توفي أمس السبت، الممثل الاسكتلندي شون كونري، عن عمر يناهز 90 عاماً، تألّق خلالها بمجموعة واسعة من أفلام العصابات والآكشن، فضلاً عن أفلام الدراما النفسية الكلاسيكية والكوميديا، وغيرها.
ظهر كونري على خشبة المسرح للمرة الأولى عام 1953
وحصد الممثل الأسطوري، الذي عُرف بكونه أول مَن جسّد شخصية العميل السري جيمس بوند في عالم السينما في سلسلة من 7 أفلام تنتمي إلى فئة الجاسوسية المثيرة، أرفع الجوائز والألقاب، منها جائزة "الأوسكار" وجائزتي "بافتا"، و3 جوائز "غولدن غلوب" وجائزة "هنريتا".
كما حصل كونري على جائزة "الإنجاز مدى الحياة" من مركز كينيدي في عام 1999، ومنحته الملكة إليزابيث الثانية وسام فارس في عام 2000، بعد أن تم رفضه في مرتين سابقتين من قبل الحكومة البريطانية، بسبب دعمه الصريح للحزب الوطني الاسكتلندي، الذي يدعو إلى استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة.
البدايات
ولد الممثل الوسيم، ذو البنية العضلية القوية، توماس شون كونري، في إدنبرة يوم 25 آب (أغسطس) من العام 1930، ونشأ في أسرة فقيرة جداً؛ إذ كان يعمل والده جوزيف كونري كسائق شاحنة، أما والدته يوفيميا مكبين فكانت عاملة نظافة، لكن بؤس البدايات لم يمنعه من التألق وإظهار مواهبه ليكون فيما بعد واحداً من أهم ممثلي القرن العشرين.
ترك كونري المدرسة عندما بلغ الـ13 عاماً، ليلتحق بمهنٍ مختلفة طوال فترة المراهقة وبدايات شبابه، حيث عمل كبائع حليب وسائق شاحنة و"موديل" لكلية الفنون وصانعاً للتوابيت، وذلك قبل أن يختار بدء مسيرته الفنية كممثل في عامه الـ23، رُغم موهبته في كرة القدم.
نال جائزة الأوسكار عام 1988 ومنحته الملكة إليزابيث الثانية وسام فارس عام 2000
ظهر كونري على خشبة المسرح للمرة الأولى عام 1953، مؤدياً بعض التجارب المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، ليحصل على أول دورٍ رئيسي في فيلم "نو روود باك" عام 1957، وتلاه العديد من الأدوار التي قدّمها في أفلام تلفزيونية، ليكون عام 1961 على موعدٍ مع أشهر شخصية جسّدها خلال مسيرته الفنية، وهي سلسلة العميل السري "جيمس بوند"، كان آخرها عام 1983.
جيمس بوند
لعب الحظ دوره حين سنحت للفنان الاسكتلندي فرصة حياته، بعد اقتراح اسمه من قبل المنتجين "هاري سالتزمان"، و"ألبرت آر بروكولي"، لأداء دور العميل السري البريطاني جيمس بوند في الأفلام المقتبسة عن روايات الكاتب إيان فليمنغ في عام 1961
.
قبل ذلك كان قد اشترك عام 1959 في فيلم بعنوان (داربي أوجيل والناس الصغار) ولعب فيه دور رجل رومانسي تقع في حبه فتاة إيرلندية إلا أن ملامحه الجادة جعلت زوجة المنتج الشهير بروكلوي ترشحه للعب شخصية (جيمس بوند) إذ قالت لزوجها "إن هذا الرجل له جاذبية خاصة على الشاشة كما أنه سيكون رخيص الثمن ولن يطلب أموالاً باهظة لتجسيد دور حيمس بوند".
كان كونري متردداً في بداية الأمر، لكنه وافق على تجسيد الشخصية التي أداها بمستوى بالغ من الحنكة، لتجعل منه في نهاية المطاف أيقونة فنية لا تُنسى.
كان يبلغ 59 عاماً حين اختارته مجلة (People) البريطانية الرجل الأكثر جاذبية على قيد الحياة
وقد اعتُبر شون كونري بمثابة العميل السري البريطاني المثالي، بعد أدائه شخصية جيمس بوند الخيالية، حيث كان لامعاً وسلساً وواثقاً في أداء شخصيته، التي ساهمت في اختياره كثالث أعظم بطلٍ في تاريخ السينما من قبل معهد السينما الأمريكي.
وقد خلص استطلاع للرأي قبل شهرين شمل 14 ألف شخص إلى أنه هو أفضل من جسد هذه الشخصية، وأوضح الاستطلاع الذي أجرته إذاعة "تايمز دوت كوم" أن كونري حاز نسبة 44%، وجاء في المرتبة الثانية الممثل تيموثي دالتون بنسبة 32 %، وحل في المرتبة الثالثة الممثل بيرس بروسنان بنسبة 23%.
اقرأ أيضاً: وفاة الفنان المصري محمود ياسين.. هذه أبرز محطات مشواره الفني والإنساني
ولكن من الواضح أن حبس شهرة هذا الممثل في هذا الدور لم يَرق له، فالجميع كان يعشق جيمس بوند باستثناء كونري نفسه، فلم لم يكن من المعجبين بتأدية ذلك الدور، قائلاً: "لقد كرهت دوماً جيمس بوند، وأتمنى لو باستطاعتي قتله"!
أدوار لا تنسى
شارك كونري في فيلم "مارني"عام 1964، للمخرج ألفريد هيتشكوك، وساهم هذا الفيلم في توسيع مجال عمله إلى ما أبعد من حدود جيمس بوند.
وأدى الشخصية الرئيسية في "اسم الوردة" عام 1986، وهو فيلم مُقتبس عن رواية أمبرتو إيكو الأولى، والتي تتناول راهباً في إيطاليا يُحقّق في جرائم غامضة على طريقة شيرلوك هولمز، ولكن خلال القرن الـ 14، ليحصل على جائزة "بافتا" البريطانية.
اقرأ أيضاً: وفاة الممثل العراقي نزار السامرائي
في العام 1987 أدى دور شرطي مخضرم في فيلم "المحصنون"، الذي يدور حول الإيقاع بآل كابوني أشهر زعماء المافيا في الولايات المتحدة خلال فترة الكساد الكبير، ليحصد من خلاله على جائزة أوسكار لأفضل ممثل مساعد وغولدن غلوب في العام 1988.
ولعب كونري عام 1989، دور والدِ عالم الآثار المغامر "إنديانا جونز" في الجزء الثالث من هذه السلسلة "إنديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة" ليُحقّق فيه نجاحاً باهراً.
الرجل الأكثر جاذبية على قيد الحياة
وفي نفس العام، اختارته مجلة "People" البريطانية كـ"أكثر رجل جاذبية على قيد الحياة" بناءً على تصويت قُرائها في ذلك العام، وكان يبلغ من العمر 59 عاماً حينذاك.
واستمر مشوار كونري الفني حاصداً المزيد من الشهرة والجوائز، ليفوز عام 1998 بجائزة "توني" كواحد من ثلاثة منتجين لمسرحية "الفن".
اقرأ أيضاً: وفاة الفنان حمدي بناني متأثراً بكورونا.. ماذا تعرف عن شيخ أغنية المالوف في الجزائر؟
وحاز وسام "فارس" من الملكة إليزابيت الثانية في العام 2000، وحصل بعدها بـ 6 أعوام على جائزة الإنجاز مدى الحياة "الرابعة والثلاثين"، من معهد الفيلم الأمريكي.
يُذكر أنّ الممثل شون كونري كان قد تزوج من الممثلة الأسترالية ديان سيلنتو بشكلٍ سري العام 1962، وأنجبا، جايسون كونري، الذي أصبح ممثلاً أيضاً، ثم انفصلا العام 1973
وفي العام 1975، تزوّج من ميشلين روكبرون، وهي رسامة فرنسية من أصل مغربي، ولديهما شغفٌ مشترك برياضة الغولف.
وقرّر كونري اعتزال التمثيل عام 2005، ليقوم بعد ذلك بـ3 أعوام بنشر كتابه "Being a Scot"، كسيرة ذاتية وجزء من التاريخ الاسكتلندي.