قمة العقبة: استعادة المسار السياسي و"اللاءات" العربية الثلاث

قمة العقبة: استعادة المسار السياسي و"اللاءات" العربية الثلاث

قمة العقبة: استعادة المسار السياسي و"اللاءات" العربية الثلاث


14/01/2024

تمثل القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية، التي انعقدت مؤخراً في مدينة العقبة بين قادة الدول الـ (3)؛ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، تمثل جزءاً من الاصطفاف الإقليمي لجهة إيجاد مقاربة عملية لحلِّ الأزمة في غزة، وبحث سبل الأفق السياسي المطلوب لإنهاء الصراع المحموم ميدانياً؛ ولهذا أكدت القمة على جملة ثوابت أو بالأحرى "اللاءات" العربية الـ (3)، الممثلة في لا للتهجير القسري ونقل الفلسطينيين خارج أراضيهم، ولا لتصفية القضية الفلسطينية، ولا لبقاء آلة القتل الإسرائيلية بهذا المستوى من العنف والعدوان.

اصطفاف إقليمي لحماية حقوق فلسطين

وقد جاءت مخرجات القمة تماثل المواقف السياسية والإقليمية السابقة، التي تطالب بوقف فوري لعمليات القتال بحق المدنيين، وضرورة السماح بوصول المساعدات الإغاثية والإنسانية الطبية للمرضى والمصابين.

وذكر الناطق بلسان الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أنّ القمة الثلاثية الفلسطينية الأردنية المصرية "تأتي في إطار سلسلة اللقاءات الفلسطينية العربية الدولية التي تهدف إلى وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة"، مؤكداً أنّ لقاءات الرئيس محمود عباس مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني "ربما تتطور إلى لقاء أوسع قريباً". وقال أبو ردينة: "هناك سلسلة لقاءات فلسطينية عربية دولية على مدار الساعة تهدف إلى وقف العدوان". 

زيد الأيوبي: قمة العقبة تعكس حالة الانسجام الفلسطيني العربي بخصوص العدوان الإسرائيلي على غزة، وتؤكد على ضرورة إنهاء العدوان وتكريس الحماية للمدنيين الفلسطينيين

 

وتابع: "اللقاءات مع الرئيس السيسي ومع الملك عبد الله تتم وفقاً لما تم الاتفاق عليه في المجموعة العربية المصغرة حول كيفية العمل على الساحة الدولية، وتهدف إلى إجبار أمريكا وإسرائيل على وقف الحرب وسرعة إدخال المساعدات، ووقف الهجمات في الضفة الغربية، ووقف اعتداءات المستوطنين. وتهدف هذه التحركات إلى وضع الإدارة الأمريكية أمام مسؤولياتها، خاصة أنّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جال على كل هذه الدول العربية خلال الأيام القليلة الماضية".

المستشار زيد الأيوبي

بيد أنّه "حتى هذه اللحظة ما تزال الأمور تراوح مكانها"، والحديث للناطق بلسان الرئاسة الفلسطينية، حيث "لم يتم الإفراج عن الأموال الفلسطينية، ولم تتوقف الحرب في غزة، ولم يتوقف عدوان إسرائيل على الضفة الغربية...، ورغم ذلك فنحن مستمرون في جهودنا كفلسطينيين وعرب للتوجه نحو الإدارة الأمريكية للضغط عليها وإجبارها وإجبار إسرائيل بالتوقف عن الحرب".

وفي حديثه لـ (حفريات) يقول المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي بحركة فتح، المستشار زيد الأيوبي: إنّ القمة الثلاثية التي انعقدت في العقبة وجمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس "تعكس حالة الانسجام الفلسطيني العربي بخصوص العدوان الإسرائيلي على غزة، وتؤكد على الاهتمام البالغ لدى الدولة المصرية باعتبارها قائدة الأمّة العربية، فضلاً عن أهمية دور المملكة الأردنية الهاشمية، وهي مواقف وأدوار تؤكد على ضرورة إنهاء العدوان وتكريس الحماية للمدنيين الفلسطينيين".

لا مصالح على حساب الدم الفلسطيني

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي بحركة فتح على أنّ هذه القمة التي انعقدت بُعيد زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة لها دلالة على "رسالة الأمّة العربية بأنّ إسرائيل لا تستطيع تمرير أمنها، ومصالحها الإقليمية على حساب الدم الفلسطيني، وأنّه لا بدّ من العودة إلى طاولة المفاوضات لتكريس حل الدولتين الذي يُعتبر الحل الأمثل للصراع العربي الإسرائيلي، وأنّ ما تقوم به إسرائيل من عدوان عسكري وتكريس للاستيطان يقوض هذا الحل، بل يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها". وختم الأيوبي حديثه قائلاً: إنّ "الشعب الفلسطيني يحترم ويقدر عالياً الجهد المصري والأردني لإنهاء العدوان الإسرائيلي، ومجابهة كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية".

وفي ما يتصل بزيارة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، قال أبو ردينة: "هذه هي الزيارة الخامسة لبلينكن إلى المنطقة، لكن لا أستطيع أن أقول إنّها أسفرت عن شيء ملموس سوى التصريحات الإيجابية الدائمة التي يقولها دائماً الجانب الأمريكي، إنّه مع حل الدولتين، ومع إدخال المساعدات إلى غزة، وإنّهم ضد اعتداءات وعنف المستوطنين، وإنّهم يريدون خلق مناخ يؤدي إلى تحقيق أمن وازدهار واستقرار المنطقة. ومن الواضح أنّ الإدارة الأمريكية لا تأخذ بعين الاعتبار أيّ موقف فلسطيني أو عربي، وتعتبر أنّ إسرائيل لها الحق في حماية نفسها، بالرغم من أنّنا نقول لهم إنّ حماية النفس لا تعني قتل آلاف المواطنين، وإصابة أكثر من (100) ألف فلسطيني في غزة، ومئات الإصابات في الضفة الغربية، إلى جانب الاعتداء وبناء المستوطنات أو البؤر الاستيطانية، وسرقة أموال الشعب الفلسطيني".

إذاً، فالقمة الثلاثية هي محاولة للضغط لمنع تفلت الأوضاع، وإرسال إشارات تحذيرية للأطراف كافة التي تكاد تقف على الحافة في ظل ارتفاع مؤشرات توسع الحرب لما هو أبعد من غزة، وبما يجعل الأمن الإقليمي والدولي في خطر. وبالتالي فالحلول العملية هي إيجاد تسوية شاملة عبر إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك داخل حدود ما قبل 5 حزيران (يونيو) 1967، الأمر الذي لن يحدث سوى بالاستجابة التامة للبدء في الوقف النهائي والفوري لإطلاق النار. 

وقد شدد قادة الدول الـ (3) على أنّ الأوضاع في ظل السيولة الأمنية الحالية تكشف عن احتمالية امتداد الحرب وانتقال عدوى الصراع إلى جبهات أخرى، كما هو الحال في جنوب لبنان، أو في اليمن وعسكرة الملاحة الدولية. 

رسائل وإشارات تحذيرية لكافة الأطراف

إلى ذلك، قال الناطق بلسان رئاسة الجمهورية المصرية المستشار أحمد فهمي: إنّ الرئيس محمود عباس استعرض مستجدات العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وما خلفته من مأساة إنسانية كارثية، إلى جانب الأوضاع في الضفة الغربية وما تشهده من تصاعد للتوتر والعنف من قبل الجانب الإسرائيلي. وأوضح فهمي: "تم خلال المباحثات تأكيد الدور المحوري الذي تضطلع به السلطة الوطنية الفلسطينية، وضرورة اتخاذ كافة الإجراءات لتقديم الدعم للسلطة للقيام بدورها"، وتابع: "القضية الفلسطينية تمر اليوم بمفترق طرق؛ ممّا يتطلب من المجتمع الدولي والقوى الفاعلة التحلي بأعلى درجات المسؤولية، التاريخية والسياسية والإنسانية، للعمل على التسوية العادلة والشاملة، التي تتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وإقامتها على حدود 4 حزيران (يونيو) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وباعتبار ذلك أيضاً الضامن الأساسي للأمن والاستقرار في المنطقة".

 الباحث المصري المختص في القضايا السياسية والأمن الإقليمي  محمد فوزي

وقد تزامنت القمة الثلاثية مع لقاء عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وفد أمريكي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ومختلف اللجان بالكونغرس، برئاسة السيناتور جوني إرنست، وبحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري. 

وقال المستشار أحمد فهمي، الناطق بلسان رئاسة الجمهورية: إنّ اللقاء شهد تأكيداً على أهمية ومحورية الشراكة الاستراتيجية والعلاقات الوثيقة بين مصر والولايات المتحدة، وأكد الوفد الأمريكي حرص الولايات المتحدة، والكونغرس بصفة خاصة، على تطوير مجالات التعاون المشترك بين البلدين، إدراكاً لمكانة ودور مصر الإقليمي وجهودها الدؤوبة لتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.

محمد فوزي: القمة بعثت برسائل مهمة، وهي رفض أيّ مخططات تعمل على تهجير الفلسطينيين، الأمر الذي يُعدّ من ثوابت السياسة المصرية والأردنية

 

وتابع: "اللقاء شهد حواراً مفتوحاً بين الرئيس والوفد الأمريكي بشأن تطورات المشهد الإقليمي، لا سيّما في قطاع غزة، واستعرض الرئيس السياق العام للأوضاع الحالية"، لافتاً إلى "ضرورة العمل بجدية على التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً للمرجعيات المعتمدة"، كما أنّ "الأولوية الراهنة تتمثل في التوصل إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وايصال المساعدات الإغاثية بالكميات الكافية لمواجهة المأساة الإنسانية التي يواجهها أهالي القطاع، اتساقاً وتنفيذاً للقرارات الأممية ذات الصلة". 

وفي حديثه لـ (حفريات) يقول الباحث المصري المختص في القضايا السياسية والأمن الإقليمي  محمد فوزي: إنّ القمة بعثت برسائل مهمة، وهي "رفض أيّ مخططات تعمل على تهجير الفلسطينيين، الأمر الذي يُعدّ من ثوابت السياسة المصرية والأردنية، وهذا التهجير يعني تصفية القضية الفلسطينية، فضلاً عن كونه يؤدي إلى تهديدات جمّة للأمن القومي بالبلدين". 

ووفق فوزي، فإنّ قادة الدول الـ (3) أكدوا على ضرورة العودة إلى المسار السياسي، ورفضوا القيام بأيّ إجراء من شأنه إعادة "احتلال مناطق في غزة"، أو تدشين "مناطق آمنة فيها"، موضحاً أنّ القمة شددت في مخرجاتها على "دعم السلطة الفلسطينية، بما يجعلها تقوم بمهامها في حماية الشعبي الفلسطيني من الخروقات الحقوقية كافة التي تقع بحقه، وذلك انطلاقاً من فكرة مؤداها أنّ السلطة في الضفة هي الوحيدة الجهة الشرعية الوحيدة سياسياً التي بمقدورها التعبير عن القضية الفلسطينية". 

 

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية