علامة الهدم على قبور رموز الأدب والفكر تثير فزع المصريين؟

علامة الهدم على قبور رموز الأدب والفكر تثير فزع المصريين؟


19/05/2022

أثارت علامة "إكس" باللون الأحمر على مقابر عدد من رموز الفكر والأدب المصري جدلاً واسعاً في الآونة الأخيرة ومخاوف من نهضة عمرانية تمحو تاريخاً وتراثاً لا يُقدّر بثمن، وشواهد قبور أثرية يعود بعضها إلى العصر العثماني في مقابر الإمام الشافعي والسيدة نفسية، فقد تداول عدد واسع من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الساعات الماضية صورة لمدفن عميد الأدب العربي طه حسين وعليه علامة تفيد بالاستعداد لهدمه لتنفيذ محور مروري في العاصمة المصرية القاهرة.

وأمام الجدل المثار على مواقع التواصل، قالت ابنة حفيدة طه حسين، مها عون، في تصريحات تلفزيونية مع برنامج "كلمة أخيرة" على فضائية "أون" ليلة الثلاثاء: إنّ العائلة لم تتلقَّ حتى هذه اللحظة أيّ تأكيد أو إخطار من السلطات المصرية حول إزالة قبر جدها، مضيفة: "بنزور القبر لقينا علامة (X) حمراء كبيرة محطوطة، وعلى بعد (100) متر قبر والدي العقيد أبو المعاطي عون، وعليه العلامة نفسها، حاولنا نوصل لأيّ معلومات لكن حتى الآن ليس هناك معلومة مؤكدة."

 

أثارت علامة "إكس" باللون الأحمر على مقابر عدد من رموز الفكر والأدب المصري جدلاً واسعاً في الآونة الأخيرة

 

وأضافت عون: "عندي أمل إنّه ميكونش ده معناه إزالة مدفن طه حسين... ده مش شخصية مصرية بس... بل علامة من علامات الأدب العربي ومن مؤرخي التاريخ الإسلامي".

وعبّرت عون عن قلق عائلة طه حسين من احتمالات طلب نقل رفات عميد الأدب العربي، وحفيدته مي وابنته أمينة طه حسين، وهي من أوائل الحاصلات على شهادة جامعية، فضلاً عن رفات وزير الخارجية السابق محمد حسين الزيات المدفون بالمقابر نفسها إلى جانب العديد من الشخصيات ورموز الأدب والسياسة والفكر المصريين الذين شكّلوا جانباً كبيراً من تاريخ مصر.

مدفن الشاعر أحمد شوقي (صدى البلد)

وأكدت عون أنّها لم تُبلغ رسمياً، "لكن رؤية العلامة الحمراء أثارت الرعب في قلوب عائلته"، قائلة: "بنرن الجرس لتصحيح أيّ خطأ، وأن تتم دراسة الموقف ومراعاة لطبيعتها المهمة والتاريخ".

 

تأتي مخاوف إزالة مقابر السيدة نفيسة والإمام الشافعي وسط تقارير شبه رسمية عن عزم السلطات إنشاء جسر

 

وتأتي المخاوف من إزالة مقابر السيدة نفيسة والإمام الشافعي وسط تقارير شبه رسمية عن عزم السلطات المصرية إنشاء جسر باسم الكاتب الصحفي ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم" الذي وافته المنية في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، بالقرب من منطقة المقطم، التي تضم بين جنبتاها العديد من المعالم الأثرية، غير أنّ وسائل إعلام مصرية نقلت عن مصادر لم تسمّها بمحافظة القاهرة نفيها وجود أيّ خطة لإزالة أيّ عقار لاستكمال بناء الجسر، الذي ربما يُراد به أنّ يكون منهلاً للحياة، غير أنّه قد يكون معولاً لهدم التراث ومحوه.

 وخلال حياته الزاخرة بالكتب والمحاضرات والأفكار، لم يكد نجم المفكّرين العرب في القرن الـ20 طه حسين (1889-1973) يترك باباً موصداً في اللغة أو التاريخ أو الأدب العربي، إلا وطرقه، مصرّاً على دخوله من وجهة نظر خاصة، مقلقاً حراس التأويل النائمين في غياهب الماضي، ومثيراً عاصفةً من الجدل لم تنتهِ بموته.

  أمير الشعراء

قبر طه حسين لم يكن الوحيد الذي طالته العلامة الحمراء والمخاوف من هدمه، حيث طالت العلامة نفسها ضريح أمير الشعراء أحمد شوقي في حوش حسين باشا شاهين بمقابر السيدة نفيسة، وسط إعلانات متتالية عن مخططات "تطوير القاهرة التاريخية"، التي تقع في نطاقها أضرحة العديد من الشخصيات المعروفة والمؤثرة في التاريخ المصري، والتي كانت سبباً في تحرك العديد من الباحثين ومحبّي التاريخ المصري بغرض حمايتها من الهدم أو إزالتها قبل إصدار القرار، ومنها مقبرة الشيخ محمد رفعت وعلي باشا مبارك.

مقبرة علي باشا مبارك (صدى البلد)

وقد رحل الشاعر أحمد شوقي في 14 تشرين الأول (أكتوبر) من العام 1932، وشكّل رحيله صاعقة مدويّة لعشاق الأدب والشعر العربي. وكانت وصيته أن يُكتب على قبره بيتان من قصيدة البردة، وهما: "يا أحمد الخير لي جاه بتسميتي، وكيف لا يتسامى بالرسول سمي، إنّ جلّ ذنبي عن الغفران لي أمل في الله يجعلني في خير معتصم."

ابنة حفيدة طه حسين: العائلة لم تتلقَّ حتى هذه اللحظة أيّ تأكيد أو إخطار حول إزالة قبر عميد الأدب العربي

 

ونقل موقع "ًصدى البلد" المصري عن الباحث التاريخي إبراهيم المصري قوله: إنّ "مدفن أحمد شوقي يجاور المناطق ذات علامات الإزالة، وبعد زيارتي للمكان ومشاهدتي للوضع، وجدت سكّان المقابر في حالة من الغضب والخوف بعد إبلاغهم بالإخلاء لبدء الهدم."

وأجرى المصري العديد من الجولات الميدانية في منطقة مقابر السيدة نفيسة للتوثيق لأهم الشخصيات الذين تم دفنهم في هذه المقابر، ومنها الرموز الثقافية والدينية الـ3 إذ تقع في منطقة واحدة متجاورة.

قبر قيثارة السماء

كشف الباحث إبراهيم المصري أنّ قبر المقرئ الشيخ محمد رفعت من القبور المهددة أيضاً في مقابر السيدة نفيسة. ولُقب الشيخ الجليل بكثير من الألقاب، منها على سبيل المثال: "قيثارة السماء، والصوت الذهبي، والصوت الملائكي، والقيثارة الإلهية، ومزمار من مزامير آل داود عليه السلام، وصوت من الجنة"، وفقاً للكاتب محمود توفيق الخولي.

قبر المقرئ الشيخ محمد رفعت (صدى البلد)

من بين القبور المهددة كذلك، قبر المؤرخ علي باشا مبارك بالمنطقة نفسها، ومدفن وقبة أسرة محمود باشا فهمي المهندس، وغيرها من الرموز المهمّة التي تُعدّ توثيقاً لأصحابها ولتاريخ مصر.

مواضيع ذات صلة:

المقرئ الشيخ محمد رفعت: قيثارة السماء

كيف رد طه حسين وآخرون على الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية