تُظهر الأبحاث أنّ هناك علاقة مباشرة بين الذكاء وإتقان لغة ثانية، وبين مهارات الذاكرة وزيادة التحصيل العلمي، كما أنّ ذلك يؤدي بشكل طبيعي إلى تطور وظائفنا التنفيذية.
كما اتفق الخبراء على أنه من الممكن تعلم لغة جديدة من خلال الالتزام بالتعلم لمدة ساعة واحدة يومياً. ليس هذا فحسب، بل يمكن للمهارات التي تُكتسب من ممارسة لغة جديدة أن تمنح المرء إحساساً بالتفوق الكبير في مكان العمل.
اقرأ أيضاً: اللغة وكيفية الإفادة من الحُزم الرّمزية
واعتماداً على لغتك الأصلية واللغة التي تتعلمها، يمكنك تكوين مجموعة من الفوائد الإدراكية والمعرفية، وكلما كانت اللغة الجديدة بعيدة عن لغتلك الأصلية، كانت أصعب في التعلم، لكن التركيز على تطبيق محدد يمكن أن يختصر الوقت اللازم للتعلم بشكل كبير.
اللغات الأصعب
يقسّم المعهد الأمريكي للخدمات الخارجية اللغات إلى أربع مجموعات من حيث صعوبة التعلم، لمتحدثي اللغة الإنجليزية الأصليين.
تشمل المجموعة الأولى كلاً من: الفرنسية والإسبانية والألمانية والرومانية والإيطالية والبرتغالية والسواحلية، وهي الأسهل مقارنة بباقي المجموعات.
تُظهر الأبحاث أن هناك علاقة مباشرة بين الذكاء وإتقان لغة ثانية وبين مهارات الذاكرة وزيادة التحصيل العلمي
وحسب دراسة أجراها المعهد، يتطلب الوصول إلى مستوى أساسي من إتقان لغة من اللغات السابقة نحو 480 ساعة من الممارسة والتدريب.
ويزداد الأمر صعوبة كلما انتقلنا إلى الأسفل في القائمة، إذ يستغرق الأمر 720 ساعة لإتقان لغة من لغات المجموعة الثانية، والتي تشمل: البلغارية والبورمية واليونانية والهندية والفارسية والأوردية.
وتضم المجموعة الثالثة كلاً من: الأمهرية والكمبودية والتشيكية والفنلندية والعبرية.
أما المجموعة الرابعة فتضم أكثر اللغات صعوبة للناطقين باللغة الإنجليزية وهي: العربية والصينية واليابانية والكورية.
اقرأ أيضاً: اللغة الإنجليزية في خطر.. هذا هو السبب
وتُعرّف الأستاذة في قسم علم الأعصاب بجامعة بيتسبيرغ، جولي فييز، الوظائف التنفيذية بأنها "القدرة عالية المستوى على الاستفادة من المعلومات واستخدامها بطريقة مرنة، والاحتفاظ بها في الذاكرة والتخلص من معلومات أخرى لا لزوم لها.
ويطلق عليها اسم الوظائف التنفيذية لأنه يُنظر إليها على أنها مهارات يجب أن تتوفر في المدير التنفيذي، الذي يتولى إدارة مجموعة من الناس ويتعامل مع كثير من المعلومات ويقوم بمهمات متعددة ويحدد الأولويات وفقاً لأهميتها".
عند البدء في تعلم لغة جديدة فإن التحدي الأكبر الذي كان قد يواجهك يكمن في تجنب الخلط بين المفردات
ومن جانبها تقول محللة معلومات من تريفيزو بإيطاليا، ليزا مينيغيتي، والتي تتقن التحدث بالإنجليزية والفرنسية والسويدية والإسبانية والروسية والإيطالية، إنه "عند البدء في تعلم لغة جديدة، وخاصة إذا كانت لغة أقل صعوبة وتتطلب قدرات إدراكية أقل، فإن التحدي الأكبر الذي كان يواجهها يكمن في تجنب الخلط بين المفردات".
وتضيف: "من الطبيعي بالنسبة للمخ أن ينتقل لاستخدام المصطلحات المختصرة، ويحدث ذلك في كثير من الأحيان وبسهولة أكبر مع اللغات التي تنتمي إلى نفس العائلة، لأن التشابه فيما بينها يكون كبيراً."
وتشير أستاذة اللغات الأجنبية بجامعة أوتاوا، بيفرلي بيكر، إلى أنه يمكن التغلب على هذه المشكلة بكل بساطة عن طريق تعلم لغة ذات عدد قليل من المفردات المتشابهة مع اللغة التي تعرفها سلفاً.
التعلم لمدة ساعة
يمكن تعلم أساسيات أي لغة في وقت قصير، وهناك برامج مثل "دولينغو" و"روسيتا ستون" يمكنها أن تساعدك في التغلب على بعض التحديات ومعرفة بعض العبارات البسيطة بسرعة كبيرة
اقرأ أيضاً: نحو منهاج يُخرج تعليم اللغة العربية من جمود التقليد
لكن يتعين عليك أن تخطط لكيفية استخدام هذه اللغة في المستقبل، وبإمكانك أن تضع جدولاً زمنياً لقضاء ساعة كل يوم في التدريب على استخدام تلك اللغة بطرق مختلفة.
وتختلف آراء الخبراء اللغويين فيما يتعلق بكيفية قضاء هذا الوقت، لكنهم أجمعوا على نصيحة بعينها، وهي ضرورة تخصيص نصف ساعة على الأقل تبتعد فيها عن الكتب ومقاطع الفيديو لكي تتحدث وجهاً لوجه مع متحدث أصلي للغة الأجنبية التي تتعلمها.
يطلق على مهارات الوظائف التنفيذية لأنه يُنظر إليها على أنه يجب أن تتوفر في المدير التنفيذي
وحسب المعهد الأمريكي للخدمات الخارجية، يستغرق الأمر 96 أسبوعاً، أي نحو عامين، على هذا النسق لإتقان لغة من لغات المجموعة الأولى.
تقول مينيغيتي: "يمكن أن يُلبي تعلم لغة ثانية حاجة سريعة لديك، لكنه يساعدك أيضاً على أن تكون شخصاً أكثر فهماً وتعاطفا مع الآخرين عن طريق فتح المجال أمام طرق جديدة من التفكير والإحساس. فالأمر يتعلق بكل من معدل الذكاء ومعدل الذكاء العاطفي معاً".