كيف يوظّف حزب أردوغان الهجرة واللجوء لتمرير أجنداته السياسية؟

كيف يوظّف حزب أردوغان الهجرة واللجوء لتمرير أجنداته السياسية؟


26/07/2021

 أكّد الكاتب التركي محمد علي غولر في مقال له في صحيفة جمهورييت التركية أنّ مشكلة الهجرة واللجوء مشكلة ليس فقط لتركيا، ولكن أيضًا للعالم بأسره. وقال إنّ هناك أسباباً للمشكلة، منها العولمة "الحديثة"، ولاسيما عولمة الليبرالية الجديدة لرأس المال والقوى العاملة، والهجمات والاحتلال الإمبريالي.

ولفت إلى أنّه عندما ننظر إليها من منظور التاريخ، فإن الهجرة هي حركة نزوح تحدث عبر تاريخ البشرية، وقال إنّ تاريخ الحضارة هو تاريخ الصراع الطبقي وبالتالي تاريخ الهجرات، ويعتبر نضال المجتمعات البدوية والمستقرة ونضال الرعاة والفلاحين مرحلة مهمة للغاية من مراحل الحضارة.

ونوّه إلى أنّ الهجرات إلى بلاد ما بين النهرين عبر القوقاز بعد العصر الجليدي، والهجرات العظيمة من آسيا إلى أوروبا، والتي بدأت في القرون الأولى قبل الميلاد واستمرت لما يقرب من 10 قرون، شكلت مجرى التاريخ والحضارة: القبائل التركية تدفع بعضها البعض. ومرة أخرى، جعلت الهجرات التركية والمنغولية جيران الأوغوز لبيزنطة وغيرت تاريخ الأناضول. بسبب موقعها الجغرافي، كانت الأناضول دائمًا بوابة القبائل والممر الذي تحدث فيه الهجرة أكثر من غيرها.

وبالحديث عن مشكلة اللاجئين السوريين في تركيا قال الكاتب غولر إنّ المشكلة ليست سوريا، إنها سياسة تركيا تجاه سوريا، وقال إنّ إلقاء اللوم على المهاجرين في مشكلة الهجرة هو أسهل جزء من العمل، لكنه مضلل، لأن كل هجرة تقريبًا هي نتيجة ضرورة. لذلك، يمكننا القول تقريبًا "لا أحد يغير مكانه بدون سبب".

وأكّد أنّ أكبر مشكلة لتركيا في سياق مشكلة الهجرة هي مشكلة السوريين بسبب كميتها. يذكر أن 3.6 مليون سوري يتواجدون في تركيا رسميًا، ولكن بشكل غير رسمي 5 ملايين سوري. كما أكّد كذلك أن وجود سكان سوريين يصلون إلى 6٪ من سكان تركيا يمثل بلا شك مشكلة اقتصادية وسياسية، لكن إلقاء اللوم على السوريين مباشرة في هذا الموضوع هو تبسيط وغير صحيح.

وذكر أنّ السبب التاريخي المقنع للهجرة السورية هو هدف حكومة حزب العدالة والتنمية المتمثل في الإطاحة بنظام الأسد، جنبًا إلى جنب مع القوات الأطلسية، منذ عام 2011. وقال إنّ تجاهل هذا السبب، "لوم السوريين على القدوم إلى تركيا" هو نهج إشكالي. وشدّد على أنّه لهذا السبب يمكننا أن نقول: تركيا ليس لديها "مشكلة مهاجرين سوريين"، لكنها في الواقع "مشكلة سياسة خارجية لحزب العدالة والتنمية تؤدي إلى مهاجرين سوريين".

أمّا بالحديث عن الاستغلال من خلال المهاجرين، فقال الكاتب غولر في مقاله إنّه على الرغم من أن قضية الهجرة من أفغانستان ظهرت على السطح عندما انسحب الناتو، لأن حكومة حزب العدالة والتنمية أرادت المشاركة في أفغانستان نيابة عن الولايات المتّحدة، كانت هناك هجرة من هذا البلد إلى تركيا لفترة طويلة، وكان بعض الأفغان يقيمون في تركيا، بينما كان آخرون ينتقلون إلى أوروبا.

وذكر أنّه بصرف النظر عن الأفغان، كانت هناك هجرة مكثفة إلى تركيا من بلدان أخرى في آسيا الوسطى لفترة طويلة. (حتى من الدول الأفريقية)، وقال إنّ السبب الرئيسي لاستمرار هذه الهجرات وكأنه لا يوجد "أمن حدودي" هو أن الطبقة الحاكمة في تركيا ترى أن قضية الهجرة هذه مفيدة لها، على عكس ما نوقش في الصحافة.

ولفت إلى أنّ الطبقة الحاكمة في تركيا تنظر إلى المهاجرين أولاً كعمالة رخيصة، وثانيًا على أنهم تهديد للعمال الأتراك. في العديد من المؤسسات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، يتم توظيف المهاجرين غير المسجلين وغير المؤمن عليهم وبأجور أقل من الحد الأدنى للأجور. في الواقع، يعمل عدد كبير من سكان وسط آسيا في الأعمال المنزلية. تستخدم الطبقة الحاكمة قوة العمل الرخيصة هذه ضد العمال الأتراك الذين يريدون تأمينا أكثر من الحد الأدنى للأجور، ويطالبون بالنقابة بقولهم "لديك بديل". لذلك، تم إنشاء نظام استغلال ثنائي الاتجاه للمهاجرين.

وختم الكاتب مقاله بالسؤال: ماذا يجب ان يفعل؟ ليخلص إلى أنّه نتيجة لذلك، يمكن لتركيا حل مشكلة الهجرة من خلال التخلص من السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية التي تخلق مشكلة المهاجرين ونظام الاستغلال القائم على العمالة الرخيصة - دون زيادة مشكلة الهجرة، على سبيل المثال، من خلال عقد اتفاقية مع سوريا وعكسها إلى حد ما.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية