قوة ناعمة لتحقيق التعايش ونبذ التعصب.. الإمارات بيتاً للفلسفة

قوة ناعمة لتحقيق التعايش ونبذ التعصب.. الإمارات بيتاً للفلسفة


22/08/2022

تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة، جهوداً كبيرة لإعادة الاهتمام العربي الأكاديمي والعلمي بالفلسفة، وذلك في إطار الحراك الثقافي الذي تقوده الإمارات في المنطقة العربية، ويدعم خطابها الذي يحارب التطرف، وينبذ العنف، وينشر قيم الدين الإسلامي الصحيح ويدعم أواصر الأخوة الإنسانية.

وتنتهج دولة الإمارات، سياسات تعليمية تعتني بالتربية الأخلاقية والفلسفية، وتسعى لتعزيز المبادئ والقيم العالمية التي تعكس التجارب المشتركة للإنسانية؛ حيث تعمل على إدراج مادة الفلسفة في مختلف المناهج الدراسية عبر أذرعها الثقافية.

برنامج الفلسفة الأول من نوعه

وفي هذا الإطار، طرحت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، منتصف تموز (يوليو) الماضي، برنامج بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق، ضمن مساقاتها العلمية والأكاديمية.

ويأتي البرنامج، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، تعزيزاً لسياستها في التوسع في البرامج الدراسية المرتبطة بقيم المجتمع في نشر قيم الدين الإسلامي الصحيح ودعم أواصر الأخوة الإنسانية.

وتم إقرار البرنامج مؤخراً من مفوضية الاعتماد الأكاديمي بوزارة التربية والتعليم في الدولة، والبرنامج هو ضمن البرامج التي تطرحها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة، ويستهدف الطلاب من داخل الدولة وخارجها، وفق ما أورده الموقع الرسمي لحكومة أبوظبي.

 طرحت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية برنامج بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق، ضمن مساقاتها العلمية والأكاديمية

وأكدّ الدكتور خالد اليبهوني الظاهري، مدير الجامعة، أنّ بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق يجسّد نهج دولة الإمارات العربية المتحدة في العناية بالتربية الأخلاقية والفلسفية وتعزيز المبادئ والقيم العالمية التي تعكس التجارب المشتركة للإنسانية، مشيراً إلى أنّ البرنامج يأتي منسجماً مع رؤية الجامعة وأهدافها.

وأضاف الظاهري "يهدف برنامج البكالوريوس أيضاً إلى تطوير كفاءات علمية وتطوير برامج الجامعة والارتقاء بالمنهج الأكاديمي ودعم التنويع الاقتصادي حيث يخدم البرنامج العديد من المجالات ذات الأولوية، مثل قطاعات التعليم والإعلام والعمل الاجتماعي والخيري والديني، واستقطاب الأيدي العاملة ذات المهارة العالية بحيث تصبح أبوظبي وجهة رئيسية للكفاءات المتميزة من مختلف دول العالم، وتوفير خدمات تعليمية وثقافية من أعلى المستويات".

خالد الظاهري: بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق يجسّد نهج دولة الإمارات في العناية بالتربية الأخلاقية والفلسفية وتعزيز المبادئ والقيم العالمية

 وتشمل باقي التخصصات المتداخلة مع البرنامج قسم التسامح والتعايش واللغة العربية والدراسات الإسلامية والتاريخ واللغات وغيرها، مما يمكن الخريجين من إيجاد حلول مبتكرة لتحديات المستقبل.

ويتوقع أن يسهم بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق في تخريج كوادر تتمتع بقدر كبير من التفكير الإنساني الإيجابي والديني الصحيح، وقادرة على تعزيز المشاركة الفاعلة في الطرح الفلسفي الثقافي والديني المعاصر بشكل يعبّر عن رقي الحضارات والاندماج بين مكونات البشر وتعميق مشتركات الأخوة الإنسانية، كما يسهم البرنامج في تأكيد قيم الإسلام والسلم والتضامن.

الفلسفة الإسلامية

كما بدأت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، مؤخراً، بث سلسلة من الحلقات حول الفلسفة الإسلامية عبر قنواتها الرقمية، بعنوان "فلاسفة مسلمون".

وتأتي الحلقات، التي يقدمها مركز الدراسات الفلسفية التابع للجامعة، تعزيزاً لجهود الجامعة في خدمة المجتمع وإثراء المعارف في مختلف مجالات العلوم الإنسانية، واستمراراً لسلسلة الحلقات التي تم بثها سابقاً وتركت صدى تنويرياً طيباً بين شرائح مهمة في المجتمع، وتضمنت سلسلة "روح وريحان" و"مصايف العلماء" و"قيم الإسلام" و"قرآن مبين".

وتبث هذه الحلقات بصورة شهرية وتتناول مختلف جوانب الفكر الفلسفي الإسلامي والمنتج الإنساني في هذا المجال الحيوي، ويقدمها الدكتور إبراهيم بورشاشن مدير مركز الدراسات الفلسفية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.

وكانت باكورة حلقات "فلاسفة مسلمون" حلقة بعنوان "ما هي الفلسفة الإسلامية" وتضمنت الحلقة عدداً من المحاور بدأت بتعريف الفلسفة الإسلامية، وتوضيح معالمها الكبرى والتعرض لأعلامها من كبار الفلاسفة، إلى جانب نشأتها وأهم الخصائص التي تميزها.

يعد "بيت الفلسفة" واحداً من أهم المبادرات التي أطلقتها إمارة الفجيرة

وقال بورشاشن في مطلع حديثه إنّ هذه الحلقات تتناول بيان المعالم الكبرى للفلسفة الإسلامية من خلال الوقوف عند أعلامها الكبار.

الفلسفة في مدارس الإمارات

وفي الوقت الجاري تنفذ وزارة التربية والتعليم برنامج "تعليم الفلسفة للمعلمين عن بُعد"، تمهيداً لتدريس علم الفلسفة للطلبة بالمراحل الثلاث، وفق ما أورده موقع "الاتحاد".

ويأتي برنامج تعليم المعلمين انطلاقاً من إيمان الوزارة بأهمية الاستثمار في مجال اقتصاد المعرفة ورأس المال البشري، وبناء اقتصاد عقلاني، وبناء مدرسة وطنية بجودة عالمية تهدف إلى تكوين المواطن الإماراتي المعتز بانتمائه للوطن وللأمة العربية والمجتمع الإنساني. مواطن يقدر ذاته، ويحترم غيره، ويدرك حقوقه وواجباته داخل الدولة ومؤسساتها، كما ينبذ العنف والتعصب.

علي بن تميم: الاهتمام بالفلسفة في الإمارات وغيرها من دول الخليج والاهتمام بمد تأثيرها الفكري إلى العالم العربي يؤشر إلى رغبة حقيقية في تأسيس حضارة قائمة على تعزيز قيمة الوعي العقلاني والمعرفة

وأكدت الوزارة، أنّ إدخال تعليم الفلسفة في النظام التربوي الإماراتي، لا يمكن اعتباره حدثاً تربوياً اعتيادياً، إنه حدث ثقافي وفكري يعبر عن تحول في الرؤية الإستراتيجية الرسمية لاستكمال بناء المواطن الإماراتي، المستقل في تفكيره والمتوازن في عناصر شخصيته، يجمع داخل وحدة كلية متجانسة بين ما هو عالمي في الثقافة الإنسانية، وكل ما تحويه ثقافته الوطنية. يعبر هذا الحدث التأسيسي عن إرادة سياسية وثقافية تريد لهذه الدولة ومواطنيها أن يواصلوا السير قدماً على درب تعزيز الريادة والابتكار في المجالات العلمية والاقتصادية والتربوية، فلا غرابة أن تكون مادة الفلسفة تتويجاً لمسارات تفكير الطالب الإماراتي وتهييئاً له للانخراط الواعي في قضايا مجتمعه والإنسانية عامة.

مؤتمر الفجيرة

وكان المشاركون في المؤتمر الفلسفي الدولي الأول الذي نظمه "بيت الفلسفة" بالفجيرة، قد أكدوا على ضرورة تدريس مادة الفلسفة في جميع مراحل التعليم في البلدان العربية، وضرورة إنشاء أقسام للفلسفة في الجامعات، ومدّ جسور الحوار مع الفكر الفلسفي العالمي، فضلاً عن أهمية جعل الفلسفة جزءاً من الحياة العربية، بحيث تجيب عن أسئلتها، وتحولها إلى أداة من أجل رقي المجتمعات العربية ونمائها.

وانعقد المؤتمر، الذي حمل عنوان "من السؤال إلى المشكلة"، في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي متزامناً مع اليوم العالمي للفلسفة.

ودعا أستاذ الإعلام في الجامعة الأمريكية في دبي الدكتور موسى برهومة، الذي رأس إحدى جلسات المؤتمر، إلى أهمية تدريس الفلسفة لطلبة المدارس والجامعات بدءاً من الإمارات وحتى الأقطار العربية الأخرى. 

موسى برهومة: نأمل أن نخرج بصيغة عملية لتفعيل تدريس الفلسفة في المدارس

وقال برهومة "نأمل في هذا المؤتمر أن نخرج بصيغة عملية لتفعيل تدريس الفلسفة في المدارس، كأن نتوافق مثلاً على منهاج للتدريس، أو إنتاج كتب مرافقة لمناهج الفلسفة ومعزّزة لها، وأن يبادر مؤتمر بيت الفلسفة بالفجيرة إلى إطلاق هذه المبادرة، وتعميمها بحيث تشمل دولاً عربية تحتاج إلى هذه المناهج، أو تتلكأ في تدريس الفلسفة لافتقارها إلى هذه المناهج، وثمة من يزال يعتقد أنّ الفلسفة تتعارض مع الدين والإيمان".

وكان الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، الذي أطلق الموقع الإلكتروني لبيت الفلسفة، التقى بنخبة من المشاركين في المؤتمر، وأثنى على دورهم في تطوير الأفكار، وتعميق أفكار التسامح الإنساني، وربط اللحظة الراهنة بماضي العرب والمسلمين الذين أبدعوا في الفلسفة وتركوا إرثاً حضارياً مرموقاً.

بيت الفلسفة

ويعد "بيت الفلسفة" واحداً من أهم المبادرات التي أطلقتها إمارة الفجيرة، ويوليها الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، اهتماماً خاصاً لما تقوم به من دور حيوي في نشر الوعي الفلسفي، ليس في دولة الإمارات فحسب؛ بل في العالم العربي كله.

ويقول الدكتور علي بن تميم، رئيس تحرير صحيفة "24"الإماراتية، أنّ القائمين على هذا المشروع والمشاركين به، استطاعوا أن يقدموا خلال عام واحد نتاجاً كبيراً، يليق بالتطلعات الفكرية والمعرفية، ويخدم إستراتيجية الإمارات الساعية إلى تنمية عقل الإنسان والإجابة عن أسئلة الراهن والمستقبل.

علي بن تميم: القائمون على هذا المشروع والمشاركون به، استطاعوا أن يقدموا خلال عام واحد نتاجاً كبيراً

ويؤكد رئيس مركز أبوظبي للغة العربية في مقال له منشور بعنوان: "انتصاراً للعقل والمستقبل... أصبح للفلسفة "بيت" في الإمارات" أنّ "هذا الدور الاستثنائي لـ "بيت الفلسفة" في الفجيرة، يخرج بالفلسفة من الفضاء الخاص إلى الفضاء العام، ليجعل الفلسفة زاداً يومياً يقدمه للأطفال والناشئة والشباب والأمهات والمعلمين والمهتمين، حتى يساعدهم على التفكير العقلاني ويعزز الوعي الجمالي والمعرفي لديهم، فهو يقدم برامج للأطفال لتعليمهم التفكير الفلسفي، بطرائق مبتكرة وأنشطة جاذبة، ويدرب المعلمين لتعليم الطلبة التفكير الفلسفي بالمدارس، ويعد دورات للأمهات تمكنهن من فن التعامل مع أسئلة الأطفال الفلسفية في جميع المجالات".

إنّ هذا الاهتمام بالفلسفة في الإمارات وغيرها من دول الخليج والاهتمام بمد تأثيرها الفكري إلى العالم العربي، يؤشر، وفق بن تميم، إلى رغبة حقيقية في تأسيس حضارة قائمة على تعزيز قيمة الوعي العقلاني والمعرفة، وهو ما يصدق عليه ما قاله الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه "إنّ تعليم الناس وتثقيفهم في حدّ ذاته ثروة كبيرة نعتز بها؛ فالعلم ثروة ونحن نبني المستقبل على أساس علمي".

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية