لماذا تتخوف أوروبا من انهيار الوضع التونسي؟

لماذا تتخوف أوروبا من انهيار الوضع التونسي؟

لماذا تتخوف أوروبا من انهيار الوضع التونسي؟


22/03/2023

بينما تمرّ تونس بوضع سياسي دقيق على إثر المعركة التي فتحها الرئيس قيس سعيّد ضدّ فرع الإخوان بالبلاد منذ 25 تموز (يوليو) 2021، والتي انجرّت عنها عدّة تبعات اقتصادية واجتماعية، أثارت تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي تحدث عن مخاوف من "انهيار" الوضع في تونس جدلاً واسعاً بين الأوساط التونسية.

وبينما تعتبرها أوساط تونسية معارضة غير مفاجئة، تراها شخصيات سياسية واقتصادية أخرى أنّها مبالغ فيها؛ لأنّ الوضع الاقتصادي مرتبط بجملة من التراكمات السابقة والطويلة من الفساد وغياب الإصلاحات الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية.

الاتحاد الأوروبي يشعر بالقلق

والإثنين أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أنّ التكتل الأوروبي يشعر بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، ويخشى انهيارها، وحذّر إثر اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل من أنّ "الوضع في تونس خطير للغاية".

وتابع: "إذا انهارت تونس، فإنّ ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي، والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. نريد تجنب هذا الوضع".

وأوضح أنّ وزراء الخارجية طلبوا من بلجيكا والبرتغال إرسال ممثلين في مهمة إلى تونس لإجراء "تقييم للوضع لتمكين الاتحاد الأوروبي من توجيه إجراءاته".

تمرّ تونس بوضع سياسي دقيق على إثر المعركة التي فتحها الرئيس قيس سعيّد ضدّ فرع الإخوان بالبلاد

لكنّه أضاف أنّ "الاتحاد الأوروبي لا يمكنه مساعدة دولة غير قادرة على توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي"، وشدد على أنّ "الرئيس قيس سعيّد يجب أن يوقع اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي وينفّذه، وإلّا فإنّ الوضع سيكون خطيراً للغاية بالنسبة إلى تونس".

واستناداً إلى إحصاءات رسمية، يتواجد في تونس أكثر من (21) ألف مهاجر، بمن فيهم الطلبة، وغالبيتهم من ساحل العاج، كما وصل إلى السواحل الإيطالية خلال العام 2022 نحو (32) ألف مهاجر قادمين من الضفة الجنوبية للمتوسط وأساساً من ليبيا وتونس.

تونس تعتبر أنّ المخاوف مبالغ فيها

وسارعت الخارجية التونسية إلى الردّ على هذا الموقف الأوروبي، واعتبرت أنّ تصريحات المسؤول الأوروبي بخصوص المخاوف من "انهيار" الوضع في تونس "مبالغ فيها".

وأكدت الوزارة في بيان الثلاثاء أنّ "التصريحات مبالغ فيها، سواء في ضوء الصمود الراسخ للشعب التونسي عبر تاريخه، أو فيما يتعلق بتهديد الهجرة إلى أوروبا من الجنوب".

إيطاليا تمنح نحو (110) ملايين يورو لتونس وبعض الشركات الصغرى والمتوسطة، من خلال الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي

وتابع نص البيان: "تواصل هذه الملاحظات الانتقائية في تجاهل أيّ مسؤولية عن الوضع السائد في تونس، لا سيّما منذ العام 2011 حتى 25 تموز (يوليو) 2021".

من جهته، قال الرئيس التونسي خلال زيارة إلى مدينة القيروان (وسط): "إنّ ما تحقق في تونس بعد 25 تموز (يوليو) 2021 هو من قبيل المعجزات"، وجدد رفضه التدخل في شؤون تونس؛ لـ "أنّنا لسنا تحت الانتداب أو الحماية أو أيّ نوع من أنواع الوصاية"، على حدّ قوله.

دعم إيطالي

بالمقابل، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني: إنّ بلادها تبذل قصارى الجهد لتذليل العقبات التي تعرقل قرضاً من صندوق النقد الدولي لتونس، وأوضحت في جلسة بمجلس الشيوخ أنّ "إيطاليا تبذل قصارى الجهد لمحاولة كسر الجمود الذي يهدد بتدهور الوضع بشكل هائل في تونس".

وفي كانون الثاني (يناير) الماضي أجّل صندوق النقد الدولي اجتماعاً بشأن برنامج قرض لتونس كان من المقرر عقده في 19 من الشهر نفسه، لمنح السلطات مزيداً من الوقت للانتهاء من برنامج الإصلاحات.

 جوزيب بوريل: التكتل الأوروبي يشعر بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس

وأعلن أنطونيو تاياني وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي ونائب رئيسة الوزراء عن تقديم بلاده نحو (110) ملايين يورو لتونس وبعض الشركات الصغرى والمتوسطة، من خلال الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي، وذلك تزامناً مع تصريحات بوريل التي عبّر فيها عن شعور الاتحاد الأوروبي بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، وخشيته من انهياره، مشدداً على أنّ الرئيس سعيّد "يجب أن يوقع اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي وينفذه، وإلّا فإنّ الوضع سيكون خطيراً للغاية بالنسبة إلى تونس".

وقد عبّرت الخارجية التونسية عن ترحيبها بالدعم المالي الذي قدمته إيطاليا، وأكدت انفتاحها على شراكة "مسؤولة ومحترمة ومتساوية، نداً للند، مع جميع شركائها"، وانتقدت في المقابل تصريحات جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الذي تحدث عن مخاوف من "انهيار" الوضع في تونس، واعتبرتها "غير متناسبة".

أساب المخاوف الأوروبية

الخبير الدبلوماسي عبد الله العبيدي اعتبر في تصريح لـ (أصوات مغاربية) أنّ "اختلال التوازن في تونس سيؤدي إلى تهديد حقيقي بموجات هجرة غير نظامية تقدّر بالآلاف إلى أوروبا، وما يصاحب ذلك من تهديدات تتعلق بالجريمة والتهريب والإرهاب".

وأشار إلى أنّ "أوروبا تربط مساعدتها لتونس بإمضاء سعيّد على إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية، خاصة أنّ الرئيس تحول إلى المُخاطب الوحيد لشركاء تونس".

وصل إلى السواحل الإيطالية خلال العام 2022 نحو (32) ألف مهاجر قادمين من الضفة الجنوبية للمتوسط وأساساً من ليبيا وتونس

كذلك، اعتبر جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي في تصريحه لـ "الشرق الأوسط" أنّ تونس باتت تستعمل ورقة المهاجرين في وجه دول أوروبا من أجل الحصول على استثمارات مالية، ومساعدات للحدّ من الفقر والخصاصة، وخفض أعداد المهاجرين؛ مضيفاً أنّ إيطاليا باتت تطالب الدول الأوروبية بالضغط على أعضاء صندوق النقد الدولي لتمكين تونس من قرض مالي، وهذا أمر نادر الحدوث.

كما أكد العرفاوي أنّ تونس قد تلجأ إلى طريقة التفاوض نفسها التي استعملتها عدة دول مع أوروبا، على غرار تركيا، من أجل الحصول على دعم مالي مقابل وقف نزيف الهجرة غير الشرعية.

الهجرة غير الشرعية من تونس في أرقام

ووفقاً لأرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل)، فقد منعت قوات الأمن أكثر من (29) ألف مهاجر تونسي وأجنبي من الإبحار بشكل غير نظامي إلى أوروبا، وذلك خلال الأشهر الـ (10) الأولى من العام الماضي.

وزارة الداخلية الإيطالية أكدت أنّ تونس باتت بلد العبور الأول في المنطقة نحو إيطاليا

ورغم مساعي الأمن لمنع هذه العمليات، فقد أكد المنتدى نجاح أكثر من (16) ألف تونسي في الوصول بحراً إلى إيطاليا في الفترة الفاصلة بين كانون الثاني (يناير) وتشرين الأول (أكتوبر) 2022.

أمّا وزارة الداخلية الإيطالية، فقد أكدت أنّ تونس باتت بلد العبور الأول في المنطقة نحو إيطاليا؛ خصوصاً بعد تسجيل مغادرة (12) ألفاً و(83) شخصاً انطلاقاً من سواحلها منذ بداية العام، حتى يوم 13 آذار (مارس) الحالي، مقارنة بـ (1360) شخصاً فقط في الفترة نفسها العام الماضي.

مواضيع ذات صلة:

قرار حل البلديات في تونس يقوض شبكة المصالح التابعة لحركة النهضة

تونس تفتح ملف القروض الضائعة... هل تورط الإخوان في اختلاس أموال البلاد؟

ماذا ينتظر التونسيون من البرلمان الجديد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية