قضية المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين في ليبيا تعود إلى الواجهة

قضية المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين في ليبيا تعود إلى الواجهة


13/10/2021

أعادت حادثة الفرار الجماعي لآلاف المهاجرين غير الشرعيين من مركز للإيواء في العاصمة الليبية طرابلس، وانتشارهم في كل الشوارع والأحياء المجاورة، قضية المهاجرين إلى الواجهة.

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: تعرض لاجئين في طرابلس الليبية للاضطهاد... تفاصيل

فعلى الصعيد المحلي أصبح جلياً عجز الأجهزة المعنية عن توفير متطلبات الحياة للمحتجزين في تلك المراكز، لهذا سمح للمهاجرين بالفرار للفت الأنظار إلى قضيتهم، وفق ما  نقلت قناة "218" الليبية، التي قالت أيضاً إنّ إدارة مركز التجميع والعودة في طرابلس أطلقت سراح المهاجرين المحتجزين لعجزها عن توفير احتياجاتهم الأساسية من أكل وشرب، بعد ازدياد عدد المحتجزين عقب الحملة الأمنية التي نفذت الأسبوع الماضي.

ومن جانبه، تقدم المجلس الرئاسي الليبي باعتذار بشأن الأحداث المؤسفة التي تعرض لها المهاجرون أثناء خروجهم من مركز الإيواء الجمعة الماضية نتيجة التدافع".

أصبح جلياً عجز الأجهزة المعنية عن توفير متطلبات الحياة للمحتجزين في تلك المراكز

ووصف عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني المهاجرين بـ"ضيوف ليبيا وعابري السبيل المحتاجين لأن ندعمهم ونحترمهم"، وفق ما أوردت صحيفة "بوابة الوسط" الليبية.

وكشف عضو المجلس الرئاسي الليبي أنّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعهدت بمنح المهاجرين في ليبيا بطاقات لجوء، ونقلهم للبلدان التي تريد استضافتهم.

وأضاف خلال زيارته مركز عين زارة الخاص بإيواء المهاجرين، السبت الماضي، أنّ سفارات وقنصليات بعض الدول التي ينتمي إليها المهاجرون وافقت على عودة رعاياها إلى بلدانهم، حال رغبوا في ذلك، وفق بيان صادر عن المجلس الرئاسي.

إدارة مركز التجميع والعودة في طرابلس تطلق سراح المهاجرين المحتجزين لعجزها عن توفير احتياجاتهم الأساسية من أكل وشرب

 

 وأكد ضرورة "إنهاء معاناة ضيوف ليبيا، وإخلاء العائلات الموجودة بمركز الإيواء، وعلاج المصابين، وعودة أصحاب المهن إلى سابق أعمالهم بالتواصل مع رب العمل".

 ودعا الكوني من غادروا مركز الإيواء لعدم الخوف من التنقل بحرية، والعلاج في المرافق الصحية للمصابين، والتوجه لمقر المنظمة الدولية للهجرة للتقدم بطلبات اللجوء، والتواصل مع سفارات بلدانهم للتقدم بطلبات العودة.

عضو المجلس الرئاسي طالب الاتحاد الأوروبي بـ"تحمل مسؤولياته الأخلاقية، بعدم عودة المهاجرين من البحر إلى ليبيا، لأنّ الحد من الهجرة يجب أن يكون في الحدود الجنوبية، وليس في عرض البحر".

وكانت وزارة الداخلية الليبية قد أكدت فرار عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة من مقر الإيواء الخاص بهم بمنطقة غوط الشعال في طرابلس، مقدرة أعدادهم بنحو 2000 شخص.

اقرأ أيضاً: اللاجئون السوريون في لبنان: البقاء فقر والرحيل مخاطرة!

بالمقابل، أعلن مدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة في طرابلس فيديريكو سودا مقتل 6 مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء على يد حراس ليبيين بالرصاص في مركز احتجاز في العاصمة.

من جانبها، حذّرت منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أمس من "خطر فوري" يتهدّد ما لا يقل عن 1000 امرأة وطفل من الموقوفين في مراكز لاحتجاز اللاجئين في ليبيا.

 

المجلس الرئاسي الليبي يتقدم باعتذار بشأن الأحداث المؤسفة التي تعرض لها المهاجرون أثناء فرارهم من مركز الإيواء نتيجة التدافع

 

وقال فرع المنظمة في ليبيا في صفحته على فيسبوك بالعربية: إنّ "ما يقرب من 751 امرأة و255 طفلاً من بين آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء تم القبض عليهم ضمن الاعتقالات الجماعية الأخيرة"، وفق صحيفة "المرصد" الليبية.

وأشار إلى وجود "5 أطفال غير مصحوبين بذويهم، و30 رضيعاً" بين المحتجزين.

وحذّرت المنظمة في بيانها من أنّ "سلامة ورفاه ما لا يقلّ عن 1000 امرأة وطفل من المحتجزين في مراكز الاحتجاز في طرابلس في خطر فوري".

ودعت إلى "الإفراج الفوري عن جميع الأطفال في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا".

اقرأ أيضاً: تقرير: مشاعر الأتراك المعادية للاجئين السوريين في تصاعد

هذا، وأعربت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مارتا هورتادو أول من أمس في جنيف عن شعورها بالقلق "إزاء المعاناة التي ما زال المهاجرون وطالبو اللجوء يواجهونها في ليبيا، حيث يتعرضون بشكل يومي لعدد لا يحصى من الانتهاكات لحقوقهم والتجاوزات من قبل جهات حكومية وغير حكومية".

 ونددت بارتكاب "سلسلة من الأحداث المروعة" أسفرت عن مقتل 6 أشخاص بين المهاجرين وطالبي اللجوء، وفق وكالة "رويترز".

ما يقرب من 751 امرأة و255 طفلاً من بين آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء تم القبض عليهم ضمن الاعتقالات الجماعية الأخيرة

وبحسب منظمة "أطباء بلا حدود" استُهدف في حملة التوقيفات التي شنتها الأجهزة الأمنية الليبية خلال الأسابيع الماضية ما لا يقلّ عن 5 آلاف شخص بين مهاجرين ولاجئين تم احتجازهم في ظروف مزرية.

بدوره، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان نشره أمس، إنّ "السلطات الليبية تحتجز منذ أشهر مئات المهاجرين المغاربة دون مسوغات قانونية، وفي ظروف احتجاز غير إنسانية".

وبيّن المرصد، ومقره جنيف، أنه تلقى معلومات تفيد بأنّ "المهاجرين المغاربة يتوزعون على عدة مراكز احتجاز غرب ليبيا، ومنها مركز الدرج بالقرب من منطقة غدامس، وسجن عين زارة، وغوط الشعال"، بمحاذاة العاصمة الليبية طرابلس.

 

المجلس الرئاسي: سفارات وقنصليات بعض الدول التي ينتمي إليها المهاجرون وافقت على عودة رعاياها إلى بلدانهم، حال رغبوا في ذلك

 

وأشار المرصد إلى أنّ المحتجزين "يعانون من ظروف صحية صعبة، خاصة مع إصابة عدد كبير منهم في مركز الدرج بفيروس كورونا، وسط انعدام الرعاية الصحية".

وبحسب المعلومات التي تلقاها المرصد، "تتجاهل إدارة السجون ومراكز الاحتجاز توفير الرعاية الصحية للمهاجرين المحتجزين، وخاصة من يعانون من فيروس كورونا، ولا توفر سوى كميات محدودة جداً وغير كافية من الطعام، ولا تتوفر مياه نظيفة للشرب، ويعيش المحتجزون ضمن بيئة غير صحية، ممّا ساعد على تفشي الأمراض المعدية بينهم على نحو واسع".

اقرأ أيضاً: ما مصير اللاجئين السوريين العائدين من لبنان؟.. مسؤول أمني يجيب

وعلم المرصد الأورومتوسطي أنّ معظم المهاجرين المحتجزين يعبرون الحدود المغربية الجزائرية انطلاقاً من مدينة وجدة، ويذهبون إلى ليبيا براً، ومن ثم تبدأ رحلة الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط نحو السواحل الإيطالية، بتنسيق ومساعدة من مهربين داخل ليبيا.

ويخرج المهاجرون من المغرب دون أي أوراق ثبوتية، ظناً منهم أنّ ذلك سيساعدهم في طلب اللجوء لدى وصولهم إلى السواحل الإيطالية.

يعانون من ظروف صحية صعبة، خاصة مع إصابة عدد كبير منهم في مركز الدرج بفيروس كورونا، وسط انعدام الرعاية الصحية

وفيما يتعلق بكيفية احتجاز المهاجرين المغاربة، فإنّ جزءاً منهم يحتجز على يد قوات حرس الحدود الليبية بعد دخولهم من الجزائر، أمّا الجزء الآخر، فتحتجزه قوات خفر السواحل الليبية في عرض البحر لدى محاولتهم الهجرة إلى إيطاليا، وينقل جميعهم إلى مراكز الاحتجاز المذكورة غرب ليبيا.

وقد تواصل المرصد مع عدة جهات رسمية ليبية لسؤالهم عن أوضاع المهاجرين المغاربة المحتجزين في ليبيا، لكنه لم يحصل على رد منهم، بحسب ما ذكر في بيانه.

ووفق متابعة المرصد، نظّم أهالي المهاجرين المغاربة المحتجزين في ليبيا 5 وقفات احتجاجية في الفترة الماضية أمام مقر وزارة الخارجية بالعاصمة الرباط، للمطالبة بالتدخل للإفراج عن أبنائهم، وتلقوا وعوداً من مسؤولين مغاربة بحل القضية، إلا أنّ التحركات في هذا الملف ما تزال محدودة، ولا تشي بنوايا جدية لحل الأزمة بشكل نهائي.

 

مكتب المنظمة الدولية للهجرة في طرابلس يعلن مقتل 6 مهاجرين من دول أفريقيا على يد حراس ليبيين بالرصاص في مركز احتجاز

 

وكشف مصدر رفيع المستوى بالخارجية المغربية لصحيفة "هسبريس" الإلكترونية، في 6 أيلول (سبتمبر) الماضي، أنّ المغرب ينسق مع ليبيا "لإرجاع 195 مغربياً موقوفين في ليبيا"، مؤكداً أنّ "هناك تنسيقاً على أعلى مستوى" لضمان عودتهم.

من جهته، قال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي يوسف سالم: إنّ مسؤولية الحفاظ على حياة هؤلاء المحتجزين تقع على عاتق كل من الحكومتين الليبية والمغربية.

اقرأ أيضاً: هل ترحّل تركيا اللاجئين السوريين؟.. مسؤول حقوقي يعلق على الموضوع

ويوضح سالم أنّ الحكومة الليبية ملزمة وفق الاتفاقيات والأعراف الدولية ذات العلاقة بمعاملة هؤلاء المحتجزين معاملة كريمة، وتوفير إيواء مناسب لهم، وتمكينهم من الحصول على حقوقهم الأساسية، أمّا الحكومة المغربية، فيجدر بها العمل على حماية رعاياها في ليبيا، والتأكد من أوضاعهم الإنسانية والقانونية.

وتشهد موجات المهاجرين المنطلقة من السواحل الليبية نحو شواطئ أوروبا ارتفاعاً متزايداً لم يسجل منذ أعوام؛ لأسباب مختلفة أبرزها الهدوء النسبي الذي تعيشه ليبيا منذ عام، وفقاً لتقرير نشرته "فرانس برس" في آب (أغسطس) الماضي.

تشهد موجات المهاجرين المنطلقة من السواحل الليبية نحو شواطئ أوروبا ارتفاعاً متزايداً لم يسجل منذ أعوام

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنه تم اعتراض أو إنقاذ 20257 مهاجراً منذ بداية العام الحالي، ما يعادل تقريباً عدد إجمالي المهاجرين الذين تم إنقاذهم أو اعتراضهم العام الماضي وإعادتهم إلى ليبيا.

وأكد مسؤول في القوات البحرية الليبية، رفض الكشف عن اسمه، أنّ هناك ارتفاعاً بنسبة 100% بين كانون الثاني (يناير) وتموز (يوليو) الماضيين في مغادرة المهاجرين غير القانونيين ليبيا، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

اقرأ أيضاً: منظمة العفو الدولية تنتقد تركيا.. ما علاقة اللاجئين؟

ويرى الحقوقي والباحث في شؤون الهجرة أنور الورفلي أنّ هذا الارتفاع في أعداد المهاجرين غير النظاميين يعود لأسباب عدة: أبرزها الهدوء النسبي الذي تعيشه ليبيا منذ قرابة عام.

في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) قُتل شخص على الأقل عندما دهمت عناصر من وزارة الداخلية حياً فقيراً يبعد 12 كيلومتراً غرب طرابلس، يضم مئات المهاجرين وطالبي اللجوء.

وأسفرت العملية أيضاً عن جرح 5 أشخاص، على الأقل، وتوقيف ما لا يقل عن 4 آلاف آخرين حُشروا في "زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء" في مركز "المباني".

 

يونيسف تحذر من "خطر فوري" يتهدّد ما لا يقل عن 1000 امرأة وطفل من الموقوفين في مراكز لاحتجاز اللاجئين في ليبيا

 

وفي 2 تشرين الأول (أكتوبر) نُقل عدة مئات من المهاجرين إلى مركز احتجاز في مدينة غريان الذي فر منه 500 مهاجر في الـ6 من الشهر ذاته، وقد أطلق الحراس النار وقتلوا "4 أشخاص على الأقل"، وجرحوا "كثيرين آخرين"، بحسب حصيلة أولية للمفوضية.

أمّا في 8 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، فقد أطلق حراس مركز "المباني" النار على الموقوفين "ممّا أسفر عن مقتل وإصابة عدد غير معروف"، بحسب المتحدثة.

وتشكّل ليبيا نقطة عبور رئيسية لعشرات آلاف المهاجرين الآتين بغالبيتهم من أفريقيا جنوب الصحراء سعياً للوصول إلى أوروبا عبر السواحل الإيطالية التي تبعد نحو 300 كيلومتر عن الشواطئ الليبية.

ومنذ أعوام، تموّل إيطاليا والاتحاد الأوروبي عمليات صيانة وتجهيز وتدريب خفر السواحل الليبيين، لضمان أن يمنعوا المهاجرين من بلوغ أوروبا، لكنّ ليبيا تؤكد حاجتها إلى تطوير قدراتها البحرية على نطاق أوسع.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية