قمة "بغداد 2" في عمّان.. هل تحقق أهدافها؟

قمة "بغداد 2" في عمّان.. هل تحقق أهدافها؟

قمة "بغداد 2" في عمّان.. هل تحقق أهدافها؟


21/12/2022

تحليلات كثيرة وتقارير إعلامية تزامنت مع انعقاد قمة بغداد 2 التي استضافها الأردن أمس، بمشاركة واسعة من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة كإيران والسعودية، بعضها تحدث عن نزع فتيل الأزمات المتفاقمة في المنطقة، والبعض الآخر ربط القمة بمحاولة عربية لإخراج العراق من الفلك الإيراني.

وأعلن مؤتمر القمة، الذي عقد بمشاركة (12) دولة؛ هي العراق والأردن الدولتان المستضيفتان، وفرنسا الداعية له، وكل من تركيا ومصر والكويت والسعودية والإمارات وقطر وسلطنة عُمان والبحرين وإيران، أعلن عن توافق المشاركين على دعم العراق في مواجهة جميع التحديات، بما في ذلك الإرهاب، في وقت دعت فيه باريس، وأطراف إقليميون، العراق إلى الابتعاد عن المحور الإيراني من أجل حل الأزمات المتعددة التي تعصف بالمنطقة.

وعقب انتهاء المؤتمر شدد المشاركون في بيان ختامي على "دعم العراق في تحقيق التنمية الشاملة، والعمل على بناء التكامل الاقتصادي، وأهمية التعاون الثلاثي مع مصر والأردن".

ولفت البيان، إلى أنّ "انعقاد المؤتمر يعكس الحرص على دعم دور العراق بما يسهم في جهود إنهاء التوترات وبناء علاقات إقليمية بنّاءة".

بدوره، دعا الرئيس الفرنسي في كلمته خلال افتتاح المؤتمر العراق إلى اتباع مسار آخر بعيد "عن نموذج يُملى من الخارج"، في إشارة الى إيران التي تتمتع بنفوذ كبير في هذا البلد.

 عقد المؤتمر بمشاركة (12) دولة

وقال ماكرون: "أريد أن أؤكد لكم تمسك فرنسا عبر تاريخها وعملها الدبلوماسي باستقرار المنطقة"، داعياً إلى اتباع "مسار بعيد عن أشكال الهيمنة والإمبريالية، وعن نموذج يُملى من الخارج"، حسبما أوردت وكالة  "فرانس برس".

وأضاف أنّ "العراق اليوم مسرح لتأثيرات وتوغلات وزعزعة ترتبط بالمنطقة بأسرها" بدون ذكر إيران التي يحضر وزير خارجيتها المؤتمر.

وتابع ماكرون أنّ المنطقة "ما زالت تعاني من انسداد وانقسامات وتدخلات وقضايا أمنية، ولا شك أنّ العراق، مع الأخذ في الاعتبار العقود الماضية، هو أحد الضحايا الرئيسيين لزعزعة الاستقرار الإقليمي".

المشاركون بالقمة يتوافقون على دعم العراق في مواجهة جميع التحديات، بما في ذلك الإرهاب

وأصر على أنّ "المنطقة لديها كل شيء للنجاح في جدول أعمال إقليمي وعالمي، لكن يجب أن ننجح بشكل جماعي في تجاوز الانقسامات الحالية".

من جهته، قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في كلمته التي تخللها فقرات بالفرنسية: إنّ "التحديات التي تواجهنا كثيرة وتزداد تعقيداً، لكنّنا نؤمن أيضاً أنّ هذا المؤتمر ينعقد من أجل خدمة مصالحنا المشتركة، لضمان أمن العراق وازدهاره واستقراره ركناً أساسياً في منطقتنا"، مشيراً إلى "دور العراق المحوري والرئيسي في المنطقة، وفي تقريب وجهات النظر لتعزيز التعاون الإقليمي"، وفق ما أوردت قناة المملكة الأردنية.

وتابع: "نؤمن نحن في الأردن بحاجة المنطقة للاستقرار والسلام العادل والشامل والتعاون الإقليمي، وخاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية ومعالجة قضايا الفقر والبطالة، وأنّ مواجهة تحدياتنا المشتركة تستدعي عملاً جماعياً تلمس شعوبنا آثاره الإيجابية".

وأضاف: "ينعقد اجتماعنا اليوم في وقت تواجه فيه المنطقة الأزمات الأمنية والسياسية، بالإضافة إلى تحديات الأمن الغذائي والمائي والصحي، وضرورة تأمين إمدادات الطاقة وسلاسل التوريد والتعامل مع تداعيات التغير المناخي".

ماكرون يدعو العراق إلى اتباع مسار آخر بعيد عن أشكال الهيمنة والإمبريالية وعن نموذج يُملى من الخارج

ولفت الملك عبد الله الثاني إلى أنّ اجتماع اليوم يمثل "فرصة للبناء على مخرجات مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة الذي انعقد العام الماضي، وإعادة التأكيد على دعمنا لجهود العراق في مواصلة مسيرته نحو التنمية والازدهار، وتعزيز أمنه واستقراره واحترام سيادته".

من جانبه، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته أنّ "مصر تؤكد رفضها أيّ تدخلات خارجية في شؤون العراق".

وقال السيسي: "انعقاد مؤتمر بغداد 2 دلالة على الرغبة الصادقة في الانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة من أجل أمن العراق والمنطقة".

وشدد السيسي على المضي قُدماً في الشراكة الاقتصادية مع الأردن والعراق والعمل لإنجاح هذه الشراكة.

قهوجي: لا يريد الإيراني أن يتنازل عن أيّ مكتسبات، فهو يتفاوض من منطلق (ما لي هو لي)، وأتوقع ألّا تتحلحل الأمور طالما أنّ الموقف الإيراني لا يتغير

بدوره، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في كلمته أنّ "العراق متمسك ببناء علاقات تعاون وثيقة ومتوازنة مع كل الشركاء الإقليميين والدوليين، وينأى بنفسه عن اصطفاف المحاور وأجواء التصعيد، وينفذ سياسة التهدئة وخفض التوترات".

وأضاف أنّ العراق "يرفض التدخل بشؤونه الداخلية، ومسّ سيادته، أو الاعتداء على أراضيه، وفق وكالة الأنباء الرسمية".

وتابع: "لا يمكن اعتماد مبدأ القوة في مساعي حل الخلاف أو الاختلاف، ولا نسمح باستخدام هذا المبدأ ضد العراق، وفي الوقت نفسه لا نقبل أن ينطلق أيّ تهديد من العراق ضد أيّ دولة من دول الجوار أو المنطقة"، مشيراً إلى أنّ "واجبنا أن نعتمد الحوار والتفاهم لحل مشاكلنا".

من جانبه، دعا وزير خارجية إيران في كلمته دول المنطقة إلى الحوار، مؤكداً "على أنّ الحوار بين دول الإقليم ليس خياراً بل ضرورة ملحة".

أمّا عن نتائج المؤتمر، فقد قال مدير معهد الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية رياض قهوجي في تصريح لوكالة "رويترز": إنّ للمؤتمر "طموحات كبيرة، لكن لا أحد ينتظر معجزات".

السيسي: مصر تؤكد رفضها أيّ تدخلات خارجية في شؤون العراق، وعلى المضي قُدماً في الشراكة الاقتصادية مع الأردن والعراق

ورأى قهوجي أنّ فرنسا هي بمثابة "رأس حربة للغرب في إبقاء التواصل مع الطرف الإيراني، خصوصاً على وقع الجمود في مفاوضات فيينا النووية"، مؤكداً أنّه من الضروري معاينة موقف إيران باعتبارها "العنوان الكبير"، ذلك أنّ يدها "موجودة في كل مكان، من العراق إلى سوريا، مروراً بلبنان واليمن".

وأضاف: "لا يريد الإيراني أن يتنازل عن أيّ مكتسبات، فهو يتفاوض من منطلق (ما لي هو لي) في هذه الدول"، وأتوقع ألّا تتحلحل الأمور طالما أنّ الموقف الإيراني لا يتغير".

ويرى الباحث الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية حمزة حداد أنّ "القمة الأولى هدفت إلى إظهار أنّ بمقدور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن يجمع قادة المنطقة، لا سيّما دول الخليج، في بغداد".

حداد: أعتقد أنّ العراقيين وغير العراقيين يودون هذه المرة أن يروا الاجتماع يفضي إلى أجندة أكثر جدية

وفي النسخة الثانية في عمّان، "سيكون هدف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إظهار قدرته على الحفاظ على هذه العلاقات"، وفق حداد.

ويضيف: "مع ذلك، أعتقد أنّ العراقيين وغير العراقيين يودون هذه المرة أن يروا الاجتماع يفضي إلى أجندة أكثر جدية".

هذا، وأكد خبراء أردنيون أنّ انعقاد مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في دورته الثانية "بغداد 2" في مدينة البحر الميت بالأردن، وبمشاركة العديد من الرؤساء والزعماء من مختلف دول العالم، يأتي في توقيت مهم للغاية، ويمثل خطوة استباقية لمواجهة التحديات الراهنة وخصوصاً الاقتصادية والأمنية.

وقال الخبراء: إنّ "قمة بغداد 2"، التي انعقدت للتأكيد على دعم العراق وسيادته وأمنه واستقراره، ولتطوير آليات التعاون معه بما يعزز الأمن والاستقرار ويسهم في عملية التنمية في المنطقة، تؤكد أيضاً أنّ التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق نموذج يحتذى به في العلاقات العربية ـ العربية، ويسعى لتعزيز التعاون المشترك مع كافة دول الإقليم من أجل مواجهة التحديات والأزمات التي تؤثر بشكل كبير على شعوب المنطقة.

أكد رئيس الوزراء العراقي أنّ العراق "يرفض التدخل بشؤونه الداخلية، ومسّ سيادته، أو الاعتداء على أراضيه"

وقال عضو اللجنة الاستراتيجية والصحة بحزب الائتلاف الوطني الأردني الدكتور محمد الطراونة: إنّ توقيت انعقاد قمة "بغداد 2" يمثل طوق نجاة للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها المنطقة، مشيراً إلى أنّ مناقشات القادة تعمل على تعزيز التعاون المشترك مع الدول المشاركة، وتعميق العلاقات الاستراتيجية، وخصوصاً بين مصر والأردن والعراق.

وأشار الطراونة، في تصريح صحفي لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إلى أنّ الملفات التي وضعت على مائدة القادة المشاركين عززت من أهمية التضامن والشراكة العربية، مؤكداً أنّ نموذج مصر والأردن في العلاقات الاستراتيجية والتعاون يحتذى به من أجل مزيد من قوة العلاقات العربية ـ العربية.

خبراء: "قمة بغداد 2" انعقدت تأكيداً على دعم العراق وسيادته واستقراره، ولتطوير آليات التعاون بما يسهم في عملية التنمية في المنطقة

من جانبه، قال الخبير والمستشار الاقتصادي الدولي الأردني عامر الشوبكي، في تصريح صحفي: إنّ قمة "بغداد 2" جاءت في وقت صعب للغاية، وخصوصاً الوضع الاقتصادي العالمي، موضحاً أنّ القمة تعقد وسط التعافي من أزمة كورونا وفي ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ممّا يؤكد أنّ وسائل المواجهة قد تكون صعبة، ولكنّها ليست مستحيلة.

ولفت الشوبكي إلى أنّ القمة يجمعها هدف واحد هو تحقيق المصالح المشتركة للدول المشاركة، والاستفادة المتبادلة من إمكانيات بعضها البعض، مؤكداً أنّ مصر تمتلك القدرات البشرية والإمكانيات، والأردن لديه التقنيات الحديثة، ومن ثم يمكن أن يستغل ذلك في حل الأزمات المطروحة بالمنطقة وخصوصاً الاقتصادية، مع وجود القوة المالية في العراق ودول مجلس التعاون الخليجي.

وأردف أنّ تمثيل الاتحاد الأوروبي في هذه القمة من خلال التواجد الفرنسي يؤكد أنّ أوروبا لا تستطيع الاستغناء عن العالم العربي وخصوصاً دول الإقليم، مؤكداً أنّ العالم العربي حالياً يعمل على أن تكون المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة هي أساس أيّ تعاون وتنسيق مع الأطراف الدولية.

عبد الله الثاني: اجتماع اليوم فرصة لإعادة تأكيد دعمنا لجهود العراق في مواصلة مسيرته نحو التنمية والازدهار وتعزيز أمنه واحترام سيادته

في السياق ذاته، قالت الناشطة الحقوقية الأردنية مي جاد الله: إنّ "قمة بغداد 2" تمثل مائدة حوار دولي عالمي للتحديات التي يواجهها العراق والمنطقة بأسرها، مؤكدة أنّ هناك اهتماماً مصرياً أردنياً عربياً بالعمل على المساهمة في تقديم الحلول لهذه التحديات عبر الخبرات والقدرات المصرية الأردنية العربية.

وشددت في تصريح صحفي لوكالة (أ ش أ) على ضرورة وضع استراتيجية ناجحة للمشكلات العربية في كافة البلدان، والعمل على التنسيق المتبادل والاستفادة من الخبرات والقدرات لدى الدول العربية وبعضها البعض، مؤكدة أنّ التعاون العربي المشترك والتنسيق المتبادل على مبدأ المصلحة للجميع سيساهم في حلّ هذه الأوضاع الراهنة.

ويعقد مؤتمر "بغداد 2" في الأردن على ساحل البحر الميت، بعد دورة أولى أقيمت في العاصمة العراقية خلال آب (أغسطس) 2021 بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعراق.

وتُعدّ قمة "بغداد 2" خطوة نحو الاهتمام بقضايا العراق ومشكلات المنطقة، ومساهمة في تحقيق التكامل الثلاثي العربي ما بين العراق والأردن ومصر، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، حيث تركز قمة "بغداد 2" على (5) ملفات بارزة؛ تأتي على رأسها الأوضاع في العراق ولبنان وسوريا، ومكافحة الإرهاب، وأمن الغذاء، والطاقة، والملف النووي الإيراني.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية