كيف كان أئمة الإخوان يصنعون الإرهابيين في مساجد تونس؟

كيف كان أئمة الإخوان يصنعون الإرهابيين في مساجد تونس؟

كيف كان أئمة الإخوان يصنعون الإرهابيين في مساجد تونس؟


06/11/2023

أثارت، خلال الأعوام الأولى من حكم الإخوان لتونس، هيمنة بعض الأئمة والدعاة المتشددين على منابر الخطب الدينية في المساجد التونسية أمام تراجع دور وزارة الشؤون الدينية في تسيير دور العبادة وفقدان سيطرتها على البعض منها، أثارت مخاوف من أن تتحول تلك المنابر إلى منصات دعاية للتطرف والتحريض على العنف، ومصادر لتفريخ الإرهابيين، خصوصاً أنّ بعضها ثبت تورطه في قضايا إرهابية خطيرة.

وقد كانت تكلفة تلك الهيمنة باهظة، فالآلاف من الشباب التونسيين تم تجنيدهم وإرسالهم للحرب في سوريا والعراق وليبيا في وقت سابق من أجل إقامة دولة الخلافة، وهو ما أحرج الدولة التونسية سواء داخلياً أو خارجياً.

وما يزال البلد يواجه ضغوطاً، حتى بعد سقوط الإخوان، سواء لاستعادة هؤلاء المتطرفين أو بشأن العمل على معالجة الأسباب الكامنة وراء نجاح المتطرفين في استقطاب الشباب، وهي أسباب يُعدّ عدم السيطرة على المساجد أبرزها.

ويُعدّ إخوان تونس، ممثلين في حركة النهضة، المتسبب الرئيس بذلك، خصوصاً مع ارتباط الحركة الإسلامية بجمعيات ومنظمات تقوم بتكوين الأئمة، علاوة على الحملات التي قام بها بعض الأئمة ضد خصوم الحركة تحت ذريعة الدفاع عن الدين الإسلامي، على غرار ما حدث مع مقترح الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بشأن المساواة في الميراث، حيث تجندت آنذاك المنابر الدينية لمهاجمة المقترح والتحريض على قائد السبسي واللجنة التي شكلها.

إمام المسجد أمير كتيبة إرهابية

تداعيات هذا الانفلات ما تزال متواصلة، فمؤخراً نظرت الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس في ملف كتيبة (جند المغرب) الإرهاببة التي خططت لاستهداف مقرات أمنية ومؤسسات تابعة للدولة، وقد قررت المحكمة تأجيل القضية لجلسة تشرين الأول (أكتوبر) المقبل استجابة لطلب بعض المحامين الذين التمسوا من الدائرة المزيد من التأخير للاطلاع وإعداد وسائل الدفاع.

ووفق ما ورد في اعترافات أحد عناصر الخلية التي كانت تضم (14) شخصاً أنّه التزم دينياً منذ عام 2013؛ وأصبح يؤدي فرائضه الدينية في المسجد، ببنقردان (الجنوب التونسي) رفقة صديقه، مشيراً إلى أنّه حضر في (8) مناسبات لدروس فقهية لدى إمام، وقد تقدم منه هذا الأخير في إحدى المناسبات وأخذ يحثه على السفر إلى سوريا وكيفية نصرة المقاتلين.

هيمنة بعض الأئمة والدعاة المتشددين على منابر الخطب الدينية

 كما أكد في الاعترافات، التي نقلها عنه موقع (حقائق أونلاين) التونسي، أنّه تكررت لقاءاته به في (4) مناسبات إلى أن أثر عليه واقترح الالتقاء به في منزله، فتحوّلا فعلاً إلى هناك رفقة شابين آخرين، وقد سلمه الإمام قماشاً ليتلثم به، لكي لا يتعرف عليه أيّ شخص بالمكان، وأوصاه بعدم التواصل مع أيّ شخص يجده بالمنزل.

وأكد المتهم، خلال التحقيق معه، أنّه وجد (14) شخصاً كانوا ملثمين وقد أعلمهم بمخططه، كونه يريد تكوين كتيبة سيطلق عليها اسم (جند المغرب)، ثم نصّب نفسه أميراً عليها، واقترح على من يرغب في مبايعته أن يلتحق به أمام المنزل ويقوم بذلك ثم يغادر المكان دون أن يعرف أيّ منهم من بايعه، وذلك من باب الاحتياط وعدم الكشف عن الأشخاص الذين بايعوه.

الآلاف من الشباب التونسيين تم تجنيدهم وإرسالهم للحرب في سوريا والعراق وليبيا في وقت سابق من أجل إقامة دولة الخلافة، وهو ما أحرج الدولة التونسية.

وأكد المتهم أنّ مكان الاجتماع كان يحرسه شاب ملثم ومسلح بسلاح كلاشنكوف، بحسب (حقائق أونلاين).

وبينت الأبحاث أنّ زعيم الخلية الإرهابية جلب السلاح من ليبيا وأخفاه في حفرة "بجبال مطماطة" من ولاية قابس التي لا تبعد سوى (1) كلم من منطقة الحرس الوطني. واعترف مساعد زعيم الخلية أنّ الهدف من تكوين تلك الخلية هو قلب نظام الحكم، وتطبيق الشريعة وذلك عبر ما سمّاه الجهاد المسلح" وفق تعبيره، مؤكداً أنّهم لم يمروا لمرحلة التطبيق نظراً لكون أمير الخلية لم يأمرهم بعد بذلك.

وأكد المتهم أنّه استغل التدريبات العسكرية التي تلقاها خلال أدائه للخدمة العسكرية بإحدى الثكنات وانضمّ إلى تلك الخلية، وبينت الأبحاث أنّ عناصر تلك الخلية وبعد القيام بالعمليات الإرهابيية النوعية بالتراب التونسي كانوا يخططون للفرار إلى أحد البلدان الأجنبية، بعد أن يتكفل أحد الأشخاص بتمكينهم من هويات مزورة.

وتبين وفق ملف القضية واعترافات المتهمين أنّ أمير الخلية نقلهم إلى المنطقة الجبلية (حربوب) وجبال مدنين بغاية تلقي تدريبات بدنية وعسكرية لإعداد العدة لأيّ أمر طارئ وأيضاً لقدرتهم على حمل السلاح واستعماله، وأنّهم ظلوا هناك لمدة (4) أيام وقد كان يشرف على تدريبهم إمام جامع معروف بلقب "قسوة".

كما تبين أنّ أمير الخلية متدرب على صناعة المتفجرات، وقد تمكن من صناعة عبوة ناسفة وأنّ معظم عناصر الخلية كانوا يتواصلون مع المجموعات الإرهابية بالشعانبي، وأنّهم كانوا أيضاً ينشطون في مجال تسفير المقاتلين، كما كان من بين عناصر تلك الخلية شخص كان يتواصل مع كتيبة (عقبة بن نافع)، وكان يتعامل مع عناصرها حول تهريب السلاح من ليبيا إلى تونس ثم نقلها للجبال وتسليمها للإرهابيين.

المساجد تتحول إلى مقرات للتنظيمات الإرهابية

هذا، وشهدت مساجد تونس بعد الثورة حالة انفلات غير مسبوقة، تمثلت في عزل أئمة عينتهم الدولة واستبدالهم بآخرين متشددين، أسهموا في نشر خطب دينية متطرفة، تتضمن أحياناً تحريضاً على جهاز الشرطة أو بعض مكونات المجتمع، كالصحافيين والفنانين والسياسيين اليساريين.

ولا ينسى التونسيون أنّ "فتوى قتل الشهيد شكري بلعيد خرجت من أحد مساجد تونس"، كما أسهمت مساجد عدة في تشجيع الشباب على الجهاد في سوريا وغيرها من بؤر التوتر.

وكان جامع (الغفران) في حي الانطلاقة بضواحي العاصمة مثلاً خارج سيطرة الدولة عام 2015، وهناك رُفعت راية "العقاب" وهي راية (داعش) فوق صومعته، إلى أن استُرجع في ما بعد وبات تحت سيطرة وزارة الشؤون الدينية.

إلى ذلك استمر الخطيب الإدريسي يؤمّ المُصلين في مسجد (الأمّة) على مدى أعوام، محرضاً على "الجهاد"، ويعقد "اجتماعات مشبوهة مع عناصر متطرفة"، بحسب ما ورد في وسائل إعلام محلية، قبل أن تستعيد السلطات الدينية السيطرة على المسجد، إلى أن يأتي ما ينفي ذلك.

وهو ما اعتُبر حينها خير مثال على التقاعس المشهود للحكومات المتعاقبة عن حماية عقول الشباب الأبرياء من دسِّ السُم في الدَسّم.

وقد تم خلال فترة حكم حركة النهضة، وحين كان نائب رئيسها علي العريض وزيراً للداخلية، تهريب زعيم أنصار الشريعة المحظور سيف الله بن حسين المعروف بـ (أبي عياض)، وهو من أخطر الإرهابيين في تونس، من جامع (الفتح) وسط العاصمة التونسية.

كما تم ضبط متفجرات أو عناصر إرهابية متخفية بالمساجد في عدد من المناسبات، برغم الخطة التي أطلقتها تونس لتحييد هذه المساجد واستعادة السيطرة عليها.

شهدت مساجد تونس بعد الثورة حالة انفلات غير مسبوقة، تمثلت في عزل أئمة عينتهم الدولة واستبدالهم بآخرين متشددين، أسهموا في نشر خطب دينية متطرفة

ويبلغ عدد المساجد في تونس حوالي (5) آلاف مسجد، بحسب إحصاءات رسمية صدرت عام 2017، ويشرف على تسييرها أكثر من (18) ألف مرجع ديني، من بينهم أكثر من (2400) إمام، ويتعهد بمهمة مراقبة الخطاب الديني، وخصوصاً خطب الجمعة، سلك الوعاظ الذين يبلغ عددهم (600) واعظ، موزعين في أنحاء البلاد، وكلهم تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية.

واتهمت أحزاب تونسية حركة النهضة بدعم الإرهاب أثناء فترة حكمها بعد 2011، وحث الشبان في المساجد والاجتماعات الخاصة على الانضمام للجماعات الإرهابية في سوريا، وتتورط في عملية تسفير الشباب مئات الجمعيات الدينية بتونس والمرتبطة بحركة النهضة الإخوانية، حيث تم حل العشرات منها، بعد ثبوت علاقتها بأعمال إرهابية.

مواضيع ذات صلة:

عقد من العبث والفساد... البرلمان الجديد يفتح ملفات إخوان تونس

إنذار شديد اللهجة لمن يؤجج الأوضاع... سعيد يقض مضاجع إخوان تونس




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية