عام على عزلة قطر.. البلد أكثر توترا وعجزا عن إيجاد مخرج من أزمة بلا نهاية

عام على عزلة قطر.. البلد أكثر توترا وعجزا عن إيجاد مخرج من أزمة بلا نهاية


04/06/2018

لا تزال قطر في صراع مع الذات لمحاولة التخفيف من آثار مقاطعة فرضتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين عليها منذ عام، لكنها وصلت في نهاية المطاف إلى محصلة بذل موارد الدولة لتفادي آثار المقاطعة، بدلا من اختصار الطريق نحو تقديم تنازلات تفضي إلى مصالحة نهائية.

ورغم الخسائر الفادحة التي منيت بها قطاعات اقتصادية كبرى منذ المقاطعة، اختارت قطر تنويع تحالفاتها الاقتصادية والسياسية عبر تبني استراتيجية يشوبها التردد النابع من تضاربها مع مصالح الولايات المتحدة وقوى إقليمية أخرى. لكن تفكير الحكم في الدوحة وإدارته للأزمة لم يبق في نهاية المطاف خيارات أمام القطريين سوى تعزيز العلاقات مع إيران وتركيا.

ويبدو هذا التحالف الثلاثي كـ”فراغ منعزل” على الساحة الدولية، وهو ما يجعل رهان قطر، التي تتحدى السعودية والإمارات اللتين لا تكترثان كثيرا بالأزمة، خاسرا.

وفي أبريل الماضي، اعترف أكبر الباكر بتكبد الخطوط القطرية خسائر كبيرة خلال العام الماضي نتيجة منع دول المقاطعة مرور الطائرات التابعة للشركة في أجوائها، لكنه لم يفصح عن حجم الخسائر.

وتقدر مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البريطانية انخفاض معدل رحلات الخطوط القطرية بنحو 20 بالمئة، كما انخفض عدد السياح الزائرين لقطر بنحو 20 بالمئة أيضا، وانخفضت رحلات الطيران المتجهة إلى قطر بنسبة 25 بالمئة.

وقالت المؤسسة إن خسائر قطاع السياحة في قطر تقدر بنحو 600 مليون دولار. وقال رئيس الأبحاث في مركز الكويت المالي مانداجولاثور راجو إن مركزه يقدر خسائر الخطوط الجوية القطرية بنحو 3 مليارات دولار.

ولم تقتصر الخسائر على قطاعي السياحة والطيران، لكن امتدت أيضا إلى قطاع العقارات. ومنذ اندلاع الأزمة، انخفض سعر العقارات في قطر بمقدار 10 بالمئة.

ورغم ذلك، يبذل المسؤولون القطريون جهدا كبيرا في محاولة تغيير الأرقام في ما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية لدى المؤسسات الدولية، دون تغيير الواقع.

وكلما أكد المسؤولون في الرياض وأبوظبي أن الأزمة الخليجية هي مشكلة “صغيرة جدا جدا” بالنسبة إليهم، يزداد توتر قطر وتتقلص قدرتها على المناورة، خصوصا في علاقاتها الخارجية.

وتمثل علاقات الدوحة بدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على وجه الخصوص الورقة الأخيرة التي تعول عليها للخروج من هذه العزلة الخانقة التي تكاد تقضي على أي دور إقليمي للدوحة، وتهدد إقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر.

لكن منذ ظهور تفاصيل صفقة تحرير صيادين قطريين تم خطفهم في العراق العام الماضي، وتضمن الصفقة دفع قطر أكثر من 750 مليون دولار لتنظيمات إرهابية في سوريا والعراق، أُغلقت الأبواب في وجه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

ولم يتبق أمام القطريين سوى القمة الأميركية-الخليجية التي من المقرر أن تعقد في سبتمبر المقبل، ويأمل المسؤولون القطريون بأن تضع حدا لأزمة تبدو قطر قادرة على تحملها اقتصاديا، لكنها تتراجع تدريجيا أمام تبعاتها السياسية.

وقال دبلوماسي مصري، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ”العرب” إن “تجويع الشعب القطري ليس من أولويات دول المقاطعة، ولم يكن ضمن الأهداف الرئيسية التي قامت من أجلها الأزمة، لذلك فإن محاولات القطريين الاستدلال بأرقام الاستقرار الاقتصادي لا تغير شيئا بالنسبة لقطر أو لنا”.

وخلال العام أنفقت قطر المليارات من الدولارات على صفقات أسلحة من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة في شكل “رشوة” سياسية لم تغير من وضعها شيئا. كما خصصت الملايين من الدولارات لشركات العلاقات العامة في واشنطن لتغيير مقاربة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعا الدوحة مرارا إلى التوقف عن “دعم التنظيمات الإرهابية”.

ويتوقع خبراء كثر ألا تكون قمة سبتمبر “نقطة تحول” كما يأمل القطريون، إذ سيكون عليهم تقديم تنازلات أولا تضمن عدم تكرار سيناريو عامي 2013 و2014، اللذين وقعت فيهما قطر على اتفاق الرياض وملحقه المكمل دون أن تنفذ من بنوده شيئا.

وقال الدبلوماسي المصري لـ”العرب”، “قد تنجح محاولات قطر في تدويل الأزمة، لكنها لن تتمكن من تدويل الحل. الحل في الرياض وليس في مكان آخر”.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية