قنبلة الإيغور الموقوتة.. هل تنفجر في وجه الجميع؟

قنبلة الإيغور الموقوتة.. هل تنفجر في وجه الجميع؟


11/08/2022

يوجد في الصين حوالي 25 مليون مسلم، ويعيش في العاصمة بكين وحدها، حوالي ربع مليون منهم، كما يوجد أكثر من 70 مسجداً، وبشكل عام لا يعاني المسلمون من مشكلات حادة في الصين، باستثناء الإيغور في منطقة شينغيانغ؛ حيث واجهت الصين النزعة الانفصالية بإجراءات شديدة العنف والقسوة، زاعمة أنّها لا تستهدف ديناً أو جماعة عرقية؛ بل تستهدف الجماعات المتطرفة.

في 22 آذار (مارس) الماضي، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على الصين؛ بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ضدّ أقلية الإيغور، في منطقة شينغيانغ المتمتعة بالحكم الذاتي، وتبدو تلك العقوبات استكمالاً لسلسلة التحركات الغربية ضدّ بكين، والتي بدأت في 19 كانون الثاني (يناير) الماضي، عندما أعلن وزير الخارجية الأمريكي، آنذاك، مايك بومبيو، في آخر يوم له في منصبه، أنّ الصين ترتكب إبادة جماعية مستمرة ضد الإيغور.

وفي السياق نفسه، تبنى البرلمان الأوروبي، في حزيران (يونيو) الماضي، موقفاً يدين انتهاكات الصين الواسعة لحقوق الإنسان في شينغيانغ، بوصفها  تنطوي على ممارسة الإبادة الجماعية.

وفي وقت لاحق، أقرّ البرلمان الكندي اقتراحاً يعلن الإبادة الجماعية في شينغيانغ، وإن امتنع رئيس الوزراء، جاستن ترودو، عن التصويت. وبالمثل، فرضت الصين عقوبات على الغرب، واتهمت واشنطن بنشر الأكاذيب.

الانتهاكات الصينية توفر بيئة خصبة للإرهاب

تتنوع الانتهاكات الصينية لحقوق الإنسان في شينغيانغ، بين القتل والتعذيب وتقييد الممارسات الدينية والثقافية، بالإضافة إلى الاحتجاز القسري في معسكرات العمل، لأكثر من مليون فرد، وتطلق بكين على هذه المعسكرات، مراكز إعادة التثقيف السياسي، وبحسب التقارير والتسريبات الواردة، فإنّ هذه المعسكرات تبدو قريبة الشبه بمعسكر أوشفيتز النازي.

يوجد في الصين حوالي 25 مليون مسلم

ويمكن القول إنّ الممارسات الصينية، أسهمت بشكل كبير في خلق بيئة خصبة للإرهاب، وتقديم مبرر للتيارات الجهادية؛ وبمعنى أدق تشكيل حاضنة آسيوية على غرار النسق الأفغاني، للجماعات الإرهابية؛ ربما تنفجر بدورها بعد حين في وجه العالم.

تشمل إجراءات مكافحة الإرهاب الصينية، إستراتيجيات تعزيز الأمن، وما تسميه الصين مراكز التدريب والتعليم المهني، وبحسب شهرت ذاكر، حاكم منطقة شينغيانغ، وهو من الإيغور، فإنّ مراكز إعادة التثقيف السياسي، تتضمن تعليم مهارات وظيفية، وتدريس لغة الماندرين، ومواد القانون، ونزع التطرف، كما زعم أنّ جميع المتدربين قد تخرجوا بنهاية العام 2019، لكن مراكز التثقيف سوف تستمر في العمل كمدارس.

 

تلعب جماعات الضغط المرتبطة بالإخوان المسلمين في أمريكا، دوراً مركزياً في الضغط تجاه دعم حركة تحرير تركستان، وقد رحب مجلس (كير)، ذراع الإخوان النشط في المجتمع المدني الأمريكي، بشطب الحركة من قوائم الإرهاب

 

وتُعد الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية (ETIM)، أبرز الجماعات الانفصالية، التي شكلها مسلمو الإيغور، وهي بحسب تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، "جماعة انفصالية إسلامية أسسها مقاتلون من الإيغور، وتربطها علاقات وثيقة بالحركات الأصولية الإسلاميّة، وهي واحدة من أكثر الجماعات الانفصالية تطرفاً، وتسعى إلى دولة مستقلة تسمى تركستان الشرقية، تغطي منطقة تشمل أجزاء من تركيا، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وأوزبكستان، وباكستان، وأفغانستان، ومنطقة الحكم الذاتي في شينغيانغ الإيغورية".

جدير بالذكر أنّه في العام 2002، أدرجت كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، حركة تحرير تركستان جماعة إرهابية، وأشار مجلس الأمن إلى ارتباط الجماعة بتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن، وحركة طالبان.

في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، وبعد يومين فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قامت إدارة ترامب بشطب الحركة من قائمة الجماعات الإرهابية، وربما جاء ذلك كنوع من الضغط على الصين، التي وصلت علاقاتها بالولايات المتحدة في عهد ترامب، إلى ذروة التوتر، منذ الحرب الباردة.

 

مع الوقت، وفي ظل الضغط الصيني، أصبحت منطقة شينغيانغ فناء خلفياً لاستنساخ النموذج الأفغاني، حيث يعمل المتطرفون من الإيغور وجنسيات مختلفة، عبر حدود الصين المليئة بالثغرات، ويتدربون إلى جانب طالبان وتنظيم القاعدة

 

هذا وتلعب جماعات الضغط المرتبطة بالإخوان المسلمين في الولايات المتحدة، دوراً مركزياً في الضغط تجاه دعم حركة تحرير تركستان، وقد رحب مجلس العلاقات الإسلاميةّ الأمريكيّة (كير)، ذراع الإخوان النشط في المجتمع المدني الأمريكي، بشطب الحركة من قوائم الإرهاب، بالإضافة إلى ممارسة دعاية سياسيّة هائلة ضدّ الصين.

استنساخ النموذج الأفغاني

قاتل مقاتلو الإيغور في أفغانستان وأماكن أخرى، ما أسفر عن إصابة قتل العديد منهم، كما احتجزت الولايات المتحدة نحو 22 من الإيغور في سجن غوانتانامو. وفي تمّوز (يوليو) 2020، أعلنت الأمم المتحدة عن انخراط الآلاف من مقاتلي الإيغور، ضمن صفوف تنظيم داعش في سوريا وأفغانستان.

 مع الوقت، وفي ظل الضغط الصيني، أصبحت منطقة شينغيانغ فناء خلفياً لاستنساخ النموذج الأفغاني؛ حيث يعمل المتطرفون من الإيغور وجنسيات مختلفة، عبر حدود الصين المليئة بالثغرات، ويتدربون إلى جانب طالبان وتنظيم القاعدة.

انفجر الإقليم بشكل لافت  بداية من العام 2007، وهزت المنطقة موجة من الهجمات الإرهابية المروعة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص، وإصابة عدد آخر لا يحصى من الأشخاص. وفي تمّوز (يوليو) 2009 ، شهدت العاصمة أورومتشي أعمال شغب واسعة؛ وتعرض 197 شخصا للقنص والضرب والحرق حتى الموت، وجرح 1721 شخصاً. وفي 22 أيّار (مايو) 2014، أسفر تفجير سيارتين مفخختين في نفس المدينة، عن مقتل 43 شخصاً، وإصابة 94 آخرين. ووقعت عشرات الهجمات الأخرى تباعاً.

أشارت دراسة أجريت في العام 2016، بتكليف من الحكومة الأمريكية، إلى أنّه في الفترة من العام 2012 إلى العام 2014، أصبحت الهجمات المحلية في الصين "أكثر تواتراً وتشتتاً من الناحية الجغرافية، كما باتت أكثر عشوائية، وكان الجناة ، في كثير من الحالات، أعضاء متطرفين من جماعة الإيغور العرقية".

ولم يقتصر العنف الشديد على شينغيانغ فقط. ففي العام 2013، لقي خمسة أشخاص مصرعهم، وأصيب 38 في هجوم انتحاري نفذه ثلاثة من الإيغور في العاصمة بكين. وفي العام 2014، أسفرت موجة قتل قام بها ثمانية من الإيغور يحملون السكاكين، عن مقتل 31 شخصاً، وإصابة 141 آخرين، في محطة سكة حديد كونمينغ.

 

في العام 2014، أسفرت موجة قتل قام بها ثمانية من الإيغور يحملون السكاكين، عن مقتل 31 شخصاً، وإصابة 141 آخرين، في محطة سكة حديد كونمينغ

 

وتعتمد إستراتيجية الجماعات الإرهابية في شينغيانغ، على الاختباء بين عامة السكان، والعمل على تجنيد الشباب الغاضب من الإجراءات الصينية، وتوجيههم تحت غطاء ديني، للقيام بعمليات إرهابية تستهدف المدنيين؛ إذ لا توجه تلك الجماعات نيرانها لعناصر الجيش الصيني إلّا نادراً.

وفي ظل حدة الإجراءات الصينية، ونزوعها تجاه إحداث تغيير ثقافي حاد، وممارسة سياسات أشبه بالفصل العنصري، انخرط عدد من المجاهدين العرب والمسلمين ضمن صفوف جماعات الإيغور المتطرفة، والتي اتصلت بتنظيم داعش في أفغانستان والهند، وعلى الرغم من نجاح الجيش الصيني في إحكام السيطرة على مناطق الإيغور، إلّا أنّ العناصر الكامنة داخل الحواضن الشعبية الغاضبة من تقييد الحريات الدينية، وإجراءات التمييز العرقي، تظل قنبلة موقوتة، ربما تتحرك تحت الضغط الصيني إلى مناطق أخرى من آسيا، أو تنفجر في وجه الدولة الشيوعية.

مواضيع ذات صلة:

توتر بين الصين وتركيا.. ما علاقة الإيغور والأكراد؟

مسلمو الإيغور.. بين الاضطهاد الصيني والمتاجرة التركية

مأساة الإيغور في الصين مستمرة: المساجد تتحوّل إلى مزارات سياحية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية