لماذا أضحت جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديدًا متناميًا في الهند؟

لماذا أضحت جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديدًا متناميًا في الهند؟

لماذا أضحت جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديدًا متناميًا في الهند؟


29/11/2022

أجمل سهيل

يساور السياسيون المؤيدون للحكومة الهندية، سواء داخل الهند أو خارجها، القلق بشأن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين وأهدافها المستقبلية في الهند. وفي حين أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إسلاموية “غير عنيفة” معترف بها دوليًا، فإن لها صلات غير مباشرة بالجماعات المسلحة، وترغب في نقل الهيمنة العالمية الحالية -بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول غربية أخرى- إلى دار الإسلام، ما يعني أنهم يرغبون في تحويلها إلى أرضٍ إسلامية، وإجبار الناس على اعتناق الإسلام.

الهدف النهائي لجماعة الإخوان المسلمين، الذي اعتمدته منذ أيام مؤسسها حسن البنا في فترة العشرينيات، هو دعم الجهاد ضد غير المسلمين. وتمتلك الجماعة شبكة دعاية دولية واسعة وأنتجت العديد من القادة المتشددين في جميع أنحاء العالم، مثل عبد الله يوسف عزام، أحد أتباع البنا، الذي أشعل في عام 1984 فتيل تدفق المقاتلين الأجانب الإسلامويين الرئيسيين لمحاربة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان. وبحلول الوقت الذي قُتل فيه عزام في عام 1989، كان قد تتلمذ على يديه أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة. وقد قال بن لادن في وقتٍ لاحق إن أفكار الإخوان كانت أساسية في تشكيل أيديولوجيته.

يعتمد تصنيف جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها جماعة “غير عنيفة” على تفسيرٍ حرفي لسلوكها، يتجاهل صلاتها بالتشدد. ففي الهند، على سبيل المثال، تسببت النسخ المحلية لجماعة الإخوان المسلمين في تفاقم الخلاف بين الطوائف، ونشر الفوضى في الشوارع، من خلال الاحتجاجات ضد الحكومة الهندية. وتصر هذه الجماعات الإخوانية، وتلك المنبثقة عنها في شبه القارة الهندية، على أن أسس الدستور الهندي -العلمانية، والديمقراطية، والقومية- معادية للإسلام، وتعمل على تقويض هذه الأسس في المقام الأول من خلال محاولة إثارة حرب أهلية دينية بين المسلمين الهنود والهندوس. كما أن رؤية الإخوان المسلمين للإطاحة بالحكومة الهندية، وإنشاء دار الإسلام في الهند، وتفجير ثورة في كشمير لا يمكن أبدًا وصفها بأنها سلوكيات “غير عنيفة”.

في هذا السياق، هناك جماعتان بارزتان تابعتان للإخوان المسلمين في الهند هما الجبهة الشعبية للهند (PFI) والجبهة النسائية الوطنية (NWF). وقد حُظِرت الجبهة الشعبية للهند مؤخرًا في الدولة، ما أدّى إلى عودة ظهور جماعة قديمة مُصنّفة على أنها إرهابية، وهي الحركة الإسلامية الطلابية في الهند (SIMI)، التي تعمل جنبًا إلى جنب مع المتطرفين المحليين مثل المجاهدين الهنود (IM)، بينما تتلقى تمويلًا خارجيًا من محور قطر-تركيا -باكستان، ولها صلات مع المنظومة الجهادية التي تسيطر عليها باكستان في أفغانستان، التي تشمل طالبان والقاعدة. إن الدعم الخارجي للتشدد الإسلاموي في الهند مهم، ولكن من الضروري أيضًا معرفة مصادر الدعم المحلية لفهم ما يحدث.

قالت مصادر إن رغبة جماعة الإخوان المسلمين في إثارة حرب أهلية لزعزعة استقرار الهند، وإسقاط حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، تحظى بتحريضٍ مالي من قبل أحزاب المعارضة الهندية. هناك من يرى أن الصعود الذي حدث مؤخرًا لجماعة الإخوان المسلمين في الهند ناتج في المقام الأول عن محاولة السياسيين الهنود استخدام هذه الجماعة الخطيرة كسلاح لهزيمة حكم مودي. وإذا ما صحَّ هذا الحديث، فلن تكون المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك بالهند: فقد استغل سياسيون هنود التمرد الإرهابي-الناكسالي (الشيوعي) كسلاح سياسي ضد حكومة ذلك الوقت، وهو وضع أسوأ بكثير.

الجدير بالذكر أن عدد المسلمين في الهند يناهز عددهم في باكستان، دولة إسلامية اسميًا، والمسلمون في الهند -على عكس باكستان- لديهم الحرية في القيام بدورٍ نشط في السياسة. هناك آليات قانونية للأحزاب للتعاون لإزالة حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي من سُدّة الحكم. وبالتالي، فإن الدعمَ الخبيث الواضح من قِبل عددٍ من السياسيين الهنود لجماعة الإخوان المسلمين أمرٌ غير مسؤول. الإخوان لا يريدون فقط إسقاط الحكومة الحالية وتنصيب أنفسهم مكانها، بل يريدون الإطاحة بالنظام الحاكم بأكمله، خاصة العلمانية، وأيضًا الديمقراطية والقومية، لأن الإخوان يرون أن هذه الأمور مدمرة للإسلام.

علاوة على ذلك، فإن أحد الدوافع المهمة لاستئناف جماعة الإخوان المسلمين أنشطتها في الهند هو أنه مع تحوّل الدولة إلى قوة صاعدة، فإنها تتقارب مع الولايات المتحدة، وبالتالي يمكن أن تُشكِّل تهديدًا كبيرًا للكتلة المناهضة للغرب في جنوب وجنوب شرق آسيا، التي تدعمها الصين. وهذا هو السبب في أن هذا التحالف، الذي يعمل في المقام الأول من خلال باكستان، يدعم جماعة الإخوان المسلمين في الهند، على أمل استخدام 204 ملايين مسلم في الهند لإثارة حربٍ أهلية ضد الهندوس لعرقلة صعود الهند. السكان المسلمون في الهند يشكلون ثالث أكبر تجمع للمسلمين في العالم، ويتأتَّى قلق السياسيين والوكالات الأمنية الهندية من أنه إذا ما ترسّخت جذور جماعة الإخوان المسلمين في الهند، فسوف يصبح من الصعب حكم الدولة. كما أنه في حالة الفوضى، سيصبح المسلمون الهنود أكثر عُرضةً للتجنيد من قبل جماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من الجماعات الإرهابية الدولية.

عن موقع "عين أوروبية على التطرف"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية