كيف تدير "الهياكل الوهمية" صراع الكبار داخل جماعة الإخوان؟

كيف تدير "الهياكل الوهمية" صراع الكبار داخل جماعة الإخوان؟

كيف تدير "الهياكل الوهمية" صراع الكبار داخل جماعة الإخوان؟


30/01/2023

في محاولة من جانب الجبهتين المتناحرتين لحسم صراع السلطة والنفوذ داخل تنظيم الإخوان، المدرج على قوائم الإرهاب، لجأت قيادات التنظيم للإعلان عن عدد من الهياكل التنظيمية البديلة للهياكل القديمة مثل مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام، آخرها ما أعلن عنه محمود حسين قائد جبهة إسطنبول فيما عُرف باسم "الهيئة الاستشارية"، ويؤكد مراقبون أنّ معظم الهيئات واللجان المُعلن عنها حديثاً ليست سوى هياكل "وهمية" تستهدف تقديم مسوّغ شرعي لكل طرف من أجل السيطرة على المناصب التنفيذية داخل الجماعة.

وكان محمود حسين، الذي أعلن نفسه قائماً بأعمال المرشد العام، عقب وفاة إبراهيم منير في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قد أعلن قبل أسابيع خلال حوار تلفزيوني تشكيل الهيئة الاستشارية، أو المجلس الاستشاري للإخوان، فيما وصفه مراقبون آنذاك بأنّه محاولة جديدة من جبهة إسطنبول لفرض سيطرتها على التنظيم، وإقرار واقع جديد يثبت حسين في منصبه الجديد.

وحتى الآن، لم يعلن محمود حسين أو جبهة إسطنبول بوجه عام عن أيّ تفاصيل تتعلق بطبيعة عمل الهيئة، التي كان من المفترض أن تتولى مهامّ عمل مكتب الإرشاد التقليدية، كذلك لم يتناول أيّ بيان توضيح طبيعة الدور الذي ستقوم به، وتتفاوت التقديرات بشأنها؛ فالبعض يرى أنّها مجرد كيان وهمي القصد منه حصد شرعية مزيفة لحسين، فيما يعتبرها آخرون أداة جديدة لتعزيز فرص حسم الصراع لصالح حسين ومجموعته.

صراع الهياكل الوهمية؟

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب منير أديب، في تصريح لـ"حفريات": إنّ الجبهات المتناحرة داخل تنظيم الإخوان قد لجأت في الفترة الماضية إلى تدشين مجموعة من الهياكل التنظيمية، بعضها وهمي وغير موجود أصلاً، بهدف تعزيز قدرتها على حسم الصراع التنظيمي لصالحها، منها على سبيل المثال الهيئة الإدارية العليا التي أعلنت عنها جبهة لندن في وقت سابق، وقيل إنّها ستتولى مهامّ عمل مكتب الإرشاد، وأيضاً الهيئة الاستشارية التي أعلن عنها محمود حسين مؤخراً.

منير أديب: الصراع المحتدم بين الجبهتين، خاصة عقب وفاة إبراهيم منير، دفع قيادات التنظيم لمحاولة البحث عن شرعية مزعومة

ويشير أديب إلى أنّ الصراع المحتدم بين الجبهتين، خاصة عقب وفاة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير، قد دفع قيادات التنظيم لمحاولة البحث عن شرعية مزعومة، وقد رأى قيادات الإخوان أنّ تلك الهياكل البديلة المستحدثة ستساعد في تسريع الأمر، خاصة أنّ مكتب الإرشاد غير موجود تقريباً، وكذلك مجلس الشورى العام.

وحول الهيئة الاستشارية التي أعلن عنها حسين مؤخراً يقول أديب: إنّها لم تتشكل حتى الآن، ولم يتم الإعلان عن القيادات التي ستشكل اللجنة، لكن في حال تشكيلها بالتأكيد سيختار حسين مجموعة من المعاونين المقربين منه، ليس فقط من قيادات جبهته، لأنّ الهدف الرئيسي من تشكيلها هو المعاونة في إدارة شؤون التنظيم، إضافة إلى مساعدة حسين على حسم الصراع الراهن مع مجموعة لندن.

لماذا لم تعلن جبهة إسطنبول أسماء قيادات الهيئة؟

إضافة إلى الهيئة الاستشارية، المشكوك في صحة تشكيلها حتى الآن، يدّعي محمود حسين وجود مجلس شورى عام للإخوان؛ بعضه معلوم والبعض الآخر غير معلوم، يجتمع بين الحين والآخر لمناقشة القرارات المهمّة داخل التنظيم، إلّا أنّ الباحث المصري منير أديب يرى أنّ الأمر كله لا يتجاوز نطاق الدعاية من جانب حسين، وأنّ مجلس الشورى لم يجتمع ولم يصدر أيّ قرارات خلال الفترة الماضية.

منير أديب: الجبهات المتناحرة داخل تنظيم الإخوان لجأت في الفترة الماضية إلى تدشين مجموعة من الهياكل التنظيمية، بعضها وهمي وغير موجود أصلاً؛ بهدف تعزيز قدرتها على حسم الصراع التنظيمي لصالحها

ويبرر محمود حسين دائماً مسألة عدم الإعلان عن أسماء قيادات الهياكل المستحدثة بحمايتها من الملاحقة الأمنية، وهذا المبرر غير مقنع، بنظر أديب؛ لأنّ معظم قيادات التنظيم في المناصب التنفيذية متواجدون بالخارج، وعدم الإعلان عن التشكيل يعزز فكرة عدم المصداقية بخصوص تلك الكيانات.

وإجمالاً؛ يرى أديب أنّ أغلب اللجان والهيئات المعلن عنها مؤخراً من جانب جبهتي لندن وإسطنبول ليست سوى محاولة جديدة لتعزيز أدوات حسم الصراع المحتدم منذ أعوام داخل التنظيم، ولا يمكن التعويل عليها في لعب دور حقيقي في التنظيم المنهار.

استقطاب الأعضاء... حيلة أخرى لحسم الصراع

من جهته، يرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان أنّ إعلان محمود حسين تشكيل الهيئة الاستشارية، يُعتبر جزءاً من الصراع الراهن داخل التنظيم، حيث يحاول قائد جبهة إسطنبول احتواء الخلافات عن طريق استقطاب أكبر عدد من القيادات، وهو يجيد توظيف المناصب الإدارية داخل جماعة الإخوان، ويسعى لجذب الأنصار بهدف تعزيز موقفه بمواجهة جبهة لندن.

ويقول سلطان في تصريح لـ "حفريات": إنّ حسين قد ذكر أنّ تلك الهيئة ستشمل قيادات شبابية وعناصر جديدة سوف تسهم في إدارة شؤون التنظيم؛ بهدف استقطاب أكبر عدد من الفئات المناهضة لحسين للتوافق حول مسألة توليه منصب القائم بأعمال المرشد العام.

وبحسب معلومات سلطان، بدأ محمود حسين بالفعل التواصل مع عدد من قيادات الشباب داخل التنظيم، ونجح في استمالة عدد كبير منهم، وبعضهم كان في جبهة لندن، ويذكر سلطان، على سبيل المثال، أحمد عاطف مسؤول لجنة الشباب داخل جبهة إسطنبول الذي كان أحد قيادات جبهة لندن.

وحول أسباب تأخر الإعلان عن تشكيل الهيئة الجديدة، يقول سلطان: إنّ هناك الكثير من الترتيبات تجري في الوقت الراهن، بالتواصل مع قيادات، والحرص من جانب حسين على اختيار قيادات تدين له بالولاء، إلى جانب تجهيز بعض الملفات الأخرى.

تبييض وجه محمود حسين

سبب آخر لتشكيل الهيئة الاستشارية، بحسب سلطان، يرتبط برغبة حسين في تبييض وجهه أمام شباب التنظيم، وكسر الصورة النمطية عنه باعتباره قائداً للشيوخ، وعدواً للشباب، لذلك ركز حسين خلال حواراته الأخيرة على استمالة الشباب، وبالفعل اتخذ خطوات تنفيذية لتمكينهم في عدة مناصب داخل الجماعة، وهو أمر جديد على الإخوان.

أحمد سلطان: الهيئة ستشمل، وفق محمود حسين، قيادات شبابية وعناصر جديدة ستسهم في إدارة شؤون التنظيم، بهدف استقطاب أكبر عدد من الفئات المناهضة لحسين للتوافق حول مسألة توليه منصب القائم بأعمال المرشد العام

ويتوقع سلطان أن تشهد الفترة المقبلة الإعلان عن عدد من العناصر داخل الهيئة الاستشارية الجديدة، لكن ليس من السهل أن يكشف محمود حسين، وهو أحد صقور الإخوان، عن مساعديه بشكل سهل، لكن بالتأكيد سيكون هناك إعلان عن بعض الأسماء لإثبات التشكيل الخاص بالهيئة، ومن المرجح أن تكون معظمها من القيادات الموالية لجبهة إسطنبول.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية