
مع انتشار العنف العنصري، الذي تتم تغذيته من قبل اليمين المتطرف في مختلف دول أوروبا، في ظل تصاعد الإسلاموفوبيا والكراهية ضد المهاجرين، بالتزامن مع المكاسب الكبيرة التي حققها اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، يصر المتطرفون وأنصار جماعة الإخوان المسلمين على تغذية المشاعر المعادية للمسلمين، والدفع نحو تعاظم قوة اليمين، بالتزامن مع تزايد شعبية حزب (البديل من أجل ألمانيا) اليميني المتطرف، المرشح في انتخابات الولايات التي ستُعقد هذا الأسبوع في ولايتي ساكسونيا وتورينجن.
وقد أدى حادث طعن قام به شخص يشتبه في انتمائه إلى تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة زولينغن الأسبوع الماضي، إلى زيادة الضغوط على ائتلاف المستشار الألماني أولاف شولتز المهتز بالفعل، ممّا أضاف مخاوف من أنّ فوز حزب البديل من أجل ألمانيا، قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى منطقة اليمين المتطرف.
لقد تفاعل شولتز بغضب مفهوم مع الهجوم بالسكين في ألمانيا، والذي أدى إلى مقتل (3) أشخاص. ووعد بتكثيف عمليات الترحيل وفحص الحدود وتشديد القيود على الأسلحة، دون تعميم، وهو تفاعل نموذجي مقارنة بردود الفعل الانفعالية لزعماء الاتحاد الأوروبي الذين يصمون جميع المهاجرين واللاجئين باعتبارهم "إرهابيين" محتملين.
وعلى الرغم من أنّ التحقيقات في زولينغن ما تزال مستمرة، والخلفية الدقيقة للجريمة غير واضحة، فإنّ العديد من الحقائق تشير إلى هجوم إرهابي، خاصّة بعد أن أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم، ووصفه بأنّه "انتقام للمسلمين في فلسطين وأماكن أخرى".
هجوم الجمعة الماضية في مهرجان مدينة زولينغن أعقبه يوم السبت إشعال حريق في كنيس يهودي في جنوب فرنسا، الأمر الذي أسهم في تعالي الأصوات المتطرفة في أوروبا، ليدفع المسلمون المعتدلون وحدهم الثمن.
الإخوان وتكريس الكراهية
كان الإخوان على مدار عقود يبنون هياكلهم في أوروبا بشكل منهجي، ويوسعون شبكاتهم، ويزيدون نفوذهم في أوروبا، وخاصة في المجالات التعليمية والاجتماعية والسياسية، منذ سبعينيات القرن العشرين.
على الرغم من أنّ التحقيقات في زولينغن ما تزال مستمرة، والخلفية الدقيقة للجريمة غير واضحة، فإنّ العديد من الحقائق تشير إلى هجوم إرهابي
وعلى هذا، تطورت على مدى عقود من الزمان الإسلاموية الأوروبية، التي تتغذى على الجماعات والحركات الإسلامية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، من خلال خطابات معادية للديمقراطية ومعادية للاندماج، وغالباً ما تحظى الجماعة بالحماية القانونية من خلال حرية التعبير والدين التي تضمنها القوانين الديمقراطية الغربية.
وبحسب تقرير بالإنجليزية لشبكة (euro news) أتقن الإخوان اللعبة، وأصبحوا يتحركون بحرية، فطالما أنّهم لا يتجاوزون حدود القانون الجنائي، فإنّهم يستطيعون الاستمرار في تنظيم أنفسهم والتواصل مع الآخرين دون أيّ عائق، وفي بعض الأحيان يصلون إلى أعلى المستويات السياسية. وفي كثير من الأحيان يتم التشاور معهم باعتبارهم شركاء ومستشارين في قضايا التكامل أو مكافحة الإرهاب، ويرجع ذلك جزئياً إلى معارضتهم العلنية للعنف باسم الدين.
فضلاً عن ذلك، ما تزال الجماعات الإسلامية، مثل تلك التي ترتبط إيديولوجياً بجماعة الإخوان المسلمين، تحظى بالدعم المالي في العديد من الدول الأوروبية، وتُعتبر ممثلاً شرعياً للمسلمين على المستويين السياسي والاجتماعي.
وبشكل خاص تمكن الإخوان من توظيف القضية الفلسطينية، والتربح مادياً وسياسياً من خلال ذلك، حيث إنّ منظمات مثل الجالية الفلسطينية في ألمانيا، أو شبكة صامدون (شبكة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين)، والتي تم حظرها في ألمانيا ولكنّها ما تزال نشطة في جميع أنحاء أوروبا، تدعي أنّها تمثل مصالح الفلسطينيين، ولكنّها في جوهرها تعمل لصالح الإخوان، وتكرس هيمنة الجماعة على المجتمع المسلم.
هذه المنظمات، وغيرها من المنظمات المماثلة التي تهدف إلى إثارة المشاعر في المجتمعات الأوروبية، تتلقى الدعم الشعبي والسياسي والمجتمعي، وخاصة من الطيف اليساري.
قطع الروابط الإيديولوجية
وبحسب تقرير (euro news)، فإنّ التطرف الإخواني هو الوجه الآخر للتطرف اليميني في أوروبا، وإذا أرادت أوروبا أن تكافح بفعالية صعود التطرف اليميني، فعليها أيضاً مواجهة الإرهاب الإخواني في المستقبل، وألّا تركز المؤسسات فقط على التدابير القانونية والأمنية، بل يتعين عليها أيضاً أن تعالج في النهاية الروابط الإيديولوجية، وبالتالي كشف الروايات الإخوانية.
التطرف الإخواني هو الوجه الآخر للتطرف اليميني في أوروبا، وإذا أرادت أوروبا أن تكافح بفعالية صعود التطرف اليميني، فعليها أيضاً مواجهة الإرهاب الإخواني في المستقبل
وكما هو الحال في مكافحة التطرف اليميني، لا بدّ من رسم خطوط واضحة مع الإخوان، ليس فقط فيما يتصل بمسألة العنف، بل أيضاً فيما يتصل بموقفهم من القيم الأساسية للديمقراطية الغربية.
وبحسب التقرير، من الأهمية بمكان، من ناحية، أن يتم تعزيز القدرة على التفكير النقدي بشكل أقوى، حتى يتمكن الناس من التعرف على الدعاية الإخوانية والمعلومات المضللة على هذا النحو، ومن ناحية أخرى تمكين ثقافة النقاش والحوار، حيث يتم التعامل مع المخاطر الطويلة الأجل التي تشكلها الإيديولوجية الإخوانية على الديمقراطيات بشكل مفتوح، وقبل كل شيء التواصل بشأنها، فـ "الصمت ليس خياراً، لأنّ ذلك سيكون بمثابة تحقيق الإخوان وشركائهم لهدفهم".
وعلى أيّ حال، فإنّ الجهود المبذولة في مواجهة الإرهاب والدعاية الإخوانية الواسعة، خاصّة في فرنسا، يلزمها على الجانب الآخر السيطرة على الخطاب اليميني المتطرف، حيث إنّ كلا الخطابين، يغذي كل منهما الآخر، ويدفع بمكوناته المتطرفة إلى الظهور على السطح، وجذب المزيد من الموتورين من كلا الجانبين.