طالبان تتمادى في تضييق الخناق على النساء... غضب دولي وتوقعات بقرارات أسوأ

طالبان تتمادى في تضييق الخناق على النساء... غضب دولي وتوقعات بقرارات أسوأ

طالبان تتمادى في تضييق الخناق على النساء... غضب دولي وتوقعات بقرارات أسوأ


25/12/2022

بعد أيام من إعلان حركة طالبان قرارها بمنع النساء الأفغانيات من التعليم، تمادت الحركة في فرض قيود جديدة على المرأة الأفغانية، معلنة أمس منعهنّ من العمل في المنظمات غير الحكومية، سواء المحلية أو الدولية، وقد وصف مراقبون تحركات الحركة ضد النساء بأنّها عدوانية وانتقامية، ومحاولة لنزع الحقوق التي حصلت عليها الأفغانيات خلال الـ (20) عاماً التي كانت طالبان فيها بعيدة عن الحكم، وأنّ كل تلك التجاوزات تحدث دون ردع حقيقي من المجتمع الدولي والجهات التي تعهدت سابقاً بحماية النساء من اضطهاد الحركة المتطرفة.

وفي خطاب رسمي، أعلنت وزارة الاقتصاد بحكومة الحركة الأفغانية إصدار أمر لكافة المنظمات المحلية والأجنبية غير الحكومية بعدم السماح للنساء بالقدوم إلى العمل.

وأكد المتحدث باسم وزارة الاقتصاد عبد الرحمن حبيب الخطاب أنّ النساء ممنوعات من الذهاب إلى العمل حتى إشعار آخر، لعدم التزام بعضهنّ بقواعد الزي التي تحددها الحكومة لهن، وفق "العربية".

ولم يتضح حتى الآن إذا كان الأمر يسري على وكالات الأمم المتحدة التي لها تواجد وانتشار كبير في البلاد أم لا.

والثلاثاء الماضي حظرت حركة طالبان التعليم الجامعي على الفتيات في البلاد حتى إشعار آخر، ممّا يعني أنّ الفتيات والنساء لا يمكنهنّ تلقي التعليم سوى في المرحلة الابتدائية فقط.

سخط دولي وغضب محلي

عبّرت عدة دول ومنظمات في مقدمتها الأمم المتحدة عن غضبها إزاء القرارات المتكررة من جانب طالبان التي تستهدف حرية المرأة ومكتسباتها، وأعربت أسرة الأمم المتحدة، بحسب موقعها الرسمي، عن غضبها الشديد جراء القرار، مطالبة ما وصفته بسلطات الأمر الواقع بالتراجع عنه فوراً وفتح المدارس الثانوية والجامعات أمام الفتيات لتلقي التعليم وعدم التمادي في فرض الإجراءات التعسفية.

تواصل حركة طالبان الأفغانية تقييد حرية النساء وتهميشهن

وفي بيان صحفي صدر الأربعاء الماضي، قالت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما): إنّ منع النساء من الالتحاق بالجامعة هو استمرار "للسياسات المنهجية للتمييز المستهدف التي تطبقها حركة طالبان ضد المرأة".

وفي السياق، حثت (12) دولة هي: الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا والنرويج وإسبانيا وسويسرا والمملكة المتحدة والممثل السامي للاتحاد الأوروبي، حثت طالبان على التراجع فوراً عن تدابيرها القمعية الجديدة ضد الإناث في أفغانستان، بحسب وكالة "أنباء الشرق الأوسط".

شريفة حكمت: ترصّد طالبان بالمرأة، إن دلّ على شيء، فهو يعكس حقيقة مخاوفها من المرأة المتعلمة، التي ستقدم للمجتمع رجالاً ونساء قادرين على مقاومة الظلام، قياديين وعلماء في مختلف المجالات

 

وأدانت الدول، وفق بيان مشترك نشرته الخارجية الأمريكية على موقعها الإلكتروني الأربعاء الماضي، قرارات طالبان الأخيرة بحظر الدراسة الجامعية على الفتيات ومواصلة منعهن من الالتحاق بالمدارس الثانوية، وفرض قيود قاسية أخرى على قدرة النساء والفتيات في أفغانستان على ممارسة حقوقهن الإنسانية وحرياتهن الأساسية.

وقال وزراء خارجية الدول الـ (12)  والممثل السامي للاتحاد الأوروبي: إنّ إجراءات طالبان القمعية ضد الفتيات والنساء الأفغانيات قاسية ومنهجية.

ومن جانبه، عبّر الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلقه العميق" إزاء قرار طالبان منع الفتيات من ارتياد الجامعات في أفغانستان، داعياً الحركة إلى "ضمان المساواة في الحصول على التعليم على كلّ المستويات"، بحسب شبكة "سكاي نيوز".

حراك نسوي غاضب... هل يجدي نفعاً؟

على مدار الأيام الماضية شهدت أفغانستان تظاهرات نسوية غاضبة في عدة مناطق اعتراضاً على القرارات التي استهدفت حرية النساء، واستخدمت الحركة صباح السبت المياه وأغصان الشجر لتفريق تظاهرة نسائية شارك فيها المئات من النساء في العاصمة كابل، بحسب ما أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على "تويتر".

ولم تقتصر التظاهرات على النساء فقط، ففي تحرك نادر قاطع حوالي (400) طالب من قندهار، مهد الحركة الإسلامية المتشددة، امتحاناتهم تضامناً مع زميلاتهم الطالبات، وتظاهروا في الشارع، بحسب وكالة "فرانس 24".

وقال أستاذ في جامعة مرويس نيكا طالباً عدم الكشف عن هويته: إنّ طالبان فرّقت التظاهرة وأطلقت النار في الهواء، واحتجاجات الرجال نادرة للغاية في أفغانستان.

حكمت: أصبحت على يقين أنّ قرار طالبان التالي سيكون بمنع السيدات منعاً باتاً من الخروج من منازلهن، فطالبان أثبتت أنّها تريد العودة بأفغانستان إلى عصر الجاهلية حيث المرأة كانت متاعاً للرجل لا أكثر من ذلك

 

وتقول نائبة رئيس مؤسسة آغاخان الثقافية في أفغانستان، الناشطة النسوية شريفة حكمت، لـ"حفريات": إنّ التظاهرات لن تجدي نفعاً مع حركة طالبان، ولن تثني الحركة عن قراراتها التعسفية ضد الأفغانيات، فمنذ وصول طالبان إلى الحكم قبل نحو عام ونصف العام والمظاهرات والاحتجاجات وأيضاً الغضب الدولي يتواصل بسبب القرارات ضد النساء، لكنّ ذلك لم يغير من الأمر شيئاً.

وبحسب حكمت، تتمادى طالبان يومياً في تعنيف المرأة الأفغانية، وآخرها هو القرار الصادر  السبت بمنع النساء من العمل في المنظمات الأهلية (غير الحكومية في البلاد).

وتتوقع حكمت أنّ القادم أسوأ حيث تقول: "أنا على يقين أنّ قرارها التالي سيكون بمنع السيدات منعاً باتاً من الخروج من منازلهنّ، فطالبان أثبتت أنّها تريد العودة بأفغانستان إلى عصر الجاهلية حيث المرأة كانت متاعاً للرجل لا أكثر من ذلك".

هل تخلى المجتمع الدولي عن الأفغانيات رغم وعود المساندة؟

ترى حكمت أنّ المجتمع الدولي قد تخلى عن الأفغانيات، وعن أفغانستان بوجه عام، منذ أن قبل بالجلوس والتفاوض مع الحركة، وقررت نيابة عن الشعب الأفغاني، رغم الاعتراضات الكبيرة من جانب كافة قطاعات الشعب الأفغاني لتلك القرارات التي أعادت الحركة إلى سابق عهدها في ممارسة كافة أشكال العنف والاضطهاد ضد المواطنين. 

عبّرت عدة دول ومنظمات في مقدمتها الأمم المتحدة عن غضبها إزاء القرارات المتكررة من جانب طالبان

وتضيف: "كما أكدت المنظمات الدولية على تخليها عن النساء الأفغانيات بشكل كامل عندما التزمت الصمت أمام قرارات منعهنّ من التعليم الثانوي والخروج إلى العمل أو السفر دون محرم؛ الأمر الذي شجع الحركة على التمادي في تلك الأفعال التي تُعدّ تضييقاً وانتهاكاً واضحاً للحقوق والحريات، يستوجب التدخل الرادع من جانب المؤسسات الدولية".

هل تتربص طالبان بالنساء؟

تقول حكمت: إنّ طالبان تتربص بالنساء، وتضعهنّ في مقدمة الاستهداف وتتمادى في قراراتها لتعجيز النساء؛ لأنّها تريد العودة بالمجتمع إلى العصور الجاهلية للسيطرة عليه وتوجيهه وفق مصالح الحركة وأجندتها.

وتوضح حكمت: إنّ "الحرمان من التعليم هو الهدف الأول لخلق مجتمع جاهل ومشوّه وممهد لقبول أفكار الحركة الظلامية، ومنع النساء من التعليم يعني أنّ مجتمعاً بأكمله سيصبح جاهلاً تماماً، والحكمة الشهيرة تقول: "من علّم رجلاً، فقد علم إنساناً واحداً، ومن علّم امرأة، فقد علم أمّة ومجتمعاً كاملاً".

وتضيف: "ترصّد طالبان بالمرأة، إن دلّ على شيء، فهو يعكس حقيقة مخاوفها من المرأة المتعلمة، التي ستقدم للمجتمع رجالاً ونساء قادرين على مقاومة الظلام، قياديين وعلماء في مختلف المجالات".

وتتابع: "لذلك فهذه الحركة المتطرفة، خوفاً على نفسها، وحرصاً على بقائها في السلطة، قامت بضرب الشعب الأفغاني في مقتل، واضطهدت حقوق المرأة الأفغانية، وتحاول بشكل مكثف أن تجعل منهنّ جاهلات لا يعرفن حقوقهنّ، ولا يقدرن على تربية وتأهيل شعب واعٍ وجيل مقاوم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية