كيف أسقطت جائحة كورونا القناع الشفاف عن وجه نتنياهو؟

كيف أسقطت جائحة كورونا القناع الشفاف عن وجه نتنياهو؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
04/10/2020

أثار تفشي فيروس كورونا في المجتمع الإسرائيلي، بشكل لافت وخطير، استنكاراً وردود أفعال شعبية غاضبة، بعد أن فقدت الحكومة ومؤسسات الدولة السيطرة على تفشي الوباء بين الإسرائيليين؛ حيث تواجه إسرائيل، وللمرة الأولى في تاريخها، كارثة إنسانية كبيرة، أفرزها عدو شرس، وهو فيروس كورونا المستجد، الذي ضرب البلاد وتفشّى بشكل خطير ومتسارع بين الإسرائيليين، محدثاً شرخاً حاداً في كافة القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ حيث تسجل إسرائيل أرقاماً قياسية ومخيفة في عدد الإصابات والوفيات يومياً، وبحسب منظمة الصحة العالمية؛ فقد صُنفت إسرائيل من بين الدول التي يتفشى فيها وباء كورونا بالوتيرة الأسرع والأكثر قلقاً في العالم.

إيهود باراك: نتنياهو ديكتاتور فاسد ومهمل في إدارة شؤون البلاد على حساب مصالحه الشخصية. هو يفرض الإغلاق ليس للحماية من كورونا، وإنما لوقف المظاهرات الحاشدة ضدّه

ووفق إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الإسرائيلية؛ فإنّ الفحوصات اليومية تظهر إيجابية الإصابة لكلّ شخص من بين 6 أشخاص يتمّ فحصهم، كما بينت الإحصائية أنّ الإصابات في ارتفاع كبير ومعدّل نقل العدوى سجل 21%، وهو أعلى معدل عدوى يسجل منذ الإعلان عن انتشار الفيروس في البلاد، في حين أصيب 2,5% من مواطني إسرائيل بفيروس كورونا المستجد منذ الإعلان عن انتشار الفيروس في البلاد، في آذار (مارس) الماضي.

 وبلغ إجمالي الإصابات بكورونا في البلاد، في حصيلة غير نهائية، إلى ما يزيد على 259 ألف إصابة، ووفاة 1633 شخص، بحسب إحصائيات مساء أمس السبت، ما دفع الحكومة إلى إعلان فقدان السيطرة على فيروس كورونا، وتسليم الأمر إلى قيادة الجيش الإسرائيلي.

الأعياد اليهودية

وفي إطار ذلك، ومع استقبال الإسرائيليين للأعياد اليهودية، التي تستمر حتى منتصف أيلول (سبتمر)؛ اتُّخذ في إسرائيل قرار بفرض إغلاق شامل في كل فترة الأعياد، بعد أن حذّر مدراء المستشفيات الكبرى في البلاد الحكومة ورئيس الوزراء من وضع كارثي كالذي أحدثته الموجة الأولى في إيطاليا وإسبانيا ونيويورك، كما أنّ مسؤولي وزارة الصحة أوصوا بالإغلاق الكامل، دون هوادة ودون إنزال الأيدي، في كلّ أنحاء الدولة.

 الفحوصات اليومية تظهر إيجابية الإصابة لكلّ شخص من بين 6 أشخاص يتمّ فحصهم

وفي أعقاب ذلك؛ تبنى نتنياهو موقف المسؤولين وجدّد فرض إغلاق شامل في جميع أنحاء إسرائيل لمدة شهر كامل، في محاولة للحدّ من تفشي الوباء بعد الارتفاع الحادّ في أعداد الإصابات؛ حيث أفرز هذا الإغلاق أزمات متراكمة وخانقة طالت كافة شرائح المجتمع الإسرائيلي، بعد أن شمل الإغلاق كافة القطاعات الاقتصادية، وتعطلت بذلك مصالح الإسرائيليين، وارتفعت في الأثناء معدلات البطالة والفقر في أوساطهم، دون تقديم الحكومة الدعم للمتضررين.

اقرأ أيضاً: %75 من الإسرائيليين غير راضين عن نتنياهو

في سياق ذلك، وتعقيباً على تدهور الحالة الاقتصادية المرافقة للإغلاق في إسرائيل، أشار الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل، شموئيل إيفن، إلى أنّ الركود الاقتصادي والإغلاق الشامل يعنيان زيادة الإنفاق الحكومي وخسائر المرافق الاقتصادية، ومن الجهة الأخرى؛ ارتفاع نسبة البطالة، إلى جانب دخول إسرائيل هذا الإغلاق وهي في وضع اقتصادي أسوأ بكثير، ولم يسبق له مثيل.

اقر أيضاً: نتنياهو: "صفقة القرن" فرصة لتغيير اتجاه التاريخ

وأضاف إيفن: "التشغيل هو المجال المركزي الذي يربط الاقتصاد والمجتمع، وينعكس الانخفاض الحاد في حجم التشغيل على كافة مجالات حياة العاطلين عن العمل وعائلاتهم، وبحسب دائرة الإحصاء المركزية، فإنّ نسبة البطالة بلغت ١٢%، مشدداً على أنّ السياسة الاقتصادية للحكومة الإسرائيلية قصيرة الأمد وليست منتظمة وتتأثر بضغوط سياسية، ويبرز ذلك خصوصاً في عدم المصادقة على ميزانية للعام الحالي، وعدم بلورة ميزانية للعام المقبل نتيجة غياب الانسجام السياسي في الحكومة الحالية.

عواقب فرض الإغلاق الشامل

من جهته، حذّر وزير المالية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أنّ فرض الإغلاق الشامل على إسرائيل سيسبب أضراراً جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي، وأضاف كاتس: "التحدي أمام الحكومة الآن هو العقلانية وتجاوز فترة كورونا من خلال تخفيف الأضرار، ومن ثم وبشكل تدريجي إعادة عدد من المعايير الاقتصادية المركزية"، في حين تشير التقديرات في وزارة المالية الإسرائيلية إلى أنّ الأضرار التي ستلحق بالاقتصاد في حال تنفيذ خطة الإغلاق الطويلة، ستبلغ 19 مليار شيكل، أي ما يقرب من 5 مليار دولار أمريكي".

 فرض الإغلاق الشامل على إسرائيل سيسبب أضراراً جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي

ومع تجديد الحكومة قرار الإغلاق، عمّت المظاهرات الغاضبة كافة المدن والأحياء الإسرائيلية المطالبة برحيل الحكومة الفاسدة، بعد أن فقد الجمهور الثقة بالقيادة السياسية ومؤسسات الدولة، التي فشلت في السيطرة على وباء كورونا ودفعت بالدولة إلى الوراء.

ووفق استطلاع للرأي أعدّه مركز السياسة والإستراتيجية في إسرائيل؛ فقد تبيّن أنّ الجمهور فقد الثقة الكبيرة في السياسيين والكنيست والحكومة ورئيس الحكومة، فيما يتعلق بمواجهة كورونا، وقال إنّ 70% من المستطلعين لا يثقون بالحكومة، متهمين السياسيين بالمسؤولية عن أزمة كورونا.

اقرأ أيضاً: هل تقيم السودان علاقات مع إسرائيل؟.. حميدتي يحسم الجدل

كذلك بيّن الاستطلاع أنّ "ما نسبتهم 73% لا يثقون بالكنيست"، فيما اتهم 60% من المستطلعين نتنياهو بشكل مباشر بأنّه المسؤول عن خلق الأزمة، لكن ثقة المجتمع العربي بالحكومة والكنيست والمؤسسة القضائية، شهدت نسبة أعلى من ثقة الإسرائيليين بهذه المؤسسات.  

ومع اشتداد حدة المظاهرات التي تخرج رغم فرض الإغلاق، نقلت القناة الإسرائيلية الثانية عن مصدر مقرب من رئيس الحكومة قوله؛ إنّ نتنياهو يعتزم تمديد الإغلاق في البلاد حتى إشعار آخر، على أن يتم رفعه لاحقاً تدريجياً والدخول فيما يسميه روتين كورونا، والعودة إلى خطة تسمح بالعودة إلى الحياة جزئياً، على أن تتم إتاحة العمل جزئياً في القطاعين العام والخاص بشكل مبدئي.

كورونا ضربت الشباب في إسرائيل

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية إنّ "جائحة كورونا ضربت الشباب في إسرائيل أكثر من غيرهم"، وأشارت إلى أنّ "جيل الشباب تحول إلى جيل ضائع، ضربته تأثيرات كورونا بشكل غير مسبوق اقتصادياً؛ بسبب عدم التحاقه بقطار العمل في بداية حياته"، وأضافت أنّ "وضع الشباب في إسرائيل أسوأ من وضع الشباب حول العالم، في حين أنّ 49% من العمال الإسرائيليين خرجوا من أعمالهم بعطلة غير مدفوعة الأجر، بسبب الإغلاق الشامل الذى تشهده البلاد، وغالبية العمال الذين تضرروا هم من فئة الشباب".

جائحة كورونا ضربت الشباب في إسرائيل أكثر من غيرهم

وأشارت صحيفة "هآرتس" العبرية إلى أنّ "جائحة كورونا أسقطت القناع الشفاف عن وجه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، فمن أجل إبعاد المتظاهرين المطالبين بإستقالته عن محيط منزله، بات مستعداً لأن يلحق بالاقتصاد مزيداً من الضرر قدرته وزارة المالية بنحو 35 مليار شيكل، وهو لا يتردّد لحظة عندما يكون الخيار إغلاقاً شاملاً وخانقاً، يجبر من خلاله الجميع بإلتزام بيوتهم وعدم الخروج تحت أيّ سبب.

صحيفة "معاريف": جيل الشباب تحول إلى جيل ضائع، ضربته تأثيرات كورونا بشكل غير مسبوق اقتصادياً؛ بسبب عدم التحاقه بقطار العمل

وطالب زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بتقديم إستقالته لفشله في مواجهة فيروس كورونا، قائلاً: "للأسف، تحتلّ إسرائيل المرتبة الأولى في بيانات كورونا حول العالم، كلّ يوم نحطم أرقاماً قياسية في عدد المصابين والوفيات بالنسبة إلى عدد السكان، لقد أوصلنا نتنياهو إلى هذا الحال المؤسف بسبب سوء الإدارة، وآن الأوان ليتحمّل من  أوصلنا إلى هذا الفشل المسؤولية والاستقالة".

وتوقع رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك: أن تطيح المظاهرات الإسرائيلية المتواصلة نتنياهو قريباً، واصفاً إياه ب "الديكتاتور الفاسد والمهمل في إدارة شؤون البلاد على حساب مصالحه الشخصية"، وقال باراك إنّ نتنياهو يفرض الإغلاق ليس للحماية من كورونا، وإنما لوقف حدة المظاهرات الحاشدة ضدّه، وإلغاء محاكمته وعرضه أمام القضاء بتهم الفساد المتورط بها".

اقرأ أيضاً: تركيا وإسرائيل والمتاجرة بالقضية الفلسطينية

ومع فقدان السيطرة على تفشي الفيروس وتسجيل معدل قياسي يومي للإصابات وصل إلى 3000 إصابة، إلى جانب الخشية من انهيار الجهاز الصحي في إسرائيل؛ أوكل وزير الدفاع الإسرائيليْ بيني غانتس، مهمة معالجة أزمة كورونا وقطع الطريق على تمدّد العدوى إلى جيش الدفاع والجبهة الداخلية، مع التوصية بفتح عدد كبير من المستشفيات الميدانية في جميع المدن، نظراً لاكتظاظ المستشفيات، وعدم قدرتها على استيعاب المزيد من الإصابات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية