في الذكرى الثالثة لمقاطعة قطر: الأسباب والتداعيات

في الذكرى الثالثة لمقاطعة قطر: الأسباب والتداعيات


06/06/2020

تدخل المقاطعة الخليجية لقطر اليوم عامها الرابع، وما زالت الدوحة تقول أنها لم تتأثر بتداعياتها وتمارس سياسة إعلامية تغطي على وقائع وتداعيات هذه الأزمة عليها ... رغم أنّ الواقع والأرقام تثبت خلاف ذلك،

اقرأ أيضاً: كيف حاولت قطر إعادة تموضعها إقليمياً بعد المقاطعة؟.. إذاعة فرنسية تجيب

وبحساب البيانات، فقد تكبدت قطر خسائر اقتصادية كبيرة، بسبب مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر لها. وتمثلت الخسائر الباهظة في انخفاض أسعار العقارات وخسائر طالت شركة طيرانها الوطنية، كما فقدت مصادر مهمة للغذاء والمواد الأولية، كانت تحصل عليها من الدول التي قامت بمقاطعتها، حسبما أفادت DW.

وقبل ثلاثة أيام، أعلنت الخطوط الجوية القطرية أنّها ستستغني عن بعض موظفيها جراء أزمة انخفاض الطلب على الطيران، وتأثر الشركة بجائحة كورونا. وقال الرئيس التنفيذي للشركة أكبر الباكر في تصريحات لوكالة "رويترز": إننا قد نستغني عن ما قد يصل إلى 20% من الموظفين العاملين في المجموعة". وأعلن الباكر أنّ الشركة سوف تبيع خمس طائرات من نوع بوينغ 737 ماكس.

فهل من صوت واقعي في قطر؟

يتساءل العقلاء عن سبب استمرار قطر في تجاهل تداعيات ما يصفه كثير من المراقبين بسياسة إعلامية غير رشيدة، لا سيما وأنّ الأسئلة تظل مطروحة بعد سنوات المقاطعة التي أجبرت جيران الدوحة على فرضها، بسبب ما وصفه هؤلاء الجيران بالخرق القطري لكل أبجديات الجوار والتزام حسن الجوار وعدم التدخل بشؤونهم الخاصة.
وتتساءل صحيفة "أخبار الخليج" البحرينية: "متى يعود النظام القطري إلى جادة الصواب، ويتخلى عن سياسته المعادية لأمن الشعوب الخليجية والعربية الشقيقة؟ وهل آن الأوان في ظل ما يواجهه العالم من أزمة إنسانية جراء تفشي جائحة فيروس كورونا لأن يعيد النظر في نهجه العدواني، ويتوقف عن تدخلاته المسيئة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين وغيرها من دول المنطقة؟!".
وترى الصحيفة أنّ "حل الأزمة القطرية مع دخولها عامها الرابع هو بتقيدها بالمبادئ النابعة من اتفاقيتي الرياض 2013 و2014، والتزامها الجاد بمكافحة التطرف والإرهاب، ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة لهما، وإيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية... حتى تعود قطر إلى حاضنتها الخليجية والعربية".
لكن يبدو أن السياسة القطرية تمضي غير مكترثة بكل هذا الواقع الجغرافي والتاريخي لدول الجوار، فصحيفة "الشرق" القطرية تزعم أنّ "قطر تجاوزت الحصار تماماً، وخصوصاً الجانب الاقتصادي وآثاره، وكيّفت نفسها على التعامل مع هذا الوضع مهما طال أمد الأزمة"!

كيف كيّفت قطر نفسها مع المقاطعة؟

فكيف كيّفت قطر نفسها مع المقاطعة، ومؤشرات الهيئات المالية الدولية تؤكد وجود ارتفاع قياسي في ديون قطر الخارجية، وخسائر طالت معظم قطاعاتها الحيوية من الطيران إلى السياحة إلى القطاع المصرفي، فضلاً عن هبوط في الإيرادات وارتفاع في النفقات وتعثر للعديد من المشاريع نتيجة أزمة سيولة واستنزاف للمالية العامة، بسبب نفقات منشآت مونديال 2022 وحملة العلاقات العامة المكلفة للغاية لتحسين صورتها في الخارج "التي أصابها الضرر نتيجة الارتباطات غير المبررة بجماعات إسلامية متطرفة"، بحسب موقع "ميدل إيست أونلاين".

اقرأ أيضاً: بعد 3 أعوام على المقاطعة.. هذه خسائر قطر الاقتصادية

صحافة قطر وإعلام الإخوان المتحالف معها ما زالوا يروّجون شعارات المكابرة، وما زالت المنصات الإعلامية التابعة لهؤلاء تعج بالشتائم والافتراءات للسعودية والإمارات والبحرين ومصر، وشعوب المنطقة وقادتها.

اقرأ أيضاً: الدوحة تدفع ثمناً باهظاً لسياسة 3 أعوام من المكابرة

وفي سياق متصل، تعلّق الكاتبة نورا المطيري في مقال لها في صحيفة "البيان": "سيذكر التاريخ، بلا شك، أنّ قطر، وخلال أربعة وعشرين عاماً، ومنذ انقلاب حمد بن خليفة على والده عام 1996، ولغاية اليوم تدار بسياسة غير واقعية، ولا تعرف الديبلوماسية، ولا تحترم الجار والشقيق، بل وتتدخل في شؤونه بطريقة غير مناسبة، وتتحالل مع جماعات متشددة، وتمنحهم المال والجنسيات والإقامة، ثم تتحالف مع قوى إقليمية معروفة بالتشدد، لتحمي نفسها من أخطائها وعثراتها الكثيرة المتلاحقة، ثم تندب حظها".

اقرأ أيضاً: المقاطعة الخليجية: 3 أعوام من السعي القطري نحو إيران وتركيا

وتضيف المطيري "منذ أمد بعيد، قالت السعودية والإمارات ومصر والبحرين كلمتها الحازمة، تجاه (جماعة الإخوان الإرهابية)، وقالت كلمتها الصارمة تجاه إيران، ومنذ أمد قريب، انتقد وزير خارجية رأس الشر، محمد جواد ظريف، سعي الرئيس الأمريكي لتصنيف تنظيم الإخوان كتنظيم إرهابي، والأدهى من ذلك، أن تصريحات ظريف جاءت من الدوحة!!".

وتردف "الأب الروحي الأعلى للإخوان، في تركيا، والمرشد الأعلى لنظام الملالي في إيران، فيما تتكفل السياسة القطرية بالدعظ المالي والإعلامي، يصطفون اليوم، أمام الأربعة الكبار، السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وأمام الإدارة الأمريكية، كطفل كسر نافذة الصف، وينكر أنه فعل ذلك، بل ويكابر ويدعي بأنه لا دخل له، وهو يعلم، والجميع يعلم، أنه غارق في الخطأ".

اقرأ أيضاً: قطر لم تتعلم من دروس المقاطعة بعد 3 أعوام: استمرار العزلة ونسيان الملف

وكانت قطر قد لجأت إلى تركيا في سبيل الضغط في وجه المقاطعة الرباعية ضدها في حزيران (يونيو) 2017، ثم اكتشفت، كما تقول "العربية" أنّ الثمن أصبح باهظاً مع مرور الوقت. فقد اضطرت الدوحة إلى تمويل نشاطات تركيا السياسية والعسكرية. وإرضاء للحليف بعشرات العقود العسكرية والتجارية وحتى في مجالي السياحة والعقار التي لم يكن لها مردود تجاري كبير. العقود الحكومية معظمها لم تهدف للربح في أساسها بل كانت جزءاً من الصفقة السياسية. وكان حظ العقود، التي يفترض أنها تجارية، والتي ألزمت بها الدوحة الشركات القطرية، سيئاً نتيجة سياسة حكومة أردوغان التي تورطت في خلافات مع المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة، وتسببت العقوبات الأمريكية في خسائر هائلة لكل الاستثمارات القطرية التي دفعت أثمانها قبل انحدار سعر العملة التركية وارتفاع كلفة الاستثمار نتيجة العقوبات.

"أحفاد العثمانيين"

ومع أنّ المنصات الإعلامية القطرية تروج لعلاقات دافئة بين الطرفين، حتى إنّ إعلامياً تركياً امتدح قبل أيام القطريين، وقال إنهم "أحفاد العثمانيين"، إلا أنّ الوقائع تؤكد أنّ العلاقة بين الدوحة وأنقرة المبنية على المصالح الهشة في المنطقة لا تشهد أفضل أيامها، فقد عاودت الدوحة الانسحاب تدريجياً، حتى إنّ نسبة انخفاض الأنشطة القطرية في بورصة إسطنبول كسرت العام الماضي سقف الـ31%، فيما بلغت أموال قطر المسحوبة من تركيا 4.6 مليار ليرة تركية، بحسب صحيفة "الجمهورية" التركية.

اقرأ أيضاً: المقاطعة الخليجية: هل أدركت قطر أنّ الرهان على الوقت لحل الأزمة خاسر؟

وعزا مراقبون ما جرى العام الماضي إلى "حالة الابتزاز المتفشية في العلاقة التركية - القطرية المتبادلة بين الطرفين، إذ لا تتوقف أنقرة عن ابتزاز الدوحة، حتى إنّ الأمر يتجاوز الغرف المغلقة إلى اللقاءات العامة والمقالات الصحفية، فيما تسعى الدوحة لإيصال رسالة لحليفها الإخواني في أنقرة مفادها أنّ المال القطري مؤثر ويحقق المثير من أهداف حزب أردوغان.

 

قطر في تحالفها مع تركيا، ومن ثم مع إيران تتربع في مثلث التشدد الذي يخطط ويعمل على توسيع نفوذه في دول الشرق الأوسط، ويصدّر التشدد للعالم، لذا لم يكن مستغربا صمت الإعلام القطري عن إدانة الاعتداء على ناقلات النفط قبالة ميناء الفجيرة بدولة الإمارات، والتي جرى تنفيذها على يد عناصر إيرانية بهدف استعراض نظام الملالي قوته في مسالك الملاحة البحرية بالخليج وبحر العرب، وخاصة منها تلك المرتبطة بأسواق الطاقة في العالم، كرد على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
وأشار تقرير دولي نقلته شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، أواخر العام الماضي، إلى أنّ قطر كانت لديها معرفة مسبقة بالهجوم الإيراني، لكنها لم تعمل على تحذير حلفائها من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وفق ما ذكرت صحيفة "العرب". وقد اعتمد أصحاب التقرير على معطيات استخباراتية وصفوها بالموثوقة، ليخلصوا إلى أنّ "الوحدة البحرية لقوات الحرس الثوري الإرهابية مسؤولة عن هجمات ميناء الفجيرة، وأنّ عناصر الحكومة المدنية في إيران، وكذلك دولة قطر، كانت على دراية بأنشطة الحرس الثوري الإيراني في هذا الاتجاه".
قطر تضع يدها في يد أعداء "أصدقائها" على قاعدة "عدو خصمي هو صديقي" لكنّ شهر العسل مع تركيا وإيران لن يدوم طويلاً، وقد دلت الوقائع السابقة أنّ المصالح التي تعلو على المبادئ سرعان ما تذوي وتتبدّد، وتذروها الرياح!

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية