فوضى البرلمان في تونس تعيد التوتر بين الرئيس سعيد وحركة النهضة

فوضى البرلمان في تونس تعيد التوتر بين الرئيس سعيد وحركة النهضة


08/12/2020

زادت واقعة العنف داخل البرلمان التونسي، في 7 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، من الضبابية في المشهد التونسي الذي تضربه احتجاجات شعبية منذ أسابيع، أمام عجز حكومي عن تلبية احتياجات الشارع، في وقت أعادت فيه الواقعة التوتر بين الرئيس التونسي، قيس سعيد، وبين حركة النهضة وحلفائها، ما يعمّق الأزمة التونسية.

كان لافتاً سرعة تعليق الرئيس التونسي على الواقعة بموقف صارم شديد اللهجة، فقد استقبل الرئيس عدداً من النواب المعارضين، مشدداً على رفضه لكل أشكال العنف حيثما كان

وتعود الواقعة إلى تطور مشادات كلامية منذ الخميس الماضي، تدور داخل أروقة البرلمان، بعد تعليق من النائب عن كتلة الكرامة، المتحالفة مع النهضة، محمد العسافي، على مناقشة لجنة المرأة لميزانية وزارة المرأة في العام المقبل 2021، فاعترض النائب على مخصصاتها، ووصف الـ"الأمهات العزباوات" بأنهن "عاهرات"، ما أثار التوتر داخل البرلمان وفي الشارع.

اقرأ أيضاً: دعوات تغيير نظام الحكم تدق أبواب تونس

وعلى مدار أيام، استهجنت منظمات نسوية وحقوقية وسياسيون تصريحات النائب التونسي، الذي يظل رغم ذلك محصناً من قبل رئيس البرلمان، والكتلة الأكبر التي تمثلها النهضة وحلفاؤها.

ومع استئناف عقد جلسات البرلمان الإثنين، عادت المناوشات وتطور الاحتدام اللفظي إلى عراك جسدي، أسفر عن جرح في الرأس للنائب عن الكتلة الديمقراطية أنور الشاهد، بعد ضربه بقارورة، كما تعرضت النائبة سامية عبو للاعتداء، وسط حالة من الهلع والفوضى.

اقرأ أيضاً: هل تخلق احتجاجات تونس أزمة ثقة بين الرئيس والشارع؟

وكان لافتاً سرعة تعليق الرئيس التونسي على الواقعة بموقف صارم شديد اللهجة، فقد استقبل الرئيس عدداً من النواب المعارضين، مشدداً على رفضه لكل أشكال العنف حيثما كان، وخاصة داخل مؤسسات الدولة، متوعداً من يحاول المساس بتونس.

ذهب النواب المتحالفون مع النهضة إلى تبرير الواقعة بأنها مدبّرة لإسقاط البرلمان، في إشارة إلى التآمر ضدهم على اعتبارهم أصحاب الأغلبية داخل البرلمان

وقال سعيد، بحسب مقطع مصوّر بثته الرئاسة: نرفض العنف في الشارع، فكيف نقبل به داخل مؤسسات الدولة (...)؟ من يعتقد أننا لا نتابع فهو واهم، نعرف تفاصيل التفاصيل، نعرف كل شيء، وستأتي اللحظة التي سأحمّل فيها الجميع مهما كانوا المسؤولية، لن نقبل أن يمهّد البعض لإسقاط الدولة.

اقرأ أيضاً: حركة النهضة التونسية والعودة إلى السيناريوهات المكشوفة

وأضاف: إنّ راية الدولة التونسية لن تسقط، وستسقط كل المؤامرات، لافتاً إلى أنه يطلق "تحذيراً تلو الآخر، سنردّ بأكثر ممّا يتصورون ويتوقعون من كل اعتداء على أمنها".

وعادة ما يطلق الرئيس التونسي تلك التهديدات، ويشير إلى مخططات لإسقاط الدولة، لكنه يعتمد نهج التهديدات المبهمة التي لا تشير إلى جهة بعينها على نحو محدد، لكنها كانت تُقرأ دائماً على أنها موجّهة إلى حركة النهضة، التي دخلت في عدة مواجهات مع سعيد منذ وصوله إلى الحكم.

وجاءت الواقعة الأخيرة، التي يتورط فيها على نحو مباشر حليف للنهضة، وبغطاء منها، لتدعم القراءات السابقة، وتعيد مشهد التوترات بين رئيس الدولة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي إلى الواجهة، وتنبئ بفصول جديدة فيها، لا سيّما أنّه لم يصدر بيان عن الحركة يتبرّأ من تلك الواقعة.

وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد قال في كلمة اليوم (8 كانون الأول/ ديسمبر)  داخل البرلمان، بحسب ما أوردته صفحة النهضة الرسمية على فيسبوك: وصلنا أنّ تلك الأفعال منسوبة إلى كتلة الكرامة، نحن لسنا محققين، سنحقق في الأمر، ونوقع عليه العقوبات المناسبة، داعياً النواب إلى استئناف العمل للنظر بالميزانية.

وقد ذهب النواب المتحالفون مع النهضة إلى تبرير الواقعة بأنها مدبرة لإسقاط البرلمان، في إشارة إلى التآمر ضدهم على اعتبارهم أصحاب الأغلبية داخل البرلمان.

وقد عبّر رئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي، خلال مداخلة له في الجلسة العامة المخصصة للتداول حول العنف الذي جدّ أمس في أروقة مجلس نواب الشعب، عن إدانة كتلته التامة للعنف الذي تعرّض له أمس النائب عن التيار الديمقراطي، والذي تعرّض له اليوم النائب عن كتلة حركة النهضة أسامة الصغير.

اقرأ أيضاً: خبراء تونسيون يكشفون أسباب فشل الحوار بين الفرقاء في ليبيا

وأضاف الخليفي: إنّ ما يحصل اليوم هو تحريض على مؤسسة البرلمان وعلى النواب، مؤكداً أنّ ذلك ما هو إلا بداية، وإنّ منسوب العنف يتزايد يوماً بعد يوم، وتتم تغذيته من قبل أناس منذ مدة طويلة، بحسب ما أورده موقع "نسمة" التونسي.

وقال الخليفي: إنّ المهزلة الكبرى التي يعيشها البرلمان كانت مبرمجة، ودُبّرت بليل من أطراف خارج البرلمان تريد جرّ البلاد نحو مربّع العنف، وإعادة سيناريو 2012 و2013.

وتجاوزت ردود فعل ما وقع داخل البرلمان جدرانه، فقد دان الاتحاد التونسي للشغل، عشية الواقعة، العنف داخل البرلمان، داعياً رئيس البرلمان راشد الغنوشي إلى اتخاذ إجراءات واضحة للتصدي لخطاب الكراهية ودعوات العنف.

اقرأ أيضاً: كيف أصبحت تونس بؤرة لتجنيد التكفيريين؟

وأشار الاتحاد، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم"، إلى أنّ ''الاعتداءات ما فتئت تمارسها كتلة ائتلاف الإرهاب الهجينة المتخفية بالحصانة البرلمانية للتغطية على افتضاح وعودها الزائفة ومغالطتها للشعب، بما رفعته من شعارات شعبوية كاذبة".

كما استنكر ''صمت القضاء عن هذه العصابة الإجرامية، رغم العديد من القضايا التي رُفعت ضدها، ومنها القضايا التي رفعها الاتحاد العام التونسي للشغل''، مندّداً بخطاب التحقير والإهانة الموجّه ضد المرأة التونسية.

وأعرب الاتحاد عن اعتزازه بما حققته المرأة التونسية التونسية من مكاسب تستجيب لمكانتها الفاعلة والمؤثرة على جميع الأصعدة، وتنسجم مع تضحيات أجيال من الوطنيات والوطنيين.

وكانت 5 كتل برلمانية قد طالبت في مؤتمر صحفي مساء أمس، رئيس المجلس راشد الغنوشي برفع الحصانة البرلمانية عن كتلة ائتلاف الكرامة الحليفة لحركة النهضة، وتقديم قضية عدلية ضدها، وذلك على خلفية حادثة هي الأولى من نوعها في البرلمان.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية