عراقيل في وجه المسار السياسي داخل ليبيا... كيف تدخلت أمريكا ومصر؟

عراقيل في وجه المسار السياسي داخل ليبيا... كيف تدخلت أمريكا ومصر؟


26/04/2021

لا يبدو أنّ إتمام المسار السياسي في ليبيا وصولاً إلى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وفق خريطة الطريق المعلنة، سيحدث دون عراقيل، فقد عكست أزمة داخلية، إثر تصريحات لوزيرة الخارجية الليبية حول ضرورة إخراج كافة القوى بما في ذلك التركية من ليبيا، استمرار التهديد التركي للمسار مدفوعاً بقوى محسوبة عليها ومازالت تملك سطوة.

في المقابل، تلقي الخلافات الأمريكية ـ التركية، منذ بداية ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن، ظلالها داخل ليبيا، لتحقق شيئاً من التوازن، وتمنح ذلك المسار (السياسي) قوة دفع إضافية.

اقرأ أيضاً: هل يكفر المجتمع الدولي عن جرائمه في ليبيا؟

وسابقاً، كانت تركيا تحظى بضوء أخضر أمريكي خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، لدعم حكومة الوفاق والتغلغل في ليبيا، كسبيل لتقويض النفوذ الروسي الذي كان يصطف حول الفصيل الآخر في النزاع ممثلاً في الجيش الوطني.

وعند نقطة محددة في عمر الصراع، كادت فيها الساحة الليبية تتحوّل إلى حرب إقليمية، شقّ المسار السياسي طريقه برغبة دولية أوروبية وأمريكية وعربية في التهدئة، لم تستطع أمامها أنقرة سوى الانزواء عن المشهد.

ورغم ما حققه ذلك المسار من نجاح حتى الآن، بانتخاب حكومة الوحدة، وبدء سيناريوهات الإعمار، والاحتفاظ بعلاقات طيبة وودية مع كافة الأطراف التي سبق أن تصارعت على ليبيا والنفوذ فيها، غير أنّ ذلك لا يعني أنّ المخاطر التركية قد اختفت، لا سيّما في ظل استمرار وجود الآلاف من القوات المحسوبة على تركيا في ليبيا في صور ميليشيات مسلحة، أو وجود عسكري للتدريب وفق اتفاقيات أمنية، غير معترف بها دولياً، أجرتها حكومة الوفاق مع تركيا.

 

هاجم رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وزيرة الخارجية، وقال في بيان له: إنه ليس من اختصاص حكومتها إلغاء أي اتفاقيات شرعية سابقة أو تعديلها

 

ويبرز ذلك النفوذ وما قد يمثله من عراقيل في الأزمة الداخلية التي شهدتها طرابلس بعد تصريح لوزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، بشأن ضرورة مغادرة القوات الأجنبية البلاد، خلال كلمة لها أمام البرلمان الإيطالي قبل أيام، وقد هاجم رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وزيرة الخارجية، وقال في بيان له: إنه "ليس من اختصاص حكومتها إلغاء أي اتفاقيات شرعية سابقة أو تعديلها"، مؤكداً على احترام مجلسه للاتفاقية الموقعة مع الدولة التركية بشقيها الأمني والعسكري، بالإضافة إلى جميع الاتفاقيات السابقة الموقعة في أي مجال مع دول أخرى"، بحسب ما أوردته جريدة "الشرق الأوسط".

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر رحيل ديبي على الأوضاع في ليبيا؟

وأكد المشري رفضه وجود "المرتزقة" في ليبيا "جملة وتفصيلاً"، لكنه قال: إنه "يجب على الجميع أن يعي جيداً الفرق بين (المرتزقة) وبين وجود قوات بناءً على الاتفاقيات المبرمة"،  وطالب حكومة عبد الحميد الدبيبة بالاحترام الكامل لخريطة الطريق، الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي والالتزام بها.

وبحسب المصدر ذاته، فقد تصاعدت حدة الحرب الكلامية والإعلامية المتبادلة، بعدما أثارت المنقوش حفيظة المعسكر الموالي لتركيا، بسبب مطالبتها أمام مجلس النواب الإيطالي، وقالت المنقوش: إنّ "الحوار مع تركيا ودول أخرى وخروج القوات الأجنبية بدأ، ونحن حازمون في هدفنا، ونطلب من كل هذه الدول أن تتعاون لإخراج جميع القوات الأجنبية من الأراضي الليبية".

واعتبرت وزيرة الخارجية الليبية أنّ هذه مسألة "لا يجب مناقشتها، فالسيادة أولوية بالنسبة إلينا، ونحن نعلم أنّ هذا لن يحدث في يوم واحد، لكنه سيكون نتيجة مفاوضات متعددة".

 

وجّه وزير الخارجية المصري الدعوة لنظيرته الليبية لزيارة القاهرة في أقرب فرصة، وذلك في إطار استمرار التشاور والتنسيق حيال تدعيم ركائز الاستقرار في ليبيا

 

وطبقاً لكلمة رسمية وزعها مكتب المنقوش، فقد خاطبت البرلمان الإيطالي قائلة: "نتطلع إلى دور أكبر لبلادكم في حلحلة الأزمات المتتالية التي تعرّضت لها بلادي، وبما يضمن ويعزز استقلال القرار الليبي، وتحرير الإرادة الوطنية الليبية من كافة التدخلات السلبية الخارجية، ومساعدتنا في خروج وإخراج كافة القوات و(المرتزقة) الأجانب".

وأمام تلك الهجمة أصدرت الخارجية الليبية أمس بياناً توضح فيه أنّ بعض التصريحات فُهمت خطأ، وأكدت على موقفها الثابت بإخراج المرتزقة، واحترامها في الوقت ذاته للاتفاقيات.

وقد عكس البيان الأخير، الذي بدا كأنه تراجع، حجم التحديات التي تواجه إتمام المسار السياسي وصراع النفوذ فيه.

دعم مصري

وفيما بدا أنه دعم في ظل الهجمة التي تتعرّض لها وزيرة الخارجية الليبية، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري أول من أمس اتصالاً هاتفياً مع نجلاء المنقوش لبحث العلاقات بين البلدين ومستجدات الأوضاع في ليبيا.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد حافظ، بحسب بيان على صفحة الوزارة على فيسبوك: إنّ "الاتصال تطرّق إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين الشقيقين، فضلاً عن تبادل الرؤى تجاه مستجدات الأوضاع في ليبيا، وجهود تنفيذ كامل مخرجات الحوار السياسي الليبي وقرار مجلس الأمن ذي الصلة، وبما يضمن استقرار وازدهار ليبيا ورخاء شعبها الشقيق".

 

ناقش السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، التقدم المحرز بشأن الانتخابات وميزانية حكومة الوحدة الوطنية

 

وتابع المتحدث: "وجّه وزير الخارجية الدعوة لنظيرته الليبية لزيارة مصر في أقرب فرصة، وذلك في إطار استمرار التشاور والتنسيق حيال تدعيم ركائز الاستقرار في ليبيا، على ضوء العلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين، وقد قبلت سيادتها الدعوة على أن يتمّ تحديد موعدها في وقت قريب".

وتُعدّ مصر الدولة الأكثر فاعلية حالياً في دفع المسار السياسي داخل ليبيا، فإضافة إلى الخط الأحمر الذي سبق أن رسمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وحال دون تقدّم قوات الوفاق نحو سرت، فإنّ القاهرة تشترط على أنقرة الخروج من ليبيا وسحب كافة القوات، كشرط لتطبيع العلاقات بينهما. وتسعى تركيا إلى التقارب مع مصر بعد فشل مخططها السابق في ليبيا، وعلى خلفية أزمة شرق المتوسط.

حضور أمريكي

في غضون ذلك، سجلت الولايات المتحدة موقفاً بدعمها للمسار السياسي ومتابعتها لخطواته، فقد ناقش السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، "التقدم المحرز بشأن الانتخابات وميزانية حكومة الوحدة الوطنية"، بحسب ما أوردته صحيفة "بوابة الوسط".

اقرأ أيضاً: تعزيز التعاون الأمني بين مصر وليبيا على الحدود... ما علاقة تركيا؟

وخلال مداخلة هاتفية أجراها من لندن، رحّب نورلاند بـ"عزم رئيس مجلس النواب الراسخ على إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها المحدد في 24 كانون الأول (ديسمبر)"، وفق بيان صادر عن السفارة، اليوم الأحد، ورحّب أيضاً بـ"تقييمه للتقدّم المحرز نحو إيجاد قاعدة دستورية وقانونية لتسهيل هذه الانتخابات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية