"فايننشال تايمز": تركيا قد تتراجع عن العملية العسكرية في سوريا.. ماذا تغير؟

"فايننشال تايمز": تركيا قد تتراجع عن العملية العسكرية في سوريا.. ماذا تغير؟


27/07/2022

يسود الترقب بشأن عملية عسكرية تركية محتملة في شمال غرب سوريا، وسط اعتراض أمريكي وروسي وإيراني، واستعدادات متواصلة من الجيش التركي بشأنها، ووسط تضارب في التصريحات حول تنفيذها.

فرغم إصرار تركيا على تنفيذ العملية العسكرية داخل الأراضي السورية لإنشاء المنطقة الأمنية، إلا أنّه طرأ الكثير من المؤشرات التي تؤكد أنّ العملية لن تنفذ، خاصة في ظل عدم التوصل إلى توافقات بالخصوص في القمة الـ3 التي جمعت الأسبوع الماضي رؤساء تركيا وإيران وروسيا.  

واعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أنّ احتمال قيام تركيا بعملية عسكرية في شمال سوريا قد تراجع.

وقالت الصحيفة: إنّ هناك مؤشرات حول تراجع تركيا عن العملية العسكرية، بعد أن رفضت روسيا وإيران والولايات المتحدة العملية.

وفي السياق، قال المسؤول في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا محمود أليتو، في تصريح صحفي: إنّ احتمال قيام تركيا بعملية جديدة في المنطقة كان أعلى الشهر الماضي.

وخلال القمة الأخيرة في طهران، تلقت تركيا تحذيرات من شن عملية عسكرية في سوريا.

عدم التوصل إلى توافقات في القمة التي جمعت الأسبوع الماضي رؤساء تركيا وإيران وروسيا

ووفقاً لما نقلته وكالة "فرانس برس"، فقد حذّرت روسيا وإيران تركيا من أيّ عملية عسكرية في شمال شرقي سوريا، بحجة أنّها ستلحق الضرر بالكثير من الأطراف في المنطقة، وأنّ الاستهداف لن يتوقف على القوات الكردية فحسب؛ بل ستكون قوات النظام والقوات الروسية والمجموعات الإيرانية عرضة أيضاً للاستهداف، بسبب تمركزاتهم في تلك المناطق.

وفي الإطار ذاته، ذكرت وكالة "سبوتنيك" الروسية أنّ موسكو ودمشق أسّستا سوياً قواعد عسكرية مشتركة جديدة، في المناطق الخاضعة لنفوذ القوات الكردية، التي تعد تركيا بتنفيذ عملية عسكرية فيها.

 

مسؤول في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا: إنّ احتمال قيام تركيا بعملية جديدة في المنطقة كان أعلى الشهر الماضي

 

ونقلت الوكالة عن مسؤولين أنّ البلدين أسّسا (3) قواعد عسكرية جديدة في مدينة الرقة الواقعة بشمال سوريا، مشيرين إلى قرب القواعد العسكرية الجديدة من طريق إم 4.

بالمقابل، أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أنّه من الممكن تنفيذ العملية العسكرية لبلاده بشمال سوريا "في أي وقت"، وفقاً لتقييم المخاطر الأمنية بالنسبة إلى أنقرة.

وأضاف قالن في تصريح صحفي نقلته قناة "تي آر تي": "لن نطلب الإذن من أحد لتنفيذ العملية العسكرية بشمال سوريا...، لسنا مضطرين لإخبار أحد عن موعدها".

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو قد أدلى بالتصريحات نفسها تقريباً، قائلاً: إنّ تركيا "لا تطلب الإذن مطلقاً" من أيّ أحد قبل شن عملية عسكرية في سوريا.

وأوضح: "يمكننا تبادل أفكار، لكنّنا لم ولن نطلب مطلقاً إذناً لعملياتنا العسكرية ضد الإرهاب"، منبهاً إلى أنّ "ذلك يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها بشكل غير متوقع".

وبشأن توفر الظروف للبدء بالعملية العسكرية في شمال سوريا، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في مقابلة مع صحيفة "يني شفق":ّ إن "العملية حسابية ولوجستية، ويتم إجراء كافة الحسابات، وعندما يحين الزمان والمكان المناسبان سيتم التحرك، وكانت صحيفة "حرييت" التركية، قد حددت منتصف حزيران (يونيو) الماضي، فترة ما بعد عيد الأضحى المقبل، موعداً لإجراء العملية العسكرية التركية الجديدة في سوريا، والتي تستهدف بشكل متزامن منطقتي تل رفعت ومنبج.

سوريا وروسيا أسّستا (3) قواعد عسكرية جديدة في مدينة الرقة الواقعة بشمال سوريا لمواجهة العملية العسكرية التركية

في وقت تشير فيه المعطيات، ومواقف الدول الفاعلة في شمال سوريا، إلى "معارضة" أيّ تحرك عسكري لتركيا على الأرض ضد القوات الكردية، بدا لافتاً خلال الأيام الماضية، اتجاه تركيا إلى التصعيد من جبهة أخرى، معلنةً استهداف قادة وعناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بضربات من الجو.

وكانت آخر هذه الضربات قبل يومين، فقد استهدفت طائرة مسيّرة تركية سيارة تقل (3) مقاتلات من "قسد"، و"وحدات حماية المرأة"، ممّا أسفر عن مقتلهنّ على الفور، على الطريق الواصل بين مدينة القامشلي والقحطانية، وفق ما نقلت شبكة "الحرة".

إبراهيم قالن: من الممكن تنفيذ العملية العسكرية التركية في شمال سوريا "في أي وقت" وفقاً لتقييم المخاطر الأمنية

 

وبالتزامن مع هذه الحادثة، أعلنت تركيا مقتل "قائد العمليات العسكرية" في عين العرب، شاهين تيكي تانجاك، الملقب بـ"كيندال أرمينيان"، بضربة نفذتها أيضاً طائرة مسيّرة، وقتلت (5) عناصر في مناطق متفرقة في منبج وتل رفعت، وريف محافظة الحسكة.

وبينما تقول "قسد" إنّ هذه الضربات "دليل تصعيد"، تشير إلى أنّها تتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي مكثف يستهدف مناطق متفرقة من شمال وشرق سوريا، وصولاً إلى أقصى الغرب، في القرى والبلدات المحيطة بتل رفعت.

وحتى الآن لا تبدو ملامح واضحة بشأن العملية التي تهدد تركيا بتنفيذها في شمال سوريا، لكن في المقابل ترسم الضربات التي تنفذها الطائرات المسيّرة مشهداً تصعيدياً جديداً لعموم المناطق الواقعة على الشريط الحدودي الشمالي لسوريا.

وقد أدان "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي، في بيان نشر أول من أمس، ما وصفها بـ"الأعمال العدوانية اليومية، والتصعيد التركي غير المبرر ضد شمال وشرق سوريا"، منتقداً مواقف الدول الفاعلة حيال ما يحصل من تصعيد جوي.

 

تركيا تتجه إلى التصعيد من جبهة أخرى معلنةً استهداف قادة وعناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بضربات من الجو

 

وفي المقابل، يعتقد الصحفي، مدير منصة "مجهر الإعلامية" المحلية عكيد جولي، أنّ "هدف تركيا من تصعيد ضربات الجو ليس لتصفية قسد كما يتم الترويج له، بل من أجل إبقاء المنطقة متوترة وغائبة عن الأمان والاستقرار"، حسب تعبيره.

وزاد: "بما أنّ أنقرة لم تحصل على ضوء أخضر للعملية على الأرض، فإنّها تحاول من خلال الطلعات الجوية زعزعة الاستقرار في المنطقة، هذه هي المعادلة كما نراها"، لافتاً إلى أنّ الأهالي غير راضين عن الاستهدافات، وهم متضررون منها، وهناك خوف أيضاً لأنّ بعض الضربات تطال مدنيين قريبين من المواقع المستهدفة".

وتابع جولي: "هناك توافق تركي روسي وتركي أمريكي على مواصلة الضربات الجوية بعيداً عن أيّ تحرك على الأرض، هكذا يُفهم الأمر، الضربات تتمّ تحت أعين القوات المنتشرة في شمال وشرق سوريا".

وحسب الباحث في "مركز آسو للدرسات" إدريس خلو، المقيم في القامشلي، فإنّ توجه تركيا للتصعيد من الجو يرتبط بشكل أساسي بعدم حصولها على "الضوء الأخضر" لشنّ عملية عسكرية برية على الأرض في شمال سوريا، حسبما أوردت شبكة "الحرة".

ومن إسطنبول، أكد الكاتب والباحث في العلاقات الدولية طه عودة أوغلو أنّ الجيش التركي جاهز للهجوم على سوريا، وينتظر القرار السياسي.

 

طائرة مسيّرة تركية تقتل (3) مقاتلات من "قسد"، و"وحدات حماية المرأة" و"قائد العمليات العسكرية" في عين العرب، و(5) عناصر أكراد

 

وأوضح أوغلو، في تصريح صحفي لقناة الغد، أنّ تركيا لا ترغب في الاصطدام باللاعبين الأساسيين في سوريا، مثل روسيا.

وأشار إلى أنّ التوتر التركي اليوناني يجبر أنقرة على التمهّل في شن عملية عسكرية ضد الأكراد في شمال سوريا.

وركّز الأتراك في استهدافهم منذ مطلع تموز (يوليو) الجاري على قياديين من "قسد" عبر الطائرات المسيّرة التركية، وكان من أبرزهم قائدة "وحدات مكافحة الإرهاب" ونائبة قائد "قسد" سلوى يوسف (جيان).

ويُعتبر دخول المسيّرات التركية على هذا النحو من التصعيد في شمال وشرق سوريا "تطوراً لافتاً"، لكنّ مآلاته لم تتضح حتى الآن، سواء بكونه يمهد لعمل عسكري محتمل على الأرض، أو أنّه يندرج ضمن إطار إستراتيجية جديدة تتبعها أنقرة، لتحقيق مكاسب قد تكون سهلة، نظراً للحواجز التي تضعها الاتفاقيات الدولية التي تحكم المنطقة.

يُذكر أنّ تركيا نفذت منذ 2016  (3) عمليات عسكرية في سوريا على حدودها الجنوبية، استهدفت فصائل وتنظيمات كردية، وأطلقت هجوماً مطلع عام 2020 ضد قوات النظام السوري.

 

مواضيع ذات صلة:

تحذيرات دولية واحتجاجات رافضة للعملية العسكرية التركية شمال سوريا.. فهل تتراجع تركيا؟

استثناء شمال سوريا من عقوبات "قيصر" يلزمه ردع تركيا

سجن غويران ومعضلة فلول داعش بشمال سوريا.. ما علاقة تركيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية