لماذا تتعرض ألمانيا أكثر من غيرها لحوادث دهس وطعن؟

لماذا تتعرض ألمانيا أكثر من غيرها لحوادث دهس وطعن؟

لماذا تتعرض ألمانيا أكثر من غيرها لحوادث دهس وطعن؟


04/03/2025

شهدت ألمانيا خلال الفترة الماضية عدداً من حوادث الدهس والطعن، ممّا يثير الكثير من التساؤلات حول المنفذين وخلفياتهم، ولماذا يشهد هذا البلد الأوروبي حوادث مؤسفة أكثر من بقية الدول في القارة العجوز؟ 

بما يتعلق بحادثة مدينة مانهايم الألمانية؛ أفاد شهود عيان يوم 3 آذار (مارس) 2025 أنّ سيارة دهست حشداً من الناس في المدينة الواقعة جنوب غرب ألمانيا، التابعة لمقاطعة شتوتغارت.

ووفقاً للشرطة، فقد وقعت الحادثة في ساحة بارادبلاتز المركزية في وسط مدينة مانهايم التي يبلغ عدد سكانها حوالي (320) ألف نسمة، وهي ثاني أكبر مدينة في بادن فورتمبيرغ، وتمّ القبض على السائق المشتبه به.

وذكرت التقارير أنّ الرجل ألماني، ويعالج في المستشفى، ولم يتم الاشتباه في أيّ مرتكبين آخرين. 

...

وذكرت صحيفة (بيلد) أنّ الحادث أسفر عن مقتل شخصين وإصابة (25) آخرين، منهم (15) في حالة خطيرة، ولم تستبعد الشرطة وجود وضع خطير آخر.

وتمّ إخلاء المنطقة الداخلية للمدينة إلى حد كبير، وكانت هناك استعدادات في المستشفى الجامعي لاستقبال الجرحى. وقد قام المستشفى على الفور بتنفيذ خطة الكوارث والطوارئ، وقال وزير داخلية الولاية شتروبل: إنّ الرجل هو ألماني يبلغ من العمر (40) عاماً من راينلاند بالاتينات. وبحسب المعلومات الواردة من مجلة (شبيغل) وشبكة SWR، فإنّ الرجل المعتقل لم يلفت انتباه السلطات الأمنية الألمانية بعد فيما يتصل بالتطرف أو الإرهاب، لكن هناك علامات تشير إلى وجود مرض عقلي. 

ولم يتم الإبلاغ عن متورطين آخرين حتى الآن، ولم يتم تحديد ما إذا كان الحادث هجوماً متعمداً أم مجرد حادث سير.

ونشر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في تقرير له قائمة حوادث الدهس والطعن في ألمانيا لعامي 2024 و2025؛ وهي:

حادث الدهس في مانهايم 2025: سيارة يُزعم أنّها من نوع الدفع الرباعي اندفعت في وسط المدينة عند منطقة بارادبلاتز، وأدى الحادث إلى مقتل شخص واحد وإصابة عدد آخرين. وما تزال التحقيقات جارية، لكنّه يُبرز تصاعد المخاوف الأمنية في المناطق الحضرية.

هجوم سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ في كانون الثاني (يناير) 2024: حادث دهس وقع خلال سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ، أسفر عن مقتل (5) أشخاص وإصابة أكثر من (200) آخرين. ويشتبه في أنّ الدافع قد يكون مرتبطاً بتوجهات متطرفة أو احتجاجات سياسية.

حادث الدهس في ميونيخ في شباط (فبراير) 2025: أدى إلى إصابة (28) شخصاً على الأقل. وقد استدعى الحادث تدخلاً عاجلاً لقوات الشرطة والإسعاف. ويُعتقد أنّه قد يكون جزءاً من سلسلة هجمات تستهدف التجمعات العامة.

...

حادث الطعن في مانهايم أيار (مايو) 2024: وقع خلال تظاهرة في مانهايم، وأدى إلى إصابة عدد من الأشخاص، بينهم إصابات خطيرة. وتم الإبلاغ عن حادث طعن آخر في المدينة أسفر عن مقتل شخص، ويُشتبه في دوافع متطرفة أو احتجاجية تتعلق بالسياسات الداخلية.

حادثة الطعن في أشافنبورغ في أيار (مايو) 2024: هجوم نفذه طالب لجوء أفغاني مرفوض، ممّا أدى إلى مقتل طفل في الثانية من عمره ورجل في الأربعين. وأثار الحادث موجة من الغضب في الرأي العام. ويندرج ضمن سلسلة حوادث مرتبطة بجدل سياسات اللجوء والهجرة في ألمانيا.

ووفق المركز، فإنّ الشخص الذي يرتكب الحادثة قد لا يكون بالضرورة منضمّاً إلى التنظيمات المتطرفة، أي لا يخضع لتنظيم هرمي يتلقى منه التعليمات للقيام بعمليات إرهابية، والتخطيط والتنفيذ يكون ضمن إمكانياته الذاتية، وغالباً ما ينتمي هؤلاء المتطرفون إلى فئة الشخصيات السوية الاعتيادية التي لا تثير الشكوك حول سلوكها وحركتها اليومية. 

ووفق هذا الطارئ التكتيكي، تتحول العمليات الإرهابية من عمليات واسعة تنفّذها تنظيمات ومجموعات منظمة إلى عمليات فردية ينفذها أفراد. ويمكن أن تتنزل هذه العمليات في إطار بحث المنظمات الإرهابية عن حلول لمواجهة مشكلة التمويل والنقص في القيادات الميدانية من الجيل الأول للقاعدة، الذين تقدّم بهم السن وخرجوا من الخدمة.

وأكد المركز في تقريره أنّه أصبح من الواضح أنّ الجريمة في بعض الأحيان تكون مدفوعة بعوامل إسلامية أو متطرفة، وفي بعض الأحيان يمكن تفسيرها بالمرض العقلي الذي يعاني منه الجاني، وفي بعض الحالات قد يكون مزيجاً من الاثنين.

وأمّا عن أسباب تكرار الحوادث في ألمانيا أكثر من بقية دول أوروبا، فهي:

قضايا الهجرة واللجوء: تُعتبر من أكثر المواضيع المثيرة للجدل في ألمانيا، حيث تثير السياسات الحكومية توترات داخل المجتمع، ممّا قد يدفع بعض المتطرفين إلى تنفيذ هجمات عنيفة.

التغطية الإعلامية المكثفة: نظراً لحجم الاقتصاد الألماني وأهميته الجيوسياسية، تحظى هذه الحوادث بتغطية إعلامية واسعة مقارنة بدول أوروبية أخرى.

الكثافة السكانية العالية: المدن الكبيرة، مثل برلين، وميونيخ، ومانهايم، تضم تجمعات كبيرة من الناس، ممّا يجعلها هدفاً أسهل للهجمات.

صعوبة منع بعض الهجمات، وعلى الرغم من الجهود الأمنية، فإنّ بعض الهجمات تُنفذ بأساليب يصعب التنبؤ بها، خاصة في الأماكن المزدحمة.

ما تشهده ألمانيا من حوادث وعمليات مهما كانت دوافعها، سياسية، أو عرقية، أو إيديولوجية أو غيرها، ليس بعيداً عن الوضع السياسي الألماني الهش والمعقد، إلى جانب التطورات الجيوساسية دولياً: الحروب والنزاعات الدولية والإقليمية.

يجب على مكاتب رعاية الشباب والمحاكم الأسرية والمدارس ومجموعات الدعم لضحايا العنف أن تتعاون بشكل وثيق على المستوى المحلي

وأكد التقرير أنّ مكافحة التطرف والإرهاب أمر ضروري لإنشاء شبكة وطنية. ويجب تدريب ضباط الشرطة وتجهيزهم للتعامل مع عمليات إطلاق النار الجماعي والهجمات الإرهابية، وفي الوقت نفسه يتعين على ألمانيا الاستثمار في الوقاية من العنف، وينبغي أن يكون التدريب على مكافحة العنف للطلاب والشباب جزءاً دائماً من المناهج الدراسية.

وتابع المركز: "ويجب على مكاتب رعاية الشباب والمحاكم الأسرية والمدارس ومجموعات الدعم لضحايا العنف أن تتعاون بشكل وثيق على المستوى المحلي. ولم يعد العنف موضوعاً محرمّاً في الأسرة، وفي الحي، وفي العمل، وفي النوادي والمجتمعات المحلية.

وشدد التقرير على ضرورة المراقبة المستمرة للوضع الأمني وتعزيز التدابير الأمنية لمنع أيّ تصعيد محتمل. واعتماد القواعد التقليدية في حماية المناطق المفتوحة والتجمعات منها، ووضع الموانع والحواجز الكونكريتية وكاميرات المراقبة والتفتيش والتواجد للشرطة وأجهزة الأمن. أمّا الاستخبارات، فيقع على عاتقها فرز الأشخاص الخطرين وإدراجهم تحت المراقبة .

يُذكر أنّ هناك إجماعاً لدى خبراء الأمن والاستخبارات على أنّ عمليات الطعن والدهس الفردية، سواء كانت ذات دوافع "إرهابية أو غير إرهابية"، يمكن وصفها بأنّها على غرار الذئاب المنفردة، التي لا يمكن التكهن بها، ولا يمكن الحدّ منها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية