عوامل مؤثرة في تحصيل الطلبة.. ما هي إستراتيجيات المعلم الفعّال؟

عوامل مؤثرة في تحصيل الطلبة.. ما هي إستراتيجيات المعلم الفعّال؟


30/05/2019

في المقال السباق ناقشنا التحصيل الدراسي وشكل المنهاج الذي نريد، ونتناول في هذا المقال العوامل ذات الصلة بالمعلم، والتي تؤثر على التحصيل الدراسي للطبة، وهي مرتبطة بالقرارات التي يتخذها المعلم في الصف أو الفصل الدراسي من فاعلية المعلم. والإستراتيجيات التدريسية التي يستخدمها، وقراراته في إدارة الفصل والتي يمكن عرضها فيما يأتي:
المعلم الفعّال
تحدثت البحوث كثيراً عن خصائص المعلم الفعّال، وأثره على تعلم الطلبة، إلى الدرجة التي أقنعت أولياء الأمور بأنّ اختياراتهم للمدرسة يرتبط مباشرة بنوعية المعلمين العاملين فيها، هذا لا يقلل من أثر البيئة المدرسية؛ فالمعلمون من وجهة نظر الأهالي أكثر العوامل تأثيراً.

اقرأ أيضاً: التحصيل المدرسي: ما شكل المنهاج الذي نريد؟

ومن نتائج هذه البحوث أنّ المعلمين الفعّالين هم من يتعاملون مع جميع الطلبة بغض النظر عن التباين في مستواهم التحصيلي أو الثقافي  أو الاجتماعي، وأنّ الطلبة الذين يقضون عاماً كاملاً مع معلم فعّال هم أعلى تحصيلاً وإنجازاً من زملاء لهم يتعلمون من معلم غير فعّال. ففي بحوث أجريت كشفت نتائجها أنّ المعلمين الفعّالين رفعوا مستوى تحصيل طلابهم (53) درجة، بينما رفع المعلمون غير الفعّالين مستوى طلبتهم بمقدار (14) درجة فقط.

اقرأ أيضاً: منهاج الكبار الأربعة والشراكة الوطنية.. ما الذي نريده من المدرسة؟
وهذا يعني أنّ المعلم غير الفعّال يقدم القليل إلى طلابه، طبعاً مع مراعاة أنّ التعليم المدرسي بعناصره مسؤول عن 20% من التباين في تحصيل الطلاب؛ فالمعلم مسؤول عن 67% من هذه النسبة، ومن نتائج البحوث أيضاً أن تحصيل الطلبة يمكن ترتيبه من الأعلى إلى الأدنى وفقاً لما يأتي:

1. مدرسة فعالة ومعلمون فعالون.
2. مدرسة فعالة ومعلمون متوسطو الفعالية.
3. مدرسة قليلة الفعالية ومعلم فعال.
4. مدرسة متوسطة الفعالية ومعلم متوسط الفعالية.
5. مدرسة فعالة ومعلم قليل الفعالية.
6. مدرسة قليلة الفعالية ومعلم قليل الفعالية.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تصبح "السندويشات التربوية" بديلاً للكتاب المدرسي؟

ومن الشائع تصنيف المعلمين وفق منحنى اعتدالي، يظهر أنّ غالبية المعلمين في المنطقة المتوسطة، ويرتبط المعلمون الفعالون بإتقانهم إلى مهارات التخطيط ووضع الأهداف، وإدارة الصف والتدريس والعدالة والكرامة. وأضيف لها مؤخراً صفة التعلم؛ فالمعلم المتعلم والذي يهتم بإدارة المعرفة يقع في رأس قائمة المعلمين الجيدين، ويصف أحد المربين المعلم الخبير بأنّه أشبه بلاعب الشطرنج متمكن وقادر على رؤية أحداث وتفاعلات عديدة تحدث معاً وفي نفس الوقت؛ فاللاعب الماهر يتخذ قراراته عبر سلسلة هذه الأحداث الصفية.

إستراتيجيات التدريس

كما يمتلك لاعب الشطرنج آلاف الإستراتيجيات، ويستطيع اتخاذ آلاف القرارات المتنوعة، فإنّ المعلم يمتلك هذا أيضاً،  فلديه مئات التفاعلات (طالب-طالب... طالب-معلم... طالب-بيئة... معلم-بيئة)، بالإضافة لمئات الأحداث والتغييرات، وعليه أن يتخذ قرارات بموجبها، وقد حصر الباحثون طرقاً تدريسية عدة، ودرسوا تأثير كل طريقة فيها، ومدى التغير الذي يحدثه المعلم باستخدامها، ومن أبرز هذه الطرق والتي سادت التعليم التقليدي في القرن العشرين: التجريب، وضع توقعات، دعم جهد الطالب، إدارة الصف، الأسئلة، حل المشكلة، الواجب المنزلي، وغيرها.

يحتاج الدماغ إلى التعلم الإتقاني الذي يقوم على نشاط الطالب في تكوين المعاني وحفظها واستخدامها في الوقت المناسب

من الإستراتيجيات المتقدمة؛ التغذية الراجعة، وأضيف لها إستراتيجيات جديدة مثل:
1. تعليم التفكير الناقد والتفكير الإبداعي.
2. المجاز والتشبيهات.
3. التدريس وفق الذكاءات المتعددة.
4. التدريس المدمج والتدريس الإلكتروني.
5. التدريس بأسلوب قبعات التفكير الست.
6. التعليم الانتقائي والنشط.
7. التدخلات المباشرة.
8. التقويم التكويني والتغذية الراجعة.
9. التدريس وفق متطلبات نمو الدماغ.

اقرأ أيضاً: متطلبات الإصلاح.. ما الذي ساهم بتفوق بعض الأنظمة التعليمية؟

ونظراً لأهمية  الفقرة الأخيرة، فسأوضح ما هي متطلبات نمو الدماغ؟ وما إستراتيجيات التدريس الملائمة لنمو الدماغ.

إنّ بيئة عمل الدماغ تتطلب مادياً وجود كمية كافية من الأوكسجين، ووجود الماء المتاح للشرب، إضافة إلى الإضاءة والتهوية والنظافة والجمال أما البيئة الفعلية الملائمة لنمو الدماغ فهي:

1. بيئة غنية مليئة بمميزات ومصادر متعددة، ولا تقتصر على المعلم والكتاب، بل تمتد لتشمل العينات، والتواصل المباشر مع مصادر المعرفة المتنوعة، والفحص الحقيقي للأشياء والمعارف كما هي في الواقع. ولذلك يجب أن يتعلم الطلبة في بيئة الحدث وليس كلاماً سردياً عن الأحداث داخل فصولهم الدراسية. إنّ التعليم المستند إلى هذه المصادر يسمّى تعلماً لا ينسى.

اقرأ أيضاً: جدلية التعليم .. لماذا يتعثر الإصلاح التربوي؟

2. معارف ذات صلة بحاجات الطلبة؛ فالدماغ لا يهتم بما لا يحتاج إليه، وهذه هي مشكلة التعليم، يجبر الدماغ على ما لا يحتاج، فيشعر بالكسل والملل والعزوف، ومن هنا تأتي أهمية وجود مناهج ذات صلة مباشرة بحاجات الطلبة، الصحية والعقلية والاجتماعية والنفسية، مناهج تتحدث مع الطلبة عما يحتاجون.

يمكن للمعلمين الفعّالين أن يتعاملوا مع جميع الطلبة بغض النظر عن التباين في مستواهم التحصيلي أو الثقافي أو الاجتماعي

3. ينمو الدماغ من خلال العمل ومشاركة الآخرين؛ فالدماغ اجتماعي لذلك ينظم المعلم إستراتيجيات تدريسية مجموعة أو في مجتمعات صغيرة أو ثنائية، ولذلك يبدو التعليم التعاوني أكثر قدرة على حفز عمل الدماغ.

4. يحتاج الدماغ وقتاً كافياً للعمل، وهذا يعني أنّ أي إستراتيجية تعلم يجب أن توفر هذا الوقت، حتى يستطيع الدماغ معرفة المهارة، وتثبيتها وخزنها، ويسهل عليه استدعاؤها، أما ضغط الدماغ تحت تهديد الوقت يعيق عملية التعلم.

5. لا يعمل الدماغ تحت التهديد وانعدام الأمن؛ فالخلايا العصبية لا تستجيب بكفاءة تحديد التهديد، ولذلك يوفر المعلم إستراتيجيات تعلم وبنية تعلم تشعر المتعلم بالأمن، مع إثارة درجة من التوتر للحفز.

6. يحتاج الدماغ إلى تغذية راجعة فورية، حتى يشعر بالراحة، ويطمئن إلى أنّ العمل يسير بشكل صحيح، فإستراتيجيات التعلم المناسبة هي ما توفر للمتعلم سهولة الحصول على تغذية راجعة مستمرة منذ بدء العمل. كما أنّ الدماغ لا يعمل بكفاءة دون تغذية راجعة.

اقرأ أيضاً: المدرسة والبيت: علاقات جدلية.. فكيف نحقق المعادلة الصعبة؟

7. تعتمد إستراتيجيات التعلم المناسبة على الحركة والتنقل؛ فالدماغ يكون أكثر نشاطاً في حالة الحركة، ولذلك تبدو إستراتيجيات التعلم المعتمدة على الجلوس والسكون أكثر إعاقة لعمل الدماغ.

8. ويتعلم الدماغ بطريقة أفضل إذا كان أمام خيارات متعددة وليس خياراً واحداً، ولذلك يطلب من المعلم دائماً تقديم خيارات في طرق التدريس والواجبات والوقت، وحرية العمل مع آخرين.

9. الدماغ يحتاج إلى إتقان النشاط، أو ما يسمى بالتعلم الإتقاني الذي يقوم على نشاط الطالب في تكوين المعاني وحفظها واستخدامها في الوقت المناسب، ولذلك يحرص المعلم على توفير ما يسهم في التعلم  الإتقاني.

هذه هي متطلبات إستراتيجيات التدريس الفعالة، والتي يمكن أن تحقق أعلى أثر عند الطلبة، إضافة إلى ذلك يحتاج المعلمون إلى الالتزام بمبادئ عامة في التدريس؛ فالدماغ متعدد المسارات والأنماط، لذلك لا يبدو تسلسل المادة إلزامياً. ولم تشر الأبحاث إلى أهمية التنظيم، وبالعكس تماماً، فإنّ تنظيم المهام وتسلسلها قد يعيق التعلم، كما أنّ من الضرورة أن يعمد المعلم إلى تكرار المعرفة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية