لماذا أشعلت زيارة بلاسخارت لطهران كل هذا الجدل في بغداد؟

لماذا أشعلت زيارة بلاسخارت لطهران كل هذا الجدل في بغداد؟


07/02/2021

أثارت زيارة الممثّلة الخاصّة للأمين العام للأمم المتّحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، إلى إيران، بداية الشهر الجاري، جدلاً واسعاً في الأوساط العراقيّة، مما عكسَ حالة الحساسيّة السياسيّة والمجتمعية من الجار الشرقي للعراق. 

المسؤولون العراقيون رفضوا التصريح بشأن الزيارة الخاصة للممثلة الأممية لطهران، فيما تعالت أصوات النقد السياسي لما يحصل من خرق علني لسيادة البلاد، واستعطاف دول الجوار لتهدئة الأوضاع في الداخل العراقي والعمل على إنجاح الانتخابات التشريعية العامة، المزمع إجراؤها في 16 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

ناشطون في الاحتجاجات يهاجمون زيارة بلاسخارت لإيران.. وبعثة الأمم المتحدة في العراق: الزيارة تأتي في إطار الجهود المبذولة لدعم استقرار  البلد 

وأعقبت زيارة بلاسخارت، زيارة لوزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، لطهران، التقى خلالها نظيره محمد جواد ظريف، وعدداً من المسؤولين الإيرانيين.

 الزيارة الأخيرة جاءت بعد يومين من الزيارة الأولى، ما جعلها تخضع لعدة تأويلات، منها؛ أنّ الزيارة الأممية تمت بالتنسيق مع رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، الذي يحاول تحييد الميليشيات في بلاده وضبط الملف الأمني الآخذ بالتدهور.
ناشط: العراق أصبح مستعمرة إيرانية
على الرغم من تفاعلها الإيجابي مع الاحتجاجات العراقية، ومحاولاتها تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء العراقيين، تعرضت المبعوثة الأممية إلى العراق لحملة هجوم إعلامي اتهمتها بخرق سيادة البلاد لدى تفاوضها مع الجانب الإيراني في ملفات عراقية.
وأبدى الناشط في احتجاجات محافظة الديوانية، زين يوسف استغرابه من "تدخّل ممثلة بعثة يونامي بالملفات العراقية الخاصة، وتحديداً الملف الانتخابي ومناقشته مع دولة جارة"، متابعاً قوله؛ "كان يفترض أن تبقى في العراق وتتناقش مع العراقيين بشأن هذا الملف".

تحظى بلاسخارت بشعبية جيدة بعد نزولها لساحات الاحتجاجات ورصدها لعمليات العنف ضد المحتجين
وأبلغ "حفريات" بأنّ "الجميع أصبح لديهم يقين بأنّ العراق أصبح مستعمرة إيرانية، بموافقة الأمم المتحدة، والدول الداعمة للعملية السياسية العراقية"، معرباً عن أسفه بأنه "لا يوجد اليوم أيّ مؤشر على وجود دولة في العراق، وكثيرون ممن يتولّون المناصب الرسمية هم تابعون ووكلاء لدولة لها كلمة في قرارنا المحلي".
وأكّد الناشط الاحتجاجي؛ أنّ "دعوات الحوار مع دول جوار العراق بشأن الانتخابات القادمة وغيرها، هو بحدّ ذاته عمل مشين ومسيء للمصلحة العراقية".  
"محاولة لدعم استقرار البلاد" 

تعدّدت القراءات السياسية لزيارة المسؤولة الأممية في العراق إلى إيران؛ إذ ذهب البعض إلى اعتبارها "محاولة لدعم استقرار البلاد" في ظلّ الفوضى الناجمة عن تشتت القرار السياسي، وضياع السلطة المركزية بين عدة السلطات. 

ويقول حامد الموسوي، لـ "حفريات": "من الطبيعي مناقشة الشأن العراقي في طهران، أو  واشنطن، أو الدول اللاعبة في المشهد السياسي العام للبلاد"، مبيناً أنّ "تلك الدول لها أوزان داخل الكتل السياسية في العراق، ولهذا زارت بلاسخارت عدة دول إقليمية لدعم استقرار البلاد".

اقرأ أيضاً: بلاسخارت في عين العاصفة العراقية.. لماذا أغضبت الممثلة الأممية الحكومة والمتظاهرين؟

ويضيف المحلل السياسي المقرّب من محور ولاية الفقيه في العراق: "المطلوب، اليوم، من بعثة الأمم المتحدة في بلادنا التي تعيش أوضاعاً ساخنة، ممارسة عدة أدوار ومهام من أجل الخروج من عنق الأزمات المتوالية التي سببتها التقاطعات السياسية والتدخلات الدولية".
ورأى الموسوي؛ أنّ "الممثلة الأممية أكثر لاعب في المشهد السياسي العراقي، فهي تتواصل مع الكتل الكردية والسنية والشيعية، والفصائل المسلحة والمرجعية الدينية في النجف"، لافتاً إلى أنّ "هذا التواصل في حاجة إلى تأطير مع الأطراف الدولية المحاذية للعراق". 

براغماتية إيرانية
ويقترب الناشط السياسي الليبرالي، لطيف العامري، نوعاً ما من الموسوي، في قراءة دوافع زيارة بلاسخارت لإيران، مبتعداً عن لغة التخوين والتسقيط التي راجت في وسائل إعلامية ومواقع للتواصل الاجتماعي ضد مسؤولة البعثة الدولية في العراق.
ويرى العامري في تصريح لـ"حفريات" بأنّ "الدوافع جاءت من باب الضغط على صاحب القرار في طهران، لأنّ الأخير، بعد العقوبات الدولية على بلاده، والتغيير الذي حصل في إدارة البيت الأبيض الأمريكي، أخذ يعتقد أنّ التهدئة الآن مطلوبة، ومن الممكن أن يضغط على حلفائهِ من القيادات الشيعية الولائية داخل العراق، للعمل على ضبط الأوضاع ولو نسبياً".

ورغم أنّ إيران لها حلفاء في الكتل السنية والكردية، "لكنّ تأجيج الشارع الشيعي في مدن وسط وجنوب العراق بالاحتجاجات، يجعل الضغط الإيراني يكون تحديداً على حلفائها من السياسيين الشيعة"، مبيناً أنّ "الاستقرار في تلك المدن ينعكس على استقرار البلاد بالعموم".
وحول إمكانية طلب رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، من بلاسخارت زيارة إيران، للتفاهم معها، أكد العامري ذلك؛ "لأنّ الكاظمي منذ اللحظة الأولى لا يرغب بأن تسيل الدماء في عهد حكومته، كما حصل في الحكومة السابقة".
البعثة الأممية تبين موقفها
من جانبها، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق، يونامي، سبب زيارة الممثلة الأممية الخاصة إلى طهران، ورأت أنّها تأتي "في إطار دعم الاستقرار في العراق".

وقالت البعثة في بيان لها؛ إنّ "الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، زارت طهران، يومَي 31 كانون الثاني و1 شباط، وعقدت محادثات مع مسؤولين إيرانيين حول القضايا الإقليمية، وذلك في إطار الجهود المبذولة لدعم الاستقرار في العراق".

البعثة أضافت: أنّ "الممثلة الخاصة كانت قد زارت عدداً من دول المنطقة، بما في ذلك إيران، من قبل. وتأتي هذه الزيارات تعزيزاً لتفويض بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2522 (2020)، والذي يتضمن تيسير الحوار والتعاون الإقليميَّين، بما في ذلك حول قضايا أمن الحدود والطاقة والتجارة والبيئة والمياه والبنية التحتية والصحة العامة واللاجئين".

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يبحث مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف العلاقات الثنائية في طهران

وكان علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، قد بحث خلال استقباله المندوبة الخاصة للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في شؤون العراق، جينين بلاسخارت، العلاقات الإيرانية العراقية، والانتخابات المقبلة التي ستشهدها العراق.
وزير الخارجية العراقي في طهران
وبعد يومين من زيارة المبعوثة الأممية في العراق لإيران، زار وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، العاصمة طهران، والتقى، الأربعاء الماضي، نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، وأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي، علي  شمخاني.
وبحث حسين وظريف الملفات العراقية الإيرانية، وأكّد الأخير على ضرورة "إنهاء الوجود الأمريكي في المنطقة؛ لأنّه سيكون أفضل ردّ على اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي "أبو مهدي المهندس"". 

المحلل السياسي حامد الموسوي لـ "حفريات": من الطبيعي مناقشة الشأن العراقي في طهران، أو  واشنطن، أو الدول اللاعبة في المشهد السياسي العام 

وأشاد ظريف بالمتابعة القضائية لملفّ اغتيال الجنرال سليماني، من قبل الحكومة العراقية، معرباً عن أمله بأن "ينال الآمرون والمرتكبون لهذه الجريمة الإرهابية جزاء عملهم الإجرامي عن طريق المتابعات القضائية".

من جهته، أكّد الوزير العراقي؛ أنّ "توسيع التعاون مع طهران من الأولويات الرئيسة لسياسة العراق الخارجية"، كما رأى أنّ "زيارات وفود البلدين مؤشراً لاهتمام الطرفين بالعلاقات الثنائية، واستعرض وجهات نظر العراق تجاه مختلف القضايا التي تهمّ البلدين، وأكّد الاهتمام الخاص من قبل رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بمتابعة وتنظيم العلاقات بين بغداد وطهران".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية