صعود موسمي لداعش في سوريا... فهل يملك التنظيم فرصاً للتمدد مجدداً؟

صعود موسمي لداعش في سوريا... فهل يملك التنظيم فرصاً للتمدد مجدداً؟


11/01/2021

سجلت سوريا خلال الأيام الماضية نشاطاً ملحوظاً لتنظيم داعش الإرهابي انطلاقاً من البادية الشاسعة، مستهدفاً قوات من النظام السوري والميليشيات التابعة له، أو حتى المدنيين المارّين لغرض أو لآخر عبر الدروب الجبلية، مسفراً عن عشرات الضحايا، ما رفع المخاوف من تمدد جديد للتنظيم يستغل حالة الصراع المستمرة داخل سوريا، وتقسيم النفوذ بين روسيا والنظام وتركيا وقوات سوريا الديمقراطية.

اقرأ أيضاً: داعش ضعيف لكنه لم ينكسر

ولا يُعدّ التصعيد الأخير مفاجئاً، فقد كان معلوماً أنّ التنظيم اتخذ من البادية السورية شاسعة المساحة مخبأ للكمون والخروج بعمليات من وقت إلى آخر لتسجيل الوجود، غير أنّ تصعيد الهجمات الذي لوحظ منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، طرح تساؤلات حول قدرة التنظيم على هيكلة صفوفه من جديد، خصوصاً مع تصاعد لهجة النظام المنتقدة للتواجد الأمريكي في بعض القواعد واعتبارها حائلاً دون تنفيذه عمليات ضد تلك المجموعات.

وقد سجل المرصد السوري لحقوق الإنسان حتى 20 من الشهر الماضي سقوط 64 عنصراً للنظام والميليشيات التابعة له، وهو مؤشر لافت على رفع قدرات التنظيم الهجومية، عزّزها إسقاطه نحو 39 شخصاً في هجوم واحد، نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وذلك خلال نقل عدد من قوات النظام بحافلة من دير الزور إلى تدمر بريف حمص الشرقي، وعقب أيام نفذ هجمات أخرى.

وفي غضون ذلك، صرّحت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، محذرة من نشاط التنظيم، قائلة خلال تصريحات متلفزة حين سُئلت عن التنظيم: فرنسا ترى أنّ تنظيم داعش ما يزال موجوداً، ويمكن الحديث عن شكل من أشكال عودة ظهوره في سوريا والعراق.

صرّحت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي محذرة من نشاط التنظيم، قائلة خلال تصريحات متلفزة حين سُئلت عنه: فرنسا ترى أنّ تنظيم داعش ما يزال موجوداً

وتابعت، بحسب ما نقله موقع "بي بي سي" عربي: "منذ سقوط بلدة الباغوز في وادي الفرات، حيث كان المعقل الأخير للتنظيم، يمكن أن نلاحظ أنّ داعش يستعيد قوته في سوريا".

والنشاط الملحوظ للتنظيم في سوريا ألقى بظلاله على العراق، التي أعلنت شنّ حملة تمشيطية للحدود السورية ـ العراقية، لملاحقة عناصر التنظيم.

ووسط ذلك النشاط، يبقى التساؤل حول قدرة التنظيم على إعادة تمدّده في سوريا والعراق من جهة، فضلاً عن الدور الأمريكي المرتقب في ظل ذلك النشاط الملحوظ، والذي يتزامن مع إدارة أمريكية جديدة؟

اقرأ أيضاً: إرهاب 2021.. ألمانيا تتوقع الأسوأ من الإخوان وداعش

يستبعد الباحث في العلاقات الدولية، مصطفى صلاح، قدرة التنظيم على إعادة التمدد مرّة أخرى في سوريا والعراق، واصفاً النشاط الأخير بـ"الموسمي" الذي استغل الفراغ الأمريكي الذي زاد في ظل الفترة الانتقالية، متوقعاً أدواراً مختلفة لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، عن سابقه دونالد ترامب في سوريا والعراق.

يقول صلاح لـ"حفريات": إنّ ما يحدث الآن هو عبارة عن إعادة تنظيم لتنظيم داعش غير أنها مؤقتة، ولا تملك فرصاً للتمدّد، كما أنها ليست بالجديدة، فمنذ قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من الشمال السوري في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، وخفوت حضوره في الشرق الأوسط لصالح استراتيجيته "أمريكا أوّلاً" تشهد الساحة فراغاً استغله تنظيم داعش في محاولة لإعادة التموضع وتنظيم فلوله.

 

باحث: إنّ ما يحدث الآن هو عبارة عن إعادة تنظيم لتنظيم داعش غير أنها مؤقتة، ولا تملك فرصاً للتمدد، كما أنها ليست بالجديدة

 

وأضاف: إنّ بعض الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا، حاولت سدّ الفراغ الأمريكي في الشرق الأوسط، لكنّ ذلك لم يكن كافياً، ومع خسارة ترامب ووجود إدارة انتقالية تفتقر إلى القدرة على اتخاذ قرارت مصيرية، خاصة بالجيش أو الانتشار أو شنّ هجمات ضد التنظيم، ويقتصر دورها على إدارة الأعمال لحين تسلم الإدارة الجديدة، وجد التنظيم فرصة أكبر لعودة النشاط وتنفيذ الهجمات.

وتوقع صلاح ألّا يستمر ذلك في ظل إدارة بايدن، خصوصاً في ظل استراتيجيته المعلنة سلفاً من إعادة الشراكة الاستراتيجية مع الشركاء التقليديين، ويقصد بذلك الأوروبيين، فضلاً عن وعيه بخطورة التنظيم على المصالح الأمريكية والأوروبية.

وسوف يتسلم الرئيس بايدن مقاليد السلطة في 20 كانون الثاني (يناير) الجاري.

لماذا البادية السورية؟

على الرغم من انخفاض فرص التنظيم، في ظلّ الهجمات السورية الروسية القائمة، والأمريكية المتوقعة، على التمدد مجدداً في مساحة محددة يسهل رصدها وضربها، فإنّ ذلك لا يحول دون المخاطر الكامنة للتنظيم مستقبلاً، في ظلّ توفر البيئة الخصبة لذلك، سواء من صراع القوى داخل سوريا، أو تواجد الأفكار الإرهابية وتغذيتها لدى فلول وعناصر داعش ممّن فرّوا بعد سقوط دولة الخلافة المزعومة، وأخيراً في ظل البيئة الجغرافية المواتية لاستمرار التواجد لشنّ حروب عصابات، والاستمرار كمصدر خطر، متمثلة في البادية السورية.

وسبق أن أوضحت ورقة بحثية للمعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) أنّ أوكار "داعش" في البادية السورية تتركز أساساً في 3 مناطق في عمق الصحراء: الأولى جبل بشري في أقصى القسم الجنوبي الشرقي من محافظة الرقة، الثانية في منطقة الدفينة بجنوب غربي دير الزور، والثالثة في الصحراء بين تدمر والسخنة غرباً، منطقة حزام الـ"55 كلم" جنوباً، محطة الـ"تي 2" النفطية شرقاً، ومنطقة فيضة بن موينع شمالاً.

وتشير هذه الورقة، بحسب ما أوردته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، المنشورة عام 2019، إلى أنّ "هذه المناطق تمتاز بطبيعة ملائمة للاختباء، مثل؛ الجبال، والأودية، والكهوف الطبيعية العميقة جداً، بالإضافة إلى حجم المنطقة الكبير، وعواصف الغبار اليومية التي تشوّش الرؤية الجوية وتمحو بسرعة آثار الحركة".

اقرأ أيضاً: الإخوان وداعش.. أيهما أخطر على أوروبا؟

وبحسب الصحيفة، فإنّ "البادية السورية تشكل، في واقع الأمر، مكاناً مثالياً لـ"داعش" للاختباء والتقاط الأنفاس، ومن ثم شنّ هجمات خاطفة ضد القرى المعزولة أو القوافل التي تعبر الطرقات الصحراوية المكشوفة غالباً والتي يصعب تأمينها كلياً. ورغم نجاح قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم روسي ضخم، وبآلاف المقاتلين المرتبطين بإيران، في استعادة كل المدن المهمة في البادية منذ عام 2017، فإنّ عمق البادية ـالتي تشكّل قرابة نصف مساحة سوريا الإجماليةـ بقيت فعلياً خارج نطاق سيطرة النظام، الذي لم يكن يملك ما يكفي من الجنود لملاحقة الدواعش، خصوصاً أنّ هؤلاء بدوا كأنهم ذابوا في رمال الصحراء أو ابتلعتهم مغاور جبالها".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية