عنصرية الشرطة تفجر ربيعاً غاضباً في فرنسا

عنصرية الشرطة تفجر ربيعاً غاضباً في فرنسا

عنصرية الشرطة تفجر ربيعاً غاضباً في فرنسا


03/07/2023

تهتز فرنسا على وقع موجة من الاحتجاجات العنيفة، على إثر إطلاق الشرطة النار على شاب من أصول جزائرية، يبلغ من العمر (17) عاماً، في ضاحية نانتير بباريس، يوم الثلاثاء الماضي، ممّا أدى إلى فرض حظر على المظاهرات في بعض المدن، وانتشار الشرطة بصورة مكثفة.

مقاطع فيديو عديدة أظهرت مشاهد لأشخاص يشعلون النيران في المركبات، ويتسلقون المباني ذات النوافذ المحطمة، كما أظهرت تعامل شرطة مكافحة الشغب بعنف شديد مع المتظاهرين. وعلى الرغم من الوجود الأمني المكثف، وقعت أعمال نهب واسعة ليلة الجمعة الماضية، في مدن ليون ومرسيليا وجرينوبل، حين قامت مجموعات من المقنعين بنهب المتاجر، كما أشعل المتظاهرون النار في السيارات وصناديق القمامة.

استنفار أمني استثنائي

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين كشف في وقت مبكر من صباح السبت عن اعتقال المئات على مستوى البلاد، وخاصة في جيوب التوتر في مرسيليا وليون.

دارمانين أعلن عن تعبئة استثنائية للشرطة وعناصر الدرك لمواجهة أعمال الشغب، كما تمّ وضع العشرات من سيارات الشرطة بالقرب من مدخل منطقة فيو بونت في نانتير التي كانت مركز الاضطرابات.

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين

بدوره، عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعاً طارئاً مع وزراء حكومته، في محاولة منه لامتصاص الصدمة، وتوحيد البلاد مرة أخرى، وسط صعوبات تواجه فترة ولايته الثانية.

ووفقاً للتحقيقات، قال باسكال براش، المدعي العام في نانتير: إنّ الضابط الذي قتل الصبي نايل زعم أنّه أطلق النار لأنّه كان خائفاً من أن يقوم الصبي بدهس شخص بسيارته. وأكد براش، بحسب (سي إن إن)، أنّه يعتقد أنّ الضابط استخدم سلاحه بشكل غير قانوني، وأنّه يواجه حالياً تحقيقاً رسمياً في جريمة قتل عمد، وأنّه تمّ وضعه رهن الاعتقال التمهيدي.

اشتباكات مريعة في مرسيليا

مدينة مرسيليا الساحلية الجنوبية أصبحت مسرحاً للاشتباكات وأعمال النهب، من الوسط والشمال، وبالتحديد في أحياء الطبقة العاملة المهملة والمهمشة منذ فترة طويلة، والتي زارها الرئيس إيمانويل ماكرون في بداية الأسبوع.

شرطة مرسيليا قالت إنّها أوقفت (88) شخصاً خلال الليل الفائت، كان معظمهم ملثمين، ووجهت إليهم اتهامات بالنهب أو محاولة ذلك، كما شب حريق كبير، مرتبط بأعمال الشغب، في سوبر ماركت، بحسب مصدر بالشرطة تحدث لـ (فرانس 24).

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين كشف في وقت مبكر من صباح السبت عن اعتقال المئات على مستوى البلاد، وخاصة في جيوب التوتر في مرسيليا وليون

عمدة المدينة بنوا بايان قال على صفحته الرسمية على موقع (تويتر): إنّ "مشاهد النهب وأعمال الشغب في مرسيليا غير مقبولة"، داعياً الدولة إلى إرسال قوات إضافية لتطبيق القانون. وبعد ذلك بوقت قصير أعلن وزير الداخلية عبر (تويتر) عن إرسال تعزيزات كبيرة إلى مرسيليا.

ووقعت أعمال نهب واشتباكات عنيفة بين متظاهرين مقنعين وعناصر الشرطة في أجزاء من غرونوبل، وسانت إتيان، وليون، بينما كانت الأمور أكثر هدوءاً في المنطقة الغربية، وبالتحديد في أنجير وتور، حيث لم يكن هناك سوى مجموعات قليلة تواجه الشرطة.

الشرطة تواجه بقبضة حديدية

سرعان ما انتشرت أحداث العنف في جميع أنحاء فرنسا وكل أقاليمها في الداخل والخارج، وبدورها حشدت الحكومة أكثر من (45) ألف شرطي للقيام بدوريات في جميع المدن. ومنذ يوم الثلاثاء تمّ اعتقال أكثر من (2000) شخص، وأصيب أكثر من (500) من ضباط الشرطة وعناصر الدرك، وفقاً للأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية.

في باريس وحدها تمّ نشر (5) آلاف من عناصر الأمن، وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانين: إنّ الضباط مُنحوا سلطات واسعة لقمع أعمال الشغب والقيام باعتقالات من أجل إعادة النظام الجمهوري.

الاحتجاجات العنيفة الجارية ربما تؤدي إلى إحباط خطة الـ (100) يوم، التي أعلنها ماكرون لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد

كما شهدت الأراضي الفرنسية في الخارج احتجاجات عنيفة، حيث قتل رجل برصاصة طائشة في كايين، عاصمة غيانا الفرنسية، خلال أعمال شغب جرت يوم الخميس الفائت، كما اعتقلت الشرطة ما لا يقلّ عن (28) شخصاً في أعمال شغب في ريونيون، وهي منطقة فرنسية في المحيط الهندي، وفقاً للسلطات هناك.

إحباط خطط ماكرون

الاحتجاجات العنيفة الجارية ربما تؤدي إلى إحباط خطة الـ (100) يوم، التي أعلنها ماكرون لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد. ماكرون الذي حضر حفلاً موسيقياً لإلتون جون يوم الأربعاء الفائت، بينما السيارات والمباني تحترق في جميع أنحاء البلاد، بات يواجه انتقادات حادة لسوء إدارته للأزمة العنيفة التي تمر بها البلاد. ممّا دفعه إلى قطع مشاركته في قمة المجلس الأوروبي في بروكسل، حيث أعلن ما يشبه حالة الطوارئ في البلاد، بمنع الاحتفالات والتجمعات الكبيرة، كما حث الآباء على إبقاء أبنائهم في المنزل، قائلاً إنّ العديد من المعتقلين كانوا صغاراً. ودعا ماكرون منصات التواصل الاجتماعي إلى المساعدة على إخماد المظاهرات، وطالب (TikTok) و(Snapchat) بسحب المحتوى الأكثر حساسية، وحظر المستخدمين الذين يدعون إلى الفوضى.

مقاطع فيديو عديدة أظهرت مشاهد لأشخاص يشعلون النيران في المركبات، ويتسلقون المباني ذات النوافذ المحطمة

وتعمل الحكومة الفرنسية على تجنب تكرار ما حدث في العام 2005، عندما أدت وفاة مراهقين مختبئين من الشرطة إلى فرض حالة الطوارئ في البلاد، وسط أعمال شغب استمرت (3) أسابيع.

الأمم المتحدة تنتقد والداخلية الفرنسية تستنكر

وزارة الداخلية الفرنسية أعلنت إغلاق وسائل النقل العام، بما في ذلك الحافلات والترام، في جميع أنحاء البلاد بحلول الساعة التاسعة مساءً، وفُرض حظر تجوال محدود في كلامارت، ونيويي سور مارن، بينما تعطلت بعض خدمات الحافلات في باريس، وفي مدينة مرسيليا تقرر أن تتوقف وسائل النقل العام عن العمل الساعة (7) مساءً.

من جهتها، دعت الأمم المتحدة فرنسا إلى معالجة "القضايا العميقة للعنصرية والتمييز في إنفاذ القانون" في أول تعليقات للوكالة منذ جريمة القتل، ففي بيان صدر يوم الجمعة الماضية حثّ المتحدث باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان السلطات الفرنسية على "ضمان أنّ استخدام القوة من قبل الشرطة للتصدي للعناصر العنيفة في المظاهرات يأتي في إطار احترام مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب، والحيطة والمسؤولية، وعدم التمييز."

تعمل الحكومة الفرنسية على تجنب تكرار ما حدث في العام 2005

وزارة الخارجية الفرنسية استنكرت في وقت لاحق تصريحات الأمم المتحدة قائلة: "إنّ فرنسا وقوات الشرطة التابعة لها تكافح بإصرار ضدّ العنصرية وجميع أشكال التمييز، ولا يمكن أن يكون هناك شك حول هذا الالتزام". وزعمت الوزارة أنّ "استخدام القوة من قبل الشرطة الوطنية وعناصر الدرك يخضع لمبادئ الضرورة المطلقة والتناسب، في إطار من المراقبة الصارمة".

من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيراً أمنياً في 29 حزيران (يونيو) يغطي فرنسا. كما أصدرت بريطانيا تحذيراً من السفر إلى فرنسا، تحث فيه السائحين على تجنب المناطق التي تشهد أعمال شغب. كما نصحت السلطات الألمانية مواطنيها "بالتعرف على الوضع الحالي في فرنسا، وتجنب الأماكن التي تشهد أعمال شغب عنيفة.

مواضيع ذات صلة:

فرنسا تحظر الحجاب في كرة القدم النسائية... لماذا؟

فرنسا تحاكم جماعة يمينية متطرفة خطيرة.. هذه كانت أهدافها




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية