لبنان الثورة المتشظّية: غضب فرنسي وإنذار من صندوق النقد

لبنان الثورة المتشظّية: غضب فرنسي وإنذار من صندوق النقد


07/06/2020

منير الربيع

عمل حزب الله وقوى سياسية أخرى على ضرب التظاهرة التي كانت مقررة يوم السبت قبل أن تبدأ. تباعاً أعلنت مجموعات متعددة انسحابها من التحرك، لأنها "ترفض إثارة موضوع سلاح حزب الله". حُصر عنوان التظاهرة بتطبيق القرار 1559، فشكّل عنواناً خلافياً، بدلاً من العنوان المعيشي الجامع. وهذا أحد أساليب وتكتيكات القوى السياسية التي تثبت قوتها وفعاليتها في كل مرة يخطئ فيها المتظاهرون، أو يسيئون التقدير، أو يتعايشون مع الوهم. إلا إذا كانت غايتهم فقط القول إن هناك أصوات تطالب بنزع سلاح الحزب، للاستعراض فقط.

لم يكتف حزب الله بالتعاطي مع تظاهرة بيروت المركزية، إنما قال للمتظاهرين إنه موجود في صيدا بتحرك يوم الجمعة، وفي طرابلس أيضاً من خلال مجموعات خرجت رافضة لطرح موضوع السلاح.

تكرار الأخطاء
في كل مرّة تنجح القوى السياسية بتشتيت وشرذمة المجموعات المتحركة، فيما هذه المجموعات لم تعتبر من الأخطاء. كما حصل من قبل في ثورة 17 تشرين، عندما كانت الساحات تفرغ من متظاهرين وتغص بآخرين محسوبين على قوى سياسية، نجحوا بتوجيه التحركات نحو وجهات أخرى، حتى بلغ الأمر في بعض القوى السياسية للقول إن كل هذه التظاهرات والحراكات تصب عندهم، وهم قادرون على توجيهها كيفما شاؤوا. ولكن، بمعزل عن الدخول في كل هذه الصراعات، لا بد من الإشارة إلى أن لبنان لن يرتاح، وساحاته لن تهدأ بغض النظر عن الشكل والجهات التي ستقود التحركات.

إنذار من "الصندوق" وغضب فرنسي
وفق هذا المعطى، كل ما يجري يرتبط بالسياسة. سفارات ودول مهتمة بالواقع اللبناني، تراقب ما يجري عن كثب، ما بعد التظاهرة سيخرج الأسبوع المقبل مواقف دولية متعددة، رافضة للواقع اللبناني، وللتسويف والمماطلة.

وحسب ما تكشف مصادر متابعة، فإن صندوق النقد الدولي سيوجه إنذاراً مباشراً لمفاوضيه اللبنانيين، يقول فيها إنه بحال استمر هذا الأسلوب من المماطلة في العمل فهو مضطر لوقف المفاوضات، لأنه حتى الآن لم تظهر أي جدية بالتعاطي. حتى فرنسا التي كانت من أكثر الداعمين لهذه الحكومة، وأكثر المهتمين لتحقيق أي تقدم جدي مع لبنان، أصبحت في حالة من الغضب، بسبب الرهان على تقطيع الوقت ليس أكثر. وحسب ما تكشف مصادر متابعة، فإن ممثلين عن رئيس الحكومة اجتمعوا بمسؤولين في السفارة الفرنسية، الذين أبلغوا رسالة حاسمة بأنه لا داعي بعد اليوم لطلب عقد لقاءات، ما لم يكن هناك خطوات جدية لتطبيق الإصلاحات، لأن الوقت لا يسمح لإطالة اللقاءات والمفاوضات بلا أي نتيجة.

مصير الحكومة
يكبر الإمتعاض الدولي من الحكومة، ومن آلية التعاطي. تارة يتم الحديث عن الإصلاحات، وتارة أخرى عن أن هناك مساعدات ستصل إلى لبنان، فيما الديبلوماسيون يعتبرون أن هذا الأسلوب فيه الكثير من الابتزاز، فكرروا الرسالة الحاسمة، بأن المدخل لأي مساعدات هو صندوق النقد الدولي، وكلمة السرّ فيه للأميركيين. وبالتالي، لا داعي لإضاعة الوقت. تدفع هذه المؤشرات إلى اعتقاد داخلي بأن الحكومة غير قادرة على الصمود والاستمرار، وأن الغطاء الدولي قد رفع عنها. ولكن حتى الآن لم يتم تجهيز أي بديل لها. في الأيام الماضية، طرحت مسألة تعديل الحكومة، فسقطت، لتطرح مسألة استقالة الحكومة، من قبل بعض الوزراء الذين يعتبرون أنه لا بد من ترك المركب، كي لا يتحملوا مسؤولية الانفجار. فكان الجواب لهم بأنهم قد نزّهوا أنفسهم عن الآخرين، ولكن حان الوقت لمواجهة الحقيقة المرّة.

كل ذلك يحصل وسط مضي أميركي في التصعيد حتى النهاية على ما يبدو. لن تقف الأمور عند حدود مطالب إصلاحية بسيطة، لافتات المطالبة بتطبيق القرار 1559، تتزامن مع طروحات أميركية جدية لتعديل مهام قوات اليونيفيل. تعرف واشنطن أن هناك فيتو روسياً بمواجهة هذا القرار، فتطرح جدياً احتمال وقف تمويل قوات الطوارئ الدولية، على ما أشارت "المدن" في تقرير الأسبوع الماضي. نسبة المساهمة الأميركية من تمويل اليونيفيل هي 28 ونصف بالمئة.

الأيام المقبلة بالغة السوء. وكثر سينفضون أيديهم من الحكومة، وإن لم يكن هناك من بديل جاهز عنها، فتبقى من فراغ.

عن "المدن"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية