كيف نقرأ تقليص بغداد عدد الإيرانيين الزائرين للمراقد الدينية؟

كيف نقرأ تقليص بغداد عدد الإيرانيين الزائرين للمراقد الدينية؟


08/09/2021

منذ  بداية عهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي كان واضحاً أنّ العراق يرغب في رسم حدود جديدة بينه وبين إيران، ليست جغرافية أو على خريطة، ولكن في التعاملات والهيمنة، وقد بدأ ذلك بمحاولات ضبط الحدود الجغرافية التي كانت شبه مفتوحة أمام الجار الإيراني، يستغلها كيفما يشاء، ثم التقارب مع دول الخليج، التي ابتعدت عن العراق على مدار أعوام في ظل اصطفافه في حلف إيران، وصولاً إلى الحالة التي يلعب فيها العراق دور الوسيط بين السعودية وإيران.

اقرأ أيضاً: اتفاق على تعزيز التعاون الأمني بين السعودية والعراق

وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أول من أمس: إنّ العراق يلعب دوراً حقيقياً في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران، وينتهج حالياً سياسة التحول من مرحلة القتال إلى مرحلة الحوار، ليلعب دوره الحقيقي في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الإقليميين، مؤكداً أنّ ذلك "جزء رئيسي من الحل لتحقيق الأمن والاستقرار بالعراق وبالمنطقة".

اقرأ أيضاً: هل يوقف قانون التجنيد الإلزامي تمدد الميليشيات الإيرانية في العراق؟

وتحركات العراق، التي يُنتظر أن تتوج بإتمام العملية الانتخابية وولادة حكومة من انتخابات شعبية تكتب للعراق مرحلة جديدة من الاستقرار، لم تكن محل ترحيب من الجارة المهيمنة إيران، وبدت محاولة ترسيخ الهيمنة الإيرانية خلال المؤتمر الذي دعا إليه العراق دول الجوار، من أجل استعادة دوره الإقليمي، نهاية آب (أغسطس) الماضي.

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي

فخلال ذلك المؤتمر حاولت إيران إحراج العراق، مرة بإملاء التوجيهات عبر المنصة والتعبير عن الامتعاض لعدم دعوة سوريا، ومرة باصطفاف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مع الرؤساء في الصف الأول، على عكس ما تمليه البروتوكولات من تأخر وزراء الخارجية إلى الصف الثاني، بعد رؤساء الدول.

لكنّ العراق لم يصمت على محاولات إيران، وقد ردّ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على مزاعم وزير الخارجية الإيراني خلال المؤتمر بأنّ حجم التجارة بين البلدين، 300 مليار دولار، ليرد الكاظمي أنّ الرقم الصحيح هو 13 ملياراً فقط.

 

أعلن العراق قبل أيام أنه سيسمح لـ40 ألف أجنبي فقط، بينهم 30 ألف إيراني، بالمشاركة في زيارة الـ40 لمدينة كربلاء الشيعية التي ستجري نهاية الشهر

 

وأخيراً، اتخذ العراق عدداً من الإجراءات، فسّرها مراقبون على أنها تصب في الإطار ذاته من وضع حدود لهيمنة إيران، وترسيخ سيادة العراق، وتلك الإجراءت تتعلق بتنظيم عمليات زيارة المراقد الدينية في مدينة كربلاء في الذكرى الـ40 لاستشهاد الحسين، وهي واحدة من أشهر المناسبات الشيعية.

وأعلن العراق قبل أيام أنه سيسمح لـ 40 ألف أجنبي فقط، بينهم 30 ألف إيراني، بالمشاركة في زيارة الـ40 لمدينة كربلاء الشيعية التي ستجري نهاية الشهر، وذلك بسبب وباء كوفيد-19، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.

وكان ملايين الزوار الشيعة يتدفقون كل عام إلى كربلاء قبل تفشي الوباء لإحياء زيارة الـ40 التي تجسد مرور 40 يوماً على مقتل الإمام الحسين.

اقرأ أيضاً: بعد قمة بغداد: هل يعود العراق لاعباً دولياً في المنطقة؟

وقد بلغ عدد الزوار 14 مليوناً في عام 2019 وفقاً للأرقام الرسمية، جاء ثلثهم بشكل أساسي من إيران والخليج وباكستان ولبنان، علماً بأنّ بغداد حددت العام الماضي عدد الأجانب في الاحتفالية بـ 1500 شخص لكل بلد بسبب خطر الإصابة بفيروس كورونا.

وحصرت اللجنة التي يترأسها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وصول الزوار عبر المطارات الدولية.

وبحسب موقع "إندبندنت" عربية، فإنّ ذلك الملف (دخول الإيرانيين إلى المراقد الدينية في العراق) "تُرك دون قيود وبشكل فوضوي، وإدارته من قبل شركات إيرانية داخل العراق لتحدد هي أسعار الفنادق والمطاعم وأجور النقل بمبالغ منخفضة أثر سلبياً على قطاع السياحة وجعل أرباحه معدومة، وبحسب إحصاءات حكومية، فإنّ معدل إنفاق الزائر الإيراني خلال زيارته على المبيت والأكل خلال زيارة الـ40 المهمة للشيعة في العراق حتى مطلع عام 2020 التي تستمر لعدة أيام 21.4 ألف دينار، أي ما يعادل (15 دولاراً أمريكياً).

اقرأ أيضاً: السعودية تتمسك بعلاقات استراتيجية مع العراق في كافة المجالات... ما علاقة إيران؟

وأضاف الموقع أنه "تم تفويج الزوار الإيرانيين في الأعوام السابقة عبر شركة "شمسة" الإيرانية للنقل والسياحة المملوكة للحكومة الإيرانية التي فرضت عليها عقوبات أمريكية لكونها إحدى شركات الحرس الثوري الإيراني، وكانت تفرض شروطاً وأسعاراً منخفضة على الفنادق العراقية، أدت إلى مقاطعتها من قبل عدد كبير من الفنادق في مدينتي كربلاء والنجف".

 

باسم الشرع: قرار الحكومة العراقية خطوة مهمة في الحد من الفوضى التي تشهدها البلاد خلال زيارة الـ40 من قبل الزوار الإيرانيين

 

في غضون ذلك، قال الصحافي باسم الشرع: إنّ قرار الحكومة العراقية خطوة مهمة في الحد من الفوضى التي تشهدها البلاد خلال زيارة الـ40 من قبل الزوار الإيرانيين، مؤكداً أنّ الآلاف منهم كان يعبر الحدود العراقية في الأعوام الماضية بالقوة ومن دون الحصول على تأشيرات دخول.

وأضاف الشرع، بحسب "إندبندنت" عربية، أنّ القرار العراقي يمثل إعادة السيطرة على هذا القطاع الحيوي الذي تمّت إدارته من قبل شركة "شمسة" الإيرانية، والجانب الإيراني عموماً يحدد أسعار الفنادق والخدمات المقدمة بشكل أدى إلى خسائر كبيرة في قطاع الفندقة العراقي، مبيناً أنّ هيئة الحج الإيرانية فرضت شروطاً على الجانب العراقي منذ عام 2003 تتضمن السماح لها بتحديد الفنادق والأسعار للمواطنين الإيرانيين من غير العودة إلى الجانب العراقي، وهذا الأمر قلل كثيراً من أهمية السياحة الدينية.

وأوضح الشرع أنّ شركة "شمسة" كانت تمتلك قبل انتشار فيروس كورونا مقراً كبيراً في مدينة النجف فيه العشرات من الطباخين الذين يُعدون الوجبات لكثير من الزوار الإيرانيين مجاناً، ما أضر كثيراً بالمطاعم في مدن النجف وكربلاء، لافتاً إلى أنّ القرار الحكومي هو بداية مهمة لتنشيط هذا القطاع وعودته تحت السيطرة العراقية، لكي يكون أكثر فائدة لشرائح كبيرة من المجتمع في المدن الدينية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية