كيف ابتز أردوغان حكومات دول في خمس قارّات لإغلاق مدارس غولن؟

كيف ابتز أردوغان حكومات دول في خمس قارّات لإغلاق مدارس غولن؟


13/10/2018

محمد خلف

يفتخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما يسمّيه نجاحاته في إقناع حكومات دول العالم المختلفة بالاستجابة لطلب حكومته اعتقال وتسليم مواطنين أتراك يقيمون على أراضي دولهم، يتّهمهم بالانتماء إلى منظمة سرّية يقودها حليفه السابق غريمه الحالي الداعية الاسلامي فتح الله غولن الذي يعيش في منفاه في بنسلفانيا بالولايات المتحدة، والذي تتهمه أنقرة بتدبير الانقلاب المزعوم للإطاحة بالنظام الحاكم عام 2016.

لم تستثنِ الاستخبارات التركية (ميت) أي دولة في العالم تحتضن مدارس غولن ومؤسساته التعليمية من انتهاكها سيادتها الوطنية، وتعرّضت، وما زالت، حكومات هذه الدول لعمليات ابتزاز فاضحة، لإرغامها على تسليم معارضين لأردوغان ونظامه، بل إن دولاً مثل الغابون وكوسوفو على سبيل المثال أصبحت ساحة مكشوفة لعمليات سرّية استخباراتية تركية انتهت باختطاف معارضين وجلبهم إلى تركيا في انتهاك صارخ للسيادة الوطنية لهذه الدول، ما أثار زوبعة صاحبتها ارتجاجات سياسية واجتماعية في الغابون، وأدّت في كوسوفو إلى فصل مسؤولين كبار في الحكومة وجهاز الاستخبارات، افتضح تورّطهم في العملية التركية التي تسبّبت في توتير العلاقات بين أنقرة وبريشتينا.

في تحقيق نشرته صحيفة “دنيفنك” الصادرة في صوفيا عن مدارس غولن في البلقان، أشير إلى أن “دافع المخابرات التركية للقيام بالعملية السرّية في كوسوفو يعود إلى شبكة مدارس تحمل اسم (محمد عاكف)، إضافة إلى مؤسسة تربوية تعمل في أربع مدن هي: بريشتينا، بريزرن، غياكوفو، ليبليان”، وهذه المؤسّسات ليست جزءاً من شبكة واسعة يصل عددها إلى الأربعين ترتبط جميعها بجماعة غولن في منطقة البلقان تتنشر مدارسها في البوسنة (15) والبانيا (12) ومقدونيا (7) وكوسوفو (5) وصربيا (1).

صيد الغولينيين شكّل ضربة أولية إلى قمة الجبل الجليدي، أدّت إلى ذوبانه وإغراق شبكة واسعة من المؤسسات التعليمية، تنتشر أذرعها على رقعة جغرافية تضم 5 قارات في العالم ظلت تُعد منذ وقت طويل الأكثر نفوذاً وتأثيراً في العالم. وبحسب تقرير لمجلة “فورين افيرز” الأميركية فإن “الحكومة التركية نجحت فعلاً في ضغوطها على ما يقل عن 20 دولة لإغلاق مدارس غولن ونقل أملاكه إلى الدولة التركية ومن بين هذه الدول، المغرب وقطر والسعودية والسودان وإندونيسيا وانغولا واذربيجان وبلغاريا وجورجيا وماليزيا وميانمار والباكستان” وغيرها.

غولن والبداية في “الخدمة”

أسس غولن حركته عام 1970، ثم توسّعت داخل تركيا وخارجها عبر مؤسّسته (حزمة) التي  ظهرت للمرة الأولى في مدينة إزمير، وتستلهم هذه الرابطة فكر غولن وآراءه ومواقفه، وتوصف بأنها (حركة اجتماعية صوفية تركّز على مسلمي تركيا، ومنفتحة على الغرب). وتركّز جمعية (حزمة) ومعناها (خدمة) في عملها على التعليم، فهي تقيم المدارس داخل تركيا وخارجها، ولكنها برأي المراقبين “اخترقت المجتمع بإنشاء مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية وإغاثية”.

شهدت (خدمة) نمواً واسعاً بعد انقلاب عام 1980 بفضل حصولها على دعم  من الدولة، التي وفّرت لها أيضاً مساحة من الحرية أتاحت لمؤسسها غولن إنشاء المدارس خارج تركيا. وتدير حركة غولن أكثر من 2000 مدرسة لمختلف مراحل التعليم، أو 2800 مدرسة بحسب الاستخبارات التركية (ميت)، إضافة إلى 15 جامعة منتشرة في أكثر من 140 دولة في مختلف أنحاء العالم يدرس فيها وفق المعطيات الرسمية أكثر من مليوني شخص. وتتميّز هذه المؤسسات التعليمية بتوافقها مع علمانية الدولة قبل أسلمتها تدريجياً في إطار مشروع أردوغان، فهي منذ البداية اعتمدت برامج لا تحمل مواصفات دينية.

الحملة التي شنّتها تركيا على مصالح غولن في تركيا تكللت بإغلاق 35 مؤسسة تقدم الخدمات الطبية، و1043 مؤسسة تعليمية خاصة و1299 وقفاً و19 نقابة واتحاد نقابات و15 من مؤسّسات التعليم العالي الخاصة، ونقلت ملكيتها الى الدولة، وتم تسريح 21 ألفاً من أصل 27 مدرساً يعملون في هذه المدارس التي يدرس فيها 138 ألف طالب وتلميذ.

لم تقتصر نشاطات جماعة غولن وبرامجها على التعليم، إذ امتلكت حركة غولن -بشكل غير رسمي- الكثير من المؤسسات الإعلامية، فللحركة منابر إعلامية كبيرة وكثيرة من بينها صحيفة (زمان) التي تعد الأكبر في تركيا ويتجاوز قراؤها المليون، وهي تأسست عام 1986 ويكتب فيها كثر من المحسوبين على الحركة أو المتعاطفين معها، وتصدر عنها طبعة إنكليزية هي “تودايز زمان”.

عن موقع "درج"


انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية