كم أزمة يمكن لقوة عظمى مواجهتها معاً؟

كم أزمة يمكن لقوة عظمى مواجهتها معاً؟

كم أزمة يمكن لقوة عظمى مواجهتها معاً؟


06/12/2023

جورج عيسى

"كم أزمة يمكن لقوة عظمى مواجهتها معاً؟" بهذا السؤال، استهل الكاتب السياسي جدعون راخمان مقاله في صحيفة "فايننشال تايمز" مشيراً إلى محاولات إدارة بايدن الحالية التعامل مع حروب في الشرق الأوسط وأوروبا، مع استعدادات لتصاعد التوترات بين الصين وتايوان.

يحدث كل هذا مع تزايد احتمالات عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والتي تثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الديمقراطية الأمريكية ودور البلاد في العالم.
يولّد الجمع بين كل هذه الأحداث شعوراً واضحاً بالتوتر والقلق داخل المكاتب الحكومية في واشنطن، لا يتعلق الأمر فقط بالعدد الهائل من الأزمات التي تواجه إدارة بايدن بل بواقع أن العديد منها يسير في الاتجاه الخاطئ كالحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، على سبيل المثال، وتبدو استطلاعات الرأي سيئة بالنسبة إلى بايدن.

عنوان الحديث في يناير

يمكن أن تصل الأزمات الخارجية إلى ذروتها بسرعة كبيرة وفق راخمان، "إن الأشهر الثلاثة المقبلة قد تحدد السنوات القليلة المقبلة"، على حد تعبير أحد كبار المسؤولين الأمريكيين، ويشعر أحد الديمقراطيين البارزين بالقلق من أنه "بحلول يناير (كانون الثاني)، قد نتحدث عن الكيفية التي خسر بها جو بايدن أوكرانيا".

إن التمويل الجديد للجيش الأوكراني ومؤسساته المدنية عالق في الكونغرس. تبدو إدارة بايدن واثقة من أنه ستتم الموافقة على الأموال المخصصة لكييف في نهاية المطاف، لكن إذا لم يتم تمرير المساعدات المالية قبل نهاية العام، فقد تشعر أوكرانيا بآثارها على ساحة المعركة في غضون أسابيع.

كما تعثرت محاولات الاتفاق على حزمة جديدة من أموال الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا بسبب الخلافات في بروكسل. ويحذر كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين الكونغرس من أنه إذا تم قطع التمويل عن البلاد وحقق بوتين تقدماً كبيراً في الحرب بنتيجة ذلك، فقد تهدد روسيا دول البلطيق بحلول نهاية 2024.

في الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن تشن روسيا موجة مكثفة من الهجمات على البنية التحتية الأوكرانية، على أمل شل إمدادات الطاقة والتدفئة في فصل الشتاء، حاولت موسكو الشيء نفسه في الشتاء الماضي وفشلت، لكن الروس لديهم الآن عدد أكبر بكثير من الصواريخ والطائرات بدون طيار، وذلك بفضل إيران وكوريا الشمالية والإنتاج المحلي المتزايد، تبدو الدفاعات الجوية الأوكرانية متهالكة في بعض الأماكن ويمكن أن يتم إرهاقها.

استياء من إسرائيل

أضاف الكاتب أن هشاشة الوضع في أوكرانيا تحظى باهتمام أقل مما ينبغي بسبب الشرق الأوسط، تدفع إدارة بايدن ثمناً سياسياً باهظاً، في الداخل والخارج، بسبب دعمها لإسرائيل. وتمارس الولايات المتحدة الآن ضغوطاً علنية على إسرائيل لحملها على تغيير تكتيكاتها العسكرية في غزة وقتل عدد أقل من المدنيين الفلسطينيين.

لكن المخاوف الأمريكية تمتد إلى ما هو أبعد من غزة، لا تزال إدارة بايدن تشعر بأنها قريبة بشكل خطير من حرب إقليمية أوسع تجر الولايات المتحدة إليها.

قد تؤدي الهجمات على السفن من قبل الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران إلى وقوع حادث تصعيدي، وثمة أيضاً أصوات إسرائيلية تزعم أن إسرائيل لم تعد قادرة على التسامح مع وجود ميليشيا حزب الله المدعومة من إيران على حدودها الشمالية، بعد هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن الحرب بين إسرائيل وحزب الله يمكن أن تكون أكثر حدة من نزاع مع حماس.

ثمة بعض الاستياء في واشنطن من إصرار إسرائيل على أنها ستتخذ قراراتها الخاصة بشأن العمليات العسكرية، بينما تعتمد على العضلات الأمريكية في الخلفية، ولكن بعد السابع من أكتوبر، لا يزال ثمة عزوف عميق عن ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل لحملها على تغيير مسارها.

شرق آسيا.. بين التفاؤل الحذر والخوف

يعني إرسال حاملات طائرات أمريكية وأنظمة دفاع صاروخي إلى الشرق الأوسط أنها غير متاحة لمناطق الاضطرابات الأخرى، ليس لهذا الأمر آثار على أوكرانيا فقط، بل أيضاً على شرق آسيا.

التوقعات الحالية في واشنطن هي أن الفائز في الانتخابات الرئاسية التايوانية المقرر إجراؤها في 13 يناير (كانون الثاني) سيكون لاي تشينغ-تي الذي يعتبر في بكين انفصالياً خطيراً، وإذا استجابت الصين لانتصار لاي بعروض التهديد العسكري، فقد يؤدي ذلك بسهولة إلى إثارة أزمة جديدة.

ثمة تفاؤل حذر بأن استجابة بكين الأولية لانتصار لاي ستركز على الضغوط الاقتصادية والسياسية، لكن على مدار السنة، تستطيع الصين أن تنقل تهديدها العسكري لتايوان إلى مستويات جديدة، خصوصاً إذا بدت الولايات المتحدة مشتتة وضعيفة بفعل الأحداث في أوكرانيا والشرق الأوسط.

يوضح الواقع أن الصين ستراقب أوكرانيا وغزة عن كثب، ويعتقد مسؤولون غربيون أن روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية تعمل معاً بشكل أوثق من ذي قبل، ويعتمد الروس الآن على الدعم الاقتصادي الصيني وهم غير مقيدين تقريباً في التعاون العسكري مع كوريا الشمالية وإيران.

سؤال جيد

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تغذي كل هذه الأزمات الدولية السياسات الأمريكية، سينتهز ترامب كل فرصة لاتهام بايدن بالإشراف على حقبة من الضعف والتراجع، مستشهداً بأفغانستان وأوكرانيا وغزة ومضيق تايوان.

ستساهم انتخابات أمريكية فوضوية ومثيرة للانقسام، مع كون ترامب الشخصية المركزية، في توليد قوي للانطباع بضعف الولايات المتحدة وانحدارها.

وستستمتع الصين وروسيا وإيران بالتساؤل حول الكيفية التي يمكن بها لأمريكا أن تعد بالدفاع عن الديمقراطيات في الخارج، في حين أن ديمقراطيتها تعاني من الكثير من المتاعب في الداخل، وختم راخمان: "لسوء الحظ، إنه سؤال جيد".

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية