كيف تعاطى إسلاميو الجزائر مع قتل "نائل" وحرق المصحف؟

كيف تعاطى إسلاميو الجزائر مع قتل "نائل" وحرق المصحف؟

كيف تعاطى إسلاميو الجزائر مع قتل "نائل" وحرق المصحف؟


03/07/2023

شنّت مختلف الأحزاب الإسلامية في الجزائر هجمات متزامنة على السلطات السويدية والفرنسية، رداً على حرق المصحف الشريف في السويد، وقتل شاب ذي أصول جزائرية في ضواحي باريس، وإليكم التفاصيل.

 انتقد عبد الرزاق مقري أحد كبار رموز حركة مجتمع السلم (أكبر واجهة محلية للإخوان)، اهتمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ "الاحتجاجات" أكثر من اهتمامه بخلفيات وأبعاد مقتل الشاب نائل، بينما كان "مطالباً بالاستجابة لمطالب المتظاهرين وإقالة وزير داخليته جيرالد دارمانان".

وفي منشور على حسابه الرسمي في منصة (فيسبوك)، ذهب القائد السابق لحركة (السلم) إلى أنّه كان "يتعين على ماكرون أن يتطرق إلى أسباب الشحن لدى الشباب الثائر بسبب الظلم والعنصرية والتمييز في التمتع بالحقوق والأوضاع المزرية التي يعيشها الشباب من أصول مغاربية وأفريقية، هؤلاء الثائرون ضحايا شرخ اجتماعي عميق في فرنسا، وقد وصل بهم الحال أنّهم باتوا يشعرون بأنّه لا شيء يحميهم في فرنسا سوى تضامنهم عند وقوع الظلم عليهم".

ورأى مقري (62 عاماً) أنّ "سهولة إطلاق الشرطي الفرنسي النار على الشاب نائل ذي الأصول الجزائرية وقتله، أساسه مشاعر العنصرية والكراهية السائدة لدى السلطات والإدارة والمؤسسات الأمنية والشرطية في فرنسا، وشعور رجال الشرطة بالأمان جرّاء تصرفاتهم العنيفة المتكررة ضد السكان من أصول أفريقية ومغاربية".

واستغرب النائب السابق في البرلمان الجزائري "تكرار الرئيس الفرنسي النداء إلى العائلات للتحكم في أبنائها، في الوقت الذي يُشرّع نوابه في البرلمان الفرنسي لكي يُفلت الأبناء من تربية أولياء أمورهم، بل تجريم نصيحتهم وهم أطفال صغار، وفق معتقداتهم، بخصوص الجوانب الأخلاقية والاختيارات الصادمة للفطرة".

 ممارسة السياسة على أصولها

ربط مقري مقتل (نائل) بالتعاطي الرسمي مع المحتلّ القديم، ولاحظ: "كلما أهاننا مسؤول فرنسي، نبدأ بالشجب والتنديد لنثبت وطنيتنا، ولكن لا نفعل ما يجب فعله وطنياً لنجعل بلدنا نداً لفرنسا تهابه وتحذره وتجده أمامها في ساحات العلم والتكنولوجيا والقوة الاقتصادية، والرفاه والرقي الاجتماعي، كما فعلت دول كانت أضعف منّا ذلك، فيفرض الإنسان الجزائري الحر الكريم إرادته بقوة بلده لا بالتصريحات فقط".

عبد الرزاق مقري أحد كبار رموز حركة مجتمع السلم (أكبر واجهة محلية للإخوان)

وفي هجوم على أداء الدبلوماسية الجزائرية، لفت مقري إلى أنّ "التصريحات لا تعبّر عن مضمون فعلي، إذ بعد كل شتيمة يعود مسؤولونا للبحث عن كيفية إعادة ترميم العلاقات مع فرنسا، ولو كانت إهانة واحدة أو (2) أو (10) أو(20)، لقلنا إنّما هي تصريحات معزولة، لكن أن يكون الأمر منهجاً ثابتاً متبعاً يصبح التنديد مجرد تدليس، بل أحياناً النظام السياسي ذاته لا يندد، ويترك المهمة لإعلامه وشخصياته وجمعياته ومن يواليه من أحزابه، لعلمه بأنّ هذه الكيانات ستتنافس بين يديه بإصدار بيانات لغة الخشب حتى تثبت له وطنيتها، وهي كلها لا تدري، أو تدري وتخفي ذلك خوفاً وطمعاً، بأنّ مشكلتنا في هذا النظام السياسي الذي يديم تخلفنا ويبدد مقدراتنا عقوداً من الزمن"، على حدّ تعبيره.

وانتهى مقري الذي يحضّره الإخوان لرئاسيات 2024 إلى القول: "يكفي أن نمارس السياسة على أصولها لتفهم فرنسا مجدّداً مقطع نشيدنا الوطني المعتدى عليه:

يا فرنسا قد مضى وقت العتاب ** وطويناه كما يطوى الكتاب

يا فرنسا إنّ ذا يوم الحساب  **  فاستعدي وخذي منّا الجواب".

 تغذية الكراهية ومطلب تحقيق العدالة

ندّدت حركة النهضة (رابع فصيل إخواني) بهذا التصرف ''العنصري المتطرف'' الذي طال الشاب المغدور (نائل)، مطالبةً بـ "فتح تحقيق مستقل لكشف ملابسات هذا الفعل الشنيع".

بدورها، طالبت حركة البناء الوطني الجزائرية (ثالث فصيل إخواني من حيث الانتشار)، بـ "إجراء تحقيق كامل ونزيه لتسليط الضوء على ملابسات هذا الاعتداء وضمان تحقيق العدالة الكاملة بخصوصه"، وحمّلت سلطات ماكرون "المسؤولية الكاملة لما وقع في ضاحية (نانتير) وموجة الاحتجاجات الدامية التي ما تزال تهزّ فرنسا. 

واستهجنت (البناء) "الحادث المروع لإطلاق النار على شاب من أصول جزائرية من قبل شرطي فرنسي في تدخل "غريب ومثير للجدل" أدى إلى مقتل الضحية في "فاجعة جديدة تضاف إلى المآسي والمعاناة التي تتعرض لها".

وعبّر الحزب الذي يترأسه الوزير السابق للسياحة عبد القادر بن قرينة عن "القلق الكبير من تداعيات هذه الحوادث مستقبلاً"، ودعت إلى "توفير حماية أفضل لجاليتنا، مع اتخاذ المزيد من التدابير التي تحول دون ارتكاب تجاوزات بحقوقها واحترام مقدساتها".

وعلى نقيض موقف عبد الرزاق مقري، ثمّنت (البناء) موقف الخارجية الجزائرية تجاه هذا الاعتداء السافر، علماً أنّ الحكومة الجزائرية أظهرت "صدمتها واستياءها" إثر مقتل (نائل) بشكل وحشي ومأساوي، والظروف المثيرة للقلق بشكل لافت التي أحاطت بالحادثة.

عبّر الحزب الذي يترأسه الوزير السابق للسياحة عبد القادر بن قرينة عن "القلق الكبير من تداعيات هذه الحوادث مستقبلاً"

في غضون ذلك، صنّفت (البناء) حادثة الاعتداء على المصحف الشريف بالسويد في خانة "حرص بعض المتطرفين على تعكير أجواء عيد المسلمين بحوادث تنمُّ عن تنامي خطاب الكراهية في بعض الدول الغربية تجاه الأمة الإسلامية وتجاه المحافظين على القيم في كل الأديان السماوية".

وقالت التشكيلة الإخوانية: "إنّه أمر يؤكد تجاوز حدود احترام القيم تحت مزاعم حرية التعبير، ويؤكد بما لا يترك مجالاً للشك أنّ مثل هذه التصرفات ستؤدي حتماً إلى تغذية الكراهية والتطرف وتفرض التصادم بين الحضارات والثقافات والأديان".

وبجانب استغرابها "السكوت المريب للمنظمات التي تدَّعي الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية المعتقد والتعبير"، انتقدت (البناء) "التعامل بازدواجية الموازين بين بني البشر، والتواطؤ"، داعيةً إلى إطلاق مبادرة للتنسيق مع دول منظمة التعاون الإسلامي تتضمن "اتخاذ خطوات عملية تجاه هذا المدّ المتطرف، وإعادة النظر في العلاقات مع الدول التي تشجع وتبالغ في الاعتداء على مقدسات المسلمين".

خلق "ضغط إيجابي"

تفاعل ناشطو منصة التواصل (فيسبوك) بحذر مع تعامل الإسلاميين إزاء ما حدث في فرنسا والسويد، وغرّد الناشط إسماعيل حاج قويدر: "من المهمّ الاستثمار في هكذا مواقف سياسية متزنة لخلق حالة ضغط إيجابي تخدم جاليتنا والمقدسات"، بينما اعترض محمد شراحي، قائلاً: "التنديد فارغ لا يسمن ولا يغني من جوع، الضغط ضروري عبر قطع العلاقات السياسية والاقتصادية".

وقال محمد لطفي: "يا ليت الجالية تنظّم نفسها وتستغل إمكاناتها في التأثير الفاعل على القرار الغربي وتدافع عن حقوقها بأنجع الطرق".

وسجّل محمد بوقرة: "الجالية ملّت من البيانات... البعض حصرها في ثمن التذاكر، واعتبروها مجرد أصوات انتخابية دون الاهتمام بمشاكلها، أين المسؤولون ممّا يعانيه أفراد الجالية؟"، وقال كريم غمود: "يوجد دين واحد، فلا داعي للتطبيل".

تفاعل ناشطو منصة التواصل (فيسبوك) بحذر مع تعامل الإسلاميين إزاء ما حدث في فرنسا والسويد

وقدّر فريد أمير: "للأسف حكوماتنا هي سبب النظرة الدونية لأبنائنا في أوروبا، لماذا لم تحتج السلطات الجزائرية على مقتل نائل ذي الأصول الجزائرية؟"، وركّز تيسير رافد على أنّه: "لا يمكن أن نحكم على ما حدث دون أن نعرف حيثيات وخلفيات الحادث، ثمّ إنّ ماكرون ذهب إلى موقع الحادث ووعد بتحقيق جدّي في الجريمة، وهذا قلما يحدث عندنا، كما أنّ توبيخ المواطنين للشرطة علناً يؤكد حجم حرية التعبير التي نفتقدها للأسف"، مضيفاً: "تسييس كل الأحداث صفة متجذرة لدى أنظمة العالم الثالث (كم من شخص اغتيل وفُقد في عالم الشمولية دون حسيب أو رقيب"؟

مواضيع ذات صلة:

متى سيتوقفون عن حرق المصحف؟

عنصرية الشرطة تفجر ربيعاً غاضباً في فرنسا




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية