كشمير.. حرب لا تنتهي

كشمير.. حرب لا تنتهي


07/09/2019

لا زالت القضية الكشميرية منذ سبعة عقود ونيف بؤرة للتوتر الإقليمي في جنوب آسيا، وقد أخذت هذه القضية مؤخرا اهتماما متزايدا بعد التجارب النووية الهندية والباكستانية، في منطقة تعج بتكتلات بشرية تجاوز تعدادها خُمس سكان العالم. ويعتبر إقليم جامو وكشمير من الناحية السياسية منطقة متنازعا عليها من وجهة نظر القانون الدولي، إذ قامت الهند بضم الإقليم في 27 أكتوبر/تشرين الأول 1947 وفرضت عليه حماية مؤقتة بعد أن تعهدت للشعب الكشميري وللأمم المتحدة بمنح الكشميريين حق تقرير المصير. وقد نص قرار مجلس الأمن رقم 47 الصادر في عام 1948 على إعطاء الشعب الكشميري الحق في تقرير المصير عبر استفتاء عام وحر، يتم إجراؤه بإشراف الأمم المتحدة، الأمر الذي لم يحصل حتى الآن‘ في وقت تمثل كشمير أهمية إستراتيجية وحيوية للهند باعتبارها عمقا أمنيا إستراتيجيا أمام الصين وباكستان. وباعتبارها امتدادا جغرافيا وحاجزا طبيعيا في مواجهة الباكستان التي تعتبرها قائمة على أسس دينية ما يهدد الأوضاع الداخلية الهندية ذات الأقلية المسلمة الكبيرة العدد. وخشية الهند إذا سمحت لكشمير بالاستقلال على أسس دينية أو عرقية أن تفتح الباب أمام الكثير من الولايات الهندية التي تغلب فيها عرقية معينة أو يكثر فيها معتنقو ديانة معينة المطالبة بالاستقلال أيضا. في المقابل تعتبرها الباكستان منطقة حيوية لأمنها لوجود طريقين رئيسيين وشبكة للسكة الحديد، إضافة إلى وجود ثلاثة منابع لأنهر تعتبرها حيوية في مجال الأمن المائي والغذائي.

وقد شكل إلغاء الحكومة الهندية للمادة 370 من الدستور والتي تعترف بموجبها لإقليم جامو بالحكم الذاتي، مناسبة لارتفاع منسوب التوتر الإقليمي الهندي الباكستاني،والذي كاد أن ينفجر بشكل واسع خلال الأشهر القليلة الماضية بعد ثلاث حروب خاضتها الدولتان سابقا. في وقت تشتد حدة التنافس الإقليمي والدولي حول العديد من القضايا والتي يمكن إن تستثمر في الأزمة الحالية.

إن تصعيد الأزمة الحالية حول الإقليم له محدداته المرتبطة بتقاطعات الطرفين مع السياسات الدولية، وهو محكوم بظروف دولية وإقليمية أكثر مما هي خاصة بين الطرفين. فالهند التي ألغت الحكم الذاتي في اقليم جامو تحاول استغلال الحرب التجارية الصينية الأميركية في محاولة لكسب ود واشنطن في هذه القضية على قاعدة الدعم الذي تقدمه بكين لباكستان، إضافة إلى محاولة استقلال بعض التباين الروسي الصيني حول بعض القضايا الإقليمية لكسب ود موسكو تجاهها، في وقت تعاني باكستان من تراجع العلاقة الحيوية مع واشنطن على قاعدة الدعم الذي تقدمة لحركة طالبان في أفغانستان. وأمام تلك الحلقة المعقدة من تقاطع المصالح تبقى أزمة كشمير ضمن شد وجذب قويين من الأطراف الخارجية التي يمكن أن تؤثر مباشرة في سير الإحداث في الإقليم والمنطقة..            

لكن وفي أي حال من الأحوال، تبقى بعض الاعتبارات تلعب دورا رئيسا في عدم وصول الأوضاع إلى صدامات عسكرية واسعة، ومن بينها، أن الدول المنخرطة في النزاع، المباشرين وغير المباشرين جميعها دولا نووية، وبالتالي إن أي تصعيد للازمة سيكون مدروسا بعناية شديدة لعدم الانزلاق إلى متاهات غير محددة النتائج. فقد سبق للطرفين الهندي والباكستاني أن دخلا في مناوشات عسكرية مباشرة آخرها في العام 2001 وبعدها قبل أشهر قليلة وانتهت باحتواء عناصر النزاع، ولا يبدو أن إلغاء الحكم الذاتي سيشكل مناسبة للتفجير واسع النطاق، إلا انه سيكون بالتأكيد أحدى الأزمات واسعة الاستثمار لكن القابلة للاحتواء بين أطراف تعج المنطقة بخلافاتهم حول العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية وغيرها.

لقد ظلت الأزمة الكشميرية إحدى القضايا النزاعية الخامدة على قرار حرب واسع لم يتخذ خلال سبعة عقود، وهي بذلك تعتبر من الأزمات الإقليمية والدولية الممتدة بين دول قوية ناصبت العداء فيما بينها وبالكاد وجدت بعض فسحات الأمل لنوع من السلام البارد الذي لم ينتج البيئة المناسبة لحلول قابلة للتنفيذ والاستمرار.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية