على خُطى القرضاوي.. الريسوني يدعو للجهاد ضد الجزائر.. ماذا قال عن موريتانيا؟

على خُطى القرضاوي.. الريسوني يدعو للجهاد ضد الجزائر.. ماذا قال عن موريتانيا؟


16/08/2022

فاجأ رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني الأوساط الإسلامية والعربية بالدعوة إلى الجهاد ضد الجزائر.

وكان الريسوني قد تحدث، مؤخراً في مقابلة تلفزيونية، عن استعداد "الشعب والعلماء والدعاة في المغرب للجهاد بالمال والنفس والزحف بالملايين إلى تندوف الجزائرية"؛ ممّا أثار جدلاً وغضباً واسعين داخل الأوساط الجزائرية.

تصريحات الريسوني تعيد إلى الواجهة فتوى يوسف القرضاوي، مُنظّر الإخوان المسلمين الأول، الذي أفتى بالجهاد ضد الجيش المصري، وتسببت فتاواه في مقتل العديد من الجنود المصريين في سيناء، على بعد أميال قليلة من العدو الأول للأمّة الإسلامية والعربية، الذي لم يخرج شيخا الإخوان بفتوى مماثلة للجهاد ضده.

  تبرؤ "علماء المسلمين" 

دعوة الريسوني، المحرضة على الجزائر والمثيرة للنزاع، دفعت الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين للتبرؤ من تصريحاته، فقد أصدر الاتحاد بياناً، عبر موقعه الرسمي على الإنترنت أمس حول تصريحات القيادي الإخواني المغربي في المقابلة التلفزيونية حول "الصحراء المتنازع عليها"، قائلاً: إنّ تلك التصريحات "تُعبّر عن رأي قائلها فقط، ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي الاتحاد."

تصريحات الريسوني تعيد إلى الواجهة فتوى يوسف القرضاوي، مُنظّر الإخوان المسلمين الأول، الذي أفتى بالجهاد ضد الجيش المصري

وقال الاتحاد: إنّ تصريحات الريسوني حول الصحراء "تُعبّر عن رأيه الشخصي، وليس رأي الاتحاد"، مشيراً إلى أنّ موقف الاتحاد هو أن "يقف دائماً مع أمّته الإسلامية للنهوض بها، وأنّ دوره دور الناصح الأمين مع جميع الدول والشعوب الإسلامية، ولا يريد إلا الخير لأمّته، والصلح والمصالحة الشاملة، وحلّ جميع نزاعتها ومشاكلها بالحوار البنّاء، والتعاون الصادق."

 غضب جزائري

استفزاز الريسوني لم يمر مرور الكرام في الجزائر، فقد أثار حنقاً شديداً على كافة المستويات، فعلى الصعيد السياسي، اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية عبد الرزاق مقري، في بيان، أنّ تصريحات الإخواني المغربي هي بمثابة "دعوة للفتنة وسفك الدماء بين المسلمين".

 

فاجأ أحمد الريسوني الأوساط الإسلامية والعربية بالدعوة إلى الجهاد ضد الجزائر

 

ونقلت صحيفة "الشروق" الجزائرية عن مقري قوله: "بدل الدعوة إلى الفتنة وإلى سفك الدماء بين المسلمين، كان الأولى له أن يدعو إلى الجهاد بالمال والنفس من أجل تحرير سبتة ومليلة المغربيتين"، مضيفاً: "تابعت حركة مجتمع السلم بكل استغراب ودهشة الخرجة الإعلامية للدكتور أحمد الريسوني، الذي يشغل منصب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والتي تحدث فيها عن استعداد الشعب والعلماء والدعاة في المغرب للجهاد بالمال والنفس والزحف بالملايين إلى تندوف الجزائرية، كما تطاول فيها أيضاً على دولة بأكملها، وهي موريتانيا".

 سقطة خطيرة

مقري اعتبر أنّ تصريحات الريسوني "سقطة خطيرة ومدوية من عالم من علماء المسلمين يفترض فيه الاحتكام إلى الموازين الشرعية والقيم الإسلامية، لا أن يدعو إلى الفتنة والاقتتال بين المسلمين، وفق ما سمّاه الجهاد بالمال والنفس".

وقد حمّل رئيس الحركة الجزائرية، في البيان، الريسوني "مسؤولية تبعات تصريحه هذا، ضمن الظروف الدولية والإقليمية المتوترة التي لا تتحمل مثل هذه الخرجات التي تلهب نيران الفتنة"، مضيفاً: "كان الأولى بالريسوني أن يدعو إلى مسيرات حاشدة في مختلف مدن المغرب ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكسر التحالف الإستراتيجي بين بلاده وبين هذا الكيان المحتل لفلسطين، لا سيّما أنّ حزبه هو أحد عرّابي هذا التطبيع، وكان أمينه العام هو الموقع عليه رسمياً"، في إشارة إلى حزب "العدالة والتنمية"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في المغرب.

 إفلاس سياسي

في معرض ردّه على تصريحات الريسوني، أشار مقري إلى أنّها تعكس حالة الإفلاس السياسي التي وصلت إليها بعض النخب المغربية، ولا سيّما الإسلامية منها، قائلاً: "إنّ حالة الإفلاس التي وصلت إليها بعض النخب المغربية، ومنها بعض النخب الإسلامية، هي مؤشر خطير على سلامة واستقرار المنطقة، والتي تطورت من خلال تصريح الريسوني، بعد أن جعلوا المغرب منصة يستعملها الصهاينة لتهديد الجزائر، إلى التصريح الواضح بالأطماع التوسعية على سيادة الدولة الجزائرية ووحدة ترابها".

تطاول على سيادة الجزائر

دعوة الريسوني الصريحة للحرب مع الجزائر أثارت كذلك غضب رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، الذي وصف تصريحات الإخواني المغربي بـ"غير المسؤولة والمثيرة للفتن".

اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم أنّ تصريحات الإخواني المغربي هي بمثابة "دعوة للفتنة وسفك الدماء بين المسلمين"

ونقلت "الشروق" عن بن قرينة اعتباره، في بيانٍ، تصريحات الريسوني "تطاولاً على سيادة دول وكرامة شعوبها"، قائلاً: "تصريحات الريسوني صدمت مشاعر الجزائريين، وكثيراً من شعوب المنطقة المغاربية كالموريتانيين والصحراويين، بخطابه المتعالي، وأسلوبه الاستهتاري المثير وغير المسؤول، والمتطاول على سيادة الدول وكرامة شعوبها، لا سيّما عندما يوظف مصطلح الجهاد للدخول إلى أراضٍ جزائرية بولاية تندوف حرّرها شهداء ثورة المليون ونصف المليون بدمائهم الزكية".

 

دعوة الريسوني دفعت الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين للتبرؤ من تصريحاته، فقد أصدر بياناً جاء فيه: إنّ تلك التصريحات تُعبّر عن رأي قائلها فقط، ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي الاتحاد

 

وشدّد على أنّه "ينبغي لعلمائنا أن يُبعدوا عن مؤسستهم مثل هذه الشخصيات التي لا تقدّر معنى الكلمة ولا مسؤوليتها في إثارة الفتن. ثم إنّها مناسبة ننتظر فيها من علماء الجزائر والمنتمين للاتحاد أن تكون لهم مواقف بمستوى خطورة تصريحات الريسوني رئيس الاتحاد".

 رجل فقد "بوصلته"

على الصعيد الأكاديمي، اعتبر البروفيسور نور الصباح عنكوش، من قسم العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أنّ حديث الريسوني "يعبّر عن حالة لا وعي إستراتيجي يعاني منها المخزن الذي فقد عقله وضاعت بوصلته وفقد أخلاقه. وأصبح حسب محدثنا يشكّل خطراً على المنطقة بأكملها، نتيجة الصدمة التي يعيشها منذ أن استعادت الجزائر دورها الإقليمي عسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً".

بدوره، عبّر الدكتور بلخير طاهري الإدريسي، بجامعة أبها السعودية، عن استغرابه من دعوة الجهاد ضد الجزائر التي أطلقها الريسوني، موضحاً أنّ "الشريعة الإسلامية حددت مفهوم الجهاد وبدقة، بحيث يكون ضد الكفار، وليس ضد المسلمين".

وأكد أنّ "الريسوني وقع في مخالفة كبيرة للشريعة الإسلامية"، مشيراً إلى أنّ "الخطر الكبير في تصريحات الريسوني هو أنّه يترأس اتحاد العلماء المسلمين الذي يُفترض أن تكون كلمته بالإجماع".

على المستوى الشعبي، تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ردود الأحزاب والحركات السياسية الجزائرية على الريسوني.

 موريتانيا والصحراء

هجوم الريسوني لم يتوقف عند الجزائر، فقد أنكر استقلال موريتانيا، قائلاً: "وجود ما يُسمّى بموريتانيا غلط"، وإنّ "قضية الصحراء الغربية وموريتانيا صناعة استعمارية".

وبحسب موقع "روسيا اليوم"، فقد أثارت تصريحات الريسوني، التي وُصفت بـ"المسيئة"، جدلاً واسعاً على المستوى الشعبي الموريتاني، وسط مطالبات بـ"الاعتذار".

ولم تُعلق موريتانيا بشكل رسمي على تصريحات الريسوني، غير أنّ وسائل التواصل الاجتماعي فاضت بالتعليقات الغاضبة، فقد وصف الكاتب الصحفي الموريتاني محمد جميل منصور، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر، تصريحات الريسوني بأنّها "مستفزة ومسيئة" لموريتانيا، قائلاً: "لا أعرف لماذا يصر د. أحمد الريسوني على تصريحات مستفزة ومسيئة لموريتانيا؟ القول إنّ وجود موريتانيا خطأ، هو خطأ بمنطق التاريخ، وخطأ بمنطق الجغرافيا، وخطأ بمنطق السياسة."

وأكد منصور أنّ "موريتانيا دولة قائمة، وشعب له خصوصيته، رغم انتمائه الإسلامي والعربي والأفريقي، وقد آن الأوان ليكفّ البعض عن الاستهزاء بها".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية