في ظل استمرار الخلافات... إلى أين وصلت جهود المصالحة الليبية؟

في ظل استمرار الخلافات... إلى أين وصلت جهود المصالحة الليبية؟

في ظل استمرار الخلافات... إلى أين وصلت جهود المصالحة الليبية؟


19/12/2023

في ظل استمرار المحاصصات، إلى جانب الاقتتال والسلاح، واختلاف وجهات النظر حتى الآن، يجري الاستعداد لعقد المؤتمر العام لمشروع المصالحة الوطنية المقرّر في 28 نيسان (أبريل) المقبل بمدينة سرت، بعد أن تم تحديد آلية تشكيل اللجنة التحضيرية لتنظيم المؤتمر، واختصاصاتها ونظامها الداخلي.

لكنّ هذا الملف ما زال يراوح مكانه، رغم الخطوات المعلنة من قبل المجلس الرئاسي، نظراً لعدّة عقبات تعترضه؛ أهمّها تجميع الأطراف السياسية الرئيسية لاستعادة الثقة فيما بينها، بسبب الخلافات المستمرة والنزاع على السلطة والثروة.

انسحاب فريق سيف الإسلام القذافي

أعلن الفريق السياسي للمرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي انسحابه من المشاركة في مشروع المصالحة الوطنية الذي يقوده المجلس الرئاسي، احتجاجاً على استمرار سجن رموز نظام معمر القذافي.

واتهم فريق نجل القذافي، في بيان، المجلس الرئاسي بعدم الجديّة تجاه عملية المصالحة من خلال عدم معالجة ملف إطلاق سراح رموز النظام السابق المعتقلين منذ 2011 دون توجيه تهم إليهم، معتبراً أنّه "من العبث الاستمرار في هذا المشروع؛ لأنّ روح الانتقام ما تزال سائدة مع استمرار معاملة بعض الليبيين على أنّهم عبيد، وأنّهم مواطنون من الدرجة الثانية"، مشدّداً على أنّ العدالة ينبغي ألّا تكون لطرف على حساب طرف آخر.

وانسحاب ممثلي سيف الإسلام القذافي قد يؤدي إلى إجهاض مشروع المصالحة الذي يتولى المجلس الرئاسي الإشراف عليه، ويستهدف إنهاء الخلافات والعداوات بين الليبيين التي خلفتها وراكمتها الصراعات المسلحة في البلاد.

أعلن الفريق السياسي للمرشح الرئاسي سيف الإسلام القذافي انسحابه من المشاركة في مشروع المصالحة الوطنية

وينظر أنصار النظام السابق إلى سيف الإسلام على أنّه رمز وطرف مهم في مشروع المصالحة الوطنية ولمّ شمل الليبيين، نظراً لشعبيته في كافة مناطق ليبيا وخبرته السياسية.

ولكنّ نجل القذافي ما يزال مطلوباً للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحقّ المتظاهرين الذين شاركوا في ثورة 17 شباط (فبراير) 2011.

ثوابت المصالحة

وتعمل اللجنة في الوقت الراهن على إعداد الآليات والأهداف والترتيبات الخاصة بانعقاد المؤتمر، والبنود التي يجب أن تقر بمشاركة الأطراف الليبية كافة، وتغيب حتى الآن التفاصيل الخاصة بشأن المعايير والآليات التي يعقد المؤتمر بناء عليها، وما يجب أن يتمخض عنه، الأمر الذي يطرح تساؤلات بشأن إسهام المؤتمر في حلحلة الوضع السياسي المعقد بين الأطراف الليبية على الساحة.

 

الملف ما زال يراوح مكانه، رغم الخطوات المعلنة من قبل المجلس الرئاسي، نظراً لعدّة عقبات تعترضه

 

وخلال أعمال الاجتماع العادي الثالث للجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع للمصالحة الوطنية، الذي انعقد في مدينة سبها، جنوبي البلاد، برئاسة اللافي مسؤول ملف المصالحة بالمجلس الرئاسي، ومشاركة وزير الشؤون الخارجية والفرنكوفونية الكونغولي جان كلود جاكوسو، ومستشار الاتحاد الأفريقي للمصالحة الوطنية محمد حسن اللباد، وأعضاء اللجنة التحضيرية الممثلين عن جميع الأطراف الرئيسية، تم التطرق إلى عدد من القضايا من بينها ضرورة أن تظهر سلطات طرابلس حسن النوايا بالإفراج عن السجناء والمعتقلين منذ العام 2011، والكشف عن مكان دفن العقيد الراحل وابنه المعتصم ووزير الدفاع في عهده أبوبكر يونس جابر.

وأكد اللافي حرص المجلس على الالتزام بثوابت المصالحة الوطنية في ليبيا، ومن بين هذه الثوابت وحدة البلاد، وحرمة الدم الليبي، وعدم العودة إلى أيّ تنازع، بالإضافة إلى ضرورة إشراك جميع الأطراف في عملية المصالحة الشاملة دون إقصاء أيّ طرف، حيث تهدف المصالحة إلى توفير بيئة مناسبة للتعامل مع الأزمة السياسية في البلاد.

جهود كبيرة مطلوبة

ويرى المحلل السياسي عصام الزبير أنّ المصالحة الوطنية تحتاج إلى جهود كبيرة ومستقلة، وأن تكون الحكومة عاملاً أساسياً موجوداً، وذلك لجبر ضرر المتضررين، ويجب أن تتصالح المناطق أوّلاً، ثم بعد ذلك الدولة، مشيراً في تصريحه لـ (سبوتنيك) إلى أنّ هناك تحديات ومشكلات كبيرة جداً، والاختلاف والانقسام السياسي هو سبب التشظي الذي تعاني منه البلاد اليوم.

طالب رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح الليبيين بالتنازل لبعضهم بعضاً لضمان سلامة البلاد

وأضاف أنّ هناك أطرافاً تطرفت كثيراً، وأصبحت تريد عقوبات للأطراف الأخرى، وطالبت بجبر ضرر كبير من الطرف الآخر، وطلب البعض الآخر عودة النظام السابق، ويجب أن تتم المعالجة بشكل تدريجي، وليس كما يحدث الآن.

وواصل: "ما نراه اليوم من أطراف سياسية موجودة ضمن الأجسام التشريعية لن يأتي بنتائج؛ لأنّه لا يعتمد على القاعدة الشعبية بقدر ما يعتمد على بعض الممارسات التي يعتقد بأنّها صحيحة، وهي لا تأتي بنتائج أحياناً".

معالجة أخطاء الماضي

وخلال إطلاق الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة، طالب رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح الليبيين بالتنازل لبعضهم بعضاً لضمان سلامة البلاد.

وقال: "نتطلع في هذه المرحلة التاريخية إلى السموّ فوق الخلافات، ونبذ المشاحنات والصراعات التي عطلت مسيرة الحياة وأفسدت العلاقات، وحالت دون توحيد المواقف والصفوف، وضيعت القدرات"، مؤكداً أنّه يجب على الجميع التنازل لضمان سلامة البلاد.

 

تعمل اللجنة في الوقت الراهن على إعداد الآليات والأهداف والترتيبات الخاصة بانعقاد المؤتمر والبنود التي يجب أن تقر بمشاركة الأطراف الليبية كافة.

 

وعن تفاصيل المشروع، قال نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي: إنّ المصالحة الصحيحة لا تنتهي بالتوقيع على مشروع أو اتفاق، بل هي مشروع وطني مستمر يعالج أخطاء الماضي، ويحصن المجتمع من الوقوع في براثن النزاع، ويؤسس لقيام دولة القانون".

وأكد أنّ مجلسه فضّل العمل بعيداً عن الأضواء للتأسيس لمشروع المصالحة، مستعيناً بعدد من الخبراء في مختلف المجالات، إضافة إلى مشاركة أصحاب الأفكار والمبادرات في تناول المشروع من مختلف جوانبه".

ويُعدّ إطلاق مشروع للمصالحة الوطنية في ليبيا، وتشكيل مفوضية وطنية عليا، أحد أهم ما كلف به المجلس الرئاسي الليبي من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي المنعقد في جنيف بين أطراف النزاع الليبي، والذي رعته الأمم المتحدة، وانبثق عنه المجلس الرئاسي كسلطة ليبية في 5 شباط (فبراير) 2021.

وفي تموز (يوليو) الماضي استضافت الكونغو اجتماعات بشأن "المصالحة الوطنية"، توصلت خلالها الأطراف المشاركة إلى عدد من البنود والتوافقات المهمة.

مواضيع ذات صلة:

حوار الـ (5) الكبار.. مسار جديد للحل السياسي في ليبيا

تركيا ومصالح متجددة في ليبيا... ما القصة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية