"، معيداً فرض عقوبات صارمة على طهران.
وشكّل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق أحادياً فرصة لإيران للتراجع عن التزامات أساسية في الاتفاق، وتسريع وتيرة برنامجها النووي، ولاسيّما تخصيب اليورانيوم، لكنّ بايدن، الذي خلف ترامب في الرئاسة الأمريكية، أبدى عزمه على إعادة بلاده إلى الاتفاق، بشرط عودة إيران إلى التزاماتها.
وتخوض إيران مفاوضات مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا بشكل مباشر، ومع الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، لاستئناف العمل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015 والهادف لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. وبدأت هذه المفاوضات في نيسان (أبريل) 2021 لإنقاذ الاتفاق المبرم بين إيران والقوى الكبرى، ثم استؤنفت في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) بعد تعليقها عدة أشهر.
وتوقفت المفاوضات بشكل كامل نهاية آذار (مارس) الماضي، على خلفية ما وصفه الإعلام الأمريكي بـ"عقبة" جديدة وضعتها إيران كـ"شرط" لإتمام الاتفاق، حيث تضغط طهران على واشنطن لرفع العقوبات وشطب الحرس الثوري الإيراني من قوائم الإرهاب الأمريكية، الأمر الذي اصطدم بمعارضة أمريكية داخلية، فقد وقّع (86) نائباً بالكونجرس الأمريكي خطاباً يُحذّر الرئيس الأمريكي بايدن من تلك الخطوة، ومنذ ذلك الحين يحاول الاتحاد الأوروبي إيجاد مخرج، وبذل محاولات لإنقاذ الاتفاق النووي.