طلبة الجامعات يجددون الاحتجاجات اللبنانية.. ما الجديد؟

طلبة الجامعات يجددون الاحتجاجات اللبنانية.. ما الجديد؟


20/12/2020

بعد توقفها قبل أسابيع بسبب جائحة فيروس كورونا، تجدّدت الاحتجاجات الشعبية في لبنان على خلفية اعتماد جامعتين خاصتين سعراً جديداً لصرف الدولار لتحديد سعر الرسوم الدراسية، ما يعني زيادتها حكماً.

وأثار قرار الجامعتين موجة غضب عارمة بين الطلاب اللبنانيين، الذين تجمهروا في منطقة الحمرا في العاصمة بيروت، حيث نظموا مسيرة تحت عنوان "التعليم للجميع"، للدفاع عن حقهم في الحصول على التعليم.

اقرأ أيضاً: لبنان: لماذا أشعل اتهام دياب أزمة بين السنة ورئاسة الجمهورية؟

وكانت كل من "الجامعة الأمريكية"، والجامعة "اللبنانية الأمريكية" قد أصدرتا قراراً بتحديد الرسوم الدراسية بسعر صرف (3900 ليرة) لبنانية للدولار الواحد، بدلاً من السعر الرسمي (1500 ليرة للدولار) ما يعني زيادة حادة في الرسوم الجامعية المترتبة على الطلبة.

وطالب الطلاب في مسيرتهما، الجامعتين بالتراجع عن قرارهما، كما ندّدوا بتقاعس الحكومة اللبنانية عن توفير تعليمٍ مناسب بأسعار مناسبة.

وأكّد الطلاب في احتجاجاتهم على ضرروة استقلالية الجامعات وإخراج هيئتها التعليمية من نظام المحاصصة المُدمر الذي تعيشه لبنان، وتعزيز ميزانياتها وإعطائها الموارد المالية الكفيلة بتحقيق جميع حاجاتها الأساسية، من دون أي نقصان، ومن دون أن يتأثر واقع التعليم بأي سياسات تقشفية.

وسرعان ما تحوّلت المسيرة إلى مواجهات مباشرة بين الطلاب الرافضين لربط مصير التعليم في لبنان بالدولار، وبين رجال الأمن الذين حاولوا إبعاد الطلبة عن البوابة الرئيسية للجامعة الأمريكية في بيروت.

 أكّد الطلبة في احتجاجاتهم على ضرورة استقلالية الجامعات وإخراج هيئتها التعليمية من نظام المحاصصة المُدمّر الذي تعيشه لبنان

 

ووفق مراسل وكالة "فرانس برس"، واجهت قوات الأمن الطلاب الغاضبين بإطلاق الغاز المسيل للدموع لمحاولة تفريقهم ومنعهم من اقتحام  البوابة الرئيسية للجامعة الأمريكية.

من جانبهم، ردّ الطلاب بإلقاء مقذوفات على رجال الشرطة الذين شكّلوا درعاً بشرياً لاعتراض طريقهم، دون ورود أنباء عن وقوع إصابات. 

في وقت لاحق من المساء، أشعل المتظاهرون النار في صناديق القمامة وهاجموا البنوك قبل أن تُفرّقهم قوات الأمن.

أقساط بملايين الليرات

وبعد قرار الجامعات، باتت الأقساط تصل إلى عشرات ملايين الليرات، وهو ما سينعكس سلباً على قدرة آلاف الطلاب على استكمال تعليمهم.

وتأتي زيادة الجامعات للأقساط، بعد أن فقدت الليرة اللبنانية أكثر من ثلثي قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء حيث تم تداول الدولار يوم أمس السبت مقابل 8200 ليرة لبنانية على الأقل، الأمر الذي فاقم صعوبة تعامل الجامعات مع انخفاض قيمة العملة، لا سيما بسبب حفاظ الحكومة على السعر الرسمي الثابت عند 1500 ليرة مقابل الدولار.

تأتي المظاهرات في وقت كشفت فيه الأمم المتحدة عن ارتفاع معدلات الفقر في لبنان خلال الأشهر الماضية إلى 55 بالمئة
 

ويتخوّف الطلبة من أن تحذو الجامعات الخاصة الأخرى حذو الجامعتين الأمريكيتين، ما سيؤدي إلى حدوث حالة نزوح جماعي من الجامعات الخاصة إلى الجامعات الرسمية، وبالتالي تحميل الأخيرة ضغطاً كبيراً، سيما وأنّها تفتقر إلى التمويل الكافي في ظل أسوء أزمة اقتصادية تشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية (1975-1990).

فقر غير مسبوق

وتأتي المظاهرات في وقت كشفت فيه الأمم المتحدة عن ارتفاع معدلات الفقر في لبنان خلال الأشهر الماضية إلى 55 بالمئة، أي ما يصل إلى 2.3 مليون لبناني، أكثر من نصفهم لا يملكون ثمن الطعام أو الأدوية، مُحذّرة من ارتفاع معدلات الجوع في لبنان إلى أكثر من مليون جائع، وفق ما أورد موقع "نبض لبنان". 

دشّن الناشطون اللبنانيون على مواقع التواصل عدة وسوم منها (ثورة الطلاب) و(لا لدولرة التعليم)، و(لبنان ينتفض)، تضامناً مع الطلبة الذين يدافعون عن مستقبلهم
 

وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي؛ فإنّ الناتج المحلي الذي وصل إلى 53 مليار دولار في 2019، من المتوقع أن ينخفض بشكل غير مسبوق إلى 18 مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري.

ويحتاج لبنان إلى نحو 93 مليار دولار لإنقاذ اقتصاده، وفق تقرير معهد الدفاع عن الديمقراطية الأمريكي.

غضب على مواقع التواصل

وبالتزامن مع احتجاجات الطلبة بمنطقة الحمرا في بيروت، دشّن مجموعة من الناشطين اللبنانيين على مواقع التواصل عدة وسوم منها "ثورة الطلاب" و"لا لدولرة التعليم"، و"لبنان ينتفض"، حيث غرّدوا معبرين عن تضامنهم مع الطلبة الذين يدافعون عن مستقبلهم.

اقرأ أيضاً: المجلس الشيعي الأعلى في لبنان.. كشف المستور

وقد غرّد الناشط "حسين العشي"، مشيداً بالاحتجاجات الطلابية ضد قرار الجامعات بالقول: "مبارح بالحمرا الحركة الطلابية أثبتت إنو شعبنا بعدو حي والمجتمع مش رح يسكت على الظلم، دولرة الأقساط جريمة جديدة تقترفها سلطة الفساد بحق الطلاب ويجب مواجهتها".

وأضاف: "أما تحويل الجامعات الى ثكنات عسكرية وقمع من ينادي بحقه في استكمال علمه فهذه جريمة أكبر. مع الحركة الطلابية ضد الظلم والقمع!".

ورفضت شريحة واسعة من المغردين القمع الذي تعرّض له الطلبة من قبل الجيش والأجهزة الأمنية؛ إذ غرّد الناشط "سلمان" قائلاً: "دولة أمنية كل يوم تُقدّم للناس نموذجاً جديداً في القمع، بس ولا مرة شفناهم لقطوا أو قمعوا الفاسدين والمجرمين والمضللين".

ونشر الناشط "عبد سمارة" مقطع فيديو تظهر فيه القوى الأمنية أثناء اعتدائها على المتظاهرين، وعلّق عليه قائلاً: "الطلاب يلي هني المفروض مستقبل البلد وحملة أمانته هيك عم تعاملهم القوى الأمنية معاملة شبيحة وزعران".

وختم تغريدته بوسوم "لبنان ينتفض"، و"كلن يعني كلن".

فيما غرّد بعض الناشطين مشيرين إلى أصل الأزمة التي تعاني منها لبنان، منتقدين ما أسموه "وصاية إيران؛ فقد غرّد أحد الناشطين قائلاً: "بعد المصارف والمستشفيات، أتى دور الجامعات الخاصة".

اقرأ أيضاً: غليان مكتوم في الجنوب اللبناني بأمر حزب الله.. ما القصة؟

وتابع: "تنهار القطاعات مثل أحجار الدومينو، سندخل الزمن الجديد في المنطقة من دون مرفأ ولا جامعة ولا مستشفى ولا مصرف، والحبل على الجرّار".

وختم قائلاً: "ارفعوا وصاية إيران".

يشار إلى أنّ العديد من الدول والمؤسسات المانحة تتوانى عن تقديم الدعم المالي إلى لبنان خشية وقوعه في أيدي حزب الله المحسوب على إيران، والمُصنّف لدى الكثير من الدول على أنّه تنظيم إرهابي.

وعقب انفجار مرفأ بيروت، ربطت فرنسا بين تقديم الدعم لإعادة الإعمار وبين تحقيق إصلاحات سياسية، وشدّدت على أنّها وغيرها من الدول المانحة لن تُقدّم أموالاً لا تضمن مواضع إنفاقها، في إشارة إلى عدم السماح بوقوع المساعدات في يد حزب الله، سيما وأنّ الأخير يتمسّك بحقيبة المالية.

اقرأ أيضاً: حزب الله 2020.. هيمنة على الخراب تفاقم أزمة لبنان

وانتقد مغردون آخرون إقدام بعض المتظاهرين الذين وصفوهم بـ "المندسين" على إثارة الشغب وتدمير المرافق العامة، فقد غرّد الناشط "علي جعفر" قائلاً: "من الجهل من يعتقد إذا تم تكسير بنك أو محل أو بيت سوف يتم حل الوضع في البلد، بعض المندسين ما بين الثوار يجب حبسهم".

يشار إلى أنّ المظاهرات اللبنانية انطلقت في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية، بالإضافة إلى تردي الحياة السياسية في البلاد، حيث طالب المتظاهرون على مدار عام تقريباً، بإسقاط النظام السياسي وتشكيل حكومة مُصغّرة من الاختصاصيين والحدّ من الطائفية السياسية.

ولا يزال لبنان حتى الآن عاجزاً عن تشكيل حكومة جديدة، على الرغم من مرور أشهر على استقالة حكومة "حسان دياب"، وسط تحذيرات دولية من انعكاس تأخير إعلان الحكومة على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وزيارة الفقر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية