كيف تتعاطى التنظيمات الإرهابية مع التصعيد بين إسرائيل وإيران؟ دراسة تجيب

كيف تتعاطى التنظيمات الإرهابية مع التصعيد بين إسرائيل وإيران؟ دراسة تجيب

كيف تتعاطى التنظيمات الإرهابية مع التصعيد بين إسرائيل وإيران؟ دراسة تجيب


24/04/2024

 

تنذر التوترات العسكرية المتصاعدة مؤخراً بين إسرائيل وإيران بمزيد من التداعيات الخطرة على منطقة الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بخارطة الإرهاب ونشاطه المرتقب في ضوء التصعيد المحتمل بين الجبهتين، فهل تنتظر المنطقة موجات جديدة من الإرهاب في ضوء التطورات الأخيرة؟ وما قوتها وحدود تأثيرها؟ 

 

في السياق تناولت دراسة حديثة صادرة عن مركز (رع) للدراسات الاستراتيجية، للباحثة أسماء دياب تحت عنوان: "موقف التنظيمات الإرهابية من المواجهات الإيرانية-الإسرائيلية"، تناولت حدود التوظيف الإيراني للأذرع المسلحة، وتعاطي التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط مع حالة الصراع المتفاقم بين إيران وإسرائيل، وإمكانية انخراطها ضمن المواجهات المباشرة، ومدى التأثير المباشر على دول المنطقة. 

 

حدود التصعيد بين إيران وإسرائيل

ذكر رئيس الموساد السابق يوسي كوهين من قبل أنّ إيران تشكل التهديد الرئيسي لأمن إسرائيل في ظل الاتفاق النووي أو بدونه، فقد بدأ الصراع غير المباشر بين إيران وإسرائيل يتفاقم منذ عام 2000، حين دعم وموّل الحرس الثوري الإيراني عدة جماعات مسلحة في حربها مع إسرائيل، مثل مساعدة إيران لحزب الله في هجماته على إسرائيل عام 2006. 

تنذر التوترات العسكرية المتصاعدة مؤخراً بين إسرائيل وإيران بمزيد من التداعيات الخطرة على منطقة الشرق الأوسط

في المقابل استولت إسرائيل عام 2009 على سفينة في شرق البحر الأبيض المتوسط محملة بالأسلحة متجه من إيران إلى حزب الله، ودمرت القوات الجوية الإسرائيلية عام 2007 مفاعلاً نووياً إيرانياً اشتبهت به في سوريا، وفق ما أوردته الدراسة.



 

ومع بداية عام 2010 استهدفت المخابرات الإسرائيلية (الموساد) العلماء النوويين الإيرانيين بموجة من الاغتيالات تهدف لوقف البرنامج النووي الإيراني، كما تم استهداف عدة سفن منذ عام 2011 حتى وقت قريب، متجهة إلى غزة تحمل أسلحة إيرانية إلى الفصائل الفلسطينية. 

 

لم يسفر تبادل الهجمات غير المباشرة بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي خلال (15) عاماً الأخيرة عن خسائر كبيرة تنبئ بقدرة إيران على خوض حرب مفتوحة في مواجهة إسرائيل. 

 

ذلك بالإضافة إلى استهداف إسرائيل بالصواريخ لأذرع إيران في المنطقة في فترات مختلفة، بداية من حزب الله مروراً بقوات الأسد في سوريا، والحرس الثوري في العراق، وصولاً إلى الحوثيين في اليمن، بهدف تقويض قدرات إيران الهجومية في المنطقة، وتحجيم خطر وقدرة إيران على تحقيق خسائر لإسرائيل، بحسب الدراسة. 

 

ولم يسفر تبادل الهجمات غير المباشرة بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي خلال (15) عاماً الأخيرة عن خسائر كبيرة تنبئ بقدرة إيران على خوض حرب مفتوحة في مواجهة إسرائيل، على حدّ تقدير الباحثة. 

 

لماذا لا تبدو إيران مستعدة لمواجهة إسرائيل؟ 

تفند الدراسة عدة أسباب تضعف الجانب الإيراني في مواجهة إسرائيل؛ أوّلاً: عدم اكتمال البرنامج النووي الإيراني، وقدرة إسرائيل على استهداف المعامل المشتبه  بأنّها نووية لإيران على أراضيها، أو على أراضي دول أخرى كسوريا ولبنان.

 

ثانياً: اعتماد قدرات الميليشيات المسلحة التي اعتمدتها إيران كأذرع لها على السلاح الذي تقوم إيران بإرساله لخوض معركتها مع إسرائيل، وغياب الشرعية الدولية لتلك الميليشيات، ممّا يسهل من قدرة إسرائيل على استهدافها واستهداف الأسلحة المنقولة إليها.

 

ثالثاً: غياب شرعية الميليشيات المتحالفة مع إيران يصعب الجهود الاستخباراتية لمحور إيران، وسهولة الوصول إلى العناصر المتخابرة معهم في أيّ دولة، في مقابل نجاح الاستخبارات الإسرائيلية في الوصول إلى مصالح إيران واستهدافها في عدة دول.

 

رغم دخول تنظيم القاعدة في تحالف مع إيران بموجب رسالة بعثها (سيف العدل) زعيم التنظيم إلى فرع التنظيم في اليمن، إلا أنّ التحالف والتنسيق لم يسفر عن استقواء إيران بتحالفها القاعدي في مواجهتها مع إسرائيل.

 

 

رابعاً: موقف التنظيمات الإرهابية السنّية، المتحالفة وغير المتحالفة مع النظام الإيراني، صعّب من مهمة إيران في الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل. 

 

وتقسم الدراسة موقف التنظيمات الإرهابية المسلحة إلى: ـ عداء تنظيم داعش لإيران جعل من التنظيم جهة مستهدفة لعناصر إيرانية (روافض) في أيّ دولة، ـ تنسيق تنظيم القاعدة مع إيران: فالإيواء الإيراني لعناصر تنظيم القاعدة لم تستفد منه إيران إلى وقتنا هذا في صراعها مع إسرائيل، ـ دعم إيران لحركة حماس وتحالفها معها، كجزء من محور المقاومة السنّية، لم يحقق مكاسب معتبرة يستفيد منها الجانب الإيراني في أهدافه التوسعية أو في حربه مع إسرائيل.

 

كيف تتعاطى التنظيمات الإرهابية مع التصعيدات الأخيرة؟ 

تقول الدراسة: إنّه رغم دخول تنظيم القاعدة في تحالف مع إيران بموجب رسالة بعثها (سيف العدل) زعيم التنظيم إلى فرع التنظيم في اليمن، إلا أنّ التحالف والتنسيق لم يسفر عن استقواء إيران بتحالفها القاعدي في مواجهتها مع إسرائيل.

يظل عداء (تنظيم الدولة) للنظام الإيراني مستمراً

 

وتشير الدراسة إلى أنّ هذا التحالف نتاجه لن يتعدى زيادة معدل استهداف المصالح الغربية في المنطقة، وتوفير الملاذات الآمنة لقادة تنظيم القاعدة داخل إيران بدلاً من أفغانستان، بالإضافة إلى توقف أفرع تنظيم القاعدة عن استهداف وكلاء إيران في المنطقة (الحوثي).

 

على الجانب الآخر خسر التنظيم جزءاً من قوته العسكرية بانشقاق بعض عناصره اعتراضاً على التحالف مع إيران؛ للاختلافات العقدية التي تصل إلى استهداف الشيعة (الروافض) في كل الدول من قبل عناصر التنظيم حتى وقت قريب.

 

ويظل عداء (تنظيم الدولة) للنظام الإيراني مستمراً، ممّا يستحيل معه توقع وجود تحالف أو تنسيق من أيّ نوع بين إيران والتنظيم في أيّ وقت، ويؤكد التنظيم في إصداراته الإعلامية (النبأ، دابق،...) حتى الإصدار الأخير، على عدائه للروافض، واستهدافه لعناصرهم حتى للمدنيين منهم في أيّ دولة، وتؤكد هذه العقيدة لتنظيم الدولة عدة ملامح يمكن قراءتها من خلال كلمات التسجيلات الصوتية للمتحدث الرسمي باسم التنظيم (أبو حذيفة الأنصاري). 

 

وقد صرح أبو حذيفة في أحد التسجيلات الصوتية التي بثتها مجلة (النبأ) التابعة للتنظيم، قائلاً: إنّ "إيران أنشأت (محور المقاومة) لخدمة مشاريعها للوصول إلى سبّ الصحابة وآل بيت النبي من فوق منبر المسجد الأقصى، والقيام بمواكب اللطم في شوارع القدس. الرافضة خططهم التوسعية ومؤامرتهم ضد المسلمين لا تقلّ خطورة عن مؤامرات وأحقاد اليهود والصليبيين"، وبذلك يرى التنظيم أنّه لا فرق بين إيران وإسرائيل في العداء لهم والبراء منهم، وواجب قتالهم واستهداف مصالحهم، بل يرى التنظيم أنّ قتال حلفاء إيران وحلفاء إسرائيل مقدّم على قتال إسرائيل في الوقت الحالي.

وتوضح الدراسة أنّ استهداف الروافض أو العناصر المتحالفة مع إيران في سوريا والعراق حتى آخر رمضان 2024، يشير إلى أنّ احتمالية تحالف التنظيم مع إيران مستبعدة، فتنظيم الدولة يرى أنّ نصرة غزة محصور في استهداف اليهود والصليبيين، وفق تعبير المتحدث الرسمي، في أيّ مكان أو في عقر دارهم، واستهداف الأنظمة العربية لتحالفها مع اليهود والصليبيين.  

 

وقد هدد التنظيم باستهداف الغرب ومباريات الدوري الأوروبي، وبدأت بالفعل عمليات التفجير والطعن في الغرب تزيد منذ حرب غزة، ومن المتوقع أن تستمر موجة عمليات إرهابية من الذئاب المنفردة، خاصةً باستنفار التنظيم عبر مواقعه لأتباعه ولا سيّما الذئاب المنفردة لاستهداف الغرب والشرق. 

 

وختاماً؛ تؤكد الدراسة على أنّه من المستبعد أن يصبّ نشاط التنظيمات الإرهابية في صالح دعم أو تقوية جبهة النظام الإيراني، سواء بسبب ضعف نتائج التحالف القاعدي الإيراني رغم التغاضي عن الخلافات العقدية بين الجانبين، أو بسبب الرفض القاطع لتحالف (تنظيم الدولة) مع إيران، لاعتبار (تنظيم الدولة) أنّ إيران وحلفاءها وإسرائيل وحلفاءها على قدم المساواة بالنسبة إلى وجوب قتالهم من قبل التنظيم.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية