في ذكرى انتفاضة تشرين: عراقيون يندّدون بأحزاب السلطة عشية الانتخابات

في ذكرى انتفاضة تشرين: عراقيون يندّدون بأحزاب السلطة عشية الانتخابات


05/10/2021

تعيشُ القوى السياسية المتنافسة في الانتخابات التشريعية العامة، المزمع إجراؤها في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، حالة من "الإرباك السياسي" إثرَ معاودة الحراك الاحتجاجي نشاطهُ احتفاءً بالذكرى الثانية لانطلاق الانتفاضة الشعبية، التي أطاحت حكومة عادل عبد المهدي قبل عامين.

وعرقل الخروج الجماهيري في ساحات التظاهر التي شملت العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، مسار التنافس الانتخابي بين القوى التقليدية التي كانت ترى من الصعوبة التئام قواعد الحراك الاحتجاجي مجدداً، في ظلّ حالة اليأس والقنوط من التغيير، فضلاً عن التسقيط الذي طال قوى الاحتجاج، لكنّ مراقبين محليين رأوا أنّ تشرين العراقية تمثّل "وعياً ناقداً" للنظام السياسي، لا حركة احتجاج مجتمعي وحسب.

اقرأ أيضاً: بالأرقام... هذا هو مشهد الانتخابات العراقية المرتقبة

وأحيا المئات من العراقيين في ساحة التحرير البغدادية، وباقي ساحات الاحتجاج في المدن الأخرى، الجمعة،  الذكرى الثانية لـ "ثورة تشرين"، التي انطلقت في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019، وأسفرت عن مقتل 600 متظاهر، وجرح 30 ألف آخرين، وقد رفع المتظاهرون لافتات تندّد بالفساد وتدعو لمقاطعة الانتخابات المبكرة.

انتقادات لأداء حكومة الكاظمي

وبشأن الاحتفال السنوي للاحتجاج التشريني، رأى رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، أنّ الانتخابات المبكرة، كانت من أبرز "متبنيات تشرين الأساسية"، وقال في تغريدة على حسابهِ بتويتر: "تمرّ علينا الذكرى الثانية لاحتجاجات تشرين التي طالبت بالدولة والإصلاح ورفض الفساد".

ساحة التحرير وسط بغداد تحتفل بالذكرى الثانية لانتفاضة تشرين

وأضاف: "اليوم بدء العدّ التنازلي للمشاركة في الانتخابات المبكرة التي كانت من متبنيات تشرين الأساسية، لرسم مستقبل أفضل لوطننا، أمامنا أيام لاختيار الأصلح والأكثر نزاهة لتمثيل شعبنا"، واختتم تغريدته بالقول: "الخلود لشهداء العراق".

 


في تشرين الأول ارتفع صوت العراقيين عالياً، لإثبات أنّ ما يبحثونَ عنهُ هو العيش الآمن واللائق، وهذا لا يتحقق ما لم يستعد هؤلاء دورهم في المجال العام

لكنّ الناشط أحمد الوشاح، ردّ على تصريح الكاظمي، وقال: "لو كانت الانتخابات المبكرة أحد مطالبنا لما أعلنا مقاطعتها ومعارضتها في اجتماع عام وأمام الإعلام"، مشيراً إلى أنّ "هذه الانتخابات لا تحقّق أيّاً من مطالبنا التي خرجنا من أجلها وضحى قرابة الـ الألف شهيد و25 ألف جريح من أجلها".

وأكّد أنّ "أبرز مطالبنا كانت تغيير النظام السياسي القائم على قمع الحريات والمحاصصة ومحاربة الكفاءات الوطنية والفساد ومحاربة وجود الميليشيات المسلحة".

الصمت الانتخابي المبكر

وفي التاسع من الشهر الحالي، تدخل العملية الانتخابية حالة من الصمت الانتخابي للقوى المتنافسة على مقاعد البرلمان المقبل، إلا أنّ الصمت بدأ مبكراً بعد أن خرجت الحشود التشرينية المنددة بـ "أحزاب السلطة" والدعوة لمقاطعة الانتخابات التي يرون في قانونها بأنّهُ "غير عادل" ويحفظ "مصالح المتنفذين".

اقرأ أيضاً: العراق: زعيم حركة عصائب أهل الحق يشكك بنزاهة الانتخابات مبسقاً... ما أهدافه؟

ويقول الباحث السياسي حسن الموسوي، لـ "حفريات": "قبيل الذكرى الاحتجاجية الثانية، كانت وسائل الإعلام ومنصات التفاعل الاجتماعي، تضجّ بالسجالات السياسية التي وصلت إلى التسقيط والمواجهة بين تيارات متنافسة على السلطة القادمة"، مبيناً أنّ "خروج التشرينيين وسيطرة قضيتهم على وسائل الإعلام، جعلت مجمل القوى المشاركة في الانتخابات، بحالة من الإرباك السياسي".

ساحة الحبوبي معقل الاحتجاج المركزي في محافظة ذي قار

وأضاف: "أغلب زعماء الكتل، وتحديداً الشيعية، نأت بنفسها عن التعاطي مع الحدث الأبرز الذي غير المعادلة السياسية القائمة منذ عقدٍ ونصف"، مشيراً إلى أنّ "الشباب الاحتجاجي أدخل تلك الأحزاب المتنافسة انتخابياً في حالة من الصمت الانتخابي المبكر، رغماً عنها".

وأشارَ إلى أنّ "ما يحصل في البلاد بات يخفي الكثير من المفاجآت، والأخيرة هي ما تخشاه قوى السلطة، علماً بأنّها بدأت بالفترة الأخيرة تلمّع صورها بشعارات مدنية، لكنّها ما لإن تتوازى حتى تعود لأسلوب العنف المتبع سابقاً".

تشرين.. الاحتجاج المختلف

منذ شباط (فبراير) عام 2011 ولغاية تشرين الأول (أكتوبر) 2019، خرجت موجات احتجاجية ضدّ سلوكيات النظام السياسي الحالي، لكنّها لم تؤدِّ هدفها كما حصل مع الاحتجاج التشريني الأخير. وبحسب مراقبين؛ فإنّ الاحتجاج الأخير هو احتجاج مختلف، تخطى الطابع النخبوي والإقطاعيات السياسية.

الناشط اليساري حارث الهيتي لـ"حفريات": أروع ما أنتجته الانتفاضة هو تكذيب الصورة النمطية التي أُريدَ لها أن تكون هي الصورة الوحيدة عن حقيقة الصراع الدائر في العراق

 



الناشط اليساري، حارث الهيتي، قال إنّ "إعادة تشرين والمنتمين لها قد أضافت الكثير، للمرة الأولى يخرج الاحتجاج العراقي من خانة النخبوية والقطاعية ليشمل نسبة كبيرة جداً من المجتمع العراقي بمختلف التوجهات والمتبنيات الأيديولوجية المختلفة"، مشيراً إلى أنّ "هذه المرة غابَ المحرّك الرئيس عن لحظة انطلاقها على أقلّ تقدير".

وعن مخرجات الاحتجاجات السابقة، أوضح أنّ "خيبة الأمل المتكررة لدى المحتجين قد أوصل بهم للحظة تشرين"، مضيفاً لـ "حفريات"؛ أنّ "واحدة من أروع ما أنتجته الانتفاضة هو تكذيب الصورة النمطية التي أُريدَ لها أن تكون هي الصورة الوحيدة عن حقيقة الصراع الدائر في العراق".

شاب متظاهر يرفع لافتة وسط ساحة التحرير البغدادية بالذكرى السنوية الثانية لانطلاق انتفاضة تشرين

وتابع قوله: "في تشرين ارتفع صوت الناس عالياً، لإثبات أنّ ما يبحثونَ عنهُ هو العيش الآمن واللائق، وهذا لا يتحقق ما لم يستعد هؤلاء دورهم ومكانتهم في المجال العام، الذي جرى احتكاره منذ 2003 من قِبل أسماء وشخصيات ادّعت أنّها الممثل الحقيقي لمكوّنات هذا الشعب".

"الإسلاميون يحتكرون الديمقراطية بصناديق الاقتراع"

وتُقرأ المقاطعة الشعبية للانتخابات التشريعية على أنّها تعبير عن اليأس الشعبي من التغيير المنشود؛ كون القوى الإسلامية وحلفاؤها دائماً ما يتقدمون النتائج النهائية لصناديق الاقتراع، رغم استحالة منافستهم من قبل المدنيين والمستقلين في ظلّ قانون انتخابي مقسم مناطقياً وطائفياً.

وبشأن ذلك، يعلق الأستاذ في علم الاجتماع السياسي في الجامعة اللبنانية، الدكتور محمد حسين الرفاعي: "مع ثورة تشرين الشبابية، وبعد مرور عامين عليها، لا بُدَّ من أنْ نتساءل على نحو جاد وصريح عن ضرورة اِختزال الديموقراطية في صندوق الاِقتراع من قِبَلِ الجهات المتسلِّطة على المجتمع العراقي".

اقرأ أيضاً: العراقيون يستعيدون روح السخرية عشية الانتخابات

ويضيف لـ "حفريات": "ممارسة أيديولوجيا الإسلاموية الحديثة لم تُكشف طبقاتها الضاربة في جذر السياسة المتأسلمة إلّا بواسطة حركةٍ مجتمعية ناقدة على نحو جذري وهي ثورة تشرين 2019"، مؤكداً أنّ "الوعي الجديد، على الرغمِ من أنّه تمّ قمعه على نحو وحشيّ؛ فإنهُ لم يتوقف عن الحركة؛ إنّه ينتظر الظرف المناسب، والذي يتوافق مع مكوِّناته الفكرية والمجتمعية؛ كي يتجسّدَ ثانيةً".

ناشطو ذي قار يهددون

من جهةٍ أخرى، أصدر ناشطو محافظة ذي قار، جنوب العراق، بياناً بالذكرى الثانية للاحتجاجات، مطالبين الحكومة المركزية بالكشف عن قتلة المتظاهرين المقتولين، ومصير الناشطين المختطفين.

ناشطون عراقيون يرفعون لافتات تطالب بالقصاص من قتلة متظاهري تشرين
وقالوا في بيانٍ لهم: "في الذكرى السنوية الثانية لثورة تشرين، نُجدّد موقفنا الثابت نحو أهدافها وتمسّكنا بمبادئ شهدائنا والوفاء لأرواحهم الزكية".

وأكّدوا أنّه "لا تنازل ولا تراجع إلا بتحقيق مطالب الثورة، وأهمّها الكشف عن قتلة المتظاهرين وإحالتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل".

وتابعوا قولهم: "يا ثوار العراق، و يا مناصري الحق، مرّت قبل أيام سنة كاملة على اختطاف أخينا (الناشط) سجاد العراقي، وما تزال السلطة تماطل في قضيتهِ وترفض الكشف عن مصيرهِ رغم الوعود التي قدمتها مراراً وتكراراً".

وشدّدوا على أنّ "ثوار ساحة الحبوبي (ساحة الاحتجاج المركزي في المحافظة) يعلنون مهلة لمدة يومين فقط للكشف عن مصير الثائر سجاد العراقي، وبخلاف ذلك فإنّنا سنطلق مظاهرة مفتوحة حتى إعلان مصيره وإلقاء القبض على العصابة الميليشياوية التي اختطفته".

وطالب بيان المحتجين: "جميع النقابات والمنظمات والاتحادات الوقوف معنا ومساندة عائلة المغيّب سجاد العراقي".
 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية