كيف سيؤثر انقلاب النيجر على مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل؟

كيف سيؤثر انقلاب النيجر على مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل؟

كيف سيؤثر انقلاب النيجر على مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل؟


10/08/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

مرّ وقت منذ أن أطاحت القوّات المسلّحة في النّيجر بالرّئيس محمّد بازوم. وقد عزّز الانقلابيّون، الذين يتزعّمهم الجنرال عبد الرحمن تشياني، قبضتهم على السّلطة.

في البداية، كان الحرّس الرّئاسيّ هو مَن دعم عملية الاستيلاء، لكن الأجنحة العسكريّة الأخرى في البلاد احتشدت منذ ذلك الحين خلف الجنرال تشياني، الذي لم يُخف خلافاته مع بازوم.

وقد تباينت ردود الفعل الدّوليّة على الأحداث في نيامي، حيث تواجه الدّول الغربيّة معضلةً بشأن ما يجب القيام به حيال الأمر.

يحظى بازوم بدعم من الولايات المتّحدة وفرنسا، ولطالما نُظِرَ إليه على أنّه شريكهما الأكثر موثوقيّة في مكافحة الإرهاب في منطقة السّاحل.

لقد انتُخِبَ في عام 2021 وكان الزّعيم الدّيمقراطيّ الوحيد في منطقة أُعيد تشكيلها عن طريق الانقلابات في الأعوام الأخيرة. كما أحرزت النّيجر تقدّماً كبيراً في ساحة المعركة في عهد بازوم، حيث سجّل «المركز الأفريقيّ للدّراسات الاستراتيجيّة» انخفاضاً في عدد القتلى بسبب الإرهاب - لا سيما في المنطقة الجنوبيّة الغربيّة من تيلابيري، المتاخمة لمالي، وبوركينا فاسو، وبنين - على مدار الثّمانية عشر شهراً الماضية.

اعتمدت الولايات المتّحدة وفرنسا، أيضاً، على النّيجر في عمليّات الانتشار العسكريّة الخاصّة بهما، حيث يتمركز 1,100 جنديّ أمريكيّ و1,500 جنديّ فرنسيّ داخل البلاد.

الغرب سيخسر الكثير

من الواضح أنّ القوى الغربيّة سيكون لديها الكثير لتخسره من الأزمة الحالية. ولذلك، فليس من المفاجئ أن يقوم الاتّحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا بإدانة عمليّة الاستيلاء ووصفها بأنّها «انقلاب». وقد بدأت باريس، يوم الثّلاثاء، عمليّة إنسانيّة لإجلاء المواطنين الفرنسيّين وعلّقت مساعدات تنمويّة لحكومة النّيجر.

رؤساء أركان الدفاع من دول إيكواس يحضرون اجتماعاً في أبوجا لمناقشة الوضع في النيجر

تصف وزارة الخارجيّة الأمريكيّة حتّى الآن هذا التّطوّر بأنّه «محاولة استيلاء» - وليس انقلاباً - لأنّ هذا سيتطلّب قانونيّاً من الرّئيس جو بايدن تعليق المساعدة الاقتصاديّة والعسكريّة إلى النّيجر. ودعت واشنطن إلى الإفراج الفوريّ عن بازوم، لكنّها لم تشرح مطالبها فيما يتعلّق باستعادة المؤسّسات الدّيمقراطيّة.

بشكل عامّ، سارت القوى الغربيّة بحذر، من خلال معاقبة المجلس العسكريّ مع مقاومة أيّ حديث عن سحب قوّاتها من البلاد.

من ناحية أخرى، كانت الجهات الفاعلة الإقليميّة أكثر حزماً.

الانقلابات العسكرية دليل على أزمة عميقة في الطّريقة التي تستجيب بها الحكومات ليس فقط للأزمة الأمنيّة، ولكن أيضاً للمطالب الاجتماعيّة والاقتصاديّة للمواطنين

ندّد الاتّحاد الأفريقيّ بالانقلابيّين وأعطاهم مهلة 15 يوماً «للعودة إلى ثكناتهم واستعادة السّلطة الدّستوريّة». وذهبت «المجموعة الاقتصاديّة لدول غرب أفريقيا» - المعروفة باسم «إيكواس» - إلى أبعد من ذلك بإصدار إنذار مدّته أسبوع واحد وتعليق العلاقات التّجاريّة والماليّة مع نيامي.

والتقى القادة العسكريّون الذين يمثّلون الدّول الأعضاء في «إيكواس» هذا الأسبوع في العاصمة النّيجيريّة، أبوجا، لمناقشة جدوى التّدخّل العسكريّ في النّيجر. وبينما أشار الاجتماع إلى عزم المجموعة على الضّغط على القوّات المسلّحة في النّيجر، لم يكن هناك ما يشير إلى تفعيل ردّ عسكريّ.

قلق قادة غرب أفريقيا

يعكس عقد مثل هذا الاجتماع قلق قادة غرب أفريقيا بشأن الوضع، لا سيما بعد حصول استيلاءات عسكريّة في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا في الأعوام الأخيرة - لكن هذا الموقف المتشدّد من جانبهم قد يأتي بنتائج عكسيّة.

أوّلاً، قُوِّضت مصداقيّة «إيكواس» منذ أن تُجُوهِلَت بشكل سريع الإنذارات التي وجّهتها للحكّام العسكريّين في باماكو وواغادوغو، بعد الانقلابين اللذين وقعا في العاصمتين.

ثانياً، دول غرب أفريقيا بالكاد متّحدة بشأن قضيّة النّيجر، حيث عارضت غينيا، التي يقودها مجلس عسكريّ، البيان علناً. إن قدرة «إيكواس» على شنّ عمليّة عسكريّة على نيامي غير مؤكّدة، أيضاً. هذا ليس له علاقة بالمتطلّبات العملياتيّة - القوّات المسلّحة في النّيجر أصغر بكثير من تلك الموجودة في نيجيريا المجاورة - بقدر ارتباطه بانعدام الثّقة السّياسيّة بين الدّول الأعضاء في «إيكواس».

تنتشر إشاعات عن عمليّة بقيادة فرنسا في نيامي، والتي لن تفيد إلا القادة العسكريّين في النّيجر الذين سيستغلّون التّهديد بتدخّل أجنبيّ لزيادة الدّعم الشّعبيّ المحلّيّ لهم. وعلى الرغم من عدم وضوح قيمة الأمر، فقد تلقّوا بالفعل رسائل تضامن من مالي وبوركينا فاسو. ووصف البلدان بيان «إيكواس» بأنّه «إعلان حرب» واقترحا أنّهما قد يردّان بتقديم الدعم للمجلس العسكريّ النّيجيريّ.

في ظلّ هذه الخلفيّة، يكون مستقبل النّيجر حاسم في ثلاث نواحٍ.

النّاحية الأولى تتعلّق بالمنافسة بين الغرب وروسيا في منطقة السّاحل.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يستضيف رئيس النيجر محمد بازوم في قصر الإليزيه في باريس في يونيو

استفادت موسكو من الخلافات بين دول السّاحل والحكومة الفرنسيّة. أوقفت مالي وبوركينا فاسو التّعاون العسكريّ مع باريس وقيل إنّهما قد رحبتا بمجموعة «فاغنر» الرّوسيّة الخاصّة. وعلّق زعيم المجموعة، يفغيني بريغوجين، التّطوّرات الأخيرة في النّيجر على «مستعمريها السّابقين» - وبالتّحديد فرنسا - على الرّغم من أنّ الحكومة الرّوسيّة دعت إلى «الإفراج الفوريّ» عن بازوم.

ومع ذلك، تضيف تصريحات بريغوجين إلى التّكهّنات بأنّ النّيجر يمكن أن تتبع المسار الذي اختارته مالي وبوركينا فاسو في الإطاحة بالقوّات الغربيّة واستبدالها بـ«فاغنر».

الانقلاب ومكافحة الإرهاب

بالإضافة إلى هذه المنافسة بين روسيا والغرب، لا ينبغي لأحد أن ينسى تأثير الانقلاب على عمليّات مكافحة الإرهاب.

منذ انقلابي مالي وبوركينا فاسو، تدهور الوضع الأمنيّ في كلا البلدين، ممّا أدّى إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيّين. وهذا يتعارّض مع حجّة الانقلابيّين بأنّ الجيش أكثر كفاءة في مواجهة الإرهاب من القادة المدنيّين.

لا تبشّر الأحداث في النّيجر بالخير بالنّسبة إلى التّعاون العسكريّ الإقليميّ، أيضاً.

تنتشر إشاعات عن عمليّة بقيادة فرنسا والتي لن تفيد إلا القادة العسكريّين في النّيجر الذين سيستغلّون التّهديد بتدخّل أجنبيّ لزيادة الدّعم الشّعبيّ المحلّيّ لهم

ستهدّد الأحداث قدرة «مجموعة دول السّاحل الخمس» - وهي كيان تأسّس في 2014 ويضمّ بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنّيجر - على القيام بعمليات مشتركة ضدّ الجماعات الإرهابيّة في المنطقة. علاوة على ذلك، إذا أُجبر الشّركاء الغربيّون، مثل الولايات المتّحدة وفرنسا، على سحب قوّاتهم، فسيحفّز ذلك مجموعات مثل «داعش» و«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» لشنّ المزيد من الهجمات.

أخيراً، يُعدُّ انقلاب النّيجر أحد أعراض تآكل سيادة القانون في غرب أفريقيا. إنّ تواتر عمليّات الاستيلاء العسكريّ في المنطقة على مدى العقد الماضي دليل على أزمة عميقة في الطّريقة التي تستجيب بها الحكومات ليس فقط للأزمة الأمنيّة، ولكن أيضاً للمطالب الاجتماعيّة والاقتصاديّة للمواطنين.

إنّ سقوط بازوم هو أحدث حلقة في الأزمة المدنيّة العسكريّة الأوسع التي تتكشّف في المنطقة، لكن هذه قد لا تكون الحلقة الأخيرة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

جان لوب سمعان، ذي ناشونال، 4 آب (أغسطس) 2023




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية